المعلم الذى لاتوفيه السطورحقه، ولا الكلمات مكانته السامية... هو ذلك الذى يحترق ليظل نور العلم متوهجا ومنيرا ، وهو شعلة العطاء ومشكاة الهدى، التى تربى وتشحذ الهمم وترفع شأن المجتمع، الى اعلى القمم.....المعلم هوالمنتج الحقيقى للانسان الفاعل ، الذى ينكر ذاته ويزرع بذرة الفهم والادراك فى العقول، لتنمو اشجارالمعرفة وتثمر خيراً ونماءً .....وهو بحق شمس تشرق بالامل على الوطن بالغد الافضل والمستقبل الامثل بأجيال قد ترسخت فيها القيم وتشربت افئدتها العلم..... و نسأل ماذا قدمنا نحن لهذه القامة.. المعلم المعطاء ؟،من دفاع وهو يعانى الامرين ظلم الحكومات المتوالية، التى لم تنصفه يوما ، واهمال الاعلام المكمم ،او المنصرف بكليته اجبارا او اختيارا عن قضيته.... لنقف عند ابيات من قصيدة لامير الشعراء أحمد شوقى عن المعلم وهو يقول :- قمْ للمعلّمِ وَفِّهِ التبجيلا كادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي يبني وينشئُ أنفساً وعقولا سبحانكَ اللهمَّ خيرَ معلّمٍ علَّمتَ بالقلمِ القرونَ الأولى أخرجتَ هذا العقلَ من ظلماتهِ وهديتَهُ النورَ المبينَ سبيلا الى ان يقول رحمه الله :- يا أرضُ مذ فقدَ المعلّمُ نفسَه بين الشموسِ وبين شرقك حِيلا ذهبَ الذينَ حموا حقيقةَ عِلمهم واستعذبوا فيها العذاب وبيلا في عالَمٍ صحبَ الحياةَ مُقيّداً بالفردِ ، مخزوماً به ، معلولا صرعتْهُ دنيا المستبدّ كما هَوَتْ من ضربةِ الشمس الرؤوس ذهولا ثم تعالوا معى لننظر عن كثب حال معلمنا السودانى المنسى ، خلف كواليس السياسة والمدفون فى دهاليز الاقتصاد ،غير المدرج فى قائمة الميزانيات العامة الا على الهامش المنفى اجتماعيا نعم ...هو... المعلم السودانى بعيدا عن التهويل او التأويل ولكن الحقيقة المجردة دون زيادة او نقصان او تغير....فهو يعانى مع هذا الغلاء الفاحش الذى طال كل بيت سودانى، من راتب ضئيل جدا، لايغنى من جوع ولايسمن من فاقة فاننى لا افترض ان متوسط دخل المعلم السودانى اكثر من 350جنيها سودانيا فقط او اقل فلنتخيل بان معلما رب اسرة ما تتكرم عليه الحكومة بهكذا راتب، لا يوصف الابانه هزيل جدا فكيف له ان يطعم اويسقى اسرته ،ثم يريد ان يوفر لها مسكناً ما ...هذا خلاف صف طويل آخر من الالتزامات المادية الاخرى من ملابس وكهرباء وماء وعلاج ....الخ فمن اين ياتى معلمنا المغلوب على امره بمال (معين) يكفيه او يقربه من معنى الكفاية ؟؟ فى ايام اصبحت المعاناة جزء من الانسان السودانى الذى توغل فيه شظف العيش وتمكن منه الفقر...فكيف بمعلم غلبان لا يقبض رواتبه الابعد شهور طويلة، وقد يمتد انتظاره لراتبه الضئيل لمدة سنة كاملة ،فى بعض الاقاليم وهو عاجز، ولايبقى له الا قاب قوسين او ادنى ويمد يده متسولا ضاربا بكرامته عرض الحائط .... فمتى يطل علينا صباح فأل وخير ينظر فيه للمعلم بعين الانصاف ،والاولوية وهو الذى حقيقة يستحق التكريم والتقدير والتبجيل..حتى لا تصبح مهنة المعلم مهنة طاردة منفرة اكثر مما هى عليه اليوم لانه ليس من المنطق ان نذر التعليم مهنة واهية غير مرغوب فيها اجتماعيا... الا عند الضرورات القصوى... بحيث انه لن يلجأ لمهنة المعلم الا من يحاصره الكفاف وترميه الى دائرة التعليم هذه الايام العجاف..