لاشك أن الحركة الشعبية لتحرير السودان تواجه موجة من العواصف والرياح الجنوبية المزعجة للغاية، فبعد أقل من 24 ساعة من اعلان امينها العام باقان اموم قرار مقاطعة حزبه للانتخابات بكافة الولايات الشمالية خرج نائب رئيسها ووالي النيل الأزرق مالك عقار ليؤكد لفضائية الشروق وتلفزيون السودان الرسمي مشاركتهم بالولايات الشمالية عدا دارفور. ذات الحديث اعلنه رئيس حكومة الجنوب رئيس الحركة الشعبية سلفاكير ميارديت في لقاء حاشد بمدينة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة أمس الاول، وذهب اكثر من ذلك حينما ألمح لمحاسبة الامين العام باقان اموم ونائبه مرشح الرئاسة المنسحب ياسر عرمان طبقا لما نقلته صحف الخرطوم الصادرة صباح الامس ، ليصف بعض المراقبين مايدور الآن بالحركة الشعبية بالانشقاق الخفي والصراع المكتوم داخل صفوفها ،الامر الذي استبعده عرمان امس داخل مؤتمر قوى الاجماع الوطني واتهم جهاتٍ لم يسمها قال انها تعمل لاحداث انشقاق داخل صفوف الحركة ، واضاف ( ليست هناك صفقة مع الوطني بل صفعة وجهناها له وجدد مقاطعتهم للانتخابات شمالا ). فمنذ اعلان الحركة لانسحابه من السباق الرئاسي بشكل مفاجئ حتى لبعض قياداتها بالقطاع الشمالي لتنفجر بعدها العديد من الصراعات التى لم تستطع الصمود طويلا لتبدأ للخروج الى العلن كلما اقترب الموعد المحدد للاقتراع ، فظهور نائب رئيس الحركة بالمؤتمر الصحفي برفقة مرشح الرئاسة نائب الامين العام ياسر عرمان لاعلان موقفهم من الانتخابات بدارفور وسحب الاخير من السباق الرئاسي كان مؤشرا ، لطريق آخر بدأت في رسمه قيادة الحركة ، فاحد القيادات النافذة بالحركة الشعبية كشف ل»الصحافة» دون ذكر اسمه ان عرمان هو من طالب بسحب ترشيحه قبل اربع اسابيع من صدور قرار الانسحاب وطار الى عاصمة الجنوب لمناقشة الامر مع رئيس الحركة الفريق اول سلفاكير ، الا ان حالة الغموض التي احيط به اصدار القرار واعلانه قبل ساعات من اتخاذ قوى جوبا موقفه حيال المشاركة او المقاطعة بجانب صدوره قبل انتهاء مهلة مرشحي الرئاسة، يفتح العديد من ابواب التساؤل حيال استباق الحركة للجميع واعلانها قرار سحب عرمان بعد ان طالبتهم بارجاء موقفهم حتى انفضاض اجتماع مكتبها الذي خرج بقرار المقاطعة حسبما ابلغنا الامين العام لحزب المؤتمر السوداني وممثله بتحالف المعارضة عبدالقيوم عوض السيد، عقب اجتماع التحالف نهاية مارس الماضي والذي اعتبر خطوة الحركة بالمركبة والتي سوف تخلط حسابات القوى الاخرى وهو الامر الذي حدث مما جعلهم ان يقلبوا خيار المشاركة والمضي في الانتخابات ، لنترك حديث عبدالقيوم جانبا ونعود الى ما اوردته»الصحافة» منتصف الاسبوع الماضي نقلا عن الحياة اللندنية التي كشفت عن اتصالات اجراها المؤتمر الوطني باحزاب الامة والاتحادي بجانب الحركة الشعبية كاشفة عن نسب مشاركتها فى الحكومة المرتقبة والتي حددتها بنسبة 30% للجنوب و33% للقوى الشمالية الاخرى . ذات الحديث اخبرني عنه احد قيادات الحركة النافذة والمقربين من نائب رئيسها رياك مشار نهاية الاسبوع الماضي واضاف ستكون هناك مفاجأة في تشكيل الحكومة القادمة ، وستظهر وجوه جديدة منسجمة وقادرة على التعامل مع تركيبة الشمال ، حديث القيادي بالحركة يمكن ان يفتح باباً اكثر اتساعا لمعرفة مايدور الآن خلف الكواليس ،فتصريحات سلفا وعقار التي تضاربت مع ما اتخذه الامين العام باقان اموم من قرارات حسب تفويضه من قبل المكتب السياسي تدعم حديث مصادر «الصحافة» ،فالرئيس عندما ظهر بالنيل الازرق قبل ساعات من قرار سحب عرمان المح الى اتفاق تم بينهم وشركاء الحكم بالحركة الشعبية ، بجانب كل تلك التسريبات تدخل اتصالات نائب الرئيس رياك مشار مع بعض المرشحين حتى يعدلوا عن قرار الانسحاب ويخوضوا الانتخابات بالشمال بجانب تصريحات صحفية منسوبة للقيادي اتيم قرنق اعتبر فيها قرار الامين العام تجاوزا للتفويض الممنوح له من قبل قيادة الحركة ، فباقان اموم وعرمان هم الآن اكثر الوجوه المرفوضة من قبل المؤتمر الوطني والذي بات الاقرب لاكتساح الانتخابات بعد انسحاب القوى السياسية والاخفاقات التي لازمت عمل مفوضية الانتخابات على حد وصف الاحزاب المقاطعة ، لكن هناك تساؤل ستجيب عنه الايام القادمة من يقف خلف التصريحات والقرارات المتضاربة وحالة الارتباك التي تعيشها الحركة الشعبية الآن وهل هناك ثمة مفاجآت ستكشف عن نفسها حتى تقوم بما تبقى من بنود للاتفاق وعلى رأسه المشورة الشعبية ورسم الحدود وصولاً للاستفتاء .