جاءت فكرة جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي التي أطلقتها الشركة السودانية للهاتف السيار (زين)، تخليداً لسيرة وذكرى الأديب الخنذيذ الطيب صالح، لتحقق من خلالها أهدافاً متعددة تصب في خدمة الأدب والمعرفة . ولعلك تتفق معي أيها القارئ الكريم، بأن تؤمن شركة ربحية برسالة الثقافة والإبداع وأثرهما في الحياة المعاصرة، وتستشعر مسؤوليتها الاجتماعية ودورها التشجيعي لقيم الفنون والآداب، أمر رائع، والأروع من ذلك أن ينجح مشروع الجائزة -التي ولدت عملاقة نجاحاً منقطع النظير بتميزها واختلافها الإيجابي عن رصيفاتها بما إتسمت به من نزاهةٍ وصدق، وهي الآن تعكس وجهاً مشرقاً للقائمين على أمرها، بل ولبلدنا الحبيب بصفة عامة، وما قاله الدكتور عمار علي حسن، وهو من الفائزين بالجائزة في دورتها الأولى من جمهورية مصر، خير دليل على ذلك حيث قال في حديثٍ لي :(حقيقة أنا فزت بجوائز كثيرة، لكن أرقاها جائزة الطيب صالح، ودائماً أجعلها على صدارة الجوائز التي حصلت عليها سواء في القصة القصيرة أو الرواية أو البحث العلمي؛ لارتباطها بأديب كبير، ولأنها تتسم بالنزاهة والصدق) ويتعمق أكثر :( إنني اطلعت على الأعمال الفائزة فوجدتها جميعاً ترقى لمستوى الجائزة ، هذا ما يطمئن على نزاهتها وعدم وجود أي نوع من التلاعب فيها ، من يحصل على جائزة الطيب صالح يحصل عليها عن جدارة نتيجة هذه النزاهة والحيادية ) ويضيف إلى ذلك :( كثيرون يعزفون عن الجوائز ظناً منهم بأنها غير محايدة، وأن نتائجها محددة سلفاً، وهذا صحيح في أغلب الجوائز، لكن جائزة الطيب صالح تستبعد عن ذلك). و ما قاله الأديب القاص الدكتور بشرى الفاضل بحيادية لجان التحكيم يكفي لإيصال فحوى كتابة هذه السطور، حيث ذكر بأن الجائزة لو لم تكن محايدة لما فاز هو ، ووصى متمنياً بأن يقتحم المشاركون هذه الجائزة دون أي تردد، حيث قال : (أدعو المشاركين جميعاً وخاصةً الشباب أن يتقدموا بمجموعات كبيرة ، لجان التحكيم محايدة وإن لم تكن محايدة لما فزت أنا) .وتأتي قبل إفادته إفادات الروائي المصري الأستاذ سعد القرش، الذي فاز بالجائزة في مجال الرواية في دورتها الأولى، حيث أوضح : (لم أعرف أحداً في اللجنة إلى الآن، ولم يعرفني أحد، وهذا نوع من صدق لجنة تحكيم الجائزة مع الجمهور. إنني كنت لا أثق في الجوائز المصرية والعربية عموماً لأن فيها أموراً مثيرة للشبهات ، أما جائزة الطيب صالح فأنا أنصح كل من لديه نص أن يرسله إلى هذه الجائزة التي أثق تماماً في مجلس أمنائها ، هذه الجائزة نزيهة بالفعل، والفائز بها هو جديرٌ بنيلها، وجدير بأن يقترن اسمه واسم عمله بالطيب صالح) .ويردف على ذلك القاص المصري الأستاذ / حسن صبري كاتب المجموعة القصصية فيلا كارمن، الفائزة في الدورة الثانية للجائزة موجهاً حديثه لأصحاب ملكات الإبداع الكتابي :( قدموا أعمالكم. جائزة قيمة ونزيهة جداً ويتم تقييم الأعمال بنزاهة وحيادية تامة وهذه مهمة . الجائزة لها صفة العالمية. الناس تتقدم وهي في غاية الاطمئنان) . ومن طرائف الفائزين أن الأستاذ فؤاد قنديل الذي ألف خمسين مؤلفاً، وحصل على عدد كبير من الجوائز عندما وجهت له الدعوة وسألته هل تحب الذهاب إلى السودان؟ قال لي إنه وافق ولم يكن يعلم أن هناك جائزة تنتظره ، والطريف أيضاً أن أحد المحكمين في الدورة الأولى فوجئ بفوز الأستاذ أحمد أبو حازم ولم يكن يعرف أن العمل الذي قيمه كان من تأليف أبو حازم، لأن الأعمال ترسل للجان التحكيم مرقمة بعد شطب وإزالة بيانات المشاركين تماماً، وكل ما يمكن أن يشير لذلك واستبدالها بأرقام . دفعني الفضول لمعرفة الكيفية التي رسخ بها هذا الفهم الراقي بأن تتسم الجائزة بالنزاهة والحيادية والصدق لأجد الإجابة عند الأستاذ / مجذوب عيدروس، الأمين العام لجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي قائلاً :( مجلس الأمناء كان حريصاً منذ البداية على أن يكون اختيار المحكمين سواءً كانوا من السودانيين أو غير السودانيين على أعلى مستوى من الكفاءة والنزاهة والخبرة المطلوبة في مثل هذه المسابقات، ويشهد كل المحكمين بأننا لا نتدخل إطلاقاً في عملهم وليس أمامهم إلا نظرتهم النقدية وتقييمهم ، وأن ضمائرهم هي المحك في هذه المسائل ، وحتى ندلل على ذلك أقول إن مجلس أمناء الجائزة لا يعرف أسماء الفائزين إلا في اللحظات الأخيرة ربما قبل ساعة أو أقل من ساعة عندما يوقع رئيس مجلس الأمناء على شهادات الفائزين التقديرية . استوقفتني من بين تلك الإفادات إفادة الروائي سعد القرش بأنه كان لا يثق في الجوائز العربية عموماً، ولكنه استثنى جائزة الطيب صالح العالمية للإبداعي الكتابي وأمثاله كُثر ، وتأملت هذه الصورة الذهنية الممتازة بنزاهتها وحياديتها وصدقها لمنتج سوداني أصيل، لتشمل القائمين على أمر الجائزة ابتداءً من مجلس الأمناء وسكرتارية الجائزة ولجان الفرز والتحكيم المبدئي، وساعي البريد وكل من له صلة