تمثل رياض الأطفال أو التعليم قبل المدرسي اللبنة الأولى فى العملية التعليمية بالسودان، حيث يتلقى فيها الطفل مبادئ العلم وهو فى عمر الخامسة وهو مازال عجينة صغيرة قابلة للتشكيل، لذلك فإن هذه المرحلة تعتبر أهم مما يليها من مراحل تعليمية، فما يتلقاه فيها يرسخ فى ذهنه ويستمرمعه مدى حياته، لذلك نجد أن هنالك اهتماماً متعاظماً بهذه المرحلة سواء على صعيد تطوير المنهج من خلال الورش والدورات التى تنظم سنويا، أو فى جانب المعلم عبر تدريبه وإكسابه مهارات جديدة تمكنه من أداء واجبه بالصورة المثلى. وقد ظل المركز القومي للمناهج والبحث التربوي ببخت الرضا يولي مرحلة التعليم قبل المدرسة عناية خاصة، حيث سبق أن نظم ورشة عن قضايا التعليم قبل المدرسة فى العام الماضى، حشد لها الخبراء والمختصين، وحضرها العشرات من القائمين على أمره من مديرين ومعلمين من شتى بقاع السودان، وتناولت الورشة كل الجوانب المتعلقة بكيفية النهوض بالتعليم قبل المدرسة، ومن الأمور المهمة التي ناقشتها ما يتعلق بالتربية وغرس القيم النبيلة والفاضلة في نفوس الأطفال حتى يشبوا عليها ويصبحوا نافعين لأسرهم ومجتمعهم، وقد انتقد البعض الظواهرالسالبة التى تصاحب احتفالات التخرج، حيث نالت حيزاً من النقاش المستفيض باعتبار أنها ظواهر غير تربوية، وطالبوا بمنع الإسراف والتباهي في الاحتفالات. إلا أن كل هذا الكلام ذهب أدراج الرياح وضربت به العديد من رياض الأطفال عرض الحائط، حيث لاحظت «الصحافة» من خلال رصدها لاحتفالات التخريج ببعض رياض مدينة الدويم خلال الأيام الماضية، احتفالات كان طابعها البذخ والتفاخر دون اعتبار للنواحي التربوية والاجتماعية، فقد تمت بعضها بطريقة مستفزة وممعنة فى الإسفاف والمظهرية الفارغة، بل ظهرت الكثير من الممارسات الغريبة التى عكست غياب التربية واللامبالاة. فمن الممارسات السالبة التى شهدتها «الصحافة» فى بعض احتفالات بعض الرياض، إحضار عدد من أولياء أمور الأطفال المتخرجين أطفالهم وأياديهم مخضبة بالحناء كما يفعل خريجو الجامعات، ويحدث هذا دون أن يجد أى انتقاد سواء من إدارة التعليم قبل المدرسة أو المؤسسة التى تحتضن الروضة. وفى إحدى المؤسسات التعليمية المعروفة أُقيم احتفال مسائى كبير ضاقت به جنبات ساحة المؤسسة من كثرت الحضور، وقد استمر الاحتفال حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، لدرجة أن معظم الأطفال ناموا قبل أن يتم تكريمهم. إحدى رياض الأطفال التى تتخذ من أحد المساجد مقراً لها أقامت احتفالها داخل حوش المسجد، وكانت هنالك فقرات غنائية صدح فيها الفنان من داخل المسجد دون أن يتحرك أى شخص ودون محاسبة تذكر أو حتى استيضاح. إحدى المعلمات ذات الخبرة الطويلة فى العمل برياض الأطفال «فضلت عدم ذكر اسمها» إستنكرت ما يحدث فى حفلات التخرج ببعض رياض الأطفال ووصفته بالفوضى، وقالت أنها تغرس فيهم خصالاً قبيحة وتعمق فى أذهانهم مفاهيم معيبة سيدفع ثمنها المجتمع مستقبلاً، وحملت إدارة التعليم قبل المدرسة المسؤولية، كما انتقدت بعض الجهات التى تحتضن رياضاً للأطفال لعدم حدها من هذه التصرفات، مشيرة إلى أنها تعاملت بسلبية مع الأمر، واكتفت بالنقد السالب دون أن تبدى أى اعتراض، كما انتقدت بعض أولياء الأموروالأمهات، مشيرة إلى انهم ساهموا مساهمة كبيرة فى تفشي الممارسات السالبة لانسياقهم وراء عادات مدمرة على حد قولها. أحد المسؤولين بمصلحة معروفة بها روضة مشهورة بالمدينة، قال إن إدارة التعليم قبل المدرسة لا تتابع هذه الاحتفالات حتى تقف على التجاوزات التى تحدث، وقال إن الإدارة تتحصل رسوماً على هذه الاحتفالات، إلا أنها تتعامل مع الاحتفالات بمنطق «الخيار والفقوس»، وقال إنها تحرص على حضور احتفالات مؤسسات تعليمية معينة لأسباب فضل عدم ذكرها. «الصحافة » استفسرت الأستاذ شمس الدين حسن مدير التعليم قبل المدرسة بمحلية الدويم عن الظواهرالسالبة التى تحدث فى هذه الاحتفالات حيث، أجاب بأن هنالك قوانين ولوائح تمنع منعا باتا كل الممارسات غير التربوية، وقال إن إدارته وجهت الرياض بعدم السماح بأى سلوك لا يلتزم بالجوانب التربوية، وأكد أن معظم الرياض التزمت بالتوجيهات ما عدا قلة، وحول ظاهرة الاحتفالات المسائية أكد شمس الدين أنه من غير المسموح به إقامة احتفال تخريج فى المساء، مشيراً إلى أن كل المسؤولين عن الرياض يعلمون ذلك، وقال إن البعض لم يلتزم بالتوجيهات، وأكد أنه رصد كل المخالفات لطرحها في الاجتماع لاتخاذ الإجراءات التي تحد من تكرارها فى العام المدرسى المقبل، مبيناً أن هناك اجتماعاً سيعقد يوم الأربعاء 7 مارس الحالي على مستوى الولاية برئاسة التعليم قبل المدرسي بربك ستتم فيه مناقشة الإيجابيات والسلبيات التي صاحبت العام الدراسى المنتهى، من بينها التجاوزات التى شهدتها بعض احتفالات التخرج، وقال إن الاجتماع سيضم إدارات التعليم قبل المدرسي بمحليات الولاية التسع. العديد من المتابعين ومن خلال حديث الأستاذ شمس الدين، ذكروا أن ما يصاحب تخريج أطفال من ظواهر سالبة توجد قوانين ولوائح تمنعها، مشيرين إلى أن عدم تفعيلها ومن ثم تطبيقها هو السبب المباشر في عدم التزام بعض الرياض بها، داعين إلى ضرورة أن تكون هنالك متابعة وحسم ومعاقبة لأية إدارة روضة لا تلتزم بالقوانين والتوجيهات حفاظاً على الأطفال من الاستلاب الفكرى والمظاهرالسطحية التي ستنعكس على مستبقلهم ومستقبل السودان ككل على حد قولهم.