تترقب نفس كل شاب وشابة بكل صبر وأناة اللحظات التي يكشفون فيها عن مكونات نفوسهم وما امتلكته شغاف قلوبهم تجاه بعضهم.. وتأتي تلك اللحظات عندما يضعون خواتم خطوبتهم في بنصر اصابعهم اليمنى.. ورويدا رويدا ينتقل الخاتم الى بنصر اليد اليسري في إشارة شاملة وواضحة الى دخولهم القفص الذهبي بملء إرادتهم ورغباتهم.. «الصحافة» دخلت مملكة الخاتم الدائرية اللامتناهية، لتعرف البدايات الاولى لمعاني الارتباط ورمزية خاتم الزواج والتعلق الكامن في جاذبيته. وتوضح الحفريات الاثرية والوثائق التاريخية المتأخرة ان المصريين القدماء هم اول من استخدم خاتم الزواج ليكون رمزا للزواج الابدي، ومن جانب آخر كانت هذه العادة رمزا متغيرا لما كان يعرف لدى القبائل القديمة بأن المرأة ملك للرجل، ولذلك كان يضع الرجل قيدا من الحديد في يدها او رجلها، دليلا على ان هذة المرأة ملك له وليست سائبة، لأن الزواج لدى القبائل البدائية كان يقوم على اساس اختطاف المرأة من جماعة اخرى، وما لبثت الديانة المسيحية أن استخدمته في فترة متأخرة ليكون خاتما للزواج.. ثم توسع استخدام الخاتم في الحضارات والد?انات باعتبار أن شكل الخاتم الدائري يعني الكمال، لأن الدائرة رمز الكمال. والزواج في معظم الحضارات يعني ان المتزوج او المتزوجة مكتمل الحياة. ومعظم الناس لا تعرف السبب في وضع الخاتم في اصبع البنصر، ولذلك رواياتان، الرواية الاولى توضح ان سبب وضع الخاتم في الاصبع الرابع «البنصر» من اليد اليسرى يعود الى الاغريق الذين كانوا يعتقدون أن هناك عرقاً عصبياً خاصاً يمر من هذا المكان الى القلب مباشرة، في دلالة على أسر القلب او امتلاكه من قبل شخص آخر. بينما الرواية الأخرى ترجع الى الحضارة الصينية التي هي مزيج من البوذية والكنفوشسية والتاوية التي ترى أن أصبع الإبهام يمثل والديك والأصبع الثاني السبابة يمثل اخوانك واخواتك، والاصبع الوسط يمثل نفسك. والاصبع الرابع البنصر يمثل شريك او شريكة حياتك، بينما الاصبع الاصغر الخنصر فهو يمثل اطفالك، وتضيف الرواية الصينية «حاول ان تجرب بفتح كفيك واجعلهما يتقابلان وجها لوجه كأنك على وشك ان تصفق، واطو الاصبع الوسطي الذي يمثل نفسك خارج المعادلة بطي الاصبعين للداخل، بعدها اجعل باقي اطراف اصابعك تلتصق مع بعضهما البعض. وال?ن حاول ان تفصل بين ابهاميك عن بعضهما البعض «اللذين يمثلان والديك» ستجد ان بإمكانك ذلك، لأن والديك لن يبقيا معك طيلة حياتك.. وارجع ابهاميك كما كانا وحاول ان تفصل بين اصبعي السبابة اللذين يمثلان اخوتك، وستكتشف أن ذلك ممكن لأن أخوانك وإخوتك سيأتي يوم وتصبح لكل منهم عائلة، وسينشغلون بأمور حياتهم، وحاول مرة اخرى ان تفصل بين الخنصرين اللذين يمثلان اولادك وبناتك، ستجد انه من السهولة الفصل بينهما، لأن أطفالك أيضاً ستصبح لهم حياتهم الخاصة وسيبتعدون عنك، والآن ارجع الخنصرين كما كانا وحاول أن تفصل بين البنصرين «خاتم?الزواج»، ستتفاجأ بانك لن تستطيع ابدا ان تقوم بذلك لأن الزوج والزوجة من المفترض ألا ينفصلا وأن يعيشا معا على الحلوة والمرة، ولن يبقيا معا رغم كل الصعاب». لم تبتعد الذاكرة الشعبية السودانية عن باقي العالم، ومازلت الى اليوم استذكر ما قصته على احدى جداتي عن أوصاف اصابع اليد عندما قالت عن الخنصر انه «صغيرون حلاتو» والبنصر «لباس الخواتم» والوسطى «طويل عنقوق» والسبابة «لحاس السمن» والابهام «صقاع القمل» في ذلك اشارة الى حشرة القمل، وهو عين ما ذكره دكتور محمد عبد الله الريح في إحدى محاضراته عن الفترة التي كانوا يرشون فيها بمبيد ال «دي. دي. تي» تحت ياقات قمصانهم في المدارس الوسطى. وقد خلدت هوليودد الخاتم في ثلاثية المخرج بيتر جاكسون «سيد الخواتم : رفقة الخاتم البرجان عودة الملك» في أضخم انتاجاتها التي رشحت لثلاثين جائزة اوسكار نالت منها سبع عشرة جائزة اوسكار، وصورت المشاهد في آيسلندا على مدى 18 شهرا متواصلة، حيث شارك أكبر عدد من الخيول الحقيقية في مشهد واحد بمئتين وخمسين ألف حصان، وتحكي قصة الخاتم الذي تسعى قوى الشر لتسيطر به على العالم، وهو أسطورة قديمة تحدثنا عن الزمن الجميل والخير الموجود وإمكانية الانتصار على الشر .