تعد زيارة المفوضية القومية لحقوق الانسان لولايات دارفور الخمس التي بدأت امس احد مطلوبات تنفيذ وثيقة سلام الدوحة الموقعة بين الحكومة وحركة التحرير والعدالة، ذلك لان الوثيقة نصت صراحة على الزام الخرطوم بتكوين مفوضية قومية لحقوق الانسان لتقوم الاخيرة بدورها بتكوين مفوضيات مماثلة بولايات الاقليم المختلفة تتبع الى المفوضية القومية وتنحصر مهمتها في مراقبة الاوضاع العامة لحقوق الانسان ونشر الوعي بحقوق الإنسان في جميع أنحاء دارفور، فضلا عن تدريب كوادر بعض منظمات المجتمع المدني والناشطين فيها لكشف انتهاكات حقوق الإنسان ودعم عملية تعزيز السلام الاجتماعي. ويتحدث رئيس منظمة الانسانية الناشطة في مجال حقوق الانسان بولاية جنوب دارفور صلاح الدين آدم النور ل (الصحافة) بأن ملف حقوق الانسان احد الملفات ذات الطبيعة المعقدة ، لافتا الى ان الملف ظل يحظى بمتابعة من قبل مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة منذ العام (1992)، وان الاممالمتحدة عبر مجلس حقوق الانسان عينت العديد من المستشارين الاجانب ليشرفوا عليه، وهو ما ادى الى ادانة السودان اكثر من مرة. وذهب النور الى ان المفوضية القومية التي تكون في الولايات لاتستطيع ان تفعل شيئاً في ظل رقابة مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة وفي ظل ولاية الخبير الدولي القائمة حتى الآن على السودان واوضح النور ان حكومات الولايات عينت عدداً من المفوضيات لحقوق الانسان ولكنها لم تفلح في عمل شئ لايقاف الانتهاكات المرتكبة ضد الانسان بسبب ضعف الكوادر الذين يتولون مسؤولية المفوضيات وولائهم السياسي، موضحا ان المفوضيات التي تريد المفوضية القومية لحقوق الانسان تشكيلها في ولايات دارفور، لاتستطيع ان تقدم شيئاً بصدد عملية تعزيز حقوق الانسان في الدستور القادم، لسببين الاول يتعلق بان هذه المفوضيات مرتبطة بوثيقة الدوحة ووثيقة الدوحة يشكي اهلها من بطء تنفيذها بالتالي لاتستطيع ان تفعل شيئاً الا اذا كونت في الاصل مستقلة من خبراء قانونيين وناشطين مشهود لهم بالكفاءة والحياد والشفافية والامانة في منظمات المجتمع المدني المستقلة في ولايات دارفور، وهذا الامر الذي يجعل من مهمة المفوضية القومية لحقوق الانسان في السودان غاية في الصعوبة، مشيرا الى ان مهمة مفوضيات حقوق الانسان في دارفور ستكون غير سهلة وتحتاج الى وقت حتى يطمئن المواطنون الى اعمالها واستقلاليتها، مؤكداً ان انتزاع هذه الثقة من قبل المفوضيات يحتاج الى عمل كبير ومضن. وقال النور ان الوقت مازال مبكرا للحديث عن حقوق الانسان في ظل وجود قانون الطوارئ الذي يحكم ولايات دارفور، واشار الى انهم سيطالبون المفوضية القومية لحقوق الانسان برفع حالة الطوارئ وتعديل القوانين المقيدة للحريات، مبينا ان تأهيل منظمات المجتمع المدني والناشطين يجب ان يتسم بالحياد والشفافية حتى يجد الجميع فرص التدريب وتفتح المفوضية فرص المشاركة في المنابر الاممية والدولية للجميع، واشار الى ان قيام المفوضية القومية لحقوق الانسان بلعب دور اكبر مما هو منظور ويتوجب عليها انشاء مفوضيات في كل ولايات السودان تكون اكثر فعالية وحيوية يقوم عمادها على كادر وطني نشط وفعال وقادر على التعاطي مع مجريات الاحداث بشئ من الدقة والموضوعية والامانة، حتى تسهم المفوضيات الولائية بشكل فعال في ترسيخ مفهوم قانون حقوق الانسان وتعريف المواطنين بحقيقته كقانون استن ليحمي البشر بشكل عام من كل الانتهاكات الجسيمة ويحاسب الذين ارتكبوا الجرائم الخطرة ويؤمن للضحايا والشهود حقوقهم العامة المتمثلة في الحياة والعيش الكريم بعد ادلائهم بشهاداتهم، ويفتح لهم الباب لممارسة حقوقهم وفق مانص عليه القانون الدولي الانساني، موضحا ان كثيراً من المواطنين في دارفور اصبحوا ضحايا ولكنهم لايستطيعون الحديث عن ذلك. من جانبه يقول مقرر المفوضية القومية لحقوق الانسان علي أبو زيد ل(الصحافة) ان زيارة المفوضية الى ولايات دارفور تأتي في اطار تنفيذ وثيقة الدوحة التي وجهت بتكوين مفوضيات لحقوق الانسان في ولايات دارفور، والجلوس مع جميع منظمات المجتمع المدني والمهتمين بحقوق الانسان بهدف تعزيز وجود حقوق الانسان في الدستور القادم، ومقابلة النازحين في معسكرات النزوح المنتشرة في الاقليم لنشر قانون المفوضية وتعريف المواطنين بحقوقهم، وان الزيارة سانحة لكي تتفقد المفوضية احوال حقوق الانسان في السجون والمعتقلات. واعتبر مقرر المفوضية القومية لحقوق الانسان زيارة دارفور تدشينا لعملها خارج الخرطوم بعيد تشكليها، وابان علي ابوزيد الذي كان يتحدث عبر الهاتف للصحيفة ان الزيارة ستشمل مدن الفاشر ونيالا و الجنينة ومدينتي زالنجي والضعين باعتبارها المدن الرئيسة في كل الاقليم، واكد ان المفوضية القومية لحقوق الانسان ستقف خلالها على الاوضاع العامة لحقوق الانسان في دارفور. وكان الخبير المستقل للسودان من قبل مجلس حقوق الإنسان محمد عثمان شاندي قد اقر بتحسن اوضاع حقوق الانسان في السودان واستشهد في ذلك بإنشاء المفوضية القومية لحقوق الإنسان مؤخراً، وقال في تصريحات صحفية في الخرطوم في وقت سابق: اننا الآن نشهد تطوراً في السودان وهذا يجعلنا ان نقدم دعماً فنياً كبيراً لمنظمات المجتمع المدني لتقوم بما يلزم من عمل، واكد شاندي ان الدعم سيقدم للمؤسسات والافراد مبينا ان الدعم الفني لبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان تم توفيره من قبل مجلس حقوق الانسان بالاممالمتحدة لتسهيل مهمته وتكليفه الجديد وفقاً لما أصدره مجلس حقوق الإنسان بجنيف بموجب القرار بالرقم (16) والمتعلق بجلوس الخبير مع حكومة السودان والنظر في المطلوبات الفنية لتعزيز أوضاع حقوق الإنسان.