أوضح جون جينج رئيس العمليات بمكتب الاممالمتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية ان الاممالمتحدة حققت تقدما في المحادثات مع السودان بشأن توصيل المساعدات الى ولاية جنوب كردفان، وأكد المسؤول الأممى ان عددا من موظفيه الدوليين عادوا الان الى جنوب كردفان، وانهم يساعدون في جهود الاغاثة، وقال ل«رويترز » انه «سعيد بان تقدما قد تحقق مرة اخرى من اجل الوصول الى طريقة لاعادة موظفي الاغاثة الانسانية الدوليين». وكانت وزيرة الرعاية الاجتماعية أميرة الفاضل كشفت ان منظمات دولية ووكالات للأمم المتحدة «الفاو ،الصحة، اليونسيف ، الغذاء العالمى ،الهجرة الدولية» ومنظمات وطنية بجنوب كردفان ومكاتب حكومية ذات الصلة والاختصاص بجانب المفوضية والهلال الأحمر السودانى ،قد شاركت فى اعداد مسح لتحديد حجم الاحتياجات الانسانية فى جنوب كردفان فى أربعة محاور «التغذية والمياه والتعليم والصحة» فى «11» محلية شملت «53» قرية وفق الكثافة السكانية، شاملا «228» ألف شخص ،وأبان التقرير النهائى للمسح ان 11% من سكان الولاية يعتبرون في خانة التأثر،وان معدل سوء التغذية بلغ 4.4 %، ومعدل سوء التغذية الحاد بلغ 7.10%، فيما أكد هارون محمد عبدالله مفوض الشؤون الانسانية بجنوب كردفان ان التقرير أثبت ان الولاية لم تشهد تفشياً للأمراض الوبائية، وان الموسم الزراعي دون المطلوب . من جانبه ، أطلع مؤخرا الدكتور سليمان عبد الرحمن المفوض العام للشؤون الانسانية السودانية كبار المسؤولين الأمريكيين بواشنطن على عدد من التوضيحات بالتفاصيل والأرقام حول الكثير من المعلومات والتى اعتبرها «مغلوطة»، وأكد المفوض العام استقرار الأوضاع فى جنوب كردفان خاصة تلك المناطق التى يتعذر الوصول اليها فى فصل الخريف. ممرات آمنة ويرى المسؤول الأممى جينج ان «وجود الموظفين الدوليين مهم جدا» ، الا انه يعود ويقول «لا اريد ان يكون لدى احد سوء فهم بان الامر يتعلق فقط بالموظفين الدوليين»، بينما الحقيقة هي «ان نصيب الاسد من العمل هنا وفي كل مكان حول العالم يقوم به موظفون محليون»، واضاف المسؤول الأممى «لسنا مقيدين بصفتنا للوصول الى الناس فقط من خلال منظمات الاممالمتحدة التي يعمل بها موظفون دوليون» بل لدينا صفة «انسانية» تتجاوز ذلك بكثير ، وأكد المسؤول الأممى انه شاهد اناسا خلال هذه الرحلة يتلقون «المساعدات من برنامج الاغذية العالمي». في المقابل فان وفد الحركة الشعبية «شمال السودان» المكون من «عقار، الحلو ،عرمان» لدى اجرائه عدة لقاءات باديس ابابا شملت رئيس الوزراء الاثيوبي ملس زناوى ومبعوث الرئيس الامريكي الى السودان بريستون ليمان وممثل الاممالمتحدة في السودان هايلي منقريوس ومبعوثة الاتحاد الاوربي للسودان روزالندا ،بحثت هذه اللقاءات قضايا الوضع الانساني وفتح «ممرات انسانية آمنة» لايصال الغذاء للمتضررين من الحرب فى جبال النوبة والنيل الازرق ، وحذر «وفد الحركة» من «كارثة انسانية» ستحل على المواطنين حال رفض الحكومة السودانية الموافقة للمنظمات الأجنبية بتقديم عملياتها الانسانية، ورفضها «المبادرة الثلاثية» المشتركة للامم المتحدة والاتحاد الافريقي والجامعة العربية والتى وقعت عليها الحركة الشعبية الشمالية، فيما طرح ليمان عليها حلولا سياسية «لانهاء الأزمة فى المنطقتين» الا ان وفد الحركة طالب المسؤولين الدوليين فصل القضايا الانسانية التى يعاني منها النازحين في جنوب كردفان والنيل الازرق وقضايا الحل السياسي . الا ان الوزيرة اميرة الفاضل كذبت ادعاءات الحركة وقالت ان الحكومة السودانية قد سمحت منذ الثاني والعشرين من يناير الماضي للمنظمات الدولية ووكالات الأممالمتحدة بالعودة وفتح مكاتبها بكل من كادقلى والدمازين وفق اجراءات وضوابط جديدة أعلنتها الحكومة ، غير ان اجراءات هذه المنظمات لم تكتمل حتى الآن داخل أروقة بعثة الأممالمتحدة. تخوف حكومي لا شك ان حجم الخلاف الذي يبرز في الحجة والحجة المضادة يؤكد ان الأوضاع الانسانية بجنوب كردفان خاصة تحتاج لجهود اضافية سيما فى المناطق التى يسيطر عليها التمرد ، فيما لا زالت الحكومة السودانية تفند وتدرس «المبادرة الثلاثية» بشئ من التحفظ فقد أكد علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية ان «وقف الحرب» هو الحل الأمثل والمدخل السليم لتخفيف معاناة المواطنين في المناطق المتأثرة حتى يعودوا لمناطقهم ، وتبدو الحكومة السودانية مهتمة جدا ب وقف الحرب وبحث كافة السبل التى يمكن ان تؤدى لسلام وانهاء الأزمة فى جنوب كردفان والنيل الأزرق، ولكن يبدو انها تبحث عن ضمانات من المجتمع الدولى لان تؤدى المبادرة الثلاثية ل«انهاء الأزمة» فى المنطقتين ،وتتخوف الحكومة فى ذات الوقت من ان تؤدى عملية التدخلات الانسانية لاطالة أمد الحرب، تماما كما وصفها والي جنوب كردفان أحمد هارون بانها لرفع قدرة التمرد ولاطالة أمد الحرب وتشعيب للأزمة، وانتقد هارون بشدة الحديث عن «ممرات انسانية آمنة» وحذر بشدة من تكرار سيناريو تجربة دارفور. مواقف متباعدة السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا أصلا طردت الحكومة السودانية المنظمات الاجنبية وتمترست عند موقفها بسودنة العمل الطوعى والتدخلات الانسانية، تقول التقارير الواردة من جنوب كردفان قبيل الفترة الماضية التى سبقت الحرب الأخيرة فى جنوب كردفان كانت تعمل أكثر من «20» منظمة أجنبية يعمل بها أكثر من «40» أجنبيا و«60» عاملا وطنيا ،بالاضافة الى «165» منظمة وطنية ، فى مجالات «الصحة ،التعليم ،المياه، اصحاح البيئة ،نزع الألغام ،بناء ونشر ثقافة السلام ،التعايش السلمى وبناء القدرات» فضلا عن عدد آخر غير مسجل من المنظمات خاصة بالحركة الشعبية ، الحكومة من جانبها بررت طردها المنظمات الأجنبية لانحرافها عن مهامها وأدوارها المعلنة وتورطها فى أعمال عسكرية ولوجستية دعمت بها الحركة الشعبية بجنوب كردفان مما عزز قدرتها لاعلان الحرب، ولكن هل انحرفت هذه المنظمات فعلا عن مسارها المعلن ؟يقول اسماعيل بدر أحمد الناشط السياسى وعضو حزب البعث بجنوب كردفان ل«الصحافة» ان جل المنظمات ظلت تعمل بحرية كاملة فى الحركة وتساهل وتسامح دون رقابة حكومية تذكر، صحيح انها انعشت سوق المدينة كما انتعش المواطن اقتصاديا سيما ملاك العقارات حتى تجاوز سعر ايجارالعقار فيها أرقى أحياء الخرطوم ، الا ان الكثير من هذه المنظمات قد تجاوزت عملها لنقل عتاد حربى وأسلحة بالطائرات لمناطق الحركة سيما كاودا ، مؤكدا ان هذه المعلومات كانت معلومة لدى الكثير من المواطنين ،وقال بدر انه شخصيا كان موظفا فى احدى هذه المنظمات تعمل فى بناء السلام وبناء القدرات فى مجال «الماء من أجل السلام » التعاون مع منظمة اخرى فانشأت المنظمتان أكثر من «200» كنيسة مع آبار وحفائر ومدارس لاستقرار المواطنين بمعاقل الحركة ، الا انها تورطت فى أعمال انفصالية من خلال ورش بكل من كادقلى والدلنج والدمازين حثت فيها المواطنين على اغتنام المشورة الشعبية كفرصة لحق تقرير مصيرهم كما حرضت بعض ابناء النوبة على ان يسعوا لان يحكموا انفسهم بانفسهم، الا ان بدر حمل الجهات الحكومية مسؤولية تواطؤها مع هذه المنظمات حتى انفجر الوضع وأصبح معقدا، لتكشف الحكومة الولائية عن تورط المنظمات الأجنبية فى الحرب وانحرافها عن مسارها وأهدافها المعلنة لتنفيذ أجندات أخرى ليست لانسان جنوب كردفان أى مصلحة فيها، الا ان الأممالمتحدة ما زالت محتارة ما بين تصلب الحكومة السودانية عند موقفها ضرورة ان «توقف الحركة المتمردة الحرب » و ان تؤدى التدخلات الانسانية نفسها لانهاء الحرب فى المنطقتين ، كما لازالت متمترسة عند موقفها حول سودنة العمل الطوعى والتدخلات الانسانية من جهة، ومن جهة أخرى تمسك الحركة الشعبية وتمترسها كذلك فى محطة رفض «وقف اطلاق النار» و«فتح الممرات الآمنة» و«المبادرة الثلاثية» ، وهذا ما جعل ليمان يلوح بامكانية العودة للاتفاق الاطارى الذى وقعته الحكومة فى العام الماضى مع الحركة الشعبية شمال السودان، فيما ظل المجتمع الدولى نفسه يبحث عن سبيل «لانهاء الأزمة» .