والي الخرطوم يدعو الدفاع المدني لمراجعة جميع المباني المتأثرة بالقصف للتأكد من سلامتها    ما شروط التقديم؟ السودان بين الاكثر طلبا.. الجنسية المصرية تجذب الأجانب وتسجيل طلبات من 7 دول مختلفة    أمير قطر في الإمارات    بيلينجهام لمورينيو: ماما معجبة جداً بك منذ سنوات وتريد أن تلتقط بعض الصور معك    عقار يشدد على ضرورة توفير إحتياطي البترول والكهرباء    شاهد بالفيديو.. ياسر العطا يقطع بعدم العودة للتفاوض إلا بالالتزام بمخرجات منبر جدة ويقول لعقار "تمام سيادة نائب الرئيس جيشك جاهز"    ريال مدريد الإسباني بطل أوروبا    (زعيم آسيا يغرد خارج السرب)    القبض على بلوغر مصرية بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء    القبض على بلوغر مصرية بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    قنصل السودان بأسوان يقرع جرس بدء امتحانات الشهادة الابتدائية    المريخ يتدرب على اللمسة الواحدة    إعلان قائمة المنتخب لمباراتي موريتانيا وجنوب السودان    شاهد بالفيديو.. مواطن سوداني ينطق اسم فريقه المفضل بوروسيا درتموند بطريقة مضحكة ويتوقع فوزه على الريال في نهائي الأبطال: (بروت دونتمند لو ما شال الكأس معناها البلد دي انتهت)    بدء الضخ التجريبي لمحطة مياه المنارة    منظمات دولية تحذر من تفشي المجاعة في السودان    بعد الإدانة التاريخية لترامب.. نجمة الأفلام الإباحية لم تنبس ببنت شفة    صلاح ينضم لمنتخب مصر تحت قيادة التوأمين    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية كبيرة من الجمهور.. أحد أفراد الدعم السريع يظهر وهو يغني أغنية "هندية" ومتابعون: (أغنية أم قرون مالها عيبها لي)    شاهد.. زوج نجمة السوشيال ميديا أمنية شهلي يتغزل فيها بلقطة من داخل الطائرة: (بريده براها ترتاح روحى كل ما أطراها ست البيت)    بعد الإدانة التاريخية.. هل يستطيع ترامب العفو عن نفسه إذا نجح بالانتخابات؟    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون يقدمون فواصل من الرقص "الفاضح" خلال حفل أحيته مطربة سودانية داخل إحدى الشقق ومتابعون: (خجلنا ليكم والله ليها حق الحرب تجينا وما تنتهي)    "إلى دبي".. تقرير يكشف "تهريب أطنان من الذهب الأفريقي" وردّ إماراتي    في بورتسودان هذه الأيام أطلت ظاهرة استئجار الشقق بواسطة الشركات!    دفعة مالية سعودية ضخمة لشركة ذكاء اصطناعي صينية.. ومصدر يكشف السبب    مسؤول سوداني يكشف معلومات بشأن القاعدة الروسية في البحر الأحمر    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    فيصل محمد صالح يكتب: مؤتمر «تقدم»… آمال وتحديات    ميتروفيتش والحظ يهزمان رونالدو مجددا    السعودية تتجه لجمع نحو 13 مليار دولار من بيع جديد لأسهم في أرامكو    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    مذكرة تفاهم بين النيل الازرق والشركة السودانية للمناطق والاسواق الحرة    سنار.. إبادة كريمات وحبوب زيادة الوزن وشباك صيد الأسماك وكميات من الصمغ العربي    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    دراسة "مرعبة".. طفل من كل 8 في العالم ضحية "مواد إباحية"    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    نجل نتانياهو ينشر فيديو تهديد بانقلاب عسكري    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    اليوم العالمي للشاي.. فوائد صحية وتراث ثقافي    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التِّيجَانِي يُوسُف بَشِير .. بَوْتَقَةُ الرُّؤَى وَالرَّحِيقِ
في منتدى رابطة الجزيرة للآداب والفنون (2-2)

قدمنا في الحلقة الاولى رؤى المحاضر لشاعرية التجاني يوسف بشير وهنا نقدم الجزء الاخير من المحاضرة. الرُّؤية:
دعوة للتصالح والتسامح والتواصل مع الآخر دون حواجز وفواصل.
الرَّحيق:
الجمال له وجهان برد ونار، فمن أراده فليبترد وليصطلي.
وفي بحر البسيط أيضاً:
فِي مَوْضِعِ السِّرِّ مِنْ دُنْيَاي مُتَّسعٌ
لِلحقِّ أفْتَأُ يَرْعَانِي وأَرْعَاهُ
هُنَا الحَقِيقَةُ فِي جَنْبِي هُنَا قَبَسٌ
مِن السَّمَاواتِ فِي قَلْبِي هُنَا اللهُ
***
الرُّؤية: عَلاقَةٌ كونيةٌ بشروطِها وخُصوصيتِها
تَشُدُّه بحبالِ الوَصلِ إليْهَا.
الرَّحِيق: حُلولُ الصَّفاءِ والجَذْبِ النَّورَانِي فِي جَسَدِ المَخْلُوقِ.
***
ديوانُه إشراقه فيه كلُّ الإشراقِ والقُوَّةِ والجزالةِ والبَلاغةِ فِي قوالبَ من موسيقى الشِّعرِ وسِحْرِه. رغم المكابدةِ والأوجاعِ، أوجاعِ الحياةِ التي تَتَمنَّعُ وتُشاكسُ، رغم كلِّ هذِهِ العَقَباتِ، تبَرْعَمتْ وازْدَهرتْ وأثْمَرتْ قُطُوفُ (إشراقه)، وتَذَوقنا حلاوةَ جَناها، فيا سبحان الله !!!
إنها النَّفْسُ الكبيرةُ، نَفْسٌ يَطَالُ مُرادُها الجَوْزاءَ!!! ولا تُقْعِدُها صَدَمَاتُ الحياةِ، وشَظَفُ العَيْش فِيهَا
شاعرٌ يستَحِقُ منَّا كلَّ العنايةِ والحَفاوةِ والتَّقدير، فهو عبقريةٌ قلَّ مثيلُها في مضمارِ الشِّعر، إنْ حاصرنا النُّصوصَ في حيِّزها الجُغرافيِّ والتَّاريخي، وفي البالِ أبو القاسم الشَّابي، شاعرُ تُونسَ الخضراءِ، الَّذي عَاشَ معه في نفسِ الفَترة الزَّمنية، وفارقَ الدنيا وهو في مثلِ سني عُمْره، والَّتي لَمْ تتجاوزِ الخَمسَ وعشرين سنةً، عجبي لهذا الأمر!! فاعتبارُ الكمِّ هنا مدعاةٌ للعبرةِ والعظة!!!
وهو في أشعاره أكثر عمقاً وأنفذ رؤية من كثير من الشعراء والمقارنة بينه وبين الشابي تحتاج لكثير نظر وتدبر، وإعادة تأمل فهو شاعر عميق الرؤى والتراكيب.
ارْتِبَاطُهُ بالمَعْهَدِ العِلْمي وَنَظْمُهُ لِقَصِيدتِه المُفَكِّرةِ ( المَعْهدُ العِلْمِي) (عَرْضُحالٌ) لِصِراعِ الأَفْكارِ، وَمُعَايشةِ للرَّأي الآخَرِ عِندنَا، بَينَ التَّصُالحِ وَالتَّقاطعِ مَعَه!! دَرْسٌ مِنْ الدُّروسِ الَّتي ألْقَاها عَلَيْنا، ولَمْ نَسْتَفِدْ مِنْهَا بَعْد! ولكنَّهُ لا زَالَ مُتَاحَاً!!
يقول فيه على بحر الكامل
السِّحْرُ فِيكَ وَفيكَ مِنْ أَسْبَابِه
دَعَةُ المُدِلِّ بِعَبْقَريِّ شَبَابِه
يَا مَعْهَدي وَمَحَطَّ عَهدِ صِبَايَ
مِن دَارٍ تَطَرَّقُ عَنْ شَبَابٍ نَابِهِ
وَاليَومَ يَدْفَعُني الحَنينُ فأَنْثَنِي
وَلْهَانَ مُضْطَرِبَاً إِلَى أَعْتَابِهِ
سَبَقَ الهَوَى عَيْنَيَّ فِي مِضْمَارِه
وَجَرى وَأَجفَلَ خاطِرِي مِنْ بَابهِ
وَدَّعْتُ غَضَّ صِبايَ تَحْتَ ظِلالِه
وَدَفَنْتُ بِيضَ سِنِيَّ فِي مِحْرَابهِ
نَضَّرتُ فَجْرَ سِنِيَّ مِنْ أَنْدائِهِ
وَاشْتَرْتُ مِلءَ يَدَيَّ مِنْ أَعْنَابِهِ
هُوَ مَعْهَدي وَلَئنْ حَفِظْتُ صَنِيعَهُ
فَأَنَا ابْنُ سَرْحَتِه الَّذِي غَنَّى بِه
فَأَعِيذُ نَاشِئةَ التُّقَى أَنْ يُرْجِفُوا
بِفَتًى يَمُتُّ إِلَيهِ فِي أحْسَابِه
مَا زِلتُ أَكْبَرُ في الشَبَابِ وَأَغتَدِي
وَأَرُوحُ بَينَ بَخٍ وَيَا مَرْحَى بِه
حَتَّى رُمِيْتُ وَلَسْتُ أَوَّلَ كَوكَبٍ
نَفِسَ الزَّمَانُ عَلَيهِ فَضْلَ شِهَابِه
قَالوا وَأَرْجَفِتِ النُّفُوسُ وَأَوْجَفتْ
هَلَعَاً وَهاجَ وَماجَ قَسورُ غَابِهِ
كَفَرَ ابنُ يُوسفَ مِنْ شَقِيٍّ وَاعْتَدَى
وَبَغَى وَلَسْتُ بِعابئٍ أَوْ آبِه
قَالُوا احْرقُوهُ بَلْ اصْلبوه بلْ انْسِفُوا
للرِّيحِ نَاجِسَ عَظْمهِ وإهَابِة
وَلَو أنَّ فَوْقَ المَوتِ مِنْ مُتَلَمَّسٍ
لِلمَرءِ مُدَّ إِلَيَّ مِن أَسْبابِه
الرُّؤْيَةُ: التَّمَرُّقُ فِي بَساتينِ المَعْرِفةِ، وجَني ثِمارِ مَزْرعةِ العِلمِ، ودافعيةِ النُّبوغِ والتَّقريظِ، لَمْ تمنع الشُّهبَ مِنْ رَمْي الكَوكبِ المُشْرقِ بنيرانِها.
الرَّحِيقُ: العلاقةُ بَينَ المُتَعلِّمِ ومُؤسستهِ التعليميةِ، علاقةٌ يحتفظُ بها الإنسانُ على مرِّ الأزْمانِ والمَواقفِ.
تشكيلُ خلايا الصَّحو منذ خلوةِ الشَّيخ محمَّد الكتيابي، والمعهدِ العلمي بأم درمان، والاطلاعِ الحُرِّ في الآدابِ وكتبِ العارفين، أهلِ السلوكِ والمواجيدِ الصُّوفيةِ والفلسفة.
قصيدةُ (الصُّوفِي المُعَذَّب) تَوغلُ في عوالمِ مرتكزاتِ الثَّقافةِ السُّودانيةِ واستبطانُ لأسرارَ الوجودِ الحَق، وتجلياتِ الحُضورِ والشَّهَادةِ والجَذْبِ، فِي نُزوعٍ فِكريٍّ يَسْتَحضرُ أَبا تَمامَ، وأبا العَتاهيةَ، وأبَا العَلاء المَعَرِّي، وأبَا القاسم الجُنيد، والحَلاج، وابنَ الفارض، فيسمو بالمَعْنَى، ويستخلصُ الفكرةَ من قبضةِ طينِ الوجودِ العَطِن، ويَرى خلفَ غيومِ الآني الكثيفِ، ما لا تراه العينُ التي رَانَ عَليها اشتغالُ الأنْفُسِ بالمعاشُ، ومغالبةِ كَبَدِ الكَدْحِ والفِرار.
وهي على بحر الرمل:
الوُجُودُ الحَّقُّ مَا أوسَعَ فِي النَّفْسِ مَدَاه
والسُّكُونُ المَحْضُ مَا أوْثَقَ بالرُّوحِ عُرَاه
كُلُّ مَا فِي الكَوْنِ يَمْشِي فِي حَنَاياهُ الإِلَه
هَذِه النَّمْلَةُ فِي رِقَّتِِهَا رَجْعُ صَدَاه
هُو يَحْيا فِي حَواشيهَا وتَحْيَا فِي ثَرَاه
وَهِي إنْ أسْلَمتِ الرُّوحَ تَلَقَّتْها يَدَاه
لَمْ تَمُتْ فِيهَا حَياةُ اللهِ إنْ كُنتَ تَرَاه
الرُّؤْيَة: (كُلُّ شَيء عِقْدُ جَوْهَر)، تنتظمُ المَوْجُودَاتِ فِي سِلكِ نظامٍ بدِيعٍ مُنْسجمٍ.
الرَّحِيق: تَأمَّلُوا فِي مَخْلوقاتِ اللهِ تَعَالى، فَهِي دَالةٌ عَلى وجُودِه وعَظَمَته... سُبْحَانَ الله!
(أنشودةُ الجِّنِّ) غنائيةٌ عَالية، وتَنويعٌ على النَّغم الموسيقي المتاح للقصيدةِ العربيةِ، ويتجلَّى رَوَاءُ اللحنِ المستكنِ في النَّصِ من خلالِ دَوْزَنةِ شجنِ المُغَنِّي، (سيد خليفة، رحمه الله)، والصَّادرِ من ينابيعِ شدوِّه المترعةِ بالصَّحوِ والإشراق. القاموس (نقاوة) مِن أَلفَاظِ العربيةِ القُحَّة (الرُّبى، الوِهَادْ، البيد،ْ ومعْبد وزريابْ، والرَّباب، ومُناجاة الأعراب) في مَلْمحٍ مِن الاستغراقِ فِي الطبيعةِ الَّتي تغْمِسُ النَّصَّ أو تكاد،ُ في الرُّومانسيةِ العذبةِ.
وعلى بحر المنسرح يجيء النغم:
قُمْ يَا طَريرَ الشَّبَاب غَنِّ لنَا غَنِّ
يا حُلو يا مُسْتَطابْ أُنشودةَ الجِنِّ
وأقْطُفْ لِيَّ الأعْنَابْ وأمْلأ بها دَنِّي
مِنْ عَبْقَرِيِّ الرَّبَابْ أَوْ حَرَمِ الفَنِّ
صِحْ فِي الرُّبى والوِهَادْ واسْتَرقص البِيدَا
وَاسْكبْ عَلى كلِّ نَادْ مَا يَسْحَرُ الغيدَا
وفَجِّر الأَعْوَاد رَجْعَاً وتَرْديدَا
حَتَّى تَرَى فِي البِلاد مِنْ فَرْحَةٍ عِيدَا
وامْسحْ على زِرْيَابْ واطْمِسْ عَلَى مَعْبدْ
وأغْشَ كَنارَ الغَابْ فِي هَدْأَة المَرقدْ
وحَدِّث الأَعْرابْ عَنْ رَوْعَةِ المَشْهَدْ
الرُّؤية: مُوسيقى تَكتنفُ الوُجودَ، ويَتراقصَ الكَونُ مِنْ نَقْرها، وتكتسي الطَّبيعةُ بألقٍ وبهاءٍ. موسيقىٍّ ممتدةُ الجذور، متصلةٌ بالماضي، ولها حُضورٌ قَوي فِي الآن.
الرَّحِيق: هي رائحةُ الفَنِّ والإبْدَاعِ إنْ كانتْ لَه رَائحةٌ.
قصيدةُ تُوتِي في الصَّباحِ Gallery، تتنوع لوحاته مَرسمٌ مفتوحٌ على جُروفِ النيلِ صباحاً ومساءً، في حضرةِ أهلِنا الميامينَ في توتي، فالشاعرُ يَكْتُبُ تَاريخَ جُغْرَافيا المَكَانِ والمُجْتَمعِ
وعلى بحر المُجْتَثْ يقول:
يَا دُرةً حفَّها النِّيلُ واحْتَواهَا البَّرُّ
صَحَا الدُّجَى وتَغَشَّاكِ فِي الأَسرَّةِ فَجرُ
وَصَاحَ بين الرُّبى الغُرِّ عَبْقَريُّ أغّرُّ
وَطَافَ حَولَك رَكْبُ من الكَراكِي غُرُّ
وَراحَ ينِفِضُ عَيْنيه مِنْ بَنِي الأَيكِ حُرُّ
فماجَ بالأيكِ عُشٌّ وقَامَ في العُشِّ دَيرُ
كَمْ ذا تمازجَ فنٌّ على يديكِ وسحرُ
يخورُ ثورٌ وتثغو شاةٌ وتنهقُ حُمرُ
والبَهمُ تمرحُ والزَّرعُ مونقٌ مخضرُّ
ومما أسقطه مُصَممُ المَنْهجِ التَّعليميِّ مِن النَّصِ مع أهميته لبنية الصورة الشعرية والبناء العضوي للنص.
وَطَلَّ قَرْنُكِ يا شَمسُ آنذَاك يُذرُّ
فكلُّ غُصن مَصابيحُ مِن نَدَى يُستدرُّ
ونوَّرَ الطلُّ واحمَّر فِي الثَّرى المُخْضَرُّ
وذَابَ في الرَّملِ أو ماجَ في الترائبِ تِبرُ
تُرجِّلُ الرِّيحُ ما أنْهَالَ من نَقَا أو تذَرُّ
رَمَلاءُ يُبْرِقُ دُرُّ مِنْهَا ويُبْهِرُ ذَرُّ
وللإنسانِ في السُّودانِ- متمثلاً في الإنسانِ المخلصِ لعمله بتُوتِي-
قيمةٌ عاليةٌ في النَّصِ.
حيَّا شبابَك فيضٌ من الرَّخاءِ ويُسْرُ
كَمْ فِي المَزَارع قومٌ شمُّ العَرانينَ صُعْرُ
هبُّوا سراعاً إليها وليس منها مَفرُ
ذَيَّاك يَعْزِقُ في العُشبِ جَاهِداً مَا يِقِرُّ
وذاك يعنيه حرثٌ وذاك يعنيه بَذرُ
وماجَ في الغيطِ نَشءٌ مِلءُ النَّواظرِ خُزْرُ
الرُّؤْيَة: كاميرا دقيقةٌ وعاليةُ الحساسية، تتجول في المرئيات وتمسك بلحظات قد تنسحب من واقع الحالِ يوماً ما، وفي هذا تسجيل وجداني وتأريخ للشعور.
الرَّحِيق: طلاقةُ الطفولةِ وتَداعي الذِّكرياتِ، مُخْتَزنٌ للتَّجاربِ المُؤَسِّسةِ لمرجعياتِ التَّعَلُّم.
نظر البروفيسور عبد الله الطيب (رحمه الله)، إلى هذه القصيدة، فرأى فيها صوراً استشف منها، أنَّ الشاعرَ إنْ لمْ يَعِش فِي البيئةِ المُعينة الَّتي يصفُها، تجيءُ صُوَرُهُ غيرَ متقنةٍ نَوعاً ما.
-عبقريةٌ في اللغةِ العربيةِ ومآلاتِها، الشَّيءُ الذي نَحِنُّ إِليهِ الآنَ !!
-عبقريةٌ في الأسلوبِ يترَّسمُ خُطَاها المبدعونَ وطلابُ الأَدب.
-عَبْقَريةٌ في الأفْكارِ والرُّؤى والأَخْيلةِ، تهفو لها أَنْفُسُ القَومِ في كُلِّ المواقيتِ !
عَوّذُوا الحُسْنَ بِالرُقَى أَو خُذُونِي أَنا تَعويذة لِكعبةِ رُوحِي
قَرِّبُوها مَجامراً أَنا وَحْدِي عَوَذٌ لِلجَمال مِن كُلِّ رُوحِ
أَحْرِقوني عَلى يَديهِ وَشَيدُوا هَيكلَ الحُبِّ مِن فُؤادي الذَبيحِ
وَاِعصروا قَلبي المُفزَّعَ للحُسْ نِ أَماناً وَعَوِّذوه بِ نوح ِ
قصيدة محراب النِّيل (بحر الخفيف)
أنتَ يَا نيلُ يا سَلِيلَ الفَرادِيسِ
نَبيلٌ مُوَفَّقٌ فِي مَسَابِكْ
حَضَنَتكَ الأمْلاكُ فِي جَنَّةِ الخُلدِ
ورفَّتْ عَلَى وَضِئ ِعُبَابِكْ
وتحدَّرتَ في الزَّمانِ وأفرغتَ
على الشرقِ جَنَّةً من رِضَابكْ
عَجَبٌ أنتَ صَاعِدَاً فِي مَرَاقيك
لعَمْرِي أو هَابِطاً في انْصِبَابِكْ
كَمْ نَبيلٍ بمَجْدِ مَاضيكَ
مَأخُوذٍ وكمْ سَاجدٍ عَلَى أعْتَابِكْ
الرُّؤية: يَنْسَلٌّ هَذا النِّيلُ مِنْ الفِرْدَوسِ تَحُفُّه عِنَايةُ اللهِ، وتَخْدُمهُ الأمْلاكُ وتَرْعَاه، مَكْرُمَةً للشَّرقِ حَيثُ أُخِذَ به النُّبلاءُ، وتواضَعَ البعضُ تُجَاهَه. فتأمل أيها الإنسان!
الرَّحِيقُ: تَحسُّه الخَيَاشيمُ ويَمْلأُ الرِّئتين بهيف ودُعاش وهَمْبريب الجُروفِ والسَّواقِي، وتَحْتَشدُ الحَيَواتٌ كُلُّهَا عِنْدَئذ.
ممن كتبوا عن التِّيجاني:
- عبد المجيد عابدين (التِّيجاني شاعر الجمال).
- سلمى الخضراء الجيوسي.
- د. محمَّد عبد الحي (الرؤية والكلمات في شعر التيجاني يوسف بشير).
- عبد الله الشيخ البشير.
- يحيى محمد عبد القادر.
- جمال محمد إبراهيم.
- أبو القاسم بدري (الشَّاعران المتشابهان)
- عبده بدوي? محمد مصطفى هدارة،
-أحمد محمد البدوي.
- بدرالدين هاشم.
- عبد الهادي الصديق.
مُتَفَرقاتٌ مُهِمَّة
- مُكَاتباتُه مع إبراهيم نَاجي بصدد التَّقديمِ لديوانه عبر المبارك إبراهيم.
- دِيوانُه كان مُعداً للطَّبع - مجلة الفَجْر تنشرُ إعلاناً لمَكتبةِ حَسَنْ عُثْمَان بَدْري للحُصولِ على نُسْخةٍ منه ب ( 5 قروش).
- الغُموضُ والحَدَاثة فِي شِعر التِّيجاني. قراءاتُه للتَّرْجَماتِ وشِعرِ المِهْجَرِ وغيرِه.
آراء ورؤى:
-إبْرَاهِيم نَاجِي وصِلَتُه بأَشْعَارِ التِّيجَانِي، وبِخَاصَّةٍ قَصيدةِ الأطْلال وغيرِها. (رجاء النقاش)
- مناقشة رأَي عَنْ وحْدَة المَعْنَى، بمَعْنَى الحَدَاثَة لعَز الدين ميرغني.
- مناقشة رَأَي يقول: ?التَّيجاني كانت ترسمه الحالة، ولا يرسم الحالة?. للصاوي.
مُبْدِعُون مَاتوا فِي سِن مُبَكِّرة!
وتركوا أثراً أدبياً متميزاً
- رامبو ? إدجار ألن بو - شارل بودلير.
- فردريكو غارسيا لوركا- أبو القاسم الشابي.
- النَّاصر قريب الله - عبد الرحيم أبو ذكرى.
- محمَّد عبد الحي.
***
إعداد وتقديم: محمد الفاتح يوسف أبوعاقلة
1- http://www.thaqafnafsak.com/
1- ديوان إشراقة الطبعة الثانية 1369-1949 م
2- مخطوطة ديوان التيجاني يوسف بشير.
3- ديوان (إشراقه نظم التِّيجاني يوسف، بشير شاعر الروح والوجدان والخلود).المطبعة الوطنية الخرطوم، الطبعة الثانية 1949م
4- خط اليد يكشف العبقرية، ميرفت السجان، مجلة المعرفة.
5- التيجاني في مرآة معاوية نور أ.د محمد المهدي بشرى.محاضرة قدمت بجامعة السودان المفتوحة.
6- ميرفت السجَّان، خط اليد يكشف الشخصية، المؤتمر العلمي الإقليمي للموهبة.
7- بحور التيجاني يوسف، بشير محمد هاشم الكمالي. مخطوطة.
8- عمر فرُّوخ، تاريخ الفكر العربي إلى أيام ابن خلدون، دار العلم للملايين الطبعة الاولى 1972م
9- رأي للأستاذ الهادي جبريل، بجامعة السودان المفتوحة حول مرض التيجاني يوسف بشير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.