الضباط الاداريون مفتشو المراكز، المديرون التنفيذيون، مديرو المديريات من لدن مستر قاي مور في كتم الى ارمسترونق في الخرطوم، ومن برامبل بيه في ام درمان الي بلبل ناينتجيل وبلي فور في نيالا، الى الضابط الاداري ابو بكر ادم عبد العزيزالذي اسشهد قبل يومين في الطريق بين نيالا وكاس، هم جميعا قادة الحكم المحلي، حيث القرار وتصريف شؤون الناس، وهم الاقرب والالصق بالمواطن، حيث تحويل الشعارات الى واقع ملموس، وكما يقال الضابط الإداري هو المسؤول عن الانسان قبل ان يولد وبعد ان يولد الى ان يعود من حيث أتى، وهو صاحب وظيفة ذات انشطة مختلفة في توجيه واستثمار موارد المجتمع المحلي في مجالات الحياة المختلفة محققاً لأهداف وسياسات عامة، إذن هم بناة ورواد ودعامة الحكم المحلي، إذ يقومون بحفظ الامن والنظام وتقدير وجمع الضرائب والرسوم وفض النزاعات وجميع التكليفات، فيقومون بكل ذلك بالتنسيق مع آخرين بمهام متخصصة في تناغم واتساق، فهم يمكنون الآخرين من القيام بمهامهم، كما شرح ذلك الايرلندي مدير مصلحة الخدمات البيطرية لطبيب بيطري أتى للسودان حديثاً قائلاً: «ان اسهامك لهذا البلد لن يقاس بما تقوم به من عمل، وانما بمدى تمكينك للآخرين من القيام بالعمل»، وهذا واجب الاداري قديماً وحديثاً، وبلا شك أنه دور كبير، وفي سبيل ذلك دفع كثيرون منهم ارواحهم شهداءً في مواقع السودان المختلفة. اما في دارفور وما ادراك ما دارفور، وكما ذكر مفتش مركز نيالا «بلي فور» فإن التفكير في فتح دارفور خطر علي البال أخيراً فقد ظلت مستقلة عن بقية السودان حتى عام 1916م عندما بدا سلطان الفور يدخل في مغازلات مع تركيا، لذلك تقرر تجريد حملة عسكرية الى دارفور، حيث دارت تلك المعركة التي قتل فيها السلطان علي دينار، وتم ضم المديرية الي بقية السودان، وعليه كان الاشخاص الذين يتم اختيارهم لادارتها يفتخرون بأن دارفور مختلفة عن غيرها، وفي الفترة الاخيرة صارت دارفور اكثر المناطق استهدافاً للاداريين مقارنة مع بقية السودان، ففي منطقة كاس وحدها استشهد ثلاثة من الاداريين خلال الفترة الماضية، ومن قبل استشهد الاخ آدم فضل الله المدير التنفيذي لمحلية دار السلام، وهو من الاداريين الطموحين، حيث ترشح لمجلس الشعب وهو طالب بجامعة الخرطوم أواخر عهد مايو، ولم يسلم المدير التنفيذي لمحافظة شعيرية عبد الله عبد الرحمن عبد الله المشهور ب «ود اللوكس» الذي تم اختطافه في الهجوم على شعيرية بواسطة الحركات المسلحة، ولو كانوا يعلمون بما يقوم به الرجل من خدمة للمواطن الذي يدعون أنهم خرجوا من اجله لما استهدفوه. وحول الفاشر اختطف الضابط الاداري ومعه تيم التحصيل، ومن قبل تم الاعتداء على المدير التنفيذي اسماعيل رابح عضو لجنة ترسيم الحدود بين دارفور والشمالية، الذي دافع واستبسل ورفض أن يسلم عربة الدولة للمجرمين، وكان ثمن ذلك رصاصات استقرت في رأسه، والقائمة تطول، والاداريون في دارفور يعانون الامرين التهميش الرسمي والاستهداف الغبي، فلماذا لا يعاملون معاملة مناطق العمليات في تحركاتهم وفي استحقاقاتهم، فهم يستحقون ذلك في كل مناطق الشدة خاصة دارفور، ويجب ان يوضعوا في مكانهم الصحيح، فهؤلاء الاداريون هم الزبدة والكريم، ويتم اختيارهم بعد اختبارات عدة بعد ان حصلوا على مؤهلات مميزة وخضعوا للتدريب والتأهيل، فهم ليسوا أناساً عاديين، ولكنهم يعملون وسط الناس العاديين، فهم يقومون بادوار لا يستطيع احد ان يقوم بها، ولا بديل للضابط الاداري الا نفسه، ولا نخلط بين المهام والمسؤوليات والاشخاص، فاذا حدثت ممارسات خاطئة من بعض الاداريين وهو امر طبيعي لا يصح التعميم بأن هذا الجهاز فاسد وغير فعال، وقد تعرض جهاز الاداريين لحكم قاسٍ من أناس مغرضين وصوليين، وبعضهم طالب بحله وبعضهم نادى بتهميشه، وهم لا يعلمون أن أصحاب النجاحات العالية من السودانيين بدأوا حياتهم اداريين، منهم ميرغني حمزة في بلدية دبي، وداؤود عبد اللطيف، وما ادراك ما اسامة داؤود، وآخرون لا حصر لهم، وفي الحاضر الفريق طه عثمان مدير مكتب السيد الرئيس بدأ حياته إدارياً ناجحاً، والوزير حسبو محمد عبد الرحمن وزير ديوان الحكم الاتحادي إداري في المقام الأول، فهو رجل مبدع نشط أينما وضع نفع، وكل دفعة عام «90» المميزة أولاد دفعتي يمثلون رابطة عقد بين أجيال من إداريين سابقين واداريين حديثين قدموا ومازالوا يقدمون خدمات جليلة. والضابط الاداري وبالرغم مما يقوم به فقد غشيه التهميش والاهمال، وهو حديث لا ينفصل عن وضع الحكم المحلي بأسره الذي يشهد انهياراً وانزلاقاً نحو الهاوية، فبعد تجربة ما يفوق سبعة عقود مازال الحكم المحلي يغلب عليه التجريب وأمزجة الأنظمة المتعاقبة، فالصلاحيات توهب وتنزع، والحقوق تمنح وتمنع، والمركز قابض على المال والصلاحيات، ويلقى المزيد من الاعباء والتكاليف على المحليات، فإذا لم يحدث إصلاح شامل فإن التجربة تظل ناقصة وتنهدم الفكرة الأساسية في تحقيق المشاركة وإنزال الصلاحيات، ولا شك أنني لست في حاجة إلى تأكيد أن إصلاح الحكم هو في إصلاح الحكم المحلي الذي يمثل فيه الضابط الاداري رأس الرمح. أنت يا الضابط الإداري لابس الكاكي الخضاري ديمة هايم في الضهاري لا تخاف ولا تداري تبني للناس المدارس والمجاري والكباري كلما قامت مصيبة كلما عانت حليمة يا كباري أين نذهب؟ لست أدري؟ أمشي للضابط الإداري وتقبل الله شهداء الإداريين والشهداء جميعاً