*يحسب للسيد وزير الشباب والرياضة تدخله فى الوقت المناسب فى موضوع النقل التلفزيونى لمباريات الممتاز والذى تحول الى أزمة بين الاتحاد من جهة وطرفى القمة من ناحية اخرى وصلت مراحل متقدمة من التعقيد بسبب لجوء البعض للغة التحدى عبر التصريحات « المستفزة » وهنا لا بد من الاشارة الى الفوضى الادارية التى صاحبت هذه القضية والمتمثلة فى غياب الصوت الرسمى الذى يمثل المؤسسات والذى يؤخذ به وتولى اخرين للقضية والتعليق عليها بطريقة قادت الى مضاعفة حجم الخلاف . *خلال اجتماع واحد لم يستغرق أكثر من ساعتين توصلت الأطراف الى نقطة اتفاق دون أن يتضرر أى منها وارتضاها الكل وحسناً انتهج المعنيون بالأمر طريقة «الجودية » وقبولهم لتدخل أطراف محايدة لتضع حلا للقضية. *وبقراءة لهذه القضية نجد أن كل طرف فيها له « منطقه ودفاعه وأسبابه ودوافعه» فالاتحاد يدافع عن وضعه وهيبته من واقع أنه المؤسسة الكبيرة التى تدير وتشرف وهو بمثابة « رب الأسرة » الذى يجب طاعته والانصياع له وأنه صاحب القرار وهو المنظم بالتالى من حقه بل واجباته أن يقرر ما يراه مناسبا لا سيما وأنه يملك الصلاحية التى تخول له فرض رؤيته اضافة لذلك فان أكثر ما يحسب للاتحاد هو سعيه وانحيازه لفرق الممتاز الأخرى « غير المريخ والهلال » واجتهاده فى بسط العدالة والمساواة فى توزيع عائدات « البث والرعاية » بالتساوى حتى يستمر النشاط ، فضلا عن ذلك فقد حرص الاتحاد على انجاح المشروعين حتى ينال نسبته من العائد ليغطى بها التزاماته الأخرى تجاه تسيير النشاط لا سيما ونحن فى بلد لا يعترف الذين «يحكمونه» بالرياضة وهى خارج حساباتهم ولا وجود لها فى قائمة الأولويات ويتعمدون عدم الصرف عليها على أساس أنها « كلام فارغ ولعب ولهو - حسب وجهة نظرهم » ولا يهمهم ان تطورت أو تخلفت أو حتى تلاشت ولا يدرون أن الرياضة باتت هى محل اهتمام كل الشعوب المتحضرة والأنظمة التى تحكمهم بل هى أصبحت معيارا يقاس به تطور الأمم أو تخلفها وهى التى تحدد استقرار الدولة وحكومتها من عدمه ، ولهذا كله فقد حرص الاتحاد على البحث عن شركات الرعاية وقنوات البث حتى يتوفر له ما يعينه على وجود النشاط وتسييره وتطويره على طريقة « من دقنو وافتلو » أما عن موقف طرفى القمة فيما خص احتجاحهما على توزيع عائد البث على اعتبار أنهما يتضرران من النقل التلفزيونى وأنه يجب على الاتحاد اعتبار تاريخهما وعراقتهما وتأثيرهما وضخامة قاعدتيهما الجماهيرية بالتالى منحهما وضعية خاصة لا سيما وأن البث يقلل كثيرا من دخول المباريات فضلا عن ذلك فان مبارياتهما هى محل استهداف شركات الرعاية على اعتبار أنها تستثمر فى جماهيرهما واستاديهما وبالطبع فان المنطق و الواقع النظرى يؤيد موقف المريخ والهلال، ولكن تبقى هناك جوانب أخرى تجعل الاستجابة لمطلبى القمة امرا صعبا ان لم يكن مستحيلا ومن هذه الجوانب مواد القانون التى تحدد كيفية توزيع عائدات الرعاية والبث حيث تفرض هذه المواد المساواة بين بقية الأندية وهذا ما قاد الى نشوب الأزمة بين الاتحاد والمريخ والهلال وأدى الى تدخل الوزارة . *ما خرج به اجتماع الوزير الأخ الفاتح تاج السر مع أطراف القضية « الاتحاد ممثلا فى رئيسه الدكتور معتصم جعفر ورئيسى المريخ والهلال » بحضور « القاموس » الأستاذ محمد الشيخ مدنى من توصيات وحلول مقترحة ومن بينها تكوين لجنة من خبراء وحكماء وأصحاب خبرة ودراية ومعرفة « الوزير والمستشار عبد الباسط سبدرات والحكيم طه علي البشير والعملاق عبدالمنعم عبد العال ومعهم - الفيلسوف - ودالشيخ - » من شأنه أن يضع حدا للأزمة بصورة نهائية لا سيما وأن ما يخرجوا به ستتم اجازته بواسطة مجلس ادارة الاتحاد العام ليصبح قاعدة ثابتة . *الغريب أن أطراف الخلاف ركزت على مكاسبها المادية وتناست عن عمد وأهملت أهم عنصر فى اللعبة ولم تراع له وتعاملت معه باستصغار وتهميش واضح وهذا العنصر هو عاشق اللعبة والذى هو أيضا من أكثر المتضررين ففى عدم بث المباريات يظل المشجع الرياضى محروما من مشاهدة اللعبة والاستمتاع بها ولن يجد أمامه سوى أن يسمعها أو يطالعها علما به أن متعة كرة القدم فى مشاهدتها وليس سماعها أو قراءتها وهنا نسأل « المختلفين والمتناحرين» لماذا لم يراعوا لهذا الجانب المهم والذى تقوم عليه اللعبة بشكل أساسى . صحيح أنه من حق أى طرف أن يطالب بحقوقه ولكن تبقى هناك جوانب لا تشترى بالمال وهى ارضاء الاخرين . انهم يظلمون ويحرمون المشجع المقيم فى الولايات وخارج الوطن والذى له الرغبة فى رؤية فريقه وهو يلعب والاستمتاع بمجريات المباراة. *عموما الأزمة انتهت وان كان لنا ما نختم به فهو سؤال مهم فرض وجوده ، وهو أين تلفزيون السودان ولماذا لا يسعى المسئولون عنه على تأكيد وجوده فى مثل هذه المواقف لا سيما وأنه مؤسسة قومية وطنية عريقة ولا علاقة له بالحكومات ومن أهم واجباته تلبية رغبات الشعب السودانى وما يحتاجه من مواد وبرامج ويجب ألا يدار بسياسة المزاج وبعيدا عن الانتماءات . [email protected]