«ركعتان في العشق لا يصح وضؤوهما إلا بالدم». الحلاج ٭ بناتي هويدا ولبنى وهدى.. وانا مريضة حملن لي هدية تقاسمت معي مرارة الالم.. ونقلتني الى أجواء مفعمة بالتأمل والنضال.. الهدية كانت قصة صوفية تاريخية.. وضعها ميشيل فريد غريب.. حكاية الحلاج.. قرأت من قبل مسرحية الحلاج التي صاغها شعراً الشاعر صلاح عبد الصبور.. وقرأت ذات القصة أو الحكاية في أكثر من مصدر.. لكن مساحات متعة القراءة والتأمل كانت مضاعفة في كتاب الحلاج أو وضوء الدم.. لهن مني الشكر والمودة. ٭ عام 692 ه ًَلما تمت البيعة لجعفر بن المعتضد وسمى المقتدر كان له من العمر ثلاث عشرة سنة.. فأخذ الناس يتكلمون في خلافته بالسوء فاتفقت طائفة على خلعه وخاطبوا عبد الله بن المعتز وكان رجلاً ناضجاً وشاعراً رقيقاً فأجاب بالقبول شرط ان لا يكون في حرب وان لا نهراً دماء وكان على رأس المتآمرين محمد بن داؤود بن الجراح واحمد بن يعقوب القاضي والحسين بن حمدان فتشاوروا سراً فيما بينهم واتفقوا بدون علم ابن المعتز على قتل المقتدر ووزيره العباس بن الحسن وفاتك الامير.. فلما كان العاشر من ربيع الاول.. ركب الحسين بن حمدان وابن الجراح والامراء قاصدين دار الخلافة فشد ابن حمدان على الوزير فقتله فانكر فاتك قتله.. فعطف على فاتك والحقه بالوزير ثم ساق ليلحق بالمقتدر وهو يلعب بالصوالجة فسمع الهيصة فدخل القصر واغلقت الابواب. ثم نزل ابن حمدان بدار سليمان بن وهب واستدعى ابن المعتز واحضر الامراء والقضاة سوى خواص المقتدر فبايعوه ولقبوه الغالب بالله وارسلوا الى المقتدر ليتحول من دار الخلافة ولم يكن بقى معه غير مؤنس الخازن وخاله الامير غريب فتحصنوا واصبح الحسين بن حمدان على محاصرتهم فرموه بالنشاب ثم نزلوا بغتة وبحمية قاصدين ابن المعتز فانهزم كل من حوله وركب ابن المعتز فرساً ومعه وزيره وحاجبه وقد شهر سيفه وهو ينادي بمعاشر العامة يا معشر القوم ادعوا لخليفتكم. وقصد سامراء ليثبت بها امره. فلم يتبعه كبير احد.. فخذل ونزل عن فرسه فدخل دار ابن الجصاص واختفى وزيره.. ووقع القتل والنهب في بغداد وقتل جماعة من الكبار.. واستقام الامر للمقتدر.. فقضى على ابن المعتز وقام باعباء الوزارة ابن الفرات اما المقتدر فاشتغل باللعب والنساء. ٭ وفيما رجال السياسة يتساءلون.. بوحي من عمل ابن حمدان ومن خطط لهذه الثورة الجنونية ومن يقف وراءها. ٭ كان رجل في العقد الخامس يركض متعثراً بذيول جبته الزرقاء.. يركض كالمأخوذ في شوارع بغداد باكياً منادياً: يا اهل الاسلام اغيثوني.. اغيثوني من الله.. اغيثوني عن الله. ٭ والناس من حوله حيارى.. منهم من يبكي لبكائه ومنهم من يضحك ومنهم من يستوضح ومنهم من يستعوذ. ٭ هذا مناخ السلطة الزمنية التي شهدت مأساة الحلاج.. وما صوره ميشيل فريد غريب يستحق القراءة.. وكتاب الحلاج أو وضوء الدم من منشورات دار مكتبة الحياة بيروت. هذا مع تحياتي وشكري