والمسرح الكونى يمور بالاحداث الساخنة تبرز اهمية المسرح باعتباره اهم الفنون والادوات القادرة على مخاطبة الجماهير وتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والوطنية، لكن المتأمل في المسرح السودانى يلحظ بوضوح موسمية وقلة الانتاج التى تطرح جملة من التساؤلات حول سر هذا السكون الذى يلف مسارحنا التى اصبح معظمها مكاناً للحفلات الغنائية أكثر من العروض المسرحية.. للحصول على إجابات تحدثنا إلى عدد من المسرحيين وانتهينا الى هذه الإفادات. تقول المسرحية بلقيس عوض إن دور المسرح سيظل ثابتاً، الا انها تشير الى ان هناك مشكلة في مفهوم المسرح وكيفية تقديمه .. وتضيف ان المسرح لا يصنع بالسرعة التي يتوقعها الناس، فهو ليس كالشعر او الغناء في سرعة انتشارهما، وانما يأتي دور المسرح بصورة بطيئة جداً لأنه يعمل على ديمومة الاشياء في دواخل الانسان، ولأنه بناء لا يتفاعل مع مجريات الامور الآنية. وعن تقديم المسرح لأعمال دون المرتجى، تعترف بلقيس بأن المسرح ظل يقدم في الآونة الاخيرة عروضاً فطيرة باستثناء ليالي الخرطوم المسرحية التي تعتبر خطوة جيدة من قبل الدولة، وأيضاً تجربة علي مهدي في مسرح البقعة التي صرف عليها وقام بشراكة ذكية. ولكن هناك خطأ، فنحن نريد أن يقدم المسرح أعماله طيلة العام بكل السودان، لتصب مسرحياته في تنمية هذا البلد، وان يعرف المواطن شخصيات ورموز هذا الوطن الجميل، ومن خلال المسرحيات المقدمة سنوياً يأتي التكريم لأبرز من كتبوا في هذا البلد. وفي ما يخص دور المسرح وهجر الجمهور له، استشهدت بلقيس عوض بعام 1977م الذي قدم فيه الأستاذ محمد خوجلي مصطفى مسرحيته بعنوان «أم سدر» التى تناولت إفرازات ما كان يحدث للقبائل التي نزحت من مناطق الجفاف وجاءت الى مناطق اطراف الأنهار، وبالتحديد منطقة شيخ أبو زيد، وقد استطاع الكاتب والمخرج حسبو محمد عبد الله أن يعكس هذا الواقع الذي نال القبول من هؤلاء المعنيين الذين اعترفوا بأن المسرحية قد قصت قصتهم تماماً، والبطولة كانت للفنانة رابحة محمد محمود ونادية جابر والراحل عبد العزيز العميري وبلقيس، وذلك يدل على أن على الكاتب تقصي الواقعية مع تقديم الحلول المتكاملة. ودافعت بلقيس عن المسرحيين الشباب، وقالت إن هناك تجارب ناجحة لشباب سودانيين ممتازين للغاية، وبين ظهرانينا تجربة الشاب قصي السماني التي تناولت قضايا الفيس بوك والربيع العربي، وهذا العمل سيرى النور خلال شهر رمضان، وهو من أخراج ابو بكر الشيخ ومونتاج جمال عبد الرحمن. ويشرفني ان اكون ضمن فريق العمل. وتجدر الاشارة إلى انه نال جائزة في عمل «تصبحون على خير» وتشيد بلقيس بتجربة «أقمار الضواحي» للكاتب عبد الناصر الطائف والمخرج قاسم ابو زيد التى شاركت في بطولته. وتشير بلقيس إلى أهمية اهتمام الدولة بالمسرح، ودعت إدارة المسرح الى مبارحته فى حال عدم توفر المال لإدارة المسرح، وتطالب بلقيس وزارة الثقافة بتوفير التمويل للمسرح. ويقول د. شمس الدين يونس عن مقارنة الاعمال المسرحية بما كان سابقا في ظل التحديات التي تواجه المسرح إنك لا تستطيع ان تتنبأ بالمستقبل بمعزل عن الواقع. وفي دراستنا للواقع المسرحي الآن فإنه يعاني كثيراً من المشكلات التي تقعد بالنشاط المسرحي على كل مستوياته للهواة والشباب والمحترفين. ويضيف أن اهم المشكلات التى تواجه المسرح تتمثل في غياب المؤسسات الممولة للعمل المسرحي، لأن العمل المسرحي لم يعد ممارسة لتزجية أوقات الفراغ بل صناعة تسهم في بناء الأمة واقتصادياتها وأفكارها وثقافتها، وعلى ضوء ذلك تبرز خطورة الواقع الآن الذي يحدث من شلل تام للحركة المسرحية بالمركز والولايات، الأمر الذي يسلب الثقافة السودانية مناعتها ضد الاستلاب الثقافي. ويؤكد علي مهدي أن المسرح موجود بجماهيره، بدليل أنه منذ 27مارس إلى الرابع من أبريل هناك مهرجان البقعة والمسرح ظل يقدم أعماله بدليل مجيء الناس من الولايات، وهناك تنافس. والمسرح ظل يدرب الناس ويؤهلهم فإذن هو موجود، وفرقنا كانت فى باريس وجنيف ولاهاي، وقدمت عروضاً هناك.. إذن أين المشكلة؟ وعن موسمية المسرح يقول إن ما نقوم به ليس الا حلول، ولا بد من ايجاد العلاج الناجع، وعلى الدولة أن تقوم بعمل كامل للموسم المسرحي، ويجب أن يكون هناك تعاون بين الوزارتين الاتحادية والولائية، وعن مسرح شرق النيل وخضر بشير يضيف علي مهدي قائلاً: يجب أن يكون هناك إنتاج وليس مباني فقط، ولا بد من الجلوس مع أصحاب الوجعة «المسرحيين» لإيجاد حل لتلك الإشكاليات التي تعد عيباً لنا جميعاً بصفتنا مسرحيين.