ما أجمل الونسة في كردفان.. وبوادي كردفان ومن النيل الأبيض إلى كردفان مساحات من الجمال من الرهد وتندلتي وود عشانا إلى أم روابة، وان كردفان خيره بره وجوه وصدق الشاعر حين قال مكتول هواك أنا يا كردفان وان ونستنا اليوم مع امرأة بلون الماء ومع أثر شعري لمدينة قد يكون مسبوقا أو غير مسبوق أم روابة متكأ صاحب ونستنا الشاعر عاطف حسن الشريف الذي فرض على الانصات والاصغاء في زحام متجانس من الشعر ووحدة من الجمال المتجرد يحملك في مسافات من الزمان والمكان ويؤانس مشاعرك في بساطة مزهرة عن موهبة شعرية لعاشق يهتز بالجمال ليدخلنا في مأزق السؤال وهو يسمو بكل القصائد في تحليق منه في سمو انساني وسؤال يحتكم فيه الشاعر عاطف لمعايير تمكنه من التغريد في فضاء الشعر في كراسته الشعرية بمفردات نبيلة من قاموسه الشعري:- لا تسألي لم أمتلك شرطاً بهذا الكون يوماً أن أكون كما أنا لو تملكين تخيري ما شئت ثم خذي جميع منافذي وتفيئي مني ظلال الروح إني قد أبحتك قلعتي باباً فباب ونجد عند الشاعر عاطف حسن الشريف جوهر الوعي بالشعر حضور وغياب يعابثه الحضور حشود الصور الشعرية متنقلة مستصحبة البيئة التي عاش فيها الشاعر وصارت من المستدرك في ذاكرته، وكأنى به يشم رائحة التراب عندما يخط قصيدة ارتعاش الطين:- إلى من منعتها يوماً رمال بلدتي ثم وهبتها إياها قيزانها.. ووهادها.. نالها.. وحرازها آه تقاسمني الغياب يا كل أهداف البحار قواقع الجسد الخراب هذي يداي بلا أصابع فيهما من رعشة الحما الرطيب تقدس الجسد التراب وقصيدة ارتعاش الطين تتكون من ستة مشاهد وما كتبته أعلاه المشهد الأول وفي كل مشهد تتداعى خبرة متكونة مكتنزة بالشعر لدى الشاعر عاطف حسن الشريف، والذي هو خريج إعلام في جامعة أم درمان الاسلامية ويعمل في التلفزيون في مجال الأخبار ولكنه دائماً عندما أقرأه يخبرني بقوافٍ محتشدة بالموسيقى والصور الشعرية والخيال الخصب كما يرسمه لنا في لوحته امرأة بلون الماء:- اشراقتي قمر توضأ ثم أفشى سره المخبوء في همس شفيف وانتحر مازلت أحتضن الأسى وأجيد تكرار الأحاجي والأساطير العتيقة والسير وشاعرية عاطف ضوء لا يخالطه غموض ووضوح ينير النفس في توسل مستطاب، وعبق من الذكرى ووجد وشجون ورؤى يخالطها الفراق في استنطاق وعي الزمان عندما يكتب أطياف الرحيل إلى منتصر حسين:- أنا ما أحتملتك أن تسافر هكذا حتى المدائن كلما حزني تضج ولا ترى تزيين خطوك في الثرى ومن خلال القراءات نجد أن الشاعر عاطف حسن قادم من منهل عذب فرات عاشق للصورة الشعرية حد التشبع في الجمال كما يستبان ذلك في مقارباته ومقاربة النص:- الشعر يخجل والحروف جميعها أن تبتديك وإذا حضرت فليس من لغة تجيش دلالة أو ليس ثمة من معاني تحتويك عيناك أجمل من جميع قصائدي لغة المعاجم والقواميس القديمة والحكي اليومي والهمس المخبأ في الصدور وندرك من خلال القصائد في الكراسة الشعرية أن عاطف صوت شعري جديد ومدهش وان القصيدة عنده ملامح واشكال وجداريات يكتب عليها بناءه الشعري كما في أخاف:- وتهمسين يومها تخاف قد خفت حين جئتني أجل للمرة الأولى أخاف وفي المقطع الثاني من القصيدة يحيره الشوق وتتجاذبه مرافئ الحنين والشجن:- واحترت كيف يكون خشوعي حين يفيض الشوق على محرابك أجثو أشعر أني هدب في عينيك نفس من رئتيك شيء كالمزلاج على بابك ومن توقيع عاطف الشعري فإن درب الشعر لديه واضح من خلال ملكاته واعترافاته في اعتراف:- أو تعلمين حقيقتي خبأتها أني أذوب إذ رنوت إلى من محارتين يطل كون منهما بحر ووديان.. وسرب من أيائل والشموس تراكضت حشد من الأسرار والألق وفي قوافي النواح قواف محتشدة بمعاني وتراكيب مدهشة تتمدد وتنداح إلى داخل الوجدان:- كفكفت دمعي واحتملت جراحي وكتمت في صمت أنين نواحي والليل داج يستفز مضاجعي يرنو إلى فمتى يحين صباحي وهيئة الخرطوم للصحافة والنشر جعلت تجربة الشاعر عاطف حسن الشريف مقروءة، وانها تستحق التوقف عندها لأنها كتبت بروح شاعر شفيف ارتقى لمصاف الشعراء بقصائده والترانيم القديمة:- الليل طال وأنت تجدل لها النجوم ضفائر في رأس من هذي الحروف الجافلات تشرئب توهجاً قلدتهن بجيد من؟ وإن الشاعر عاطف حسن الشريف يسكن شعره وكلماته وجماله، ولكنه لايتحدث كثيراً وعندما تقرأه تدرك انه صاحب معرفة بالكتابة الشعرية متعمق في نصوصه منداح في خياله، كما يصور أشواك الورد:- ترى من أين أتتك القسوة من ذكراك وأنت الطفلة أم عينيك المحرقتين كجمرة وامرأة بلون الماء تجربة شعرية لعاطف حسن الشريف تتجلى وتشتغل فيها الصورة بخصائص رائعة بتعدد قصائد الديوان، وبإلهام تتعدد فيه الوجوه التي تأخذ مساحة في الذاكرة وتكسبها دلالات جمالية، تستوقف القارئ لسياقاتها الشعرية الآسرة اللافتة، على وحدة القصيدة والربط بين أجزائها من أنفاس ووجدان الشاعر، عاطف حسن الشريف وأقول لكل في داخل منا طفل يرسم الحقيقة شمسا ساطعة.