لا اظن ان احدا سيتخلى عن متابعة مسلسلات رمضان الرائعة ليتابع مسلسل بحر دار الملل.استثني الصحيفيين فهؤلاء كتب عليهم الشقاء ايام عمرهم .مسلسل التفاوض باخ فى نظر السودانيين ولم تعد تهمهم هذه الجولات المكرورة بلانتيجة.يبدو لى ان طرفي التفاوض فى اديس ادمنا اللعبة فأصبح التفاوض هو الغاية. القضايا التى يجرى التفاوض حولها بدأ التفاوض حولها فى نيفاشا وما قبل نيفاشا منذ العام 2003 عبر كل هذه السنوات بحثت هذه القضايا وما استجد فيها قليل ولكن للاسف لم يصل المتفاوضون لاتفاق وهم بلد واحد، والان مضى العام الاول للدولة الوليدة ولم يصلوا لاية نتيجة.ياترى اين العلة التى جعلت الاتفاق مستحيلا.هل فى القضايا نفسها ام طرائق التفاوض ام المفاوضين ام الوساطة؟. يبدو لى ان هنالك حالة عبث تعم اطراف التفاوض كلها والقاسم المشترك فى هذا العبث هو عدم توفر الرغبة والارادة السياسية لدى طرفي التفاوض .تتناوب الطرفين فى هذه الحالة فحين تكون الرغبة والظروف متوفرة لطرف تجد الطرف الاخر فى اقصى مدى فى تشدده ورفضه لاية حلول.الحكومة السودانية تتفاوض بجناحين مجموعة على طاولة التفاوض واخرى تمسك بالملف بالخرطوم. وفد التفاوض الذى اكتسب خبرة مقدرة فى ادراة التفاوض مع دولة الجنوب كان دائما اميل للتوصل لحل ما، ولكن غالبا مايجرى اجهاض جهوده. خذ مثلا ما جرى لاتفاق نافع-عقار الذى قام وفد المفاوضين الممثلين لحزب الحكومة بتوقيعه سرعان ما تم نسفه من مجموعة داخل الحزب لاتميل اصلا لاى اتفاق مع الجنوب.اكثر من مرة ساهمت الحكومة فى انهيار المفاوضات بسقف مطالب غير واقعية مثلا المطالبة ب32 دولارا كرسوم لعبور اى برميل نفط..!! بالطبع ليس ذلك معقولا ولايعكس رغبة حقيقة فى التوصل لتسوية عادلة.. كان يمكن للحكومة بناء موقف تفاوضى اكثر معقولية ولكن بهذا الموقف صعبت على نفسها التفاوض والتراجع فى ان واحد. اما طريقة تفاوض حكومة الجنوب فحدث ولاحرج.اتسمت طرائقها دائما بالمناورات قصيرة النظر والتكتيكات المفضية للاشئ.وبدا واضحا ان التفاوض والتشدد مع الشمال وعدم التوصل لنتيجة هو الطريق السهل لتعظيم جماهيرية المتفاوضين فى الوفد. فبقدر ماتطرفوا بقدر ماكسبوا داخليا لان حالة الكره التى انتبابت الجنوبيين لكل ماهو شمالى بعد الاستقلال هي السائدة فى الساحة الجنوبية حاليا. كان المؤمل ان تحرص القيادات الجنوبية على مصالح شعبها والا تنقاد لمشاعر غضب مؤقتة فتضيع مصالح شعبها. مافائدة القيادة اذا كانت تتبع رغبات شعوبها الساذجة واللاعقلانية؟.السمة الاخرى هى التكتيكات قصيرة الاجل. خذ ما حدث خلال اليومين السابقين. اعلن وفد التفاوض الجنوبى انسحابه من التفاوض المباشر مع حكومة الشمال وسبب ذلك الموقف بأن الحكومة السودانية قصفت مواقع داخل حدود الجنوب.كان يمكن لحكومة الجنوب ان تلجأ للآلية التى تم تشكيلها لحل مثل هذه الازمة مع استمرارها فى التفاوض، ولكنها قفزت مباشرة لنسف عملية التفاوض المباشر التى كانت المؤشرات كلها تشير الى انها تمضى بصورة جيدة ويرجى حصد نتائج جيدة فى هذه الجولة.ولكن النظرة القصيرة والتكتيكات التى بلامعنى دائما ما تسيطر على عقلية المفاوضين فتتكرر تلك الألاعيب الصغيرة التى لاتصمد اذ سرعان ما عاد الوفد لطاولة التفاوض خلال 24 ساعة. لجنة السيد امبيكى تخوض فى هذا العبث وتقديرى السبب هو عجزها عن تقديم اية مقترحات قادرة على حل اى من عقد القضايا المطروحة. وهذا مادفع لجنة الامن والسلم الافريقى لترحيل قضية المفاوضات لمجلس الامن فصدر القرار الغريب 2046 .وسط هذا العجز وعدم توفر الارادة السياسية يتابع الجميع حالة التفاوض العبثية بلا مبالاة والى ان تمتلك الدولتان العزم والارادة لانهاء هذه الحالة، ادعو الجميع لمتابعة مسلسلات رمضان والبرامج الهايفة مثل حوار نيشان وسمر والرجال!!