طاب يومك. أرجو أن يجد تعليقي على مجريات الأحداث ببرنامج حزمة خواطر مساحة بزاويتك الجريئة والمقروءة «نمريات» مع شكري. قبل أن يتثاءب ليل أمس، آويت إلى مضجعي المتواضع، بعد حراك مضن نهار أمس، وقلبي مثقل بهموم الحياة سعياً وراء لقمة عيش كريمة، تسد الرمق. وبينما النعاس اللعين يدغدغ جفنيَّ، امتدت أناملي المرتعشة لتدير مؤشر جهاز مذياعي العتيق، فالتقطت أذني عبارات تهمس بأن برنامج «حزمة خواطر» «أو بالأصح حزمة ذكريات»، يستضيف في تلك اللحظات البروفسير ابراهيم أحمد غندور السياسي المعروف، نهضت فجأة من مرقدي حتى أصغي بإمعان لما يدور بالبرنامج، كان اهتمامي بالغاً بالحدث، لعلاقتي الوطيدة بالضيف الكريم «غندور» فهو ابن جلدتي، وأحد النجباء النوابغ الأنقياء الذين أفخر وأعتز بتعليمهم يومذاك رسم الحرف، ونطق الكلمة بمدرسة الدويم الريفية الوسطى في مطلع الستينات من القرن المنصرم، وكما نوه البروف بذلك في حديثه للبرنامج. أما مقدم البرنامج هو العالم والإعلامي المرموق الدكتور اسماعيل الحاج موسى ابن مدينة الكوة المعتقة بأريج التاريخ، وينتمي الدكتور لأسرة عريقة، أدمن أبناؤها مصاحبة خير الجليس... وبرعوا في قرض الشعر، وهم في زهو الشباب! منهم الأديب الذرب عمر الحاج موسى، والشاعر الفذ معلم الأجيال عبد الرحمن الحاج موسى... عليهما الرحمة. كانت أسئلة وتعليقات الدكتور اسماعيل، التي جادت بها ذاكرته اليقظة تتسم بالصراحة والاعتدال، ووسامة العبارات التي وشجها بذكائه المتوقد، وكلها تدور حول المحطات الحياتية التي توقف عندها قطار «البروف غندور»، الذي أسعدنا، وشنف آذاننا بعباراته المنمقة المموسقة، والتي غلبت عليها الدقة والأمانة، وهو يرد ويجيب على أسئلة مقدم البرنامج. كان أسلوبه سلساً سهلاً ممتنعاً، عطره بلمحات بلاغية، وزينه بذكائه الفطري الذي لازمه منذ نعومة أظافره. تحدث البروف عن جذور وعراقة أسرته «الغندورية» الأم درمانية، كما حُظى مسقط رأسه - الدويم - بأطيب الحديث عن ارثه التاريخي وأصالته، وحضارته الموغلة في القدم، وتوأمته لبخت الرضا قلعة العلم والمعرفة. توقف البروف برهة بمحطة جامعة الخرطوم، التي تخرج فيها نطاساً لا يشق له غبار، وفي دهاليزها ارتمى في «أحضان الجبهة الإسلامية، بعد أن ارتشف 48 كوباً من الشاي «باللبن» أظنها للإغراء والترغيب! وكشف بصراحته المعهودة ميولة الرياضية مشجعاً القلعة الحمراء.. رغم أنه كان يلعب حارساً لمرمى فريق الهلال بالدويم! كما أوضح البروف عشقه للغناء مردداً أغاني الفنان عثمان حسين فنانه المفضل. ومما أثار حفيظتي المهنية «التعليم» تصريح البروف العقلاني بأن المكتبة الانجليزية التي حظيت بها مدارسنا في العهد الذهبي للتعليم، وخاصة بمدرسة الدويم الريفية، كانت المعين الذي لا ينضب، فنهلوا منها فأتقنوا وبرعوا في لغة أولاد جون تحدثاً وكتابة، والفضل كما قال «غندور» يعود لشخصي الضعيف فشكراً له. الأخ الدكتور المعتصم عبد الرحيم وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم. آمل أن تبادر وتضيف لاشراقاتك احياء مكتبة اللغة الانجليزية، لتنطلق عند حلول العام الدراسي القادم بمشيئة الله. وأن تخصص لها حصتان أسبوعياً، كما كان الحال في العصر الذهبي للتعليم. بالمكتبة الانجليزية نثري ذخيرة طالبنا اللغوية، ونطلق لسانه fluent كما تسهل عليه مخاطبة الآخرين واعتلاء المنابر «وكان مغالطين أسألوا البروف غندور» و«د. المتعافي» فهما يتحدثان الانجليزية بطلاقة. فما السبب؟. الشكر للدكتور اسماعيل الحاج موسى والبروف غندور، فقد أنعشا ذاكرتي الهرمة. والله الموفق. حسين الخليفة الحسن خبير تربوي