بعد أن كانت إذاعة أم درمان سيدة الموقف لعقود من الزمان يسمعها القاصي والداني في مختلف اصقاع السودان، دخل بعدها المنافسة التلفزيون القومي الذي تسمرت امامه اعين الملايين لسنوات طويلة. وكان التوأمان الإذاعة والتلفزيون أقصى اسباب التواصل الاعلامي التي تعمل من اجلها الحكومة، غير أن عصر الاتصالات الرقمية وما اتسم به من تطور في مجال الاتصال، جعل الاثير مشبعاً بذبذبات وترددات الاقمار الاصطناعية، ولا عجب فالفضاءات المفتوحة والعولمة حولت الكرة الارضية الى قرية صغيرة يمكن للمرء التجول بين حواريها وازقتها وهو مستلق? على فراشه، وعبر الريموت كونترول يتنقل حيث يريد. وفي السودان تعددت الفضائيات في السنوات الاخيرة، وتجاوز عدد الفضائيات السودانية العشر قنوات هي التلفزيون القومي، النيل الازرق، الشروق، أم درمان، الخرطوم، قوون، زول، هارموني، طيبة وساهور. وهذا بالطبع انجاز مقدر.. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل استطاعت هذه الفضائيات أن تعكس هموم المواطنين وقضاياهم؟ هل حاولت الاقتراب منهم لتتحسس اوجاعهم لتحقيق المسؤولية الاعلامية المنوطة بها بوصفها مرآة عاكسة لما يدور في المجتمع؟ ام انها جلست في ابراج عاجية بعيدا عن المواطنين البسطاء وعن افراحهم واحزانهم؟ اسئلة كثيرة تطرح نفسها التقطتها «الصحافة» ووجهتها إلى المواطنين.. يقول أحمد عثمان موظف: «لا شك ان فضائياتنا استطاعت الى حد كبير تسليط الضوء على قضايا المواطن، خاصة القناة القومية في برنامجها الصباحي الذي يعكس كل ما يدور في السودان تقريباً بمختلف ولاياته بوصفها القناة القومية، ويتمثل دورها الرئيسي في تحسس اوجاع المواطنين ومناقشة قضاياهم». أما زين العابدين إبراهيم «تاجر» فيرى أن اكثر الفضائيات قربا من المواطن هي قناة النيل الأزرق التي دائماً ما تكون حاضرة وقت الحدث لتنقله مباشرة للمشاهدين، ومضى زين العابدين في حديثه إلى ان كل ما يدور في الاسواق من ارتفاع في الاسعار او غيرها من القضايا تكون محل اهتمام قناة النيل الازرق، بتسليط الضوء عليه ونقل آراء التجار والزبائن للمسؤولين رغبة منهم في ايجاد حلول للمشكلة، واتفق معه في الرأي المواطن عطا تاج الدين الذي اكد أن قناة النيل الأزرق تعتبر القناة الاولى في السودان من حيث قربها من قضايا المواطنين. فيما أبان حمزة سيد أحمد أن جميع الفضائيات السودانية تحاول تسليط الضوء على هموم المواطنين رغبةً منها في إيصال صوته للمسؤولين، بالإضافة إلى تمليك المواطن المعلومة الحقيقية، مشيراً إلى أن الفرق يكمن في طريقة التناول للقضية وطريقة طرحها، فلكل قناة رؤيتها وأفكارها، ويمكننا الجزم بأن كل الفضائيات تدور حول ذات القضايا الجوهرية، ولكن تختلف المسميات والزوايا» ميرغني حسين «موظف» تحدث قائلاً: «بالرغم من أن بعض الفضائيات تخدم اجندتها وهمها الاكبر هو تحقيق الربح عبر اعلانات «وهمية ومستحيلة»، إلا أن هناك ايضا من تضع قضايا المواطن اولوية في خططها البرامجية، وتعتبره مادة أساسية في برامجها فهي منه وله». ومن جانبه وصف عمار الريح «طالب» القنوات الفضائية بالانصرافية وأنها بعيدة عن المواطنين وحياتهم اليومية، على عكس ما يحدث في الفضائيات العربية والاجنبية التي تعتبر المواطن هو البرنامج نفسه، مشيراً إلى أن الفضائيات السودانية همها الأول والأخير تحقيق أرباح طائلة عبر الإعلان، مبيناً ان معظمها برامج تسويقية واعلانية بعيدة كل البعد عن المواطن البسيط وأحزانه. أما سعاد الجزولي «ربة منزل» فلها رأي آخر، فهي تقول: «بحكم وجودي طيلة اليوم بالمنزل واتابع كل القنوات السودانية والعربية والاجنبية، فإنني لا أجد فرقاً بين قنواتنا والقنوات الأخرى، فلا يمكننا انكار النقلة التي حدثت في فضائياتنا السودانية على مستوى البرامج والتصوير والافكار والإعلاميين». وتابعت سعاد قائلة: «من الظلم تقليل جهود القائمين على أمر هذه القنوات التي اعتقد انها نجحت بشكل كبير وواسع في الوصول الى المواطنين في مختلف مناطقهم، واستطاعت تسليط الضوء على همومهم ومشكلاتهم، وبرنامج «مع الود والتقدير» بقناة ا?شروق خير دليل على ذلك».