يبدو ان رؤى قوى الاجماع المعارض بالبلاد لاتزال محل خلاف فيما بينها، فالاوراق الثلاث التي كشفت عنها «الصحافة» أمس والتي اعدتها لجنة السبعة المكلفة من قبل هيئة عمل التحالف وسلمت للاحزاب لوضع تعديلاتها وملاحظاتها والدفع بها الي اجتماع ينتظر ان يضم رؤساء تلك المنظومات، لن تضع عجلة المعارضة في تسارعها الصحيح، الخلافات حول الهيكلة والعمل علي اسقاط النظام او تغييره كما يري البعض هي العقبة التي ستعصف بالتحالف. اجتماع الرؤساء من المفترض يحدد له موعد داخل اجتماع لهيئة التحالف عقد ليل امس الاربعاء، وحسب مصادر نافذة في الغالب لن يتجاوز موعده منتصف الاسبوع الثالث من فبراير الجاري ، لكن رأي مراقبون تحدثت اليهم «الصحافة» حول ملامح اوراق المعارضة، ان المخرجات التي حملتها لا خلاف حولها وهي ماظلت تردده المعارضة مجتمعة او علي حده، الا انهم اشاروا الي غياب الآليات لتنفيذ تلك الاهداف ، فالمعارضة في اوراقها جددت تمسكها بشعار العمل على اسقاط النظام واقامة فترة انتقالية لثلاث سنوات بجانب انشاء مجلس رئاسة من ستة اعضاء يمثلون اقاليم البلاد، يتناوبون على الرئاسة كل ستة اشهر. وينص الاعلان الدستوري على تشكيل حكومة وطنية انتقالية يعيد مجلس وزرائها هيكلة الخدمة المدنية والقضاء وحل جهاز الامن وبناء اخر يعتمد على جمع وتحليل البيانات ويضطلع بمهام الامن الخارجي، على ان يترك الامن الداخلي للشرطة والنيابة العامة،وامنت الوثيقة على قومية القوات المسلحة والعمل على اعادة هيكلتها وتصفية وجود الاحزاب داخلها وابعادها عن الصراع السياسي، واشارت الى أهمية ايقاف الحرب الدائرة في الاقاليم واطلاق سراح المعتقلين السياسيين كافة، وفي ورقة الهيكلة، ابقت اللجنة على الاسم والشكل القديم لتحالف المعارضة الذي يتكون من مجلس الرئاسة واعضائه رؤساء الاحزاب، بجانب هيئة التحالف على رأسها فاروق ابوعيسى. غير ان كمال عمر يدافع عن تصوراتهم بالقول ما تم اعداده ليس نهائيا فهو مفتوح للتداول والحذف والاضافة لكن عقب اجتماع الرؤساء سيتحول الي برنامج عمل ويتابع عمر هناك ترتيبات لعقد مؤتمرات وحوارات مفتوحة مع كل المتضررين من هذا النظام ، واضاف «نحن هدفنا ان نعيد صياغة السودان علي اسس دولة ديمقراطية فيها قيمة الحرية هي الاعلي». السؤال الملح هو هل مواقف الجميع داخل منظومة المعارضة مع الاسقاط؟ بالطبع لا فحزب الامة القومي ينادي بتغيير النظام وليس اسقاطه وعدم استنفاد الفرصة الاخيرة لانقاذ الوطن موقف اعتبره المفكر بروفسير عبدالله علي ابراهيم اكثر موضوعية من بقية مواقف الاحزاب الاخري، لكن الامام مطلع الاسبوع الجاري ظهرت بعض التحولات في مواقفه الا ان بعض المراقبين قللوا من جدوى تأثيرها علي الساحة فتصريحات المهدي عن اتقاد شعلة الثورة بالسودان، يعتبرها قيادي بالمعارضة مناورة ليس الا ويمضي كيف يتسق ذلك ومقاعد حزب الامام لاتزال خالية في هيئات التحالف وفي اغلب الاحيان تمثل بأدني مستوي. لكن هناك ملاحظة مهمة قيادات المعارضة التي تحدثت عماتم اعداده لاتخلو نبراتها من التفاؤل واضعين التجارب التي انتظمت منطقة الربيع العربي صوب اعينهم، كمال بولاد القيادي بحزب البعث قلل من حدوث اي تصدعات بسبب الاوراق التي اعتبرها خطوة مهمة تضع الجميع في الطريق الصحيح، حسنا. . . فان كانت لعبة السياسيين المحببة اللجوء الي فن المناورة، وقتها يكون هناك متسع للخيارات وعدد من السيناريوهات الممكنة، مع ذلك رؤساء اعتي امبراطوريات المنطقة مطلع العام الفائت حاولوا ان يستخدموا ذات الطريق فكانت نهاية ثلاثة منهم معبرة مع اول نسمات ربيع الشعوب «مبارك ،بن علي وحتي القذافي»،لكن صالح خرج باقل خسائر وبشار لازال يتشبث بالسلطة هذا يعني شيئا واحدا، علينا ان ننظر الي مساحات العمل المعارض وجاهزية الاحزاب المناوئة للانظمة، فاليمن وسوريا رغم بطش انظمتهما وجبروت الحكام، هناك عمل حزبي معارض متقدم اكثر من الاخريات، ليبيا القذافي مثلا كانت لا تري الا اللون الاخضر ومصر من فرط التضييق علي العمل المعارض لا احد يجرؤ علي قول «نحن اخوان» فكل شعب مصر ماقبل الثورة يقولون «نحن اخوات»، لما يتعرض له الاخوان المسلمين من تنكيل ظاهري لنشاطهم الذي حصدوه مؤخرا، فالانظمة الشمولية التي تملك معارضة منظمة وذات حركة لن تخسر من الجولة الاولي، يقول مالك ابوالحسن نائب الامين العام للمؤتمر السوداني «ان قدر للقاء احزاب المعارضة المصرية وحكومة مبارك النجاح لتغيرت اتجاهات ثورة مصر وان كانت هناك احزاب بجماهيرية القذافي لما كانت نهايته بتلك الصورة» لكن ما يتفق حوله الجميع ان تلك المساحات غير متوفرة الان في ساحة السودان الملتهبة فالحروب متصاعدة ومخاوف حرب اكثر شدة مع دولة الجنوب تلوح في الافق بجانب الضغوط الاقتصادية وهو مالم تشهده المناطق التي انجزت ربيعها ، من هنا يمكننا تلمس واقع السودان، فالمعارضة بالبلاد رغم اتحادها الظاهري لازالت تمني النفس بثلاثة سيناريوهات تضعها القوي وتتمسك بها فمنهم من ينادي باسقاط النظام دون تراجع واخرون يعتبرون ان الطريق الانجع هو ما اصطلح عليه بالاجندة الوطنية، اما ثالثهم اكتفي بالمشاركة والتغيير من داخل النظام القائم، بين كل تلك الفرضيات لازالة الحكومة تمضي في طريقها غير آبهة بما يقوله المناوئون،لكنها حتما لم تصم اذانها من مقولة ان الثورة هي ارتفاع التوقعات.