سُكتُم بُكتُم    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    إسرائيل والدعم السريع.. أوجه شبه وقواسم مشتركة    السودان شهد 6 آلاف معركة.. و17 ألف مدني فقدوا حياتهم    شاهد بالفيديو.. مذيعة تلفزيون السودان تبكي أمام والي الخرطوم "الرجل الذي صمد في حرب السودان ودافع عن مواطني ولايته"    مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات    مصر: لا تخرجوا من المنزل إلا لضرورة    الملك سلمان يخضع لفحوصات طبية بسبب ارتفاع درجة الحرارة    واصل برنامجه الإعدادي بالمغرب.. منتخب الشباب يتدرب على فترتين وحماس كبير وسط اللاعبين    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقائع ومشاهد يوم 6/6/2011م : (نفير جنوب السودان الثاني بجنوب كردفان)
«الكتمة» (13)

استعرضنا فى الحلقة السابقة الظروف والملابسات التى أدت إلى إضراب وزراء الحركة الشعبية، وخلصنا إلى أن السبب الجوهرى لذلك الإضراب يعود وبالدرجة الأولى لصراع التيارات المتنافسة فى كابينة القيادة بالحركة الشعبية، فيما بين ما أصطلح على تسميته بمجموعة (أولاد قرنق) ومجموعة ما أصطلح بتسميته (الوطنيون الجنوبيون)، وتكشف سلسلة قوائم التعديلات الوزارية فى حقائب الحركة الشعبية بحكومة الوحدة الوطنية التى تقدم بها السيد سلفاكير لرئيس الجمهورية والتى بلغ عددها الثلاث قوائم وقتئذ عن ذلك بجلاء تام.
وأوضحنا خطأ إستخدام وسيلة الإضراب لحل مشكلة تنفيذ الإتفاقية، وذلك لأن الإضراب يعطل عمل أهم آلية من آليات تنفيذ الإتفاقية وهى حكومة الوحدة الوطنية، والتى إتفق الطرفان فى إتفاقية وسائل تنفيذ إتفاقية السلام الشامل على قيامها بمهمة تنفيذ كل المسائل والأنشطة ذات الطابع التنفيذي القومي فى الإتفاقية، يصبح والحال كذلك تعطيلها بحجة التلكؤ فى إنفاذ الإتفافية مصادرة للمطلوب.
شرحنا أيضاً فى الحلقة السابقة أن مهمة تقويم وتقدير مسار إنفاذ الإتفاقية، هى مهمة مفوضية التقويم والتقدير والتى تضم طرفي الإتفاقية والشركاء من المجتمع الدولى الذين أسهموا فى تسهيل عملية التفاوض ... ولا شك أن الطرفين باتفاقهما على ذلك المنبر المؤسسي لتقويم مسار إنفاذ الإتفاقية كان القصد الأساسي منه منع التقديرات الأحادية بشأن مسار التنفيذ، وحتى تتسم عملية التقويم والتقدير بأعلى درجات الشفافية والحيادية فقد أشركا طرفاً ثالثا فى ذلك الأمر، بل جعلا منه رئيساً لتلك المفوضية ، يذكر أن المرحلة الأولى من عمر الإتفاقية (النصف الأول من عمر الفترة الإنتقالية البالغ قدرها ثلاث سنوات ونصف السنة) تولى رئاسة تلك المفوضية السفير توم فرانسلين النرويجي الجنسية ، بينما تولى رئاسة المفوضية للمرحلة الثانية من الفترة الإنتقالية السفير ديرك بلمبلى البريطاني الجنسية ، علماً بأن عضوية المفوضية تشمل إضافة لرئيسها وممثلى طرفي الإتفاقية ، ممثلين للأمم المتحدة ، الجامعة العربية ، الإتحاد الأفريقي ، الإيقاد ، الولايات المتحدة ، بريطانيا ، النرويج ، هولندا وإيطاليا .
إستعرضنا فى الحلقة السابقة أيضاً ، الجهود والإتصالات التى أضطلع بها السيدان محمد لطيف وجمال الوالى ، وأسفرت عن جمع مجموعتين قياديتين بمنزل الأخير ، وما دار من نقاش بينهما حول الأزمة الراهنة ، وإتفاقهما على مواصلة الحوار بذات المكان (منزل جمال الوالى).
المريخ والرجاء المغربي فى قلب الأزمة :
تواصلت اللقاءات المسائية بمنزل جمال الوالى ، وأسفرت تلك اللقاءات عن إتفاق الطرفين على منهج الحل التالى للأزمة :
1-أن يكون الحل وطنياً وبالرئاسة ، دون اللجوء لأى وسيط أجنبي .
2-أن يتفق الطرفان على القضايا الكبرى وبناء رؤية مشتركة حولها (الحل وفقاً لمنظور ومنهج إستراتيجي شامل) .
3-إتخاذ إجراءات لبناء الثقة بين الطرفين، مع إرسال رسالة تطمين للشعب السوداني بشأن تماسك عملية السلام وعدم العودة للحرب .
بشأن النقطة الثانية فقد إتفق الطرفان على أن يعد كل طرف رؤيته للمسار الإستراتيجي للخروج من الأزمة السياسية الماثلة، وبشأن إجراءات طمأنة الرأى العام فقد اتفقا على أن يشكل النائب الأول حضوراً أكثر بالخرطوم وفى ذلك إشارة معبرة وقوية بأن العودة للحرب ليست ضمن خيارات حل الأزمة، وبالفعل وصل النائب الأول للخرطوم وتم التخطيط ليشهد مباراة فريق المريخ ضد الرجاء المغربي فى البطولة العربية، وأن يلتقى وزير الدفاع الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين ويقوم الاثنان بالإدلاء بتصريحات صحفية واضحة حول أن العودة للحرب لا تشكل أحد الخيارات المطروحة.
كانت لتلك الأنشطة ذات الدلالات الرمزية المعبرة أثرها فى تهدئة الأوضاع والرأى العام بشكل عام بعد حالة القلق والتوتر التى شهدتها البلاد بسبب إضراب وزراء الحركة الشعبية، وللحق فقد لعب ياسر عرمان دوراً مهماً فى تلك اللقاءات وما تلاها من أنشطة بقصدالتهدئة.
الدور المحوري لعرمان :
ولعل هذه مناسبة لتسليط الضوء على شخصية ياسر عرمان، بوصفها شخصية مثيرة للجدل على مستوى الساحة السياسية السودانية، وشخصية لها تأثيرها الفاعل على العلاقة بين الشريكين، بل وامتد تأثيرها حتى للحرب الأخيرة بجبال النوبة، وسيكون تركيزي فى هذه الحلقة منصباً على الدورين الأولين وأترك دوره فى الحرب الأخيرة لحلقات لاحقة .. وأعد القارئ بأن أجتهد فى أن أتمثل وألتزم بالآية الكريمة ( يَأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
يمكننا أن نؤرخ للظهور السياسي لعرمان بفترة بداية الثمانينيات عندما إلتحق بجامعة القاهرة فرع الخرطوم، وكان كادراً ناشطاً بتنظيم الجبهة الديمقراطية (الواجهة الطلابية للحزب الشيوعي السوداني بقطاع الطلاب)، والواضح أنه كان متأثراً بالطرح الجيڤارى (منسوباً ل تشي جيڤارا)، وأعتقد بحكم معايشتى له أن هذه الشخصية تلبسته تماماً، وهذا يتضح من خروجه على تنظيمه وقيادته لإنقسام داخله وغادر بعدها مباشرة منضماً للحركة الشعبية التى كان طرحها وقتئذ حسب مانفستو تأسيسها ماركسياً لينينياً قانياً ، كما أن وجود رئاستها فى دولة إثيوبيا التى كان على سدة رئاستها منقستو والذي كان عراب دول المحور الشرقي ، وأنشأ ما يشبه الحلف يضم بجانب إثيوبيا ، اليمن الجنوبي ، ليبيا والعديد من الدول الأفريقية والعربية ، كل هذه المعطيات شكلت مصدر إلهام لياسر للإنضمام للحركة الشعبية ، مختصراً مراحل الثورة التى برع الشيوعيون السودانيون فى تسمياتها وتحديد أهداف كل مرحلة منها ، كما إستلهم من جيڤارا هجراته المستمرة إلى كوبا وأنغولا والكنغو مسانداً للحركات الثورية الشيوعية الأفريقية ، فغادر ياسر إلى معسكر إيتانق منضماً إلى الحركة الشعبية ، ورغم العنت الذي واجهه فى الغابة فقد صبر عليه ، ففى أثناء التدريب قام أحد الجنود المتدربين بالخروج من الطابور وتقدم مباشرة حيث يوجد عرمان وقام بطرحه أرضاً وقضم أذنه مبرراً تصرفه ذلك بقوله (يا مندكورات خلينا ليكم السودان كلو جايين لاحقننا هنا فى الغابة ) ... يتمتع عرمان بطاقة جسدية وذهنية عالية جداً، فهو آخر من ينوم من قيادات الحركة الشعبية وأول من يستيقظ ، ذهنه متقد وحاضر البديهة وصاحب مبادرة، يتقن تماماً صناعة الأزمات ويتقن فى ذات الوقت وبنفس المستوى حل تلك الأزمات، لا شك لدى مطلقاً أنه كان وراء معظم الأزمات السياسية التى حدثت خلال الفترة الإنتقالية، ولكنه وفى ذات الوقت كان صاحب المبادرة لحل كل تلك الأزمات سواء التى صنعها هو أو التى تسبب فيها غيره ، لديه قدرة عالية على إلحاق الأذي وإفساد أى عمل لا يكون طرفاً فيه، فهو نموذج معبر وحي للقاعدة الشعبية (يا فيها يا أطفيها) علاقته مع أبناء جنوب السودان تحمل قدراً عالياً من التناقضات فعلاوة على ما ذكرنا من قصة حدثت له أثناء التدريب ، فإنه وفى إتجاه آخر سعى لتقوية علاقته الشخصية مع الجنوب فتزوج شقيقة د.لوكا بيونق وهو زواج له دلالاته الكثيرة أهمها إختياره للقبيلة والعائلة الأكثر تأثيراً ونفوذاً داخل كابينة قيادة الحركة الشعبية (أولاد أبيي)، معظم قيادات الحركة الشعبية يلعنونه فى غيابه، ولكن لا يتجرأون على مخالفة رأيه بحضوره إذ أن لديه قدرة كبيرة فى التأثير عليهم بلا إستثناء، طريقته فى العمل السياسي تعتمد على تقوية علاقاته مع قمة هرم السلطة فى التنظيم الذي ينتمى إليه، فوثق صلته بزعيم الحركة الشعبية د.قرنق وأصبح الأخير يعتمد عليه فى مخاطبة الرأى العام عبر تكليفه بمهام الناطق الرسمي بإسم الحركة الشعبية، ويبدو أنه لاحظ ولهه بالإعلام والتصريحات الصحفية، وظل هذا الوله مصاحباً له فلاحقاً وبعد توقيع الإتفاقية وحضوره الخرطوم لا تكاد صحف الخرطوم تخلو من تصريحات شبه يومية له ... يعتمد أيضاً على بناء سلسلة من اللوبيات والتحالفات والأشخاص فى تعامله داخل تنظيمه ويلاحظ ذلك بوضوح فى قيادته لقطاع الشمال وعلاقاته مع بقية أجهزة الحركة الشعبية.
اللجنة السداسية :
عوداً على بدء فقد تمخضت تلك الإجتماعات المشتركة عن الإتفاق على رؤية إستراتيجية شاملة لحل الأزمة وتكوين لجنة سداسية من الطرفين (3 من كل طرف) تضطلع بمهمة تفصيل تلك الرؤية لبرنامج تنفيذي لحل المشكلة مقترناً بأزمنة وتوقيتات محددة للتنفيذ مع بيان جهة التنفيذ .
ولعله من المفيد أن نستعرض هنا الرؤية الإستراتيجية التى أتفق عليها الطرفان لحل الأزمة السياسية :
الموجهات الإستراتيجية الرئيسية لحل الأزمة السياسية :
أ/ الموجهات الرئيسية :
1 -تعمل الرئاسة وقيادة الحزبين على إزكاء وتجديد روح السلام وإتفاقية السلام الشامل عبر إجراءات لبناء الثقة.
2-تؤكد الرئاسة وقيادة الحزبين إلتزامهما بحق تقرير المصير لأهل جنوب السودان ، ويجدد الحزبان النداء والإلتزام الوطني بجعل وحدة السودان خياراً جاذباً ، ويبادران فى سبيل ذلك بإطلاق برامج قومية فى المجالات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية التي من شأنها أن ترقي وتقوي العلاقة بين الشمال والجنوب .
3-تؤكد الرئاسة وقيادة الحزبين إلتزامهما بالتحول الديمقراطي وإجراء إنتخابات عامة حرة ونزيهة حسبما نصت عليه إتفاقية السلام الشامل.
4-تجدد قيادتا المؤتمر الوطني والحركة الشعبية إلتزامهما التام بتنفيذ إتفاقية السلام الشامل وتقوية وتعزيز الشراكة ويعملان معاً لمواجهة التحديات التي تواجه البلاد .
5- تشرع الرئاسة وقيادة الحزبين في إقامة آلية مشتركة للوقوف على التحديات الإستراتيجية التي تواجه البلاد بهدف الخروج برؤية وخطط مشتركة، لتنسيق المواقف إزاء القضايا المختلفة تبعاً لذلك .
6- توجه الرئاسة جميع مستويات الحكم والمؤسسات العامة وسائر الأجهزة وأعضاء الحزبين بمراعاة نص وروح إتفاقية السلام الشامل .
ب/ الإجراءات العاجلة :
إتفق الطرفان على الإجراءات العاجلة التالية لبناء الثقة بينهما :
1- ينخرط الطرفان فى حوار ونقاش جدى للنظر فى إنشغالات الطرفين بشأن تنفيذ بروتوكول أبيي .
2- مراجعة موقف إعادة نشر القوات المسلحة للطرفين وفقاً لبروتوكول الترتيبات الأمنية ، والإتفاق على جدول زمنى تداركى لحل مشكلة إعادة الإنتشار .
3- كيفية تفعيل القوات المشتركة .
4- تأمين حقول النفط بالجنوب .
5- معالجة مشكلة الإحصاء السكاني (معالجة إختلاف الطرفين بشأن إستمارة التعداد) .
6- حل مشكلة ترسيم الحدود .
7- مراجعة موقف تنفيذ بروتوكول المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) .
8- وضع المؤسسات القومية بالجنوب .
9- إطلاق عملية المصالحة الوطنية .
10- تعيين وإعفاء شاغلى المناصب الدستورية من ممثلى الطرفين فى مستويات الحكم المختلفة .
11- تعزيز سيادة حكم القانون .
12- الإعلام والصحافة .
13- قطاع النفط .
14- رئاسة الجمهورية .
من خلال ما اتفق عليه الطرفان من رؤية حسب ما ورد أعلاه ، فالواضح أن الطرفين بصدد عملية مراجعة وجرد حساب لمسار إنفاذ إتفاقية السلام الشامل ووضع المعالجات اللازمة ... لقد كلفت اللجنة السداسية للقيام بتلك المهمة .
تشكلت اللجنة السداسية من ثلاثة أشخاص من كل طرف حيث مثل فيها المؤتمر الوطني (الدرديري محمد أحمد / يحي حسين / سيد الخطيب / أحمد هارون / د.مطرف صديق) فيما مثل الحركة الشعبية (كوال مانيانق / بول ميوم / باقان أموم / مالك عقار / د.لوكا بيونق وياسر عرمان) .
بتكوين اللجنة على ذلك النحو وإجازة رئاسة الجمهورية للرؤية الإستراتيجية إنتقلت الإجتماعات من منزل الأخ / جمال الوالى إلى قاعة الصداقة بالخرطوم، وفى بادرة طيبة تحمل عرفان وشكر الطرفين للسيد جمال الوالى، إتفق الطرفان على أن تعقد اللجنة السداسية أولى إجتماعاتها بمنزل جمال الوالى قبل إنتقالها الرسمي لقاعة الصداقة وذلك لتقديم الشكر له لإستضافته وتسهيله لمهمة الطرفين فى الخروج من الأزمة ... كما قررت اللجنة الإلتقاء بنائب الرئيس (الأستاذ / على عثمان) الذي رعى ودعم وبقوة بأفكاره وبتشجيعه اللقاءات والإجتماعات المشتركة بين الطرفين، والتى أثمرت عن الرؤية الإستراتيجية للحل وتكوين اللجنة السداسية وذلك للتزود بنصائحه وتوجيهاته بشأن مهمة اللجنة ... وبالفعل إلتقى اللجنة وحثها على ضرورة العمل بروح الفريق الواحد وشدد على ضرورة أن تكمل اللجنة أعمالها وفى أقصر مدى زمنى ممكن ... كما حثها على ضرورة أن تواصل مبادراتها الرامية لإحداث تهدئة وإرسال رسائل موجبة للرأى العام لإزالة آثار التوتر والقلق الذي أحدثه إضراب وزراء الحركة الشعبية عن العمل .
إنطلقت أعمال اللجنة السداسية بقاعة الصداقة فى تمام الحادية عشرة صباح يوم 6/11/2007م وتم فى ذلك الإجتماع الإتفاق على منهج العمل على النحو التالي :
1/ أن تكون جلسات عمل اللجنة صباحية ومسائية بقاعة الصداقة .
2/ أن تعمل اللجنة بثلاثة أعضاء من كل طرف على المائدة .
3/ تعيين السيدين الدرديري محمد أحمد وياسر عرمان كناطقين رسميين باسم اللجنة .
4/ أن يتم بحث القضايا الإستراتيجية (الوحدة ... الإنتخابات ... إلخ) لبناء توافق كلى بشأنها كأولوية للحوار .
5/ إعطاء عناية خاصة لقضية أبيي والمنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) .
6/ بحث إجراءات التهدئة على الصعيدين العسكري والإعلامي .
7/ عقد جلسات سماع للأجهزة والمفوضيات المشكلة بموجب الإتفاقية للوقوف على أدائها ومعالجة المشكلات التى تعترض أداءها (مجلس الدفاع المشترك ، قيادة الوحدات المشتركة المدمجة ، مفوضية الإحصاء ، مفوضية ترسيم الحدود ، بنك السودان ، مفوضية البترول ... إلخ) .
العودة إلى حائط المبكى :
لدى بحث اللجنة السداسية للقضايا الإستراتيجية إنضم للإجتماع مترئساً وفد الحركة الشعبية السيد باقان أموم ، وبدأ فى طرح رؤية الحركة الشعبية لتلك القضايا بما يمكن تلخيصه على النحو التالى :
-أوضح أنه سيتحدث وبقدر عالٍ من الصراحة والوضوح ، وسيبدأ حديثه بسؤال يعتقد أنه يشكل جوهر المشكلة القائمة وهو : هل نحن شركاء ؟ من هو العدو فى نظر أى من الطرفين ؟ ما هو الخطر ؟ وهل نحن بصدد شراكة حقيقية ؟ .
-أجاب على تلك الأسئلة بأنهم فى الحركة الشعبية يعتقدون بأن المؤتمر الوطني لا ينظر للحركة الشعبية بوصفها شريكاً بل ينظر إليها بوصفها عدوا، وأنها مصدر خطر ، وهذا الإفتراض قائم على نظرة خاطئة من جانب المؤتمر الوطني للحركة الشعبية بأنها حركة إنفصالية ، لذلك طور المؤتمر الوطني برنامجا وخطة يستهدفان تكسير الحركة الشعبية حتى يكسب وحدة السودان ، وخطة تكسير المؤتمر الوطني للحركة الشعبية تقوم على جعل عملية تنفيذ الإتفاقية عسيرة ومرهقة للحركة الشعبية، بحيث لا تخرج منها سالمة وذلك حتى لا ينفصل الجنوب .
-رغم ذلك تعتقد الحركة الشعبية أن هناك فرصة للعمل مع المؤتمر الوطني متى ما أزال قناعاته بأن الحركة الشعبية عدو له وعاملها كشريك وأطمأن لها ووثق بها .
-أضاف صحيح أننا جميعاً أسرى للروح القديمة وللتركة المثقلة لمرارات الحرب وعدائياتها وما تخلقه من شك ، ولكن يجب أن نحرر أنفسنا من تلك التركة وأن نطلق سراحنا منها وأن نعمل معاً .
-أكد أن الحركة الشعبية وحدوية ومستعدة للعمل مع المؤتمر الوطني فى برنامج الوحدة، وهذا رأى التيار الرئيسي فى الحركة ... صحيح أن هناك إنفصاليين بالحركة الشعبية ولكن مقدور عليهم ، وأشار بقوة إلى أن الحركة الشعبية هى التى تملك دون غيرها إمكانية جعل الوحدة ممكنة .
-أشار إلى أن تجربة الحروب الأهلية السابقة فى السودان تشير إلى أن قرار الحرب لا تتخذه القيادة السياسية للجنوب بل يتم إتخاذه على مستوى القواعد، وحينها يجد القادة أنهم أمام أمر واقع ، وضرب مثالاً لذلك بالحرب الأهلية الأولى عام 1955م فحينها كان القادة السياسيون للجنوب بالخرطوم لمناقشة أمر إستقلال السودان ووضع الجنوب الإداري وأثناء ذلك بدأ (الشاويشية) فى الجنوب الحرب وإنضم لهم السياسيون بعد ذلك ، أشار أيضاً إلى أن الحرب الثانية بالجنوب 1983م وقعت عندما كان موقعو إتفاقية أديس أبابا (جوزيف لاقو / أبيل ألير) بالخرطوم يناقشون أمر تقسيم الجنوب من عدمه ، فقام صغار الضباط ببدء الحرب بالجنوب ، وتبعاً لهذا التحليل فإنهم يخشون إنفراط عقد السيطرة من أيديهم كحركة شعبية .
لخص موقفهم فى الآتي :
(1) إنهم جاهزون لإعداد برنامج لإنجاز الوحدة والعمل بكل طاقتهم لتنفيذه .
(2) إنهم جاهزون لبناء تحالف سياسي قوى وإستراتيجي مع المؤتمر الوطني لخوض الإنتخابات .
(3) إن المفتاح لذلك العمل هو حل قضية أبيي بالموافقة على تقرير لجنة الخبراء ، لأن قضية أبيي مهمة بالنسبة لهم لأنها هى التى إندلعت منها شرارة الحرب الثانية فأوقدت نار الحرب ببور ، وأن أبناء أبيي يشكلون حضوراً قيادياً بالحركة لا يمكن إغفاله وأن الجنوب بأسره يتضامن مع أهل أبيي فى قضيتهم .
الواضح من الطرح أعلاه أن الحركة قررت المساومة بورقة أبيي لإعطائها أبيي مقابل أن تعمل مع المؤتمر الوطني فى قضيتي الوحدة والإنتخابات،
فماذا كان رد ممثل المؤتمر الوطني على مرافعة باقان وتحليله للأوضاع :
- موقفنا كمؤتمر وطني مبدئي فى رفض تقرير خبراء أبيي وليس هناك مجال للتراجع أو المساومة .
- لا يرى المؤتمر الوطني ثمة إرتباط بين الوحدة والإنتخابات وقضية أبيي ، فبشأن الوحدة فإن المؤتمر الوطني حزب وحدوى ويفترض أن الحركة كذلك ، علماً بأن المؤتمر الوطني والحركة لديهما إلتزام بموجب إتفاقية السلام بالعمل من أجل الوحدة فلا مجال للمساومة هنا ، أما بشأن الإنتخابات فالأصل أنها قائمة على المنافسة ولا يوجد حزب يبنى برنامجه وخطته لخوض الإنتخابات إعتماداً على قدرات الآخرين ، فالأصل أن ننافس بعضنا البعض والإستثناء أن نتحالف وقبول المؤتمر الوطني للنقاش حول الإنتخابات بإعتبارها قضية إستراتيجية لا يعنى أن المؤتمر الوطني أتخذ قراراً بالتحالف مع الحركة فى الإنتخابات ، وأيضاً لا توجد منطقة مساومة هنا ، علماً بأن قضية الإنتخابات والوحدة طرحتا من قبل الحركة الشعبية بإعتبارها قضايا كبيرة وإستراتيجية والإتفاق بشأنها يسهل التعاطى مع القضايا الأخرى .
بشأن أبيي فإن موقف المؤتمر الوطني مبدئي ،فالمؤتمر الوطني ينظر لأبيي كأرض وكمواطنين ، وهو قادر وفى كل الأوقات على النظر إليها بعيداً عن سياق البترول ، كما أن لأبيي قيادات جديرة بالأهمية فى المؤتمر الوطني .
هذا هو نهج الحركة الشعبية دوماً ، فدوماً ما تخرج من النص عند أية بداية وتعتمد تكتيك إطلاق بالونات الإختبار فى كل إتجاه ، وتعتمد أسلوب التجارة الهندية أو طريقة (تشاشة الطبالى) تبدأ من أعلى سقف وطرح قضايا كبيرة ولكن فقط لأغراض تكتيكية فعينها دوماً تكون مركزة على قضية محددة تحاول المساومة بشأنها .
على العموم، سارت أعمال اللجنة السداسية فى بداية إجتماعاتها وفق لذلك المنهج إلا أنه سرعان ما عكف طرفاها على عملية جرد حساب دقيقة لمحصلة تنفيذ الإتفاقية ، فخرجا بما عرف فى الرأى العام بالمصفوفة ، والمصفوفة هى عبارة عن تفصيل لأنشطة وإجراءات تبين كيفية وطريقة تنفيذ الموجهات الإستراتيجية التى أتفق عليها الطرفان فى شكل حزمة إجراءات تنفيذية مقترنة بجداول زمنية .
والناظر للمصفوفة التى تمخضت عن عملية جرد حساب للإتفاقية يجد أن مشكلات التنفيذ وبلا إستثناء تقع على عاتق الحركة الشعبية ، وسنأخذ الوضع بالمنطقتين أنموذجاً ، بإعتباره القضية المحورية فى هذه الحلقات ، ولم يكن تطرقنا إلى القضايا العامة المرتبطة بالمسار الكلى لإنفاذ الإتفاقية إلا من باب أن التعرض لذلك يشكل خلفية لا غنى عنها للتعرف على مجريات أوضاع حالة السلام بالمنطقتين ، والحال كذلك ستكون حلقاتنا القادمة أكثر تركيزاً على المنطقتين من خلال مدخل المصفوفة وما تمخض عنها من لجنة خاصة بمتابعة سير تنفيذ إتفاقية السلام بالمنطقتين كمحطة إنطلاق ندخل بعد إستيفائها لمحطات الشراكة بجنوب كردفان ، الإحصاء والإنتخابات ، الترتيبات الأمنية ، المشورة الشعبية وصولاً لكتمة يوم ستة ستة الساعة ستة 2011م ، وآفاق وفرص السلام فيما بعد الكتمة فتابعوا معنا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.