شاهد بالفيديو.. ياسر العطا يقطع بعدم العودة للتفاوض إلا بالالتزام بمخرجات منبر جدة ويقول لعقار "تمام سيادة نائب الرئيس جيشك جاهز"    عقار يشدد على ضرورة توفير إحتياطي البترول والكهرباء    ريال مدريد الإسباني بطل أوروبا    ريال مدريد يهزم دورتموند الألماني ويصطاد النجمة 15    (زعيم آسيا يغرد خارج السرب)    القبض على بلوغر مصرية بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء    القبض على بلوغر مصرية بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    قنصل السودان بأسوان يقرع جرس بدء امتحانات الشهادة الابتدائية    المريخ يتدرب على اللمسة الواحدة    إعلان قائمة المنتخب لمباراتي موريتانيا وجنوب السودان    شاهد بالفيديو.. مواطن سوداني ينطق اسم فريقه المفضل بوروسيا درتموند بطريقة مضحكة ويتوقع فوزه على الريال في نهائي الأبطال: (بروت دونتمند لو ما شال الكأس معناها البلد دي انتهت)    بدء الضخ التجريبي لمحطة مياه المنارة    منظمات دولية تحذر من تفشي المجاعة في السودان    بعد الإدانة التاريخية لترامب.. نجمة الأفلام الإباحية لم تنبس ببنت شفة    صلاح ينضم لمنتخب مصر تحت قيادة التوأمين    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية كبيرة من الجمهور.. أحد أفراد الدعم السريع يظهر وهو يغني أغنية "هندية" ومتابعون: (أغنية أم قرون مالها عيبها لي)    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية كبيرة من الجمهور.. أحد أفراد الدعم السريع يظهر وهو يغني أغنية "هندية" ومتابعون: (أغنية أم قرون مالها عيبها لي)    شاهد.. زوج نجمة السوشيال ميديا أمنية شهلي يتغزل فيها بلقطة من داخل الطائرة: (بريده براها ترتاح روحى كل ما أطراها ست البيت)    بعد الإدانة التاريخية.. هل يستطيع ترامب العفو عن نفسه إذا نجح بالانتخابات؟    أسعار الأدوية في مصر.. المصنعون يطلبون زيادة عاجلة ل700 صنف    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون يقدمون فواصل من الرقص "الفاضح" خلال حفل أحيته مطربة سودانية داخل إحدى الشقق ومتابعون: (خجلنا ليكم والله ليها حق الحرب تجينا وما تنتهي)    مسؤول سوداني يكشف معلومات بشأن القاعدة الروسية في البحر الأحمر    "إلى دبي".. تقرير يكشف "تهريب أطنان من الذهب الأفريقي" وردّ إماراتي    دفعة مالية سعودية ضخمة لشركة ذكاء اصطناعي صينية.. ومصدر يكشف السبب    في بورتسودان هذه الأيام أطلت ظاهرة استئجار الشقق بواسطة الشركات!    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    فيصل محمد صالح يكتب: مؤتمر «تقدم»… آمال وتحديات    السعودية "تختبر" اهتمام العالم باقتصادها بطرح أسهم في أرامكو    ميتروفيتش والحظ يهزمان رونالدو مجددا    السعودية تتجه لجمع نحو 13 مليار دولار من بيع جديد لأسهم في أرامكو    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    مذكرة تفاهم بين النيل الازرق والشركة السودانية للمناطق والاسواق الحرة    سنار.. إبادة كريمات وحبوب زيادة الوزن وشباك صيد الأسماك وكميات من الصمغ العربي    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    دراسة "مرعبة".. طفل من كل 8 في العالم ضحية "مواد إباحية"    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    نجل نتانياهو ينشر فيديو تهديد بانقلاب عسكري    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    اليوم العالمي للشاي.. فوائد صحية وتراث ثقافي    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صلاح أحمد ابراهيم يرد على عمر مصطفى المكي - الحلقة الثانية
أوراق خضراء: الصحافة تفتح الملفات القديمة صلاح أحمد ابراهيم و عمر مصطفى المكي وجها
نشر في الصحافة يوم 06 - 02 - 2012

رسمت المساجلات الصحفية لنفسها طريقا فارقا في العقود الماضية من تاريخنا المهني، فقد كانت ملح الأوراق في بلاط صاحبة الجلالة الملكي، وزاد المجالس الانيقة في ارجاء البلاد، ومعين الفكر والمتعة وحسن الذوق الذي لا ينضب لجمهور القراء، والمتبتلين العاشقين لمحاسن الكلم. ولما كانت ستينيات القرن الماضي من أزهى حقب الفكر والكتابة، لانها شهدت اصطراع تيارات سياسية وفكرية وثقافية مختلفة في المشهد السوداني، فقد افرزت اقلام عملاقة وعقول حرة تحلق في السموات دون حتى قيود دنيوية. ومن اشهر تلك الاقلام التي تساجلت فكريا على صفحات جريدة « الصحافة» في اواخر الستينيات الراحلين صلاح احمد ابراهيم وعمر مصطفى المكي. وتعيد الصحيفة نشرها اثراءً للساحة الفكرية والصحفية.
وفيما يلي تواصل «الصحافة» نشر ردود الراحل صلاح احمد ابراهيم على ما خطه الراحل عمر مصطفى المكى.
نحن اليواقيت خاض النار جوهرنا
ولم يهن بيد التشتيت غالينا
لولا اشتعال النار فيما جاورت
ما كان يعرف طيب نفح العود
1- عمر وحديث الإفك
الآن حصحص الحق. والحق كما قيل ابلج والباطل لجلج. يقول كونفشيوس «الرجل الشريف يهتم بشخصيته والرجل الوضيع يهتم بوضعيته. الرجل الشريف يصبو للعدالة ، والرجل الوضيع يصبو للوصول. الظربان ينم عن افرازه. كما ان طيب الورد مؤذ بالجعل لقد حسب عمر مصطفى المكي. والعقرب التي من وراء خادمتها الخنفساء ان سيلا عارماً متتالياً من الشتائم والافتراءات بامكانه ان ينال من شخصي الضعيف او يضعف من حجتي القوية، لقد حسب عمر مصطفى المكي والذين من وراء عمر مصطفى المكي ان الارعاد والارزام وخوار العجول الهائجة بامكانها ان تخرس لسان الحق وتطفيء قبس الحقيقة. وتقطع أصبع الاتهام.
الفرية رقم «3»
يقول مسيلمة النجاركوك «بيت العباسية يا صلاح أحمد إبراهيم الذي اجرته وسكنت فيه منفرداً عازلاً نفسك من أسرتك عن امك وابيك الوحيدين» الخ الخ.. حتى قوله «وهل ما شهده ذلك البيت من مظاهر التبذل يصلح للنشر؟ كبرت كلمة تخرج من افواههم ان يقولون الا كذبا،، اي مظاهر التبذل شهده ذلك البيت واين هو ان لم يكن وسط اهلي واقاربي واهل حيي وجدرانه من القصر بحيث يمكن للجيران ان يشهدوا كل ما يجري فيه ويقفز الى داخله اعضاء نادي العباسية الثقافي جيراني من الجهة الاخرى لاخذ كرة الفولي دون استئذان. لقد الحت أختي الكبرى وهي ام مثالية لتسع كبراهم بالجامعة، وهي بجانب ذلك ذات نشاط ملحوظ في الاتحاد النسائي بود مدني، ان انشر لها الكلمة التالية بعنوان للحقيقة والتاريخ يا سيد عمر مصطفى.. تقول له: «اولا هدئ زوبعتك وخفف من غبارك الذي اثرته وملأته قاذورات تزكم الانوف وتلمس باحثاً بينه لتجد عنق الحقيقة الذي لم يلوه صلاح ولكنك شنقته انت قربانا في عتبة الكذب الضار الذي لو فتحنا ضدك بلاغاً لطالبناك برد الشرف والاعتبار لعائلة وصفتها في مؤخرة مقالك بأنها كريمة ومحترمة.. وربي ان انجبت حقاً ولداً يمثل ما وصفت به صلاح من اخلاق لما استحقت اطلاقا الاحترام ولا التكريم، ولكنها عائلة حدث ولا فخر، وبكل تواضع محترمة وانجبت صلاحا الذي تذكره وتتكلم عنه، وهو فتى نظيف عف النفس عرف بثوريته منذ ان شب يافعاً، وقد قال قصيدته التي سلخ فيها الحاكم العام ونشرها على صفحات الجرائد، وحينذاك الاستعمار في اوج عظمته، وفصل من حنتوب الثانوية لنشاطه المعادي للاستعمار، وقال من القصائد الثورية والمقالات ما يحرك ساكن الحجر. ومالي وذلك كله تعرفه الناس ويتحدث عنه التاريخ، ولارجع لمقالك، فصلاح كتب سلسلة مقالات وان كنا لم نرض عنها لا لأننا نخاف ان تهب فتحصي لنا عيوباً فيه او في اخلاقه. كلا والف كلا.. ولكن لأننا نكن احتراما لمن يكتب عنهم.. وكتب صلاح موضوعات فكرية وتطرق مثلاً.. ما لونك السياسي أو كيف يكون الزعيم القائد وكيف يشارك الشعب وينزل لمستوياتهم وما الى غير ذلك من الافكار، وخاصة في توجيه بعض اتهامات كالاشتراك في تأسيس شركة مع زيد او عمرو وغير ذلك من هذا النحو، فكان الأجدر بمثل عفة قلمه وسمو موضوعاته وتهذيب اسلوبه أن تفند كلامه بالحجج والبراهين، وعندها يكون صلاح مدعيا متجنياً وكان يسرنا ذلك.
أما أن تجمع من رذائل اللفظ دنيء التهم ما يشمئز القلم مما يقولون، فإن كل إناء بالذي فيه رسمه لتلصقه بصلاح فحقا كما ابرهن لك كيف تجنيت على ينضج . ويا أستاذ عمر المكي إن صلاح يقيم به بالعباسية هو الحقيقة فإن المنزل الذي تدعي امتداد لمنزل الاسرة ولا يبعد عن منزل والديه سوى اقدام معدودة، وكل معيشته معهم ابتداءً من شاي الصباح، وذلك فقط لضيق المحل بمنزل الوالدين الذي لا يسع كتب صلاح، ولا هو مريح لكتاباته، اذ ما به زيادة سوى غرفة واحدة، وحتى هذه حركتها مستمرة ولا سبيل للراحة فيها، لذا يسكن صلاح بمنزلنا الآخر ومعه بعض افراد الاسرة في اغلب الاوقات، وليتك قمت بزيارة لذلك المنزل المفترى عليه لترى الكتب المبعثرة التي بمنزل صلاح، عسى أن تجد بينها بعض الكلمات المهذبة التي تصلح لمقارعة الحجة لمبارزة خصومك في الرأي مبارزة عفة يستفيد منها القارئ. كما يجب أن تتحرى الحقائق قبل أن تكتب. وأما قولك ان النار قد تلد الرماد.. لا والله فإن نارنا لا تلد إلا جمراً وسوف يحترق كل من يستهين بها. ونرجو ألا يصرفكم الجدل عن القضية الكبرى وهي توعية الشعب وخدمة. الوطن وفق الله الجميع».
لقد تعمدت نشر الخطاب بالنص لإلحاحها أولاً ولأنها مالكة البيت الذي اشار اليه ثانياً، ولأنها تدحض بهذا الخطاب جزئياً الفرية التالية، ولا أهدف بهذا أن يتبين مسيلمة الحقيقة، فالحقيقة ليست غايته أبداً كما سيتضح في المقال الآتي أيضاً، وهو من بعد عضو اللجنة المركزية والمكتب السياسي لحزب مرزوء به وموبوء بالجهل والانتهازية كما يتجليان في هذا الدعي.
الفرية رقم 4:
يقول الهر «وأتصور حالة كل أفراد هذه الاسرة الكريمة «لاحظ كلمة كل هذه» وهم يقرأون ما ظل يكتبه صلاح أحمد إبراهيم حتى بلغ بهم الأمر حداً دفعهم للاجتماع به ظهر الاربعاء الماضي ليطلبوا منه إما وقف المقالات وإما أن يعلنوا للناس تبرأهم مما ظل يكتبه» من هم هؤلاء الأفراد؟ أين اجتمعوا بي؟ ومن أين للكلب البوليسي «رمح» كل هذه المعرفة الحميمة؟
عضو اللجنة المركزية والمكتب السياسي يا للعار يكذب وكأنه ولد في الكتاب. حقاً أن صاحب الحاجة أرعن. والغرض مرض. والمضطر يركب الصعب، ولأمر ما جدع قصير أنفه. فانتهازية عمر كما أسلفت القول انتهازية مكينة لن تزايله حتى يدخل البكماء ويهجم الدود على الدود.
لم يكن ثمة اجتماع ولا ثمة طلب بوقف المقالات أو إعلان التبرؤ مما اكتب. هذا تكذيب نهائي وحاسم وليجرؤ الكويذب على الإصرار على كذبته لتدمغه الحقيقة.
لقد رجاني كثير من أقاربي لأسباب شخصية أو سياسية أو لاعتبارات أخرى، أن أكف هجومي عن عبد الخالق، ومن هؤلاء أخي الأكبر وخالي الأوحد، وعز علىَّ أن أرد لهما الرجاء العزيز كما فعلت مع سواهم من الأعزاء..
فقد ظل صوت ما.. صوت صلب عنيد يردد في خاطري «والله يا عم لو وضعوا الشمس على يميني والقمر على يساري إلخ..» بإحساس من يؤدي خدمة لقومه ويتدرع واجباً ثقيلاً على نفسه، ولكنه واجب تاريخي ومسؤولية لا محيص عنها أمام الضمير.. مهما أصابني خلال ذلك من وضر.
ويسوء مسيلمة النجاركوك أنني أحاول الاقتداء والتشبه بالقمم، وهذا يعكس صغر نفس «الدخان الذي يعلو بنفسه إلى طبقات الجو وهو وضيع» فمن غيرهم أحاول الاقتداء والتشبه يا نجاركوك؟ لماذا تنفس على صلاح إن لم يحاول أن «يشبه نفسه إلا بالعمالقة.. بالكبار الذين وضعوا لبنة في بناء الفكر.. إنه واحد منهم «على حد قولك. ألم يقل شاعرنا العربي «وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم» ألم يأت في التعاليم الموجهة للملك مرى كارع» من بردية ليننجراد «انسج على منوال آبائك السالفين الذين سبقوك. انظر! إن كلماتهم لا تزال خالدة تنبض بالحياة فيما خلفوه من كتب. أفتح الكتاب واقرأ ما فيه واستفد بعلم أجدادك واتبع تعاليمهم يصبح المرء عالماً حكيماً مثلهم».. وأنت بمن تحاول أن تشبه نفسك يا نجاركوك بعد أن أشحت وجهك عن العمالقة و«الكبار» الذين وضعوا لبنة في بناء الفكر.. بالرفيق بيريا مثلاً؟ بالرفيق راشد؟ فحين كنت اقرأ مضطراً اتهاماتك المتهافتة وشتائمك المقذعة وجدت عزاء ايما عزاء في سيرة مثلي الاعلى وأسوتي محمد بن عبد الله مستمداً منها الصبر والجلد. فحين قمت في هذا الأمر كنت موقناً سلفاً بأنني سأجرح تجريحاً شديداً، وستنهش الكلاب المسعورة اسمي من أناس يخافون على وضعهم المادي وراحتهم السياسية.. ولمعانهم القيادي وانحرافاتهم المدللة، ومن إمعات يوقر اسماعها عدم التفكير من الانصات لصوت العقل والضمير.. «أبى مصعب إلا أن يقاتل حتى يغلب أو يموت دون التسليم، وخذله أصحابه طمعاً في هدايا بني أمية، فما زال في البقية من أنصاره يقاتل ويغامر حتى مات. قيل إن عبد الملك بن مروان جلس بعدها بين أصحابه يسألهم: من أشجع الناس؟ وهم يروغون في الجواب، فقال لهم: بل أشجع الناس مصعب بن الزبير عرضت عليه الأمان والمال وولاية العراقين وعنده عائشة بنت طلحة أجمل النساء، فأباها وآثر الموت على التسليم». وأشهد ان عبد الخالق قدم لي عروضاً شتى إيعازاً، وكان بامكاني الوصول معه الى مساومة تجعل من عمر مصطفى محرراً تحتي مثلاً أو شيئاً من هذا القبيل، وهي الطريقة التي صار فيها رئيس التحرير الاسبق للميدان مرؤوساً لعمر مصطفى، وبمثلما صار هذا بدوره مرؤوساً لمن احتل مكانه والحزب دول، وهو كالخيارة يوم في يدك ويوم في مكان آخر، ولكنني آثرت المياه العميقة بإيثاري قول الحقيقة واستنهاض ما سماه «جون بوين» بالقبس الضئيل الذي يصمد أمام الضغط في كل فرد، وسواء أقر مسيلمة أم كابر فإن شجاعتي قد جعلتني أغلبية، فأنصاري جيش لأنهم في المحل الأول أنصار الحق والعدل وسواء السبيل.
الفرية رقم «5»:
يقول مسيلمة «إن صلاح أحمد إبراهيم يناقش علناً وعلى عينك يا تاجر في مجالسه الخاصة فيقارن نفسه بأوسكار وايلد» ومن عرف عمر الجاهل باوسكار وايلد. ولكن تصور! أين مسيلمة من مجالسي الخاصة وكيف بلغ فيها وهو منذ ان اوقعني زماني الخؤون عرفته جاهلاً مضجراً منفراً ضحل الثقافة محدود الخيال قاتم الطوية سردابي النفس لا يطرح قضية جادة ولا يثير موضوعاً مثيراً سوى الغيبة وأكل لحم أخيه ميتاً، ولا يحلق بفكرة مجنحة ولا يسلي جليسه بحديث زكي ودعابته من النوع الممجوج، ولكنه كالهم والغم وسحابة ثمود يشيع أينما تدحرج جواً من الكآبة النثرية والفجاجة التجارية والتبجح المدقع الذي يصدم الشعور الحساس، فقوله هذا اما قائم على السماع من ناقل كذاب مثله أو هو مجرد وهم واهم همه رشق الناس بالطوب النيء، أو كما أعتقد مجرد تخرس وافتئات، لأن مقارنة كهذه لم تتم على لساني قط. فليأت مسيلمة بشاهد زوره كما عودنا دائماً ولديه منهم قوم حضور لنفحم شاهد زوره بل كبرت كلمة تخرج من أفواههم ان يقولون الا كذبا.
فرية رقم «6»:
إنني جبنت عن منازلته في الجامعة ألم أقل لكم ان مفاهيم الرفيق عضو اللجنة المركزية والمكتب السياسي والقائد الجماهيري اقطاعية؟.
«منازلته» قال: «مطالعته» الى الخلاء حيث العصي والسياط مدفونة.. ومع ذلك يرى معاصرونا بالجامعة انني قمعته بالكلمة الباسلة التي لا تصدر الا عن حق حتى اضطر الى ارسال أحد «القردة لكسر دولاب صديق لسرقة قصتي «الهجوم الليلي» التي نشرها فيما بعد الصديق علي الملك في جريدته الجدارية.
ولئن سكت طيلة ايام الحكم العسكري لأسباب نبيلة منها انني قدمت عدائي للحكم العسكري على عدائي للانتهازية التي تتربع على سنام الحزب، ومنها أنني استنكف عن الهجوم من منبر علني على من لا يملك منبراً علنياً آنذاك، وهو موقف شبيه بدفاعي عن الحزب حين حل الحزب، وهم بالطبع لن يذكروا لي هذا الموقف قط، فانني لم اسكت عقب اصدارهم للميدان ثانية، ومع ذلك فقد اعطيتهم فرصة ان يصلحوا من خطئهم القديم بخطاب جد مهذب اسلمته الخصم والحكم ولكنهم بقول مسيلمة نفسه «تجاهلوه» وما قدروا كم سيكلفهم ذلك «التجاهل»: أعيد كلمة «التجاهل»: التي قالها هل هذا تصرف حزب عاقل مسؤول ثم يلومني الشيوعيون بعد ذلك، والحمد لله قد اعترف لهم الانتهازي المخرب بخط يده معرضا الحزب للزوم ما لا يلزم يقول «فقد كتب لنا صلاح في منتصف عام 56م وهو في غانا خطابا غريباً: كان يسأل عما اذا كانت المقالات التي كتبها عمر مصطفى المكي في نوفمبر 8591م بجريدة الميدان تعبر عن رأيه الخاص ام عن رأي الحزب الشيوعي، وبدا لنا السؤال غريباً وقتها فتجاهلناه. وبعد ذلك باسابيع بعث بخطاب آخر يهاجمنا فيه هجوماً عنيفاً لأننا لم نرد على خطابه الأول، وكأننا نعمل موظفين عند مقامه السامي، وخطابه بتهديد قال فيه إن الرد على تساؤله عن مقالات عمر مصطفى المكي تتوقف عليه اشارة من جنابه العالي الى مطابع بيروت لتطبع له ديوان شعر جديد له. وعرفنا اللعبة ولم يزدنا ذلك بطبيعة الحال الا تجاهلاً له. إن صلاح يريد أن ترد مساهمته الواجبة في حملة الهجوم على الشيوعيين وهو يرد لها سبباً.. اي سبب ففكر في حبك هذه القصة الركيكة انتهى.
ألم يخلني عمر بهذا الاعتراف من مسؤوليتي؟ ألم يبرهن لكم على مدى حلمي وصبري على هؤلاء القوم؟ ألم أعطهم الفرصة النبيلة لتفاهم مشرف يرد لي اعتباري ولا يضير الحزب؟ وهل يتوقع مني الحزب الشيوعي وقد «تجاهل» عرضي النبيل ان اقبع ساكتاً على عنجهيته واحتقاره للناس؟ أيها الشيوعيون، إذ قيل لكم ان هجوم صلاح يصدر عن حملة مدبرة وان مخططها الاميركان فكذبوا القائل، الحملة المدبرة من انتهازية في الحزب، والمخطط هم أمثال هذا المعترف الذي يضع احقاده الشخصية وذاته المنتفخة فوق مصلحة الحزب مستغلاً اسم الحزب ووضعه في قيادة الحزب. أليس هذا تخريباً واضحاً واستفزازاً انتهازياً ومعاملة لئيمة.
ويقول النجاركوك بتشويهه المعهود للحقائق «وجاء ديوان الشعر المنتظر يحمل كلاماً في مقدمته عن شلوخ عمر مصطفى المكي» أرجع يا قارئي الى مقدمة الديوان لترى أن الكلام لم يكن عن الشلوخ، بل عن الانتهازية التي هي لاصقة في الانتهازي كشلوخه، فلماذا حذف الانتهازي كلمة الانتهازية عمداً كأنها لم ترد، انها هناك في مقدمة الديوان وانها فيك.
الفرية رقم «7»:
عن السلوك الخلقي.. لقد أوضحت في مقالتي «صلاح الدين ومكائد الحشاشين» ما حدث وما هو فيَّ بقدر ما سمح به حيائي والذوق العام والعرف الدارج. وأبنت أن ما اخذ ضدي كان قائماً على الشبهة والاختلاف، على الدس الرخيص والتحريض المغرض وربما الابتزاز برهبة أو برغبة. وأكدت أنني أعيش وفق معيار أخلاقي ثابت لا أحيد عنه مهما قال الناس، جوهره الحق والخير والجمال وأساسه احترام النفس والآخرين، ولبابه الحب وتقدير الكرامة الانسانية، والبعد عن الابتذال والتهتك والتزام الحياء والفضيلة في السلوك العام. وقلت إن حياتي الخاصة جزء من حياتي العامة، وجميع اخلاقياتي مبررة، وان من نذر حتى دمه للشعب لن يضن على الشعب بالحقيقة، وانني في مغيب ايام حياتي لن أكون ابداً نادماً على فعل أقدمت عليه، بل على فعل أحجمت عنه، وان نفسي مطمئنة وضميري مرتاح. ولذلك لن انسى ابداً ما حييت إساءة خبير التلفيقات لي والاهانة التي علقت بي باسم الحزب، ولكن يا مراؤون ألكم كيل وللناس كيل آخر؟؟ اني لارى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها وإني لصحابها. اتسمعني يا عبد الخالق محجوب.
الفرية رقم «8»:
إنني ترجمت لمؤسسة فرانكلين كتاباً بعنوان «قصص افريقية» لم يحدث اطلاقاً يا مسيلمة... لم يحدث قط، وكل ما هناك انك شعرت ان كتاباً واحداً لا يكفي فاضفت اليه آخر من خيالك الخصب ليكون هناك وقع أكبر، ولكن الكذبة كالانشوطة تلتف حول عنق من يطلقها.
الفرية رقم «9»:
إنني تسلمت «آلاف» الدولارات مقابل ترجمتي لكتاب «النقد الأدبي» من مؤسسة فرانكلين. الواقع انني لم اتسلم غير حوالى الخمسمائة دولار «قرابة المئتي جنيه» وهو الأجر المعقول نظراً لصعوبة اللغة التي كتب بها الكتاب وللوقت والجهد الذي بذلته في الترجمة، ومن العسير أن يقال عن خمسمائة دولار انها «آلاف» الدولارات. وأنا لم اترجم الكتاب بتدبير من مؤسسة فرانكلين أو لأنها ارادت اجتذابي لاهميتي، أو انها كانت تشعر بي. ولكنها وساطة كريمة من الدكتور إحسان عباس جابر عثرات الكرام. ففي سنة 0691م وجدت نفسي لأسباب تتعلق بالكرامة الحساسة المتصلبة بلا عمل، واكتشفت انني كلما طرقت باباً للعمل سبقني إليه سجلي لدى البوليس، وكانت مطاردة لئيمة لا زلت احتفظ منها بردود الاعتذار الكثيرة، ومنها رفض وزارة المعارف، وكان على لقاء أن يتاح لي حقي في العمل ان اوقع على صك بالتخلي عن الماركسية، أي ان الغي عقلي وكرامتي هكذا، وكان ذاك من أحط ما تعلمه المسؤول عن هذا العمل من سادته الاميركان.
كانت فترة مريرة لا سيما لمن كان يحسب غنياً بالتعفف. ووقف فيها بجانبي أهلي الذين لا يكدر صفاء نفوسهم الدهر.. وإحسان عباس ومن لي بأخ كإحسان عباس الصديق الذي هو أعظم من صديق ابن المقفع. قاسمني درهمه الحر وفتح لي خزائن نفسه العذبة النبيلة وأبواب أدبه الجم وعلمه الرفيع. ثم طفق يبحث لي عن عمل بلبنان، ولكنه كحل عملي عمل على اقناع صديقه الدكتور محمد يوسف نجم مدير مكتب فرانكلين ببيروت بإعطائي كتاباً لترجمته من أجل المكافأة المالية التي كنت في حاجة ماسة لها، ولكن كان عليه قبل ذلك أن يقنعني بالا غضاضة في ذلك العمل ولا تثريب. وهنا أود أن أشير إلى أن الأخ علي شمو يذكر لي بالتقدير المناقشة المستطيلة التي أرهقت بها الأخ أبو العزائم. والشروط المرهقة التي اشترطها وكأنني شريك لا مجرد كاتب للجريدة. قبل أن أحرر صفحة أدبية ب «الصراحة الجديدة» خشية الوقوع في محظور والتورط ولو بطريق غير مباشر في مساندة وضع أنا في الأساس ضده منذ اليوم الأول فيه يوم صحت في طلبتي بمدرسة بيت الأمانة الثانوية اليوم 71 نوفمبر يبدأ عهد الإرهاب.
13 اغسطس 8691
رقم العدد6961


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.