٭ تتناثر الشائعات كما النار في الهشيم، وسرعان ما يتلقفها ضعاف النفوس ليروجوا لها ويصدقوها قبل غيرهم، وأسلوب الشائعات أسلوب قديم هُزمت به جيوش وخربت به بيوت وهُدمت به علاقات. ويحاول به البعض الاصطياد في الماء العكر، كما حدث من شائعات مغرضة قبل زيارة دكتور نافع علي نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون التنظيمية لمحلية شرق سنار، وتحديداً قرية البرسي الفضل، تلك القرية التي يشهد لها التاريخ قبل الناس الذين يعرفون سبقها في كل الميادين العلم والدين والعمل، وقرية «البرسي الفضل» قرية وادعة تتكئ على شاطئ النيل الأزرق، تحفها الغابات الكثيفة والمزارع و«الجناين» وطيبة أهلها. وقد جاء ذكر هذه القرية في طبقات ود ضيف الله، إذ تأسست قبل السلطنة الزرقاء، وبها من الصالحين على ظهر الأرض وباطنها الكثيرون. ويرجع الفضل لقرية البرسي بعمدتها الفضل وأخيه علي ود حسن وقياداتها، في الصلح الشهير بين قبيلتي الشكرية والكواهلة الذي حقن الدماء، وأعاد الصفاء بين القبيلتين. ٭ وأول مدرسة أسست في القرية في عام 8191م، كانت رافداً تعليمياً وحيداً في منطقة النيل الأزرق الممتدة من الدمازين الى رفاعة، ولحقتها مدرسة البنات عام 9591م، وهذا ما جعل القرية منارة للعلم بفضل خريجيها الذين نهلوا من علمها على يد معلمين أجلاء، منهم الشيخ محجوب محمد فضل المولى رحمه الله، أول استاذ بالقرية. ٭ ومنطقة البرسي الفضل سُميت باسم عمدتها الفضل الكبير، الذي أرسى دعائمها واستلم الراية بعد جده وأبيه. كما أن القرية لم تكن بعيدة عن الجهاد وصون البلاد، حينما سيرت القوافل والمجاهدين، وقدمت خيرة أبنائها مجاهدين وشهداء «أربعة عشر كوكباً مضيئاً» أضاؤا سماءها بنور الايمان وعبق الشهادة، وحُق لها أن تسمى بقرية «الشهداء». أعود فأقول بعد هذا الاسترسال، إن زيارة دكتور نافع للمنطقة كانت هى الأولى له منذ مجيء الانقاذ، وجاءت تلبيةً لدعوة كريمة من الشيخ ود الفضل حفيد العمدة الفضل، وأحد قيادات المنطقة لإسناد مرشحي المؤتمر الوطني، لكن تناثرت الأقاويل والشائعات حول هذه الزيارة، ومنهم من تبرع بجعل خلافات بين الرجلين تجعل الأول لا يلبي الدعوة، وكثرت الشائعات إلى درجة تثبيط همم البعض، وتخاذل البعض الآخر، وأظهر بعضهم شماتةً واضحةً، والمدهش أن هذه الشائعات جُلها جاء ممن هم داخل التنظيم وليس خارجه لشيء في نفس يعقوب، لكن حينما حلقت طائرة د. نافع فوق سماء القرية بُهت المرجفون في المدينة، وانزووا بعيداً قبل أن يلتحقوا بالحشود الهادرة التي لم تفتقد أحد هؤلاء المغرضين الذين أُسقط في يدهم.. وحديث الوفد الاتحادي كان حاسماً وقاطعاً بأن هذه الزيارة جاءت تلبيةً لدعوة أحد شيوخ الحركة الإسلامية والمجاهدين الأوائل، حينما كان الجهاد سراً والإسلام محاصراً بالرايات الحمراء. وتدافعت كلمات د. نافع القوية ترجم المتخاذلين وتشكك في انتصارهم أمام المد الحاسم للمؤتمر الوطني، وبمثل ذلك جاءت كلمات أعضاء الوفد. الشيخ ود الفضل صاحب الدعوة طوَّف بالوفد في سياحة تاريخية عن المنطقة وأهميتها، وأكد أن الانقاذ لن تؤتي من هذه المنطقة المجاهدة التي ما فتئت تقدم الشهيد تلو الشهيد منذ المهدية التي سقط فيها عدد من أبناء القرية مدافعين عن أرضهم وعرضهم ودينهم. وأكد فوز البشير بهذه المنطقة وبقية المرشحين، وقد جاءت الكلمة التي ألقاها الشيخ مرزوق الشيخ موسى هجو برداً وسلاماً على الكثيرين الذين كانوا سيصوتون لأخيه المرشح لمنصب الوالي بولاية سنار، وقال من كان مع الشيخ وآله فليصوِّت للمؤتمر الوطني، فضجت الساحة بالتكبير والتهليل والزغاريد وضاقت بالحشود على اتساعها. ٭ شكراً دكتور نافع على الزيارة التي أدخلت الفئران في جحورها، وألقمتهم حجراً وأخرست ألسنة سعت بالفتنة والشماتة والكذب والشائعات.. شكراً لك فقد كانت زيارتك رسالةَ لمن يفهم..!! ٭ مرايا أخيرة: شكراً للوفد الكريم، الشيخ الأستاذ مهدي ابراهيم، والشريف عمر بدر، والشيخ مرزوق هجو، ووالي سنار أحمد عباس، والقائد الطلابي محمد عبد الله شيخ إدريس، وكل من تكبَّد مشاق السفر إلى حيث قرية البرسي الفضل.