تخصصية وحرفية عالية تميزت بها عمليات الخطف التي يتبوأ فيها إقليم دارفور الصدارة من حيث عدد العمليات التي نُفذت بنجاح ،أما الفئات المستهدفة فهم من يحملون صفة أجانب وليس هناك اسهل من أن يُعرف أولئك الأجانب في الإقليم المضطرب فسيماهم في وجوههم، وعادةً ما تستمر عملية الخطف مدة زمنية لا تزيد عن الإسبوعين، وذلك الى حين الإتصال بالمنظمات أو الجهات التي يعملون فيها ومن ثم تبدأ رحلة التفاوض مع الخاطفين التى تنتهي بإطلاق سراح الأسرى، غير أن ثمة حالات قد يطول فيها أمد الإحتجاز الى حين التوصل الى صيغة مناسبة بين الجهات المختطِفة والسلطات الأمنية وهو ما حدث مع خمسة أتراك تم خطفهم في سبتمبر من العام الماضي من منطقة « أم مراحيك «على شمال مدينة الفاشر من قبل حركة العدل والمساواة « وفق مصادر حكومية» ، فقد تم أمس الأول تحرير الرهائن الخمسة بعد تعاون مشترك بين السلطات الأمنية واللجنة الدولية للصليب الأحمر ، وحسب مصدر حكومي تحدث ل( الصحافة ) فإن العملية تمت بنجاح بعد مفاوضات إستمرت لعدة أشهر ، من دون دفع فدية « غير أن اللجنة الدولية للصليب الاحمر قالت في بيان انها «سهلت تسليم خمسة مواطنين أتراك أفرجت عنهم حركة العدل والمساواة الى ممثل للسفارة التركية في الخرطوم دون أن تكون للجنة الصليب الأحمر أية مشاركة فعلية في المفاوضات التي أدت للإفراج عن المحتجزين وأن دورها إنحصر فقط كحلقة وصل بين الطرفين بناءاً على طلبهما ، كما ساعدت في توفير ترتيبات نقل المفرج عنهم الى الخرطوم على متن طائرة تتبع للصليب الاحمر، في الوقت الذي تؤكد فيه حركة العدل والمساواة موافقتها على إطلاق سراح العمال الأتراك وذلك بعد حوار تم بين الحركة ومنظمة الصليب الأحمر حيث تم تسليم الرهائن للمنظمة بحضور المندوب التركي ، وأقرت الحركة في بيان أنها قامت بعملية توقيف العمال الأتراك الخمسة وبمعيتهم أفراد سودانيون كانوا برفقتهم . وسارع وزير الخارجية التركي أحمد داؤود أوغلو بالإتصال هاتفياً مع الرهائن الخمسة للإطمئنان عليهم الى حين إعادتهم الى تركيا في أقرب وقت، ووفق بيان صادر من وزارة الخارجية التركية فإن العمال الاتراك كانوا قد خطفوا في التاسع من سبتمبر الماضي وهم في طريقهم الى تشاد . وفيما تعتبر عملية الخطف أحد أهم المهددات الأمنية التي أعاقت عمل الكثير من المنظمات الإنسانية في دارفور من تقديم خدماتها الانسانية لطالبي العون الإنساني في جميع ولايات دارفور، يسود إعتقاد واسع أن الحكومة سواء على مستوى المركز أو الولاية عجزت عن إحكام السيطرة على الوضع الأمني في الإقليم حتى في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، الشئ الذي شجع الحركات المسلحة لممارسة عمليات الخطف للضغط على الحكومة وإفشال كل محاولاتها لإنفاذ أي مشاريع تنموية في الإقليم، بيد أن الحكومة تسوق إتهاماً مباشراً للعاملين في المنظمات الإنسانية وترى أن السبب في إنتشار ظاهرة الخطف وعدم إمكان السيطرة عليها من قبل السلطات الرسمية هو رفض الأجانب إحاطة الحكومة والجهات المختصة بأماكن تحركاتهم وأيضاً رفضهم للحماية التي يوفرها منسوبو الحكومة، حيث أكد مسئول مكتب تنسيق دارفور وزير الدولة برئاسة الجمهورية أمين حسن عمر ل( الصحافة ) أن مستويات حوادث الخطف في تدن ملحوظ لا سيما بعد تقهقر الحركات المسلحة ناحية الجنوب وأضاف « احد الأسباب لخطف الأجانب هو رفضهم الحراسة من الحكومة ورفضهم الإفادة عن تحركاتهم» وزاد « لقد تقلصت عمليات الخطف كما أن الأتراك الخمسة قد خطفوا من اقصى شمال دارفور قبل شهور وذهاب الحركات جنوبا سوف يقلل من الحوادث « . يعمل الأتراك الذين دخلوا البلاد منذ ما يقارب الستة أشهر في شركة « ليني بونيا « العاملة في مجال المياه ، وهو ذات مجال العمل الذي دخلوا بمقتضاه الى ولاية شمال دارفور الا وهو العمل في مجال حفر آبار مياه للشرب ، لكن إذا ما علمنا من هو المستفيد من تلك المياه فسيتجلى السبب الرئيس وراء عملية الخطف من قبل حركة العدل والمساواة التي أقرّت بأنها هى من إختطفت مجموعة الأتراك مبررة فعلتها تلك بأنهم أتوا بعد الإتفاق مع الحكومة في الخرطوم على حفر مائتي بئر على طول الحدود المشتركة بين السودان وتشاد لصالح القوات المشتركة (السودانية التشادية ) فقامت قوات الحركة بتعطيل المشروع تماماً ، باعتباره مشروعاً أمنياً يخدم مصلحة القوات المشتركة التي أنشئت أساسا للتضييق على النازحين واللاجئين كما تقول، بعد ذلك قامت الحركة بإيقاف ورهن المجموعة التي تضم خمسة أتراك وبمعيتهم أربعة أفراد من أجهزة الأمن بينهم ضابط برتبة مقدم وآخر برتبة ملازم أول وفق ما ورد في بيان الحركة . ولم تكن الحركات المسلحة هي الوحيدة التي تنفذ عمليات الخطف في إقليم دارفور الذي يشهد إضطرابات منذ العام 2003 حيث ينشط أيضاً أفراد ينتمون الى قبائل في الإقليم يقومون بخطف الأجانب والسيارات والممتلكات ، وبدا واضحاً انه في حال كان الفاعل أفراداً فإن انهاء العملية يتم بصورة أسرع من الحركات ووفق مصدر حكومي تحدث ل( الصحافة ) فإن السلطات الحكومية تقود جهوداً دبلوماسية مع سلاطين ومشائخ القبائل لإقناعهم بأن خطف الأجانب يدخل الدولة في حرج مع دولهم، وفي الغالب فإن زعماء القبائل يوافقون على تسليم الرهائن شريطة إخفاء هوية الفاعلين درءاً للملاحقة القضائية التي قد توجه ضدهم . بينما يشكوا العاملون في المنظمات الإنسانية من الإفتقار الى الكوادر الراغبة في العمل في دارفور جراء فقدان الأمن ، وأن لا احد يريد ان يتعرض للخطف وبالتالي هناك اقلية من العاملين الدوليين المقيمين الآن خارج العواصم وكبرى مدن دارفور، ويمارسون عملهم من خلال زيارات ميدانية للأطراف لا تتجاوز يوما او يومين .