زملاء في الجامعة نعم ولكن لسنا بأصدقاء، حتى أنني كنت متقدماً عنه أكاديمياً، وعندما ننزوي في أحد أركان النقاش كان يقف في جانب وأنا في آخر، فما الذي حدث إذن؟ وكيف أصبح بين ليلة وضحاها يجلس في مقاعد الحياة الأمامية يأمر وينهي؟. هذا الصباح كنت في مكتبه جالساً في طرف الكرسي بأدبٍ ظاهر وفي يدي ملفي الباحث عن وظيفة منذ تخرجي ..ذات السنة التي تم توظيفه فيها بأمرٍ لا علاقة له بالمؤهلات. الفتور الذي أصابني من كثرة اللهث خلف دواوين الخدمة هو الذي قادني لهذا الجلوس المهين. ضحك زميلي صاحب المكتب الفاخر وخاطب سكرتيرته الحسناء أكثر من مرة وهمس في إذنها ثم وضع ملفي في الدرج وأقسم بأن امتطي معه سيارته ويصل بي إلى ميدان جاكسون حيث ينتظرني لهيب المواصلات. ترجلنا عن السيارة واقتربنا من الميدان بينما ضجيج الأصوات يخترق طبلات الأذن .. تعال يا سيد يا جيد ..الليمون بخمسمائة..البرتقال ب...قرب قرب يا بعيد وشوف العجيب..الشعير..العرديب..الالتهابات..الغضروف..وجع الكتفين.. سم الفئران..تعال يا سيد يا جيد..قرب يا بعيد وشوف العجيب. تصبب عرقاً وقال بأنه لم ير هذا المكان منذ أن تأسس، ومع ذلك ظل كل صباح يتحدث بأن لا أزمة في المواصلات. لم يستطع أن يفج له مساحة بحجم رجليه بين متسول ومتسول ومقطوع أطراف ومعتوه، ومن فوق الفاكهة المعروضة في سطح الأرض حتى صرخ وكأنه يستنجد بأحدهم ..يا للعجب..إنه السواد الأعظم من الشعب، أين الشعب؟. [email protected]