في مفتتح هذا الشهر والبعض يدعو الى التظاهر احتجاجاً على ترتيب جذوره صحبته سلسلة من المعالجات وخطط العبور والمنجزات من قبل الدولة قلنا اظهاراً للتناقض في المواقف «الناس في شنو... وهم في شنو؟!» كما جاء في المعرفة الشعبية السودانية ونضيف الى ذلك اليوم انهم - أي أطياف المعارضة وتشعباتها - لا يعجبهم العجب.. ولا الصيام في رجب..! وهذه أيضاً حقيقة والى حد كبير. فقد جاء مكملاً لأبراج الواحة - سوق الخضار القديم - منجزات أخرى يشار اليها بالبنان وهي تأتي في سياق النهضة الاقتصادية ومعالجة الاوضاع الاقتصادية والخدمية الموروثة. ونقصد بذلك مصنع سكر النيل الابيض الذي بدأ مسيرته بالأمس والعدد الكبير من المربعات النفطية التي وقعت اتفاقيات الاستكشاف والعمل فيها مع عدد من الشركات العالمية وهي تغطي مساحة كبيرة من اقاليم وولايات البلاد، كما حدث مع مشروع سد مروي الذي نقل البلاد نقلة كبيرة في مجال الكهرباء والماء والمشاريع المصاحبة كالسدود والكباري والمطارات والطرق وكلها من لوازم النهضة الاقتصادية والعبور الى عصر العولمة والمعلوماتية. ولكن «قوى الاجماع الوطني» المعارضة والعبارة لا تمثل الواقع أن تعبر عنه «لا يعجبها العجب.. ولا الصيام في رجب..!» كما يقولون. وهو الحال الذي يبدو ان الحكومة ترد عليه بما قال الزعيم الازهري لخصومه من اليسار وقد قالوا له وهو يبني داره الحالية.. من أين لك هذا..؟ إذ رد عليهم بعبارته المشهورة «كلما قالوا من أين له هذا.. أجبنا عليهم بطابق آخر..!». والانقاذ اليوم وهي تأتي بما لم يأت به الأوائل في التنمية والخدمات في شتى المجالات - كما قلنا من قبل - تمشي على طريق الازهري فترد على ما يجري من الطرف الآخر بمشاريع كبيرة وضخمة يعلم المواطن جداوها وعائدها الاقتصادي والاجتماعي. فأبراج «الواحة» التي تحدثت عنها بعد افتتاحها لم ير فيها الأستاذ أحمد أبو الحسن - صاحب «من النافذة» كما كتب رداً على ذلك غير انها «ستكون وقفاً على الأثرياء بعد ان كانت من قبل وهي سوق خضار مركز تسوق تجاري للبسطاء..!! ومن يطالع ذلك لا يجد فيه غير انه «تعبير عاطفي» ألقى به صاحبه من النافذة - غير آبه بأن الأبراج استثمارية أو سياحية أو خلافها لها مردودها على الفقير والغني في وقت واحد والا لما صارت امارة دبي بأبراجها الجاذبة استثمارياً «هونكونج» العرب والشرق الاوسط.. ولما صار برج «إيڤل» في باريس وتمثال «الحرية» في نيويورك معالم جذب اقتصادي وسياحي..الخ! يوم افتتاح مصنع سكر النيل الأبيض مؤخراً قالت المصادر انه سيضيف الى جانب مزاياه وعوائده الاقتصادية «ست عشرة ألف» فرصة للعمل لأهل المنطقة وغيرهم. وعليه فأبراج الواحة يتوقع منها أن تتيح الكثير من فرص العمل والاستثمار على نمط حديث وجديد هو اسلوب العصر، ونذكر صاحب النافذة حتى لا يلقي بالاشياء هكذا.. بأن الكناتين والمقاهي السابقة كمقهى «الزيبق» المشهور قد تحولت الآن الى سوبرماركتات وكافتريات ومحال وجبات سريعة.. فلتتغير النظرة وتتطور والا فإن ما يلقى به «من النافذة» لن يكون غير انه افكار عاطفية مستهلكة ونافدة المفعول والأثر.. قبل سنوات كتب اللواء أبو قرون يقول «الدمع الدفاق على زوال القشلاق».. يقصد القشلاق المجاور لسجن النساء بأم درمان وعلى ذلك الطريق كثيراً ما سار صديقنا وزميلنا المرهف حساً وعاطفة «مؤمن الغالي» ولكن ذلك كله من حقبة ما قبل «البيروسترويكا» التي بظهورها قال الراحل نقد عليه الرحمة - الاشتراكية ماتت ولن نفرش عليها!! لقد أصبحت «القشلاقات» الآن تجمعات سكن رأسية تعبر عن المرحلة وهي ليست مرحلة «قشلاقات» أو أسواق خضار وتسوق تقليدية كما ألقى بالعبارة الأستاذ ابو الحسن «من النافذة» وأشكره على ما أطرانا به من ذكر رغم قوله «ما كنت أظن ان الافكار والاقلام تشيخ كما تشيخ الاجساد في اشارة الى ان قلمي قد شاخ - وذلك تقديره.. وقراءته للوقائع.. إلا أنني أقول له.. يا شيخ: أين هي أحزاب «قوى الاجماع الوطني» التي شاخت وهرمت رموزاً ومبادئ؟ بل ان البعض كالحزب الشيوعي السوداني وبقية أحزاب اليسار ومنذ مؤتمر الحزب الاول بعد اربعين عاما من الغياب ظلت تبحث عن هوية حزبية فكرية وبطاقة شخصية تظهر بها امام الجمهور.. فهل هو «حزب شيوعي» ام شيء آخر يعمل البعض من أجله. والشيء نفسه يقال عن الحزبين الطائفيين التاريخيين «الامة والاتحادي» اللذين تشققا وتفرقا ومستقبلهما مجهول في ظل ما يجري. أما عن حزب الشيخ الترابي «المؤتمر الشعبي» فهو يعاني أيضاً من ذات الأعراض لارتباطه بالشيخ فكراً وادارة وبعداً شعبياً.. فاذا هرم الشيخ هرم معه الشعبي! ويبقى المؤتمر الوطني - حزب الانقاذ - ليس بعيداً عن ذلك أيضاً ان لم يتداركه أهله بتناول بعض المنشطات ورياضات كمال الاجسام.! ونلحق بهؤلاء بالضرورة «من لا يعجبهم العجب.. ولا الصيام في رجب..!» وهم أصحاب الاقلام والساسة الذين لا يرون في المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي غير نصف الكوب الفارغ..! ذلك ان ما يلقى به من النوافذ أو على الطرقات من «لساتك محروقة» أو اشاعات لا يجدي نفعاً لان هناك من يرصد الأشياء ويتابعها على نحو مختلف وهم «عامة الناس» أصحاب المصلحة الذين يعجبهم العجب والصيام في رجب بل يدعون لذلك.