بعد طول ترقب وانتظار في الأوساط السياسية والتنظيمية داخل أروقة الحزب الحاكم، قدم المؤتمر الوطني خمسة من قياداته عبر مجلس الشورى والمؤتمر العام الطارئ الذي أملته المرحلة الاستثنائية التي صاحبت استقالة كرم الله عباس الشيخ من منصب الوالي، ودعوة المفوضية القومية لإجراء انتخابات لملء المنصب. وقد جاء في مقدمة المرشحين الخمسة معتمد القضارف الأسبق عبد الله عثمان أحمد الذي حقق أعلي نسبة من الأصوات بلغت 123 صوتاً، يليه والي القضارف المكلف الضو محمد الماحي ب 119 صوتاً، وحصل والي القضارف الأسبق مبارك منير هجو على 96 صوتاً، فيما حصل الفريق يونس عبد الله معتمد القلابات الشرقية على 89 صوتاً، يليه رئيس المجلس التشريعي السابق محمد أحمد الهادي. وبذلك يتكرر هذا السيناريو للمرة الثانية في القضارف، بعد ان رسمت اقدار السياسة واستقالة كرم الله للولاية عقد عمليات شورى طارئة لتجاوز الوضع الاستثنائي بحضور ومشاركة الشريف أحمد عمر بدر أمين قطاع الشرق بالمؤتمر الوطني رئيساً لهذه اللجنة، وعثمان أبو قناية مقرراً، وحملت اللجنة معها الى الولاية موجهات المركز في هذا الشأن، بعد أن أعلنت مفوضية الانتخابات اجراء انتخابات تكميلية لاختيار والٍ للقضارف، في الفترة من الخامس عشر من الشهر الجاري حتى منتصف أكتوبر القادم، لتفرز هذه الانتخابات مرشحاً مختاراً من المركز يقدم في السباق الانتخابي في ذلك الماراثون. وربما تصعب معادلة الاختيار لمنصب والي القضارف من المركز بحسب المعادلة التي تقول بأن الكلية الانتخابية غير مقيدة بعدد الأصوات. وربما تجعل هذه الوضعية السيناريو السابق يتكرر إذا رأى المركز اختيار مرشح خلاف الوالي الحالي الضو، ليكون هو رئيساً للحزب والضو والياً مكلفاً، ومن خلال تباين الآراء واختلاف وجهات النظر داخل قيادات الحزب، نجد ان بعض الفئات تناصر عبد الله عثمان قياساً بتجربته السابقة وعودته للحزب عبر الأمانة السياسية التي شكلت دفعاً سياسياً للحزب نتيجة لقدراته الفكرية والتنظيمية، وفي الضفة الأخرى يرى آخرون أن استمرارية الضو تعصم الحزب من الانقسام، وهو شخصية وفاقية نظراً للمقومات التي يتمتع بها، فيما تفرض حظوظ المرشح مبارك منير هجو نفسها لاعتبارات متعددة، منها الخبرة المهنية والتجربة السياسية للرجل الذي تقلد عدداً من الحقائب الوزارية والأمانات بالحزب، بينما تضع الخلفيات المهنية والتأييد الشعبي الذي يحظى به الفريق يونس الرجل في المقدمة، ويبقى ان نشير الى ان المرشح محمد أحمد الهادي يعد في القضارف من رموز الحركة الإسلامية، ويحظى بالتقدير في أوساط الإسلاميين. إلا أن هنالك تحفظات قد ابديت على الطريقة التي تم بها الترشيح والتصويت، فأمين القطاع الثقافي والفكري في الحزب جعفر الشريف النور يبدي تحفظه على الطريقة التي تم بها عرض القائمة وإرغام اعضاء الحزب على التصويت عبر الاجتماع الذي التأم بقيادة نائب رئيس الحزب عبد القادر محمد علي، وأمين الحركة الإسلامية عثمان محمد علي في حضور رؤساء المحليات والنواب، حيث أفضى الاجتماع إلى التصويت على القائمة . الا ان القيادي البارز بالحزب وأمين القطاع التنظيمي د. موسى بشير موسى أبان أن اختيار خمسة مرشحين لمنصب الوالي عبر الشورى الاستثنائية والمؤتمر العام للانتخابات التكميلية قد تم برضاء تام من مكونات الحزب واجهزته المختلفة، مشيراً إلى أن مستقبل الحزب ومصلحته في الوفاق والاتفاق دون التأثر برؤية المركز لمن يقود الولاية في المرحلة القادمة. ويرى موسى أن المرشحين الخمسة مؤهلون لقيادة الولاية، مما يؤكد أن حزبه قد تجاوز حالة الاحتقان والتشرذم وعادت العافية تدب في أوصاله، وهو ما يجعل المسؤولية كبيرة على عاتق قياداته للاجتهاد اكثر في جمع صف الحزب وإدارة حوار قاعدي عريض مع العضوية والأحزاب الاخرى، للتوافق حول قواسم مشتركة لقيادة الولاية ونهضتها وتقوية نسيجها الاجتماعي لتحقيق التنمية والاستفادة من مخرجات الاجتماع الأخير. واستبعد القيادي موسى أن تكون عضوية الحزب مرتبطة باشخاص بل ببرامج، وأن من يقع عليه الاختيار سيجد السند من عضوية الحزب الذي فرغ من برنامجه الانتخابي لاستكمال النهضة رغم الظروف الاقتصادية التي يمر بها السودان، مؤكداً استمرار مشروعات التنمية والنهضة لوجود البدائل الاقتصادية في النهوض بالزراعة والثروة الحيوانية وقطاع الخدمات والتوسع في الاستثمار. وأكد موسى التزام حزبه بالتوجيهات الرئاسية لإنفاذ البرنامج الاقتصادي المتفق عليه بكل جراحاته رغم الضائقة الاقتصادية، إلا أن الواقع يبشر ببزوغ فجر جديد. بينما يرى المحلل السياسي وأستاذ الإعلام بالجامعات السودانية مهند علي محمد نور، أن المرشح الذي سيقع عليه الاختيار يجب أن يكون ذا خبرة وحنكة في الجوانب الفعلية والسياسية والأمنية، وذا قدرة على إدارتها على يالمستوى الولائي، وتنطبق هذه المواصفات إلى حد كبير على الباشمهندس مبارك منير هجو والضو الماحي وعبد الله عثمان، وهم الأوفر حظوظاً لنيل ثقة المركز وإنسان الولاية. ويرى نور أن الماحي هو الأوفر حظاً لتولي هذا المنصب، لوجوده في عدد من المواقع السياسية والتنفيذية في الفترات الأخيرة. وطالب نور بأن يقدم المركز مرشحاً مقبولاً لكل الأطراف في الولاية، لإعادة توحيد صف الحزب.