رغم دخول اعتصام مسرحي قوات جبهة الشرق بمقر مفوضية التسريح واعادة الدمج بولاية كسلا يومه الخامس، الا انه لم تلح في الافق بادرة تضع حدا لمعاناة اكثر من ثلاثة آلاف مقاتل ظلت تراوح مكانها منذ توقيع اتفاقية اسمرا في 2006 ، وبدأ المسرحون الذين لم يتم دمجهم او تسريحهم او تعويضهم حسبما جاء في بروتوكول الترتيبات الامنية غير واثقين من الوعود الحكومية، مؤكدين مواصلة اعتصامهم الى ان تتحقق مطالبهم بحسب منصوص الاتفاقية . وسبقت هذا الاعتصام الذي يعتبره المسرحون الخيار الاخير المتاح امامهم العديد من الحركات الاحتجاجية التي قاموا بها خلال السنوات الماضية للفت انظار الجهات المسؤولة عن تنفيذ اتفاقية سلام الشرق في رئاسة الجمهورية واحزاب ماكان يسمى بجبهة الشرق على رأسها مؤتمر البجا، فقد سبق للمسرحين ان نقلوا احتجاجاتهم التي كانت محصورة في ولايتي البحر الاحمر وكسلا الى شارع البلدية بالخرطوم حيث منزل مساعد رئيس الجمهورية موسى محمد احمد ولم يغادروا الا بعد ان تلقوا وعدا قاطعا بحل قضيتهم، الا ان الوعد لم يختلف عن وعود سابقه ليذهب ادراج الرياح ايضا، وبعد تفاقم قضيتهم في العام الماضي واثر ضغوط مارسوها على قادة احزاب الشرق وعلى اللجنة الحكومية التي تشرف على تنفيذ الاتفاقية وخوفا من عودة الشرق بسببهم الى مربع الحرب، تولى النائب الاول لرئيس الجمهورية ملف اتفاقية الشرق واصدر قرارا بتكوين لجنة عليا لمعالجة اوضاع المسرحين التي بدأت عملها الميداني في شهر رمضان الماضي والذي استمر لستة اشهر قامت برفع توصياتها الى النائب الاول للرئيس الذي بدوره قرر ان تتحمل ولايات الشرق الثلاث مسؤولية حل قضية المسرحين بدعم من المركز وهو الامر الذي لم يحدث على ارض الواقع برغم مرور اكثر من اربعة اشهر على توجيهات النائب الاول. ورغم عدالة قضية المسرحين الذين قاتلوا في صفوف جبهة الشرق بحسب مراقبين الا ان هناك من يعتقد ان جهات تقف خلف تصعيد المسرحين لقضيتهم ، ويؤكد قادة بارزون في جبهة الشرق ان ملف الترتيبات الامنية تمت معالجته بتسريح ودمج المسرحين، وهذا ما اشار اليه نائب رئيس حزب مؤتمر البجا عبد الله كنه الذي اكد في تصريحات صحفية ان المسرحين تم حل مشكلتهم حسب الاتفاقية باستيعاب بعضهم في القوات النظامية (جهاز أمن وقوات مسلحة وشرطة) وتم إدماج البعض الآخر عبر مفوضية الدمج والتسريح ال DDR، وزاد: ولكن بعد تصاعد أصوات بعض الذين سقطت أسماؤهم من الكشوفات لأسباب مختلفة وبعد محاولة بعض الجهات استغلال قضاياهم لكسب سياسي قررنا إعادة فتح الملف لمعالجة مشكلة كل من يثبت أنه لم تعالج قضيته بالطرق القانونية، وكما تتابعون هناك لجنة مكونة من الأخ النائب الأول لرئيس الجمهورية برئاسة الأستاذ صلاح باركوين وعضوية ممثلين من كل الجهات ذات الصلة وتعمل هذه اللجنة على حل المشكلة نهائيا وقد قامت بجولة ميدانية على الولايات الثلاث والتقت بكل أطراف القضية ونتوقع أن يتم طي ملف المسرحين قريبا. توقعات نائب رئيس حزب مؤتمر البجا بطي ملف المسرحين قريبا جاءت معتمدة على العمل الذي قامت به اللجنة التي ترأسها الامين السياسي لمؤتمر البجا صلاح باركوين والذي يشير في حديثه ل(الصحافة) الى ان مسؤولية لجنته انتهت بتسليم التوصيات للجنة العليا لتنفيذ اتفاقية سلام الشرق برئاسة النائب الاول الرئيس الجمهورية، ويقول ان الملف تم تحويله لولايات الشرق الثلاث ، كاشفا عن ان عدد المسرحين الذين تم حصرهم يقترب من الخمسة آلاف مسرح ، ثلاثة الف منهم في ولاية كسلا ، مبينا ان الدولة هي من تحدد كيفية المعالجات بحسب رغبات المسرحين، وزاد: نحن في اللجنة مهامنا انتهت ولا نملك سلطة لحل قضية المسرحين ، ويتوقع باركوين ان تأتي المعالجات متفاوتة مابين المشروعات والخدمة المدنية والالحاق بالقوات النظامية المختلفة ، واضاف : وفي تقديري انه يمكن الاستفادة من المسرحين وذلك لانهم يمتلكون خبرات جيدة ولابد من دعمهم والوقوف بجانبهم اذا اختاروا مشروعات يتم تمويلها من قبل الحكومة، كما انه لابد ان تجد حكومات الولايات دعما من المركز. ولكن لماذا اختار المسرحون بكسلا الاعتصام في هذا التوقيت، يشير مصدر الى ان هناك انباء رشحت عن تسلم حكومات الولايات الثلاث لمليون دولار قبل اشهر كان يفترض ان يتم توجيهها لحل قضية المسرحين ويقول المصدر ان الحكومات ادخلتها في مشروعات اخرى وهو الامر الذي اعتبره سببا مباشرا لاعتصام المسرحين، ومن جانبه يكشف رئيس لجنة المسرحين بكسلا اونور عيسى اوشيك عن تواتر انباء عن وصول الدعم المركزي المخصص لحل قضية المسرحين الى حكومات ولايات الشرق ويشير الى ان هناك اموالاً وصلت من دولة الكويت يرى المسرحون انهم اولى بنيل حقوقهم منها ،ويؤكد في حديث هاتفي مع (الصحافة) رفضهم القاطع لاي وعود، وزاد: لن نقبل بوعود مسؤول حكومي وذلك لاننا تلقينا اكثر من عشرين وعدا منذ ان وضعنا السلاح واخترنا السلام ،ولكن كل هذه الوعود لم يتم الوفاء بها ، ولن نفض اعتصامنا حتى نجد الحل النهائي لقضيتنا العادلة. وكان والي ولاية كسلا سجل زيارة في اليوم الثاني للاعتصام والتقى المسرحين ،وتحدث عن مشروعات التنمية التي انتظمت الولاية ،الا ان المسرحين قاطعوا حديثه مطالبين بتوضيح الحقائق كاملة عن حقوقهم ،غير انه لم يتطرق لهذا الامر وخرج من مقر المفوضية بعد ان ارتفعت اصوات المسرحين طالبة منه التطرق لحقوقهم وليس مشروعات التنمية. وقبل يومين قدم ناظر الهدندوة سيد محمد الامين ترك مبادرة لنزع فتيل الازمة تذهب ناحية التعويض المادي او الدمج في القوات النظامية ، وحظيت مبادرته بموافقة من المسرحين الذين طلب منهم الناظر ترك ومدير جهاز الامن والمخابرات بالولاية ومدير مفوضية اعادة الدمج والتسريح تكوين لجنة للتفاوض مع حكومة الولاية، الا ان المسرحين رفضوا تكوين لجنة وطالبوا بان يكون التفاوض مباشراً مع المعتصمين، ويعود رئيس اللجنة اونور عيسى اوشيك ليشير الى ان اغلب المسرحين مع خيار التعويضات المادية التي توقع الا تقل عن ثلاثين الف جنيه قال: من تم تسريحهم قبل سنوات تقاضوا حقوقا بلغت ثلاثين الف جنيه ،ولأن الاوضاع الاقتصادية تغيرت عما كانت عليه قبل سنوات نتوقع ان يزيد المبلغ، على ان يمنح كبار السن غير التعويضات المادية معاش شهري. ويكشف رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس التشريعي ولاية كسلا مهندس محمد سعيد رؤية حكومة الولاية في حل قضية المسرحين ، ويشير في حديث هاتفي مع(الصحافة) الى انها قررت تعيين 1500 منهم في درجات عمالية ، و90 في وظائف الجامعيين و100 في وظائف حملة الشهادة السودانية، مبينا ان العدد المتبقي ستجري له معالجات، ورهن رئيس اللجنة الاقتصادية تعيين المسرحين بوصول دعم المركز المخصص لهذا الغرض ، نافيا بشدة تلقي حكومة الولاية اموالا من المركز تخص المسرحين. ويجزم مراقبون بصعوبة حل قضية المسرحين في الوقت الراهن ،ويعتبرون ان المركز نفض يده عن القضية بتسليمه للملف الى ولايات الشرق الثلاث التي اعتبروا ان امكانياتها المتواضعة لن تتيح لها ايجاد حل نهائي للقضية، ووجهوا نقدا لحكام الولايات الثلاث لقبولهم تولي الملف، مؤكدين ان هذا دليل واضح على ضعفهم وخشيتهم مخالفة المركز ، ويعود الامين السياسي لمؤتمر البجا صلاح باركوين ليؤكد على ضرورة دعم حكومات الولايات حتى تتمكن من الايفاء بحل قضية المسرحين.