«تفقد مادة الذهب خواصها حين يجري تفتيتها إلى غبار نانوي. وتُصبِح مادة مُحفّزة تتفاعل مع خلايا السرطان ويؤدي ذلك إلى حدوث وميض في هذه الخلايا، يُلاحظ تحت المجهر بسهولة. فيما يتجنّب غبار الذهب الخلايا السليمة، فتبدو داكنة تحت المجهر. ويتجمع غبار الذهب النانوي ليشكل طبقة مضيئة على خلايا السرطان، فتبيدها خلال دقائق. وإذا تجمّع هذا الغبار في خلية سليمة، فإنه يتفتت من دون إحداث تأثير سلبي. وتمتصّ مادة نانو الذهب، ضوء الليزر عند تسليطه عليها بعد وصولها إلى الخلية السرطانية، فتُحوّل الليزر حرارة تستطيع أن تذيب خلايا الأورام الخبيثة». هذا ببساطة ما قام به بروفيسور مصطفى السيد مصري المولد والنشأة واحد أعلام التطبيقات الطبية لتكنولوجيا النانو. إن جسيمات الذهب النانونية لها مميزات خاصة تجعل لها استخدامات مهمة في معالجة أورام السرطان. ولكن للأسف بالرغم من مميزات جسيمات النانو ذهب إلا أن هناك سلبيات خطرة في عملية إنتاجها حيث تستخدم مواد كيميائية سامة وأحماض ضارة للوصول للنانو ذهب. وتمكن الخطورة عندما يتم إنتاج هذه الجسيمات بكميات كبيرة مما يؤدي إلى استخدام المواد الكيميائية السامة والضارة بكميات كبيرة. وهناك أيضاً خوف وحذر من التأثير الضار للمواد الكيميائية المستخدمه في إنتاج النانو ذهب في حالة استخدام جسيمات الذهب النانونية في علاج السرطان. لذلك تمكن باحثون من ابتكار طريقة آمنة في إنتاج النانو ذهب، وذلك عن طريق استخدام «القرفة» حيث يتم إنتاج النانو ذهب عن طريق خلط أملاح الذهب مع «القرفة» في وسط مائي دون الحاجة لاستخدام مواد ضارة أو استهلاك طاقة. إن استخدام «القرفة» يساعد في انتاج جسيمات نانو ذهب غير ضارة ونشطة بيولوجياً في محاربة السرطان. والمثير في الأمر أن الزيوت النباتية الطبيعية الموجودة في «القرفة» تنساب منها أثناء عملية الخلط وتلتصق بجسيمات النانو ذهب بعد تكوينها مما يجعلها علاجاً فعالاً لتدمير خلايا السرطان، حيث تعمل جسيمات النانو ذهب على حمل هذه الزيوت الطبيعية ونقلها إلى الخلايا السرطانية. إن هذا الاكتشاف العلمي المميز سوف يلقي الضوء على استخدام المواد الطبيعية كالبذور والأعشاب في تقنيات النانو، مما سوف يؤدي إلى استعمال آمن وصحي لتقنية النانو المستقبلية. إن وعي الإنسان بتأثير الاكتشافات العلمية على البيئة دفع بالعلماء إلى البحث دائماً عن بدائل صديقة للبيئة وغير مكلفة. ويذكرني هذا الموقف أستاذي محمد إبراهيم «بترول» الاستاذ بجامعة وادي النيل الذي يجري بحثاً عن النانو، حيث تمكن من تحضير بعض مواد النانو باستخدام مح البيض «السائل الأبيض الموجود داخل البيضة»، وأعطت تجربته نتائج مميزة.. إذن الطبيعة زاخرة بالكثير من البدائل.. صديقة للبيئة.. وصديقة للتكلفة.. ونأمل أن نرى النانو يتقدم في السودان.. حيث أن تكنولوجيا نانو الذهب لا تحتاج إلى تجهيزات ضخمة كتلك المستعملة في الطب النووي. ويمكن استخدام نانو الذهب داخل المختبر عبر تقنيات وأجهزة بسيطة، سواء بالنسبة لتشخيص السرطان أم علاجه. وكما قال بروفيسور السيد فان «جرام من الذهب سيعالج ألف مصاب بالسرطان».. وبهذا فإن علاج السرطان بجزيئات نانو الذهب سيعطي أملاً جديداً ل «75» مليون مصاب، وفق توقعات منظمة الصحة العالمية لعدد المصابين بالأورام الخبيثة في عام2030م. * قسم الفيزياء جامعة وادي النيل
