٭ ألم حاد في الظهر دفع انتصار عبدالرسول للذهاب الى الطبيب (...) اختصاصي النساء والولادة بمستشفى ربك في ولاية النيل الابيض الذي امن على ضرورة اجراء موجات صوتية في الخامس من سبتمبر للتأكد من سلامة الجنين الذي كان في اشهره الاولى، وفي السابع من سبتمبر تسلم الاختصاصي النتيجة ليؤكد ايضا انه (ما في حاجة) .. خرجت انتصار وزوجها الهادي بخيت ويدها على الدواء الذي وضعته انتصار بعناية داخل حقيبتها وعادت للمنزل وانتظمت في تناوله بيد ان ملاحظتها لحالتها لم تمنحها استقرارا ودماء موجعة متقطعة تمشي اليوم لتصبح غدا تختفي يوما وتعاود ثانية.. لملمت انتصار اشياءها الصغيرة لذات الاختصاصي الذي امر في (9/12) باعادة الموجات الصوتية للتحقق من السلامة (المشتركة) فشرح للاسرة ان (النزيف) خارج الرحم ولا خوف ابدا.. منح التوضيح الاسرة راحة واطمئنانا فغادرت عيادة الطبيب ولكن ..!! ٭ عادت انتصار ونزيف يتواصل جريانه لتدخل من ذات الباب الذي خرجت منه قبل ايام قليلة بعد اكثر من تردد على مستشفى ربك لاجراء عملية مستعجلة (اجهاض) وفق رؤية الطبيب فكانت البداية طلبا عاجلا لتزويد المريضة بالدم جاءت الاولى زجاجات ثم خمس اخرى اخذت طريقها للجسد المنهك لتعلق جملة واحدة على فم الطبيب (الدم ابا يتجلط) .. فاتني ان اقول انه تمددت المريضة على طاولة العمليات ما يقارب الساعة وحدها داخل غرفة العمليات لأن الطبيب وطاقمه الطبي غادر الغرفة ل (فض اشتباك) بين ممرض ومريض في الخارج ليعود الجميع بعد (الجودية) ..! ٭ تواصل النزيف بحدة قاسية الى الحادية عشر ليلا بعد ان كانت اولى قطراته الدفاقة عند الثامنة مساء.. بزغ فجر اليوم الثاني وانتصار تفقد تدريجيا دماء حارة ما دفع الطبيب لاجراء عملية استئصال كامل للرحم مع استدعاء طاقم اختصاصي النساء والولادة من كنانة وكوستي.. تواصل تدفق الدماء الذي بلغ عدد زجاجاته ستة وسبعين زجاجة الا انه وعند الثانية فجرا لفظت انتصار انفاسها الاخيرة.. شيعها الاهل والاحبة والاصدقاء وزوجها الهادي بخيت وفي القلب شيء اكثر من سؤال حول ما دار بينه من حوار عن جهاز متعطل تماما هو (electric centrefuge) بمستشفى ربك الذي كانت ترقد داخل احدى غرفه انتصار في وجود اسعاف واحد يعمل فقط لترحيل الاطباء والآخر معطل تماما وكان الاعتماد على مستشفى كوستي الذي وصل اليه دم المتبرعين..!! - إنا لله وإنا إليه راجعون - الى جنات الخلد انتصار.. ٭ كم يا ترى من نساء وطني قد فارقت الحياة بسبب تعطيل الاجهزة والاسعاف ،تلك العربة التي تتعلق بها حياة المواطن فيبقى اسير سريرها الخلفي في رحلة استشفاء احيانا تتم بين الولايات ومالي اراها في ولاية النيل الابيض قد انتفى غرضها وتخصصت بترحيل الأطباء!! ومريضة مسجاة داخل غرفة تنتظر طوق نجاة للابحار نحو الشفاء لكنه استعصى بغياب وسيلة النقل لمستشفى آخر وغياب احد اهم الاجهزة وربما (المعالجة الغالية) فانبرى النزف جداولَ !! نواصل..