العيد لا يخرج عن كونه مناسبة يريد الإنسان أن يوقف فيها كل شئ ما عدا الفرح ينفجر براكين ويجري ينابيع ويتدفق جداول . يريد الإنسان للموت عن يتوقف ويختفي عن هذه المناسبة السعيدة وللمرض أن يرحل عن الأجساد ويتم تجفيف المشافي من زوارها في ذلك اليوم . ويبحث الإنسان عن أشخاص يقلدهم وسام العيد ونوط الفرح ولو خيرت في إختيار من يستحقون جائزة العيد لاخترت العالم الإيطالي جويلمو ماركوني من موليد 1874 وهو مخترع الراديو وكان لإختراعه الأول الفضل في إنقاذ السفن في المحيط من خلال موجات لا سلكية . ومخترع التلفون جرهام بل و?و عالم أسكتلندي من مواليد 1847م ونال الجنسية الأمريكية وكان لإكتشافه التلفون أثره البالغ على حياة الناس في الكرة الأرضية. والجائزة الثالثة الكبرى لراعي الضأن في بادية الكبابيش . وحجتي في منح جائزة العيد لهؤلاء العباقرة تأتي من كون :الإذاعة هي مصدر الأفراح في الفيافي البعيدة تنقل أصداء العيد( ما عدا السياسي منها لأنه لا يسر) وتشنف الآذان بفرح الأفراح والأنغام الشذية وكل الموتى تختفي صورهم مع أجسادهم ما عدا أهل الفن تبقي أصواتهم تبث الحياة في دنيا الناس . وما أجمل الفنان عبد العزيز محمد داؤود وهو يمدح الحبي? المصطفى عليه الصلاة والسلام في صبيحة العيد عبر الإذاعة القومية وتمتد أفراحه وهو في أنة المجروح... وربيع الدنيا... وعازة --وهي الوطن -- من حلفا إلى نمولي -- نصلي العيد في الكرمك و تتهمنا دولة الجنوب بقصف أعالي النيل بالطائرات - والله إننا نخجل من أولئك الأفذاذ الراحلين عن دنيانا الذين تغنوا للوطن وناموا في الأسكلا وأستيقظوا في الرجاف وباتوا في جوبا ماذا نقول لهم وقد ضاع الجنوب من أيدينا وصرنا لأول مرة في الجغرافيا السياسية دولة بلا جنوب 2 الجائزة الثانية لمكتشف التلفون وقد تطورت إكتشافاته حتى بلغت الهاتف السيار الذي نستخدمه اليوم وقد رفع عنا حرج العجز عن السفر لقضاء العيد بين الأهل والأحباب في أرياف السودان البعيدة . وهناك من رفع عن كاهله هذا الإلتزام بحجة أنه أصلا من سكان العاصمة وأولاد أم درمان .... وما أم درمان إلا مجتمع معاصر لا يتجاوز عمره المئة عام فهل هذه الأعوام القصيرة في عمر الشعوب كفيلة بأن تضع هذا البرزخ بين الشخص وجذوره إن كانت له جذور في الأساس. وبالعودة للموبايل فقد كان حاملا رائعا لرسائل الأحباب في العيد والتي هطلت علينا كال?طر ونزلت علينا كالغيث المدرار في كل لحظة نرى برقا ونسمع رعدا ونفتح الباب فنرى العجب العجاب من الرسائل... واحدات مصورات ... وواحدات ملونات ... ووحدات مكبرات ووحدات مختصرة مفيدة وحدات من القلب إليى القلب وبلون الزهر وعبق الورد .. رسائل من كل الأحباب وكانت أولاها للأمانة من طرف الفريق ركن عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع الوطني وقد عودنا هذا الضابط العظيم على إرسال رسالة العيد وإذا غبنا من الوطن تنتظرنا رسالته بمجرد أن دفعنا بالشريحة إلى قلب الهاتف وقال لي مرة أحدهم إن وزير الدفاع لا يرسل لك رسالة ولكنه يكلف ?كرتاريته بأن يرسلوا الرسائل وهو لا يعلم لمن في الناس ذهبت وكان ردي عليه إن الأخ عبد الرحيم محمد حسين و إن لم يقدم لنا نحن أحبابه شيئا من حطام الدنيا فهو لا يقصر عن مدنا برسالة العيد التي أفرح بها كثيرا وأنا أردها إليه وأجد في هاتفي أنه قد تم تسليم رسالتك للفريق عبد الرحيم محمد حسين شنو ليكم . ولا يقف خريف الرسائل عنده ولكنها تصلنا من أخوة أعزاء لايتسع المجال لذكرهم وذكر الرسائل التي كتبوها لنا بأرفع اللغات وأحلي الكلمات في ليل عيد أبرك الأعياد .... فشكرا لسامي شريف أمين الشئون العلمية بجامعة الخرطوم وال?ميل الصحفي علي عبد الكريم ولرانيا الخير ولمعتصم الطاهر من عطبرة ولأنور التكينة ولعبيد الله محمد عبيد الله ولعبد الباقي الظافر ولمختار محمد مصطفى ولسعد فرج يحي ولسعادة اللواء شرطة الطيب بابكر مدير شرطة ولاية الجزيرة وللوزير أحمد رمضان داؤود من سنار عاصمة دولة الفونج ولنسيبي عامر محمد كرار ولإبن عمي محمد علي عبد الله الشهير بالحكيم لكونه طبيباً بيطرياً وللدكتور ياسر محجوب وحاتم الرفاعي وغيرهم كثير . والموبايل له قصة أخريى مع الأميين الذين لايقرأون ولا يكتبون ولكنهم يضغطون على زر الكلام وهم في مجلسهم هناك عند? قليعات الزرق أمست تعولهن ماطرة حبريبهن طلق ريحة الفرير والبادره إن جيتن فوق أبجماجما قاطره تلقي العافية من غير بنسلين ودكتاره أو كان في قيزان الضهب بدلا من قيزان الصار كفنو سابقا وهؤلاء متعتهم في السؤال عن الأولاد ولا يحفلون كثيرا بالموقف المالي فالأرزاق مقسمه وربنا ما شق حنكا ضيعو وما دام إنتو طيبين نحن فرحانين ومبسوطين . وهذا الهاتف الذي مزق فاتورة البعد وحطم المسافات يجمع كل المغتربين من الوطن العربي وأوربا وكندا والسودان الناس تشوف الناس العين بالعين والسن بالسن ضحكات ونظرات إنت سمين والله ضعيف لابس شنو نايم أم صاحي داخل المطبخ أم خارجه ومن معك من ناسنا المغتربين بالسنين ومن على شاشات الكمبيوتر جعل هذا الجهاز بمسمياته إسكاي ?ي ويو تيوب وفيس بوك الإتصال المرئي عملية شعبية يديرها الناس فيما بينهم ولا داعي للوسطاء من المذيعات المحجبات منهن والكاشفات واللائي تقص بهن القنوات الفضائية في الأعياد في عرض الأزياء والأجساد معا. 3 الجائزة الثالثة لراعي الضأن في البادية والذي وفر للناس خروف الأضحية وما عليهم إلا الشربوت ولم يكن للجدل الذي دار بين الناس حول خروف الأضحية مثيلاً وقد صدرت الفتاوي بأن الأضحية تجوز ولو بكلمة طيبة وتجوز أو لا تجوز بالأقساط المريحة وغير المريحة وتركت النقابات الربيع العربي وزيادة الأجور ومسكت في خروف العيد وسمعت بأذني إذاعتنا التي أشدت بها قبل قليل وهي تربطنا بشبكة مراسليها من الأبيض إلى كسلا والفاشر والمويلح والحديث عن أسعار الخراف وكم من المال يمكن أن الشخص الذي يريد الأضحية نظيراً لسيد الخروف وعليه فإن أ?رار التجارة قد ذبحت قدسة الإعلام وسلمه . وإتحاد الرعاة ينتهزون الفرصة ويطالبون الحكومة بأن توفر أراضي ومزارع لهم هم بالذات في الخرطوم ولا ندري هل توفر الحكومة أراضيها لهم أم للدكتور الوليد بن طلال . وقد آلمني كثيرا أنني عندما أمسكت بالخروف أجسه وأتحسسه وأفتح فمه لأرى كم بلغ من العمر جرت منه بنتي فاطمة وهي تصرخ وتولول حتى خشيت أن تضربها عربة أو ركشة في سوق قندهار وقد خجلت من فعل الصغيرة وأنا الذي كنت أستقبله عندما يخرج للدنيا وهو حمل صغير وليد وأنظفه من السباية وأجمع بينه بين ثدي أمه لكي ترضعه ولا تحزن أو تنفر منه ومن ثم أضعه في الشبكة من علي الحمار وأمه تتبعني حتى تبلغ المراح وهناك يبدأ حياته ويصير كبشا ويذبحه أناس مقابل دراهم معدودة ولا يدرون ما يبذله الرعاة من تعب وما يجدونه من نصب مقابل تربية الخر?ف ورعايته وسقيه الماء من العدم . وقبل العيد كان الجمهور يقاطع اللحوم ويهدد أنه سوف يعود للمقاطعة بعد العيد وهذه المقاطعة تقوم بها جمعية حماية المستهلك الحكومية الرسمية والله ما مقاطعتكم للحوم من شئ غير الفلس والتقارير الإعلامية المتفائلة تقول : إن الناس بحمد الله قد ضحت على هذا النحو أو ذاك ولكنهم ضحوا وأفرغوا جيوبهم إستعدادا لمقاطعة شراء اللحوم أو تسديد الأقساط . ولكن جائزتنا لراعي الضأن في كل مكان بالسودان لكون هذا الإنسان العبقري إستطاع أن يوفر للناس في المدن هذه السلعة المهمة ( والتي يبلغ بها العبد ا?مؤمن درجة التقرب إلى الله : فصلِ لربك وانحر ..) إستطاع أن يوفرها رغم الظروف الصعبة وندرة الأمطار هذا العام وشح المراعي الطبيعية وغلاء الحبوب بل إنعدامها تماما في كثير من أرجاء السودان وتقلص مساحات الرعي لأسباب أمنية وسياسية منها إنفصال الجنوب عن الشمال وإنتشار السرقات حتى داخل الأسواق نفسها وعليه فإن راعي الضأن في الخلاء هو من يستحق الثناء في هذا العيد . وتحية العيد لرجال شرطة المرور الذين تمكنوا من تفويج البصات السفرية من وإليى الولايات في العيد مما مكن آلاف المواطنين من الوصول إلى ذويهم بسلام والعودة إلى مقار عملهم بالخرطوم وهذا يدل على أن كثيراً من حوادث السير في السودان تقع بسبب القيادة بإهمال والسرعة الزائدة والتخطي الخاطىء وسؤ التقدير وضعف الخبرة لدي سائقي البصات ورداءة الطرق وهذه المشكلات تم تجاوزها عبر شرطة المرور السريع المنتشرة في الطرق القومية والتي لم يعد أمامها خيار غير تفويج البصات السفرية للولايات حفاظا على أرواح الناس وقد كان.