٭ قضية الخيار المحلي وإعادة توطين وتعويض 07% من المتأثرين حول البحيرة «بحيرة المناصير» قد أصبح أمراً واقعاً، والزائر لمناطق الخيارات المحلية الآن يجد المواطنين وبمواردهم الذاتية المحدودة قد أقاموا قراهم وباشروا حياتهم بالامكانات المتوفرة لديهم وحولهم، وليسوا بأية حال من الاحوال أسوأ حال مما كانوا عليه قبل الإغراق، إن ما سطرته بعض الأقلام في الصحف في الايام القليلة الماضية مثل حديث الإعلامي الكبير الاستاذ ابراهيم دقش والفريق الركن إبراهيم الرشيد في صحيفة الخرطوم بتاريخ الاحد 81 ديسمبر 1102م نقلاً عن إدارة س? مروي لم يعد سوى حديث قد عفى عليه الزمن وتخطاه واقع الحال مع عودتي مرة أخرى لحديث الاستاذ ابراهيم دقش وباختصار شديد وحتى ولو افترضنا استحالة قيام ري دائم بالخيارات المحلية «وهو ما ليس صحيحاً» فيكفينا زراعة موسمين في العام: أحدهما شتوياً في فترة امتلاء البحيرة فيه لمستواها الاعلى حيث لا اشكال إطلاقاً في ري كل الاراضي المتاحة. وهذا الموسم يمتد لستة أشهر من اكتوبر أبريل. ثم بعد أن تنخفض البحيرة لمستواها الادنى يمكن زراعة الموسم الثاني باستغلال الاطيان التي تنتج من انخفاض البحيرة.. موسم يمتد أيضاً لمد? ستة أشهر من أبريل سبتمبر. أين المشكلة إذن؟!! الخيارات المحلية حول البحيرة أصبحت واقعاً بحكم قوة الاتفاقات التي وقعتها الحكومة المركزية مع المتأثرين، إضافة لدعمها بالقرارات الجمهورية التي أصدرها فخامة الرئيس البشير التي هى في انتظار التنفيذ، بعبارة أخرى لقد تخطينا مرحلة مبدأ قيام الخيارات المحلية من عدمه، بل ننتظر فقط إرادة الرئيس لتنفيذ قراراته باعطاء الصلاحيات وخلق الآليات وتوفير الإمكانيات المالية لذلك. منذ توقيع اتفاق الشارقة في يونيو 6002م وتوقيع اتفاق قاعة الصداقة في 7002م، وبمنأى وغياب كامل لإدارة السدود، أقول كان رأيي منذ توقيع تلك الاتفاقات عدم التعرض لوحدة السدود ولمديرها أسامة عبد الله وطاقمه، وأن تكون قناة اتصالاتنا هي الحكومة المركزية ممثلة في رئاسة الجمهورية ووزارة المالية والأطراف ذات الصلة بتلك الاتفاقيات مثل حكومة الولاية والمجالس التشريعية بالمركز وبالولاية. إن فهم كثير من المواطنين لقضية الخيارات المحلية مازال مشوشاً وضبابياً، باعتقادهم وباعتقاد كثير من المتأثرين أنفسهم أن وحدة تنفيذ السدود كانت المعوق الأساسي لقيام الخيارات، وأنه ربما نحن أنفسنا في قيادة المتأثرين قد لعبنا دوراً في ذلك، وذلك بصب جام غضبنا على أسامة عبد الله وطاقمه. والآن ونحن في هذا المنعرج التاريخي من قضيتنا، يجب أن نوضح أنه وبالرغم من أن وحدة تنفيذ السدود قد ارتكبت اخطاء جسيمة في اولويات تنفيذ مشروع سد مروي، وذلك بتبنيها بناء السد الخرساني اولاً وإهمال جانب المتأثرين وحقوقهم وإعادة توطينهم. ٭ الخطأ الثاني لإدارة السدود هو تهميشها للمتأثرين عند اتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بهم «مثل تعمدها لإنشاء مشروعين فقط لإعادة التوطين المكابراب والفداء وإضمار تهجير كل المتأثرين اليها»، مع اعتمادها على المعلومات المغلوطة والمفبركة احياناً، وإصرارها على دراسات موجهة مغلوطة وتنقصها كثير من المهنية والمصداقية «مثال: نشر عشرات الصفحات الإعلامية بملايين الجنيهات وفي كافة الصحف مزينة في غير زينة مشاريع إعادة التوطين التي تبنتها في المكابراب والفداء، مع إغراء بعض الصحافيين لتضمين معلومات وارقام غير صحيحة?في تلك الصفحات الإعلانية، مثل ما نشر في صحيفتي «الخرطوم والأحداث»، في الايام الماضية بإدعاء أن 09% من المعتصمين ليسوا من الخيار المحلي، وأن 06% من المتأثرين لم يختاروا الخيار المحلي، مما اضطر الصحيفتين لنشر تكذيب لتلك المعلومات في اليوم التالي».. بالرغم من كل ذلك أقول إن إدارة السدود لم تكن ضد الخيارات المحلية من فراغ، بل ما قامت به ومازالت تقوم به هو من صميم التفويض القانوني وإعطاء الصلاحيات وتوفير الإمكانيات المالية الهائلة لتنفيذ ما تريد تنفيذه وترك ما لا تريد تنفيذه، فمن أين لوحدة السدود أن تنفذ مشاري? إعادة التوطين والتعويضات في مشروع الملتقى «الحامداب» ووادي المقدم «أمري» والمكابراب والفداء لمن هُجِّر من المناصير خارج البحيرة؟! هل كان لذلك أن يتم لو لم تكن مفوضة تفويضاً كاملاً من الدولة وعلى رأسها فخامة الرئيس البشير؟ والمرسوم الجمهوري 712 لعام 3002م هو السند القانوني الذي مكَّن إدارة السدود لترفض بمقتضاه أى تدخل لأية جهة حكومية أخرى في قضية إعادة التوطين وتعويض متأثري سد مروي. ولعل الشعب السوداني يذكر أن إدارة السدود حاولت إحصاء ممتلكات المتأثرين في عام 7002م مرسلة أتياماً الى مدينة أبو حمد ومدينة مروي ومدينة الدامر، متحدية بذلك فقرة في اتفاق الشارقة تقول بعدم عمل أى إحصاء قبل بدء تنفيذ الخيارات المحلية. ولعل الشعب السوداني يذكر أيضاً أن إدارة السدود لم تعترف بنتيجة الاستبيان لمعرفة نسبة من يفضلون الخيارات المحلية الذي نفذته الحكومة ذاتها بواسطة الجهاز القومي للإحصاء وبرئاسة البروفيسور عوض حاج علي، مدعيةً أن من يريدون الخيارات المحلية هم 8% فقط، في الوقت الذي كانت فيه النسبة 07%. كما نذكر أيضاً أنه عندما تم صرف المليون ونصف المليون جنيه «بالقديم» لكل أسرة بالخيار المحلي للإعاشة والترحيل، أرسلت إدارة السدود خطاباً رسمياً لولاية نهر النيل ترفض فيه صرف ذلك المبلغ، وأن الولاية قد تدخلت في ما لا يخصها. اذاً فإدارة السدود تتسلح بقوانين وضعتها لها الدولة لتفعل ما تريد. اذاً فإدارة السدود لا تعوق قيام الخيارات المحلية، بل هى تضطلع بعمل اتاحه لها القانون وإدارة الرئيس عمر حسن أحمد البشير. وذلك يفسر الفشل المتوالي لمحاولات حل قضية المناصير، وأنه كلما لاح أمل في الافق لحل القضية تستعمل إدارة السدود «ترس القوة»، وهو قوة القانون الممنوح لها من قبل الدولة، وذلك ما يفسر أيضاً إحباط كل جهد يُبذل ولو جاء من كافة وزارات الدولة مجتمعة لحل قضية المناصير، وذلك ببساطة بسبب عدم توفر الصلاحيات والآليات والإمكانات لحل القضية. نعود الآن لقولتنا في صدر هذا الحديث، بأن القضية طرف فخامة الرئيس ونقول: كيف للسيد/ رئيس الجمهورية أن يصدر توجيهاً كان شفهياً أو حتى كتابة لجهة ما لتنفيذ شيء ما، وهو يعلم تمام العلم أن الصلاحيات وآليات التنفيذ والإمكانات المالية ليست بيد تلك الجهة، وإنما بيد جهة أخرى لا تريد تنفيذ ذلك الشيء؟ ومع سبق الإصرار. حقيقة أنا اعتقد أن السيد/ أسامة عبد الله وطاقمه كانوا واضحين كل الوضوح في ما قيل إنهم قالوه بأنهم لا يريدون الاشتراك في ما سموه « جريمة الخيار المحلي»، وأنهم يرون استحالة قيام تلك الخيارات. أنا أعتقد أن في ذلك شجاعة ومصداقية مع الغير. والمطلوب من فخامة الرئيس أن يكون في وضوح إدارة السدود، وأن يقول لنا: «أنا اعلم ما تقوم به إدارة السدود التي أقف معها في ذلك الخندق، بل أنا من يسر لهم حفر ذلك الخندق بالمرسوم 712 لعام 3002م» وإلا يا سيادة الرئيس لماذا لا تصدر قراراً أو مرسوماً ينقل اختصاصات إدارة السدود في ما يختص بقضية المناصير، إلى مفوضية مستقلة تعنى وتتابع تنفيذ ما اتخذته من قرارات. وأى شيء دون ذلك يوحي لنا يا فخامة الرئيس بأنك تقول لنا وللرأي العام السوداني شيئاً وواقع الحال يدل على غير ذلك، ?ما يؤشر إلى استحالة حل القضية. فيا سيادة الرئيس مثل والي ولاية نهر النيل وحكومته وهم بصدد توجيهك بحل قضية المناصير كمثل قول الشاعر: القاه في اليم مكتوفاً ٭٭ وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء فها هو الرجل الذي أسندت إليه حل القضية يقول لمفاوضي لجنة المناصير عندما طلبوا منه أن يأتي بتوجيه مكتوب منك: لا استطيع ذلك.. وهذا كل ما استطيع أن أقوله لكم.. وانفض الاجتماع على ذلك. وفي نهاية حديثي هذا أرجو من اللجنة التنفيذية أن تعقد بالخرطوم مؤتمراً صحفياً لتلقي فيه مزيداً من الضوء والايضاح لهذه القضية للإخوة الصحافيين، وبالتالي للرأى العام السوداني. والله من وراء القصد