في مثل هذه الأيام يهب علينا النفح المبارك ويضوع شذاه بمولد المصطفى عليه الصلاة والسلام . سيرة الحبيب المصطفى(ص) تمثل علامة فارقة في تاريخ البشرية ، فإلى جانب التوحيد بالمولى سبحانه وتعالى وإلى جانب القرآن الكريم تبقى السيرة النبوية كشجرة وارفة بثمار مكارم الأخلاق. حريّ بالقابضين على صولجان الملك في كل بلاد الدنيا أن يتأملوا في تلك السيرة الزاهية العطرة بكل ما فيها من زهد وعدل وإنصاف وإعراض عن الشهوات . حريّ بالظالمين أن يتذكروا أن المصطفى (ص) ما بُعث إلا رحمة للعالمين، وأن يستفيقوا ويستغفروا عن سَوق الناس بالضلال وهم يرفلون في السلطة والجاه وبقية الخلق ما لهم سوى الله . حرىّ بأكلة أموال الناس بالباطل أن يتقيئوا حتى إمعائهم وأكبادهم ، ويتذكروا الحبيب المصطفى الذي ما دخلت جوفه الطاهر حبة تمر من حرام، ولم ينعم بعيش الأكاسرة والأباطرة من فرس وروم ، ولم يأخذ من الدنيا إلا بقدر ما يسدّ الرمق ويقيم الأود، مع العلم أن الدنيا عُرضت عليه وتزيّنت له وأقبلت إليه ولو أراد جبال الدنيا أن تكون ذهباً وفضة لكانت، بل آثر الزهد والكفاف، فربما بات جائعاً ويمرّ الشهر لا توقد في بيته نار، وتمضى به الأيام طاوياً لا يجد رديء التمر يسدّ به جوعه ، وما شبع من خبز الشعير ثلاث ليالٍ متواليات، وكان ينام على الحصير حتى أثّر في جنبه ، وربط الحجر على بطنه من الجوع . حرىّ أيضاً بالذين جعلوا من الإسلام وجهاً مكافئاً للإرهاب أن يرعووا ويتأملوا في سيرة النبي الكريم وهو ينهي المسلمين عن قطع شجرة ناهيك عن قطع رقاب الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ ... أولئك الذين جعلوا الأحزمة الناسفة لباساً لهم يفجرونها في أوساط أُناس يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله : وُلد الهدى فالكائنات ضياء *** وفم الزمان تبسم وثناء الروح والملأ والملائك حوله *** للدين والدنيا به بشراء والعرش يزهو والحظيرة تزدهي*** والمنتهى والسدرة العصماء والوحي يقطر سلسل من سلسل*** واللوح والقلم البديع رواء يا خير من جاء الوجود تحية *** من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا بك بشّر الله السماء فزُينت *** وتوضعت مسكاً بك الغبراء يوم يتيه على الزمان صباحه*** ومساؤه بمحمد وضاء