شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يلتقي اللجنة العليا للإستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. في أول ظهور لها.. مطربة سودانية صاعدة تغني في أحد "الكافيهات" بالقاهرة وتصرخ أثناء وصلتها الغنائية (وب علي) وساخرون: (أربطوا الحزام قونة جديدة فاكة العرش)    الدفعة الثانية من "رأس الحكمة".. مصر تتسلم 14 مليار دولار    قطر تستضيف بطولة كأس العرب للدورات الثلاثة القادمة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني في أوروبا يهدي فتاة حسناء فائقة الجمال "وردة" كتب عليها عبارات غزل رومانسية والحسناء تتجاوب معه بلقطة "سيلفي" وساخرون: (الجنقو مسامير الأرض)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    سعر الدولار في السودان اليوم الأربعاء 14 مايو 2024 .. السوق الموازي    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    صندل: الحرب بين الشعب السوداني الثائر، والمنتفض دوماً، وميليشيات المؤتمر الوطني، وجيش الفلول    هل انتهت المسألة الشرقية؟    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    تقارير تفيد بشجار "قبيح" بين مبابي والخليفي في "حديقة الأمراء"    المريخ يكسب تجربة السكة حديد بثنائية    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    مدير عام قوات الدفاع المدني : قواتنا تقوم بعمليات تطهير لنواقل الامراض ونقل الجثث بأم درمان    لأهلي في الجزيرة    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    شركة "أوبر" تعلق على حادثة الاعتداء في مصر    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه    محمد وداعة يكتب:    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    السودان..اعتقالات جديدة بأمر الخلية الأمنية    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العنف في التاريخ السياسي والاجتماعي للسودان
نشر في الصحافة يوم 19 - 05 - 2012


(1) ٭ الكبدة كبدة البّل، معروكة بي فلفل
٭ (عبد الله) مقدمكم شرَّ دماً يعسمهم
(ايقاع نحاس (شبلنكيت) العبدلاب)
(2) ٭ جيداً (يا برير) ألصقت (النكور) والهول
٭ وكسر (الهميدوك) عشب (السديرة) الخور
٭ سوقة (الحدَّم) العقدن قفيهن مشول
٭ كتلة (البرمكي)، مع صباح.. البول
(شغبة المرغومابية)
(3) (البجري نسيبتو والبقيف سجمو)
(من أغنية العوبة)
(1)
الذي يعيد قراءة وقائع تاريخ الوطن، يستطيع ودون عناء أن يصل إلى تواصل العنف العنيف - في مساره السياسي والاجتماعي ولقد يلخص ذلك في دقة (صراع السلطة والثروة) كما طرحته سيناريوهات نشأة (الممالك والمشيخات) - في سعيها لتحقيق أمن قبائلها وضمان أودية رعيها وشرابها وزراعتها. و(العنف) بهذا الاستخلاص البسيط يمثل واقعاً بشرياً، ان لم تكن صفة بشرية بدأها (قابيل) عسفاً ثم ليمتد وينتشر وليشكل ربما وسيلة للصراع وطريقاً لنمو المجتمعات والدول عبر معارك شرسة وأحلاف عديدة، ومكائد ومؤامرات وضحايا من كل أطراف الصراع وامتثالاً (لجدلية التاريخ والحياة) في قاموسها الرباني فان ذات نتائج الصراع تبدأ دورة جديدة بمغير الزمان والمكان والانسان والرؤى والوسائل.. وهكذا إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.. (السودان) ليس استثناءً من غيره من الشعوب والدول في هذا القانون الأزلي ولكن تركيزاً على المكونات الثقافية والاجتماعية والظروف والملابسات التي بلورتها قد يقودنا إلى (تقييم علمي مجرد لبعض السمات الذاتية التي تبرر سلوكنا السياسي والاجتماعي والاقتصادي وتضعه في موضعه الصحيح دون احساس متعاظم بالذات SELF AWARNESS كانت الذات وفي أغلب الأحيان هي القبيلة أو العشيرة أو الأسرة.. على الأخص خلال السلطنة الزرقاء (1504-1821) ولتكن الذات هي الاسلام المدعوم بالعصبية القبلية في بداية وخلال الثورة المهدية (1881-1898) ثم يتكون الذات بعد ذلك شأناً تستأصله بريطانيا عنفاً مادياً ومعنوياً.. ولتبني على (اتفاقية) رؤاها.. ترهيباً وترغيباً ولتكون الذات (عمامة) يتنازعها (طربوش) و(برنيطة) ويتطور ثورة 1924 ومؤتمر الخريجين فيما بعد مفهوم الذات لوطن تحدد الملامح واضح القسمات وباسم كل ذلك تدافع (العنف بمسمياته ودرجاته المختلفة: ثورة - تمرد - انقلاب - انتفاضة - مواجهات دموية - مظاهرات ولكل في تلك الصور وسائلها.. ومنطقها وأساليبها.. وهي بعد طاقة تحتشد بكل مرارات وأحقاد النفس ضد الآخر وقد عن لي في هذا السياق ان أثبت جزئية عنف بدوي:
حين قام الشيخ برير شيخ (البطاحين) ابن أخت (شغبة) بمواجهة (المرغوماب) وهم كواهلة انتهى إلى قتل (ود دقلش) وابنه وهما في الحساب (عمه زوج خالته) و(ابن خالته) ولم تنس (شغبة) مراراتها وهي تنحت من حروف (إعلاماً قوياً) ينشر في وجدان قومها قردتهم على المواجهة والنصر، أخذاً بالثأر، وحين تحالف (المرغوماب) مع (الأمرأر) وهما من أبناء العمومة بقيادة (حمد المليحابي) ثم أسر (الشيخ برير) وسلم (لشغبة) حياً فربطته من خلاف وقطعت يديه وأحضرت (النقارة) وصارت تضرب بايديه المقطعة عليها وتغني في مرارة وحقد.. ما هو مثبت في المدخل الثاني بهذا المقال وحين تصدى (اللين) ابن عم (برير) للأخذ بثأره ضمن منظومة (ردود الفعل البدوية) لم تتردد (شغبة) في اطلاق نيران إعلامها الحارق:
٭ جَملي في (أُم شِديْدة) قَلدُوا وهَدُوا
٭ و(المَاك) لي (مساديرو) القُدَام وَدَوا
٭ والطير يا سراحين الوجوه عَدُوْا
٭ (الجْفِلْ) (شناعوُ) للبنات وَدُوا
ولقد تداعى إلى ذهني - مع الفارق - صورة (هند زوج أبي سفيان) وهي تبحث عن جثة سيدنا حمزة بن عبد المطلب لتنهش كبده!!
(2)
يورد (ابن منظور) في (لسان العرب) - القاهرة - دار المعارف 1979 - ج4 ص3132 ان كلمة (عنف) من الجذر (ع-ن-ف) وهو الخرق بالأمر وقلة الرفق به.. والتعنيف هو اللوم والتوبيخ والتقريع وقد يعني ذلك ان العنف هو سلوك بالفعل أو القول (مادي) أو (معنوي).. أما في اللغة الانجليزية فان كلمة (VIOLENCE) ذات أصل لاتيني هو VIOLENTIA بمعنى (الاستخدام غير المشروع للقوة المادية بأساليب متعددة) ويدخل ضمن ذلك (التعذيب) و(الاغتصاب) ويعرف (الدكتور حسنين توفيق ابراهيم) ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية ص45 بأنه: كل سلوك فعلي أو قولي يتضمن استخداماً للقوة أو تهديداً باستخدامها لالحاق الأذى والضرر بالذات أو بالآخرين واتلاف الممتلكات لتحقيق أهداف معينة، وإذا كان ذلك التعريف يتضمن الواقع البشري الماثل أفراداً وجماعات وشعوباً ودولاً فإن الرجوع لوقائع التاريخ السوداني تشير إلى ما وصفته ذات الدراسة (بالعنف الكلي) أو (مجموعة من الاختلالات والتناقضات الكامنة في الهياكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بالمجتمع ويتخذ عدة أشكال منها (غياب التكامل الوطني) داخل المجتمع وسعي بعض الجماعات للانفصال عن الدولة وغياب العدالة الاجتماعية وحرمان بعض القوى السياسية والاجتماعية من ممارسة حقوقها وعدم اشباع الحاجات الأساسية (الصحة/ التعليم) وقد أطلق علماء آخرون على ذلك النمط من (العنف) (العنف الهيكلي) وأضافوا أنه يمتد وينتشر بامتداد وانتشار الصراعات الاجتماعية بمكوناتها الثقافية والاثنية بالاضافة إلى تميزه باستمرار حالات العداء والتوتر الذي ينفجر في شكل صراعات مسلحة بين وقت وآخر ولأسباب تتفاوت في الدوافع وتتفق في الجوهر وتمضي (الدراسة) إلى ان ثمة علاقة وطيدة بين العنف الهيكلي أو العنف الخفي والعنف السلوكي فوجود الأول أي مجموعة الاختلالات والتناقضات الاجتماعية يؤدي بالضرورة إلى حدوث الثاني لأن الصدام بأنواعه ودرجاته المختلفة والمربوط بعملية التغيير مناط الصراع يعني العنف في أوضح صورة ومعانيه وتؤكد الدراسة بأنه «بالرغم من الخسائر المادية والمعنوية التي تنجم عن ممارسة العنف إلا أنه لا يمكن التسليم بأن كل أنواع العنف ظواهر مرضية أو سلبية على الدوام.. فالعنف السياسي قد يكون ضرورة تاريخية في بعض الحالات وفي هذا الاطار يمكن فهم التحولات الثورية الكبرى في التاريخ (ثورة سبارتكوس - ثورة النزع في البصرة - الثورة الفرنسية 1789 الثورة الامريكية 1776 - الثورة البلشفية في روسيا 1917 - الثورة المهدية 1881 - انقلاب يوليو 1952 في مصر والتي لم تكن كلها تحدث أو تنجح لولا ممارسة (العنف).
(3)
في أهم، صور العنف والعنف المضاد في رقعة السودان بمسمياتها القديمة و(القتل الطقس) عند ملوك (كوش) و(سنار) - ففى الأولى - فيما يورد البروفسور «يوسف فضل نقلاً عن أمهات كتب التاريخ» كان «الكهنة» يتمتعون بأعلى المراكز في الدولة ومن أهم واجباتهم تحديد موعد (موت الملك) وكانوا يخطرونه بقرارهم ذلك بواسطة رسول منهم ثم يعينون خليفة له» وقد رفض وحارب (الملك ارجامين) هذا (الطقس) وقتل «الكهنة» وأبادهم، وكان ذلك بسبب (ثقافته الاغريقية التي رفضت هذا المعتقد) ويثبت البروفسور - يوسف - ما أورده (بروس) الرحالة الاسكتلندي - عند زيارته لسنار (29 ابريل 5 سبتمبر 1772) أن (أحمد سيد القدم) مدير شؤون القصر الملكي THE MASTER OF THE KINGS HOUSE HOLDER SERVANTS كان يتولى مهمة قتل الملك إذا كان وجوده على العرش يتنافى ومصلحة الدولة (يوسف فضل - ص88-89) ويضيف «ان الملك عندهم يسمح له باعتلاء العرش على أن يقبل بامكانية اعدامه عن طيب خاطر بواسطة رعاياه أو عبيده على ضوء قرار من مجلس كبار الموظفين وهناك موظف معين من أسرة الملك نفسه هو الوحيد الذي يستطيع أن يهدر دم (ملكه) و(قريبه) ولا يجرم أي تجريم مهما كثر عدد قتلاه.. وهو لا يملك صوتاً في ازالة (الملك) عن السلطة.. ويضيف ان (أحمد سيد القوم) تولى قتل الملك (ناصر) وابنه الطفل.. وان القتل بقطع العنق (بالسيف) هو أشرف للملك وأولاده.. من أي قتل آخر لا يليق (بملوكيتهم). وما ذكره (بروس) أكده قبل ذلك كل من الرحالة الفرنسي (شارت بوتسيه) CHARLES PONCET والأب برافيدان FATHER BREVEDAN حين زارا (سنار) في فبراير 1699. ويؤكد الرحالة اليافاري (كرمب) KRUMP فما أثبت البروفيسور فضل ص93 حين مكث في (سنار) في 22 يناير 1701 حتى 20 ديسمبر 1702: «لدى موت ملك سنار ينتخب خليفته على النحو التالي: يجتمع كل (الشيوخ) وبقية (نبلاء المملكة) ويصوتون لأمير من (الأمراء الملكيين) يتساوى في ذلك ابن (الأمة) وابن (الحرة) ويقدمونه (ملكاً) ويقتل (بالرماح) بقية الأمراء الملكيين المحبوسين بالقصر وإذا أفلح أحدهم في الهروب فالملك الجديد ملزم بتعقبه وقتله حتى ولو كان الهارب أخاه: تنجز هذه (المقتلة) تفادياً للنزاعات التي ربما تنشأ من وجود العديد من الأمراء وخشية انقسام (المملكة) وصوناً للسلام..»
تورد الدراسات في هذا المقام:
- ان سكان (منطقة فازوغلي) اعتادوا حتى عام 1838 ان (يشنقوا ملكهم) إذا أصابته علة تحول دون ممارسته للحكم أو حالة فشله في تحقيق العدل ولو ليوم واحد.
- ظل هذا (الطقس) منتشراً بين (الشلك) على النيل الأبيض.
- (العنف) الذي وافق سقوط (دولة المقرة المسيحية) وانتهت بقيام (أمارة الكنوز الاسلامية) في (دنقلا) 1323م وما سبقها من صراع دموي عنيف بين جيوش (عبد الله بن أبي سرح) و(ملوك النوبة) و(صلاح الدين) و(المماليك) و(أمراء الكنوز) و(النوبة) في مرحلة أخرى وما وصل إليه الصراع من أقصى درجات الاحقاد والمرارات المتبادلة ومن يقرأ تاريخ تلك المرحلة وما ارتبطت به من تحولات ثقافية مركبة لا يملك إلا أن يرتد إليه البرص خاسئاً وهو حسير. فلقد أعقب (سقوط المقرة) الداوي سيل منهمر من (الاعراب البادية) الذين حاربتهم (سلطة مصر) فاتجهوا جنوباً وهو ما وصفه (ابن خلدون) قائلاً: (1406م «... ثم انتشرت أحياء العرب من (جهينة) في بلادهم (النوبة) إلى مدافعتهم (العرب) فعجزوا ثم صاروا إلى مضايقتهم بالمصاهرة فاخترق مملكتهم.. واستولى أعراب (جهينة) على بلادهم. ويبدأ منذ ذاك (الصراع البدوي) بمؤسسات القبيلة وما تمخض عنها من (مشيخات) و(مكوكيات) و(سلطنات)، ويتراجع قتل من يتولى السلطة مؤسسياً إلى العنف القبلي باسم (الدار) وهي في نهايتها (سلطة وثروة) مهدت لكل (احتقانات الوطن الحالية).
- (سقوط علوة) - فيما عرف تاريخياً - (بخراب سوبا) وصفها (الدكتور صلاح محي الدين) في كتابه (وقفات في تاريخ السودان) ص38 «... تكون (جيش اسلامي موحد) من القبائل السودانية لأول مرة في (تاريخ السودان) واتجهوا نحو (النوبة المسيحية) نحو (سوبا).. فدارت حرب شاقة قاسية بين الفريقين استمرت لاحدى وعشرين نهاراً وليلاً» وحاصر (الشيخ عجيب المانجلك) (قلعة قرى).. ثم اقتحمها في وجه (مقاومة شديدة) دارت فيها معركة نهاية فاصلة (أشبه بمذبحة)» وليبدو في أفق تاريخنا انحياز واضح باتجاه.. الثقافة العربية الاسلامي.. فلا يبقى من (سوبا).. غير كونها (مذبحة) طارد فيها حلف (العبدلاب) و(الفونج) و(النوبة) و(العنج) و(البقطع دابرهم).. ولتظل (عجوبة) التي (خربت سوبا) وجهاً واحداً دون وجوه أخرى... كان لها بالضرورة دورها وحقها في الدفاع عن أرضها وثقافتها.. أين (أمراء وفرسان) (علوة) في تلك المواجهة التاريخية - ويورد كاتب الشونه في (تاريخ ملوك السودان) - طبعة 2009 ص26 «فاما (النوبة) فبعد ظفر (الفونج) بهم تفرقوا (بجهات فازوغلي) و(كردفان) ولم يبق منهم إلا القليل يدينون بدين الاسلام وتفرقوا وسط العرب المقيمين ببلادهم وهم الآن أنفار قليلة مقيمين بجهة (شندي) و(جريف قمر) ولا يعرف (أصلهم نوبة) إلا القليل من الناس.
٭ ما مدى (العنف والعنف) المضاد في تلك الفترة وما هي النتائج؟!
- صراعات (الفونج) و(العبدلاب) التي تميزت بالعنف والقسوة حرب (عجيب المانجلك) الأولى مع (سلطان الفونج) في (سنار) (عبد القادر الثاني) 1599-1605 وحربه الثانية مع (السلطان عدلان) 1605-1612 والتي وقعت ودارت في (دبكرة ودأب عمارة في عام 1611 (الجريف شرق الحالية).
- صراعات (الفونج) مع (الهمج) (ود أبو لكيلك) و(بادي) و(رجب) و(الشيخ الأمين ود مسمار ود عجيب والذي هزم (سلطان الجيوش).
- وحرب المسبعات 1160ه (1747).
- خراب أربجي على يد (شيخ الأمين ود مسمار) في سنة 1198 وقد أورد تاريخ ملوك السودان: فلما بلغ (شيخ الأمين) ان أهالي «أربجي» هم الذين سعوا في شياخة (بادي) أخيه توجه إلى (الشكرية) وأحضرهم معه وهجم بهم على مدينة (أربجي) فأهلك مقاتليها وما بقى تفرق على الجهات وتركها قاعاً صفصفاً.. ومن وقتها خربت إلى يومنا هذا».
وليس بعيداً عن (العنف الدموي) صراع الأمين ود مسمار مع المك ناصر والذي انتهى إلى فصل الأول في ود بانقا ولقد سجلت ابنة الأمين رقية شيئاً من تلك المواجهات في (الهلالية).
- كانت (السلطنة الزرقاء).. على الرغم من بدايات تأسيس لثقافة جديدة وانصهار اعراق عديدة.. وملامح دولة.. إلا انها كانت بحراً من صراع دموي.. توالى على أيام الاتراك.. وينهمر سيولاً من عنف وعنف مضاد.. في (المهدية).. انتهت إلى أشرس عنف عرفه تاريخ السودان وافريقيا في 2 سبتمبر 1898 في معركة كرري، كما وصفها سير ونستون تشرشل في حرب النهر.
- وليس بعيداً عن ذلك حركة التطور السياسي والاجتماعي في (دارفور) منذ نشأتها وإلى مقتل (السلطان علي دينار) في عام 1916: ويبدو كتابيَّ (محمد عمر التونسي) والرحالة الألماني (ناختينقال) مناسبين تماماً.. لوصف صراع السلطة والثروة ويكفي فقط أن نشير للصراع الذي أعقب وفاة السلطان تيراب بين أخيه عبد الرحمن وأولاده وما تمخض عنه بعد ذلك من تداعيات خطيرة.
ملاحظات غير عابرة:
(1) - الأخ الخضر هارون
- الأستاذ الكبير تاج السر عثمان الحاج
- الصديق العزيز البروفيسور عبد الله حمدنا الله
- الأستاذ ربيع حسن أحمد مركز دراسات المستقبل
هل تبدأون (مشواراً علمياً) في دراسة الظاهرة..
(2) ماذا ترون في هذه الصفات: اللي رجال بهديل/ دابي الكواني الضارب الليّه، أب درق المدشح كلو بالسوميت/ سيفك في غضاريف الرجال أروى/ البي كفو سوى الفوت/ سموك ميتة الفجعة ونهار الح/ البجري نسيبتو والبيقف سجموا - جدري المشمومة الزول شنقوا عديل/ الدابي العشاري - المتل الشرار عيني/ الكازاك وين يطير شقياً صادق نكير.. وأضيفوا.. وحللوا.. وأجيبوا..
هل بالامكان أن نقرأ تاريخنا وتداعياته.. بصورة صادقة وصحيحة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.