لم يعد زج صور النساء والعارضات يقتصر على دعايات العطور والماكياج وصالونات الشعر، بل تعدى ذلك إلى مختلف أنواع المنتجات، فلم يعد المنتج بحد ذاته مهماً بقدر ما يتم الاهتمام بشكل العارضة والحركات والايماءات التى تقوم بها، ففي إحدى إعلانات منتجات التجميل السودانية مثلاً يبدأ المشهد من الشارع، حيث تقوم الفتاة بتتبع إحدى الفتيات الجميلات التى تستخدم المنتج مع ابتسامة جذابة، وبطريقة تصويرية غريبة تظهر تفاصيل ليست لها علاقة بالمنتج المعلن عنه، مثل خصلات الشعر التى تظهر تحت الثوب الذي ترتديه الفتاة والاكسسوارات، لتستمر المتابعة حتى تعلم الفتاة سر وجمال جاذبية عارضة الإعلان من خلال استخدام المنتج. وهكذا هو حال كل الإعلانات التى يكاد لا يخلو إعلان منها من استخدام الوجة الإنثوي، بشكلٍ أصبحت فيه المرأة جزءاً أساسياً من تركيبة أي إعلان، وتصاحبها خلفية موسيقية مخصصة للإعلان، وسواء كان الإعلان لأحد المشروبات او المأكولات أو شركات الاتصال أو حتى لأنواع الدهان والطلاء، فإن عارضة الدعاية تكون مطلية بماركات المكياج ولا يكون الجدار مطلياً. «الصحافة» حاولت فك طلاسم غزو المرأة لعالم الدعاية، ليبتدر عبد المنعم محمد أستاذ العلاقات العامة والاعلان حديثه ل «الصحافة» قائلاً إن القائمين على عمل الاعلانات خاصة المرئية منها يستخدمون للأسف جسد المرأة سلعةً للترويج تجذب حولها المستهلكين، مشيراً الى ان المعلنين بذلك يكرسون في ذهن المشاهد الحالة النمطية عن المرأة على أنها واجهة للاستهلاك، فتتكرس الفكرة في عقل المشاهد ثم يتبناها لتصبح لاحقاً حالة تعميمية بدلاً من أن تكون حالة شاذة، ماضياً في القول الى ان للإعلان تأثيراً كبيراً على أفكار وسلوكيات الأفراد في حياتهم اليومية، فالإعلان يعزز روح التملك والاستهلاك عند الانسان، ويثير شهيته وشهوته تجاه ما يعرض من سلع أو أفكار، ويدغدغ مشاعره وغرائزه، وهذا يتم تحقيقه باستخدام الوجه الحسن لتجذب الرجال، وتوجه وتخاطب النساء. وأوضح الاستاذ عبد المنعم ان 95% من الاعلانات تستخدم المرأة وتركز على جوانبها الانثوية كالجمال والابتسامة واللفتة، مع ملاحظة أن الإعلانات المذكورة تروج سلعاً ليست بالضرورة مرتبطة بالمرأة وتقع في دائرة اهتمامها. «قادر الله» قالتها منال عباس في بداية حديثها ل «الصحافة» مشيرة إلى أنه لم تكن هناك محطات تلفزة متاحة امام السودانيين سوى المحطة الرسمية وبعض القنوات التي تبث من دول مجاورة، لكن التقاط هذه القنوات كان يقتصر على القاطنين في المناطق القريبة من تلك الدول، وعموماً كان حجم الإعلان في المحطات التلفزيونية حينها صغيراً نسبياً، ويخضع لشروط واعتبارات أخلاقية صارمة، غير أن الأمور تغيرت مع رفع سقف الحريات، حيث انتشرت الصحون اللاقطة للبث التلفزيوني الفضائي على أسطح معظم البيوت، وارتفع عدد الصحف والمجلات الى اكثر من خمسين، وفتح المجال لدخول مئات الصحف والمجلات الاجنبية الاخرى الى البلاد لتواكب هذا الانفتاح، مع نمو كبير للاستثمارات التي راحت تبتكر مختلف الوسائل لتسويق منتجاتها، سواء في القنوات والصحف أو الشوارع التي باتت متخمة بالإعلانات التي تظهر في العديد منها فتيات جميلات لم نراهن قبلاً، على سبيل تعزيز عملية الإقناع بالسلعة المستهدف ترويجها.