في منتدى التقانة العلمي الدوري الذي تنظمه جامعة العلوم والتقانة، قدم الدكتور نور الدين ساتي في يوم 22/ فبراير/ 2012م ورقة حول مشروع المكتبة الوطنية الذي تجرى هذه الأيام تجميع الموارد والامكانات الرسمية والاهلية له من مختلف القطاعات والمؤسسات، لجعلها حقيقة ماثلة في واقع المجتمع، بوصفها مشروعاً لحفظ التراث والخبرة والتجربة السودانية بشتى مكوناتها وأفكارها المتراكمة عبر التاريخ، وجعلها في متناول يد الباحثين والدارسين والكتاب والمثقفين والطلاب والمهتمين كافة، باعتبارها مرجعية موثقة ومصدرا للانتاج الفكري والثقافي والعلمي. تناول الدكتور نور الدين ساتي في ورقته مفهوم المكتبة الوطنية وما تنطوي عليه من مضامين ترتبط وتتصل بها، بوصفها مخزوناً للذاكرة السودانية وأداة من أدوات امتلاك الماضي واستكشاف مصادر قوى الدفع فيه من أجل بناء المستقبل واستشراف آفاقه، في تلاقح وتفاعل مع الأحداث الجارية في الزمن الراهن، حتى تتمكن البلاد من الإمساك بزمام المبادرة الحضارية في واقعها المعاصر وإيجاد حلول لما يواجهها من مشكلات داخلية، وفي التعامل مع دول المنطقة من حولها والمجتمع الدولي بأكمله. وأمن الدكتور نور الدين ساتي في معرض حديثه على ما ذكره الاستاذ محمد المكاوي مصطفى الوزير الاسبق للتخطيط الذي ادار المنتدى، بأن المكتبة الوطنية تعتبر رمزا من رموز السيادة الوطنية مثلها مثل البنك المركزي والعملة الوطنية وغيرهما من الرموز الاخرى للسيادة الوطنية، وأضاف أن السيادة تتمثل أيضاً في البناء الفكري للمجتمع والأفراد والشخصية الوطنية للتعبير عن قضايا الوطن وروح الاجماع الوطني وتماسك النسيج الاجتماعي في مختلف أجزائه.. وتطرق إلى أهمية نمو المكتبة الوطنية نمواً مطرداً ومتجانساً مع نمو الوعي الوطني ونمو ذاكرته حتى تظل هذه الذاكرة حية في عمق هذا الوعي ولها ديناميكيتها المحركة للمجتمع، وتتطور مع تطوره وتطور الزمن وأدواته وتقنياته وفاعلياته التي يمكن استرجاعها باستمرار لبناء وتطور المفاهيم التي تدعم الموقف والقرار الوطني لمجابهة أي حدث من الأحداث في خضم المسيرة الوطنية. وعقب على ورقة الدكتور نور الدين ساتي كل من البروفيسور قاسم عثمان نور خبير وأستاذ علوم المكتبات، والدكتورة شادية محمد أحمد من المكتبة الرئيسية بجامعة العلوم والتقانة. وتعرض بروفيسور قاسم لتاريخ المكتبات في العالم، ومن ثم عرج إلى تاريخها في السودان. وتحدثت الدكتورة شادية عن التطور التقني الكبير والمذهل في مجال المكتبات وتوفير المعلومات. وحضر المنتدى رئيس مجلس أمناء جامعة العلوم والتقانة ونائب المدير العام وعمداء الكليات، وجمع كبير من الأكاديميين والكتاب والأدباء والمختصصين في علوم المكتبات ومديري المراكز الثقافية والمهتمين بالمكتبات، الذين ساهموا في النقاش وركزوا على أهمية المكتبة الوطنية، وعلى أن مشروعها قد تأخر كثيراً، وينبغي أن يحظى بما يستحقه من اهتمام من جانب الدولة وكل قطاعات المجتمع، وبصفة خاصة القطاعات المالية والثقافية بتقديم الدعم المادي والمعنوي له حتى تترسخ اهدافه ومضامينه في المجتمع والواقع السوداني ويتمدد في كل انحاء البلاد، فهو مشروع لا غنى عنه لأية دولة لتأكيد ذاتيتها وإثبات وجودها.