جاء في صحيفة «الصحافة» العدد «6952» يوم الخميس 27/12/2012م تحت عنوان «مخاوف من اشتعال الصراع السني الصوفي»، حديث لوزير الثقافة والإعلام محمد يوسف الدقير، نبه فيه الى ضرورة حسم المواجهات المرتقبة بين جماعة أنصار السنة المحمدية ومشائخ الطرق الصوفية مبكراً قبل بداية الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف، حتى لا يصل الصراع الى مرحلة العنف وحصاد الأرواح، واقترح الدقير في ورشة نظمتها إدارة المصنفات الأدبية والفنية بمحلية أمبدة، أن تقوم الجهات الأمنية بالقبض على الرؤوس الكبيرة والتحفظ على المتطرفين وإطلاق سراحهم بعد القفلة. انتهى وتعليقاً على حديث السيد الوزير الذي أرى أنه لم يكن موفقاً فيه، أقول إن الحق والباطل في صراع منذ أن خلق الله الكون، وأحيلك الى قوله تعالى في سورة المائدة: «وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ «27» لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ «28» إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ «29» فهابيل كان على حق ودافع عنه لأنه كان يخاف الله، وقابيل كان على باطل ودافع عنه أيضاً لانه كان من الظالمين، وكذلك الآن ما يدور بين أهل السنة والصوفية وبين السنة والشيعة وبين السنة والنصارى وبين السنة واليهود وبين السنة والكفار، على نفس النسق، ولست هنا لأحدد من هم على حق ومن هم على باطل، وأترك ذلك للقارئ الكريم. فمقترحك أخي الدقير يُفهم منه أن تُوقف السلطات الأمنية أي شخص وتسأله من شاكلة «الأخ متطرف ..؟» فإذا أجاب بنعم يتم اعتقاله وإلا فلا، وكذلك فيه شيء من الظلم لجماعة أنصار السنة، فليس من المنطقي أن تقوم الجهات الامنية بالتحفظ على المتطرفين وإطلاق سراحهم بعد «الغفلة» أقصد «القفلة» كما زعمت، فجماعة أنصار السنة كما عهدناهم أهل نُصح وإرشاد فلم يأمروا يوماً أحداً أن يُنادي غير الله كما يفعل القوم ولم يأمروا بعبادة القبور والتبرك بها، ولم يأمروا بضرب الطبل وإزعاج المارة، إنما أمروا بما أمر به الله ورسوله «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ» ودعوا بما أمرهم به الله «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ»، فطيلة مسيرة هذه الجماعة لم نسمع أنهم حملوا عصاً أو سيفاً لدعوة أحد أو نُصحه، وإنما ديدنهم اللين والرفق بمن يرتكبون المخالفات، والدليل أنهم أصبحوا مؤثرين في المجتمع على مختلف توجهاته، فإليك الشيخ محمد سيد حاج رحمه الله، كيف استطاع أن يحول عدداً من الشباب من الاستماع الى الأغاني الى الاستماع الى المحاضرات والدروس العلمية المفيدة لهم في دينهم ودنياهم رغم أن معظمهم لا يتبعون الى أية جماعة ولكن جمعهم قول الحق. والأمثلة كثيرة لا يسع المجال لذكرها. والله من وراء القصد.