٭ كانت لي (حبوبة) مرحة وصاحبة نكتة يرحمها الله.. عندما أدت فريضة الحج في احد الاعوام.. وعند السعي بين الصفا والمروة.. اخذت تخاطب هاجر قائلة (ده كلو لزومو شنو يا هاجر) اخبرتنا بهذا ابنتها التي كانت في معيتها.. اخبرتنا وكانت منزعجة من ان (تضيع حجة) أمها بهذا السلوك. ٭ تذكرت هذه الواقعة وانا أتأمل شعائر الحج ودلالاتها العظيمة.. وقفت عند مكانة المرأة في هذه الشعيرة.. ووقفت مع هاجر وسارة.. السيدة سارة التي أهدت جاريتها لزوجها وما كان بخلدها ان تنجب هذه الجارية من زوجها الكهل ولكن ارادة الله جعلت هذا ممكناً. وضاقت سارة بالوليد وأمه.. واراد الله امراً فأوحى الى سيدنا ابراهيم عليه السلام.. بأن يذهب بالوليد وأمه الى مكة تلك الساحة البلقع وما معه إلا (قربة) بها ماء وحفنة تمر.. وفعل وترك اسماعيل وأمه.. ولما مضى راجعاً تبعته هاجر قائلة.. اين تذهب تتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنس ولا ماء ولا شجر. ٭ كررت عبارتها ولم يلتفت اليها.. ساعتها قالت الله أمرك بهذا؟ قال نعم.. قالت في ايمان إذن لا يضيعنا. ٭ رجع ابراهيم عليه السلام والدموع في عينيه والعبرات تخنقه يردد ووجهه الي السماء (ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فأجعل أفئدة من الناس تهوى اليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون.. ربنا تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفي على الله من شيء في الارض ولا في السماء. وبقيت هاجر مع ابنها اسماعيل تستمد الأنس منه الى ان نفد الماء واخذ (العطش) الظمأ يناوش صغيرها.. فاخذت تتلفت مذعورة تبحث عن الماء في تلك البقعة الموحشة.. هرولت الى اعلى جبل الصفا تنظر الى الوادي علها تجد ماءً ولما لم تجده هرولت ثانية الى اعلى جبل المروة ونظرت ولم تجد الماء.. نزلت الى ابنها لتطمئن عليه ولم تيأس ساقتها عاطفة الامومة الى الذهاب الى الصفا والمروة سبع مرات.. ولما اخذ الاعياء منها مأخذا جلست في حيرة وألم تنتظر مصيرها ومصير ابنها. ٭ واذا بها تسمع صوتاً فظنت انها متوهمة.. ومع ذلك قالت (قد أسمعت إن كان عندك غوث) فاذا هى (بالملك) ينبش بجناحيه عند موضع (زمزم) حتى ظهر الماء فأخذت تجمعه في قربتها حيث قال لها ( الملك) لا تخافي الضيعة فان هاهنا بيتاً لله عز وجل يبنيه هذا الغلام وأبوه وان الله لا يضيع أهله. ٭ انها صورة للامومة في أشد تجلياتها ولحظة معاناتها يخلدها القرآن الكريم ويذكر الناس بكفاح ام من أجل ولدها الذي سيكون اباً لاجيال كثيرة. ٭ فالمسلمون حين يسعون في الحج ما بين الصفا والمروة يتذكرون السيدة هاجر ويعظمونها في نبلها وحنوها على ولدها وبحثها الدائب للماء من أجله. ٭ ما احرى بالحجيج وهم يسعون ان يتذكروا احترام الإسلام للمرأة وجعل هاجر رمزاً لتضحية الأم واسماعيل لطاعة الوالد. هذا مع تحياتي وشكري