كان التعميم واضحاً لكل الاجانب الذين يشكلون نسبة كبيرة فى المملكة العربية السعودية التى امهلتهم ثلاثة اشهر لتوفيق اوضاعهم الحالية وتقنين مسعاهم القادم، لتصبح الامور كلها فى نصابها الذى يجب أن يكون وفق الموازين القانونية والرسمية الموجودة فى البلد الشقيق. السودانيون من اكبر الجاليات فى المملكة، يتوزعون فى كل مدنها واريافها شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً، ويحظون بكامل الاحترام والمودة ف «الزول» شخص مميز هناك بعمامته الكبيرة وجلبابه الناصع البياض قبل ان تدخل «الموضة» دواليبهم خلسة وتجعل من الاخضر والاحمر والبنى والكحلى الواناً جاذبة للجنس الخشن، ولعل اول من كسا نفسه بجلباب بلون احمر فى السودان هو الزميل عمار آدم الذى وضع بجانبه شالاً بذات اللون، ولم يجعل رأسه حاسراً فعدل من وضع طاقية حمراء ايضاً. «الزول» اليوم مثله مثل غيره ينطبق عليه القرار ويطالبه بالانتماء لمظلة كفيله الرسمى، لتبقى علاقة العمل معروفة وواضحة لا يشوبها اختلال فى ميزان الاقامة الرسمية داخل البلد الشقيق، ولا يعلوها غبار مخالفة الانظمة الذى يقود الى قانون الترحيل القسرى ولو عافته نفس الوافد الا انه لا مفر منه، لذلك يأتي الالتزام بقانون البلد المضيف احدى المقومات الايجابية للبقاء واكل لقمة العيش. ووفق ما حملته الاخبار المسموعة والمقروءة فإن الكثير من السودانيين سيغادرون الى الوطن لأنهم خارج مظلة الكفيل المعتمد فى دفتر الاقامة الأمر الذى كثف الوجود غير الشرعي المخالف للاستمرار فى العمل، والآن ربما أسابيع قليلة وسيبدأ الجمع فى التدفق نحو الوطن ونحو جهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج المسؤول الاول عنهم، فجهاز المغتربين بارع ويبرع كثيراً فى الوعود البراقة التى تشنف آذان المغتربين وتستقر فى دواخلهم، ويصادف بعضها الهوى والامنيات لكنها لم تكن غير حديث منثور يصعب التقاطه فى بوتقة الواقع حين يطرق المغترب أبواب الجهاز بسبب بعض العراقيل والمتاريس، فيجد نفسه وحيداً «يساسق»، والأمثلة تترى وليست قصة صاحب السيارة وما عليها من «اغراض منزلية» التى ظلت شهوراً عصية على الحل من طرف الجهاز، بعيدة عن الأذهان، فالرجل حفيت قدماه لانتزاع حقه. والهجرة العكسية ستنطلق قريباً وستطأ اقدام القادمين من الشباب والاسر والاطفال أرض الوطن، ومع كل اكثر من سؤال وقضية وبينهما امور عالقة، فهل يستعد الآن جهاز المغتربين لاستقبالهم مثلما يستقبل اموالهم وضرائبهم والجبايات التى يفرضها عليهم؟ والتى يحلبها حلباً قاسياً ويشرع لها أحضانه التى تشكل فى ذات الوقت العمود الفقري لاستمرارية الجهاز الذى لا يحظى بالرضاء والقبول وسط المغتربين!! فهل منزلهم جاهز يا كرار؟ همسة: داعب جفنيها الصباح فأغمضتهما ثانية ليبقى الحلم سيلاً من حقيقة فلقد رأته وطناً شامخاً آمناً والناس قد ودعوا الأتراح وفى كل المنازل قد علت ساريات وألوان من الأفراح