الخرطوم: محمد شريف : الداخل الي حوش جامعة الخرطوم «الجميلة ومستحيلة» يتذكر وهو مار بشارع المين متجها شمالا باتجاه النيل تاريخ الجامعة الاخضر ونجاحاتها العظيمة ورفدها للسودان والعالم اجمع بافضل الكوادر في كافة المجالات الادبية والعلمية، ويفتخر بماضيها الجميل وارتباطها بالاحداث السياسية الكبري في السودان، ويرجع للوراء كثيرا ويحتفي بالتاريخ المجيد 8 نوفمبر 1902 م اليوم الذي افتتح فيه اللورد هوراشيو هربرت كتشنر كلية غردون التذكارية التي اكتملت في 1903 حتي ظهور كلية المعلمين وتطبيق الدراسة الثانوية بها في 1905 م وانشاء قسم لتخريج معلمي المرحلة الاولية في1906 ثم افتتاح مدرسة كتشنر الطبية في 29 فبراير 1924 وتحويل كلية غردون الي مدرسة ثانوية ثم ربطها بمناهج كامبردج البريطانية في 1937 وانشاء كلية للطب البيطرى في 1938 والهندسة في 1939 وأخرى للآداب والحقوق في 1940 الي ان تم تجميع كل الكليات العليا - ما عدا كلية كتشنر الطبية - في كلية واحدة أصبحت أول كلية جامعية في السودان في 1944 ثم ضم كلية كتشنر الطبية الى كلية غردون لتكوين كلية الخرطوم الجامعية الي ان جاء عام الاستقلال 1956 م ومعه تم تحويل كلية الخرطوم الجامعية الى جامعة الخرطوم ، وأصبحت أول كلية افريقية مرتبطة بجامعة لندن تتحول الى جامعة مستقلة تمنح شهادتها الخاصة، وكان اول مدير لها السيد نصر الحاج في العام 1958 م. ومع كل استمرارية هذه الاحداث الكبيرة وتبادل واختلاف السنوات الطويلة كانت الكتب الدراسية والمخطوطات الاثرية القديمة السودانية والاجنبية تنتقل من مكان الي مكان جديد الي ان وجد لها مكان خاصا بإنشاء مكتبة خاصة بالجامعة لضم المراجع والكتب في العام 1945 عرفت بمكتبة نيوبولد وهو اول من اهدي الجامعة مجموعة من الكتب الخاصة ثم كانت السودنة واختيار البروفسير عبد الرحمن النصري اول أمين لمكتبة جامعة الخرطوم العتيقة التي ترتدي هذه الايام زيا انيقا وتتزين كالعروس وهي تستقبل خبيرا عالميا إيطاليا يستعد لترميم ممتلكاتها الورقية القديمة، ويقدم عبر ورشة متكاملة عصارة تجربته لابناء وبنات السودان بهدف حفظ مخطوطات المكتبة الاثرية القديمة من التلف والضياع . ثنائية مثمرة بين روماوالخرطوم السفير الإيطالي بالسودان أرماندو باروكو الذي زار ورشة ترميم المخطوطات بمكتبة جامعة الخرطوم صباح امس اكد اهتمام إيطاليا بالاثار السودانية، وقال ان السودان به ثروة قومية هائلة من الاثار واكد سعيه للتعاون بين البلدين في مجال الترميم، وكشف عن اتفاقية تفاهم بين الهيئة السودانية للاثار والمتاحف والمعهد العالي الإيطالي للحفظ والترميم في روما ستحقق نتائج مستقبلية ضخمة، موضحا ان مديرة قسم الترميم في هيئة الاثار والمتاحف السودانية ستزور روما قريبا لمناقشة التعاون بين الهيئتين في مجال الترميم . واكد السفير ان بلاده اكبر واهم الدول في العالم في مجال الترميم وحفظ الاثار والكتب والمخطوطات القديمة وصارت رائدة فيه منذ عصر النهضة والقرنين الخامس والسادس عشر وصار بها اهم واقدم المؤسسات المعنية بالترميم في العالم. وقال أرماندو ان إيطاليا نجحت في مارس الماضي في تنظيم ورشة تدريبية متقدمة لمدة اسبوعين بمباني متحف السودان القومي لترميم الآثار الحجرية ضمت 25 دارساً ينتمون الى كليات الهندسة والمعمار والفنون الجميلة بالجامعات ومؤسسات ووزارات ومعاهد ومتاحف سودانية مختلفة، وانها اسهمت في ترميم اثار المتحف القومي خاصة الموجودة بالمعابد الخمسة خارج المتحف القومي، مشيراً الى معبد بوهين وسمنا غرب وشرق، والآثار التي تم جلبها من الولاية الشمالية بسبب قيام السد العالي، مبيناً أن اعادة ترميم الآثار بالسودان تزيد من قيمتها الفنية وتساعد في جذب مزيد من السياح الذين يتوافدون الى البلاد بدعوة من إيطاليا لدفع عجلة الاقتصاد. وعن ورشة ترميم المخطوطات بمكتبة جامعة الخرطوم قال السفير ارماندو انه اراد الاستفادة من زيارة البروفسير ماو ريستيو كوبيري للسودان وهو خبير عالمي في حفظ وترميم الاثار والمخطوطات والكتب القديمة ، وكان الامين العام لاكبر المكتبات المتخصصة في المخطوطات القديمة في اوربا وذلك لتدريب وتأهيل الكوادر السودانية عبر ورشة تستمر لمدة اربعة اسابيع ، وقال ان الخبير العالمي نظم الي جانب كورس جامعة الخرطوم كورسا متخصصا في المتحف القومي السوداني وكورسا في دار الوثائق القومية . واعلن السفير الإيطالي استمرار تعاونهم مع الجامعة وقال انه سيتم قريبا تدريس اللغة الإيطالية بالجامعة وافتتاح الركن الإيطالي وتدشين مكتبة للمعلومات، وقال انه سيمنح الطلاب فرصا للدراسة في إيطاليا وشكر ادارة الجامعة على التعاون المثمر بينهما وخص بالشكر عميد كلية الاداب د.انتصار صغيرون . اشتكى من الفئران وسوء تغليف وتخزين المخطوطات بالخرطوم الخبير العالمي ماو: 200 ألف يورو تكفي لإنشاء معمل مركزي دعا البروفسير ماو ريستيو كوبيري الخبير الإيطالي العالمي في مجال حفظ وترميم المخطوطات القديمة الي إنشاء معمل مركزي مستقل لحفظ وترميم المخطوطات الاثرية في السودان، مشيرا الي ان تكلفته قد تصل الي 200ألف يورو لكنه قد يكون بديلا ناجحا للمعامل الكثيرة والمتفرقة لانه يجمع الخبراء ومنتسبي الهيئات والمؤسسات والجامعات في مكان واحد ويساعد في الحفظ ، مشيرا الي ان الوقاية خير من العلاج . وقال ماو انه اكتشف في السودان مخطوطات نادرة وقديمة وقيمة الثمن ووجد في مكتبة الخرطوم مخطوطات اثرية ومصاحف قديمة نادرة في حالة غير جيدة ، مشيرا الي ان بعضها تعرض للتلف بسبب البيئة غير المناسبة ونوعية الاحبار والاوراق وسوء التهوية والتخزين والجو الجاف والاتربة والحشرات والفئران وسوء الاستخدام في النقل والاطلاع. وانتقد طريقة التغليف السودانية التي تستخدم الخياطة . واكد ماو ان العالم الان يتجه الي حفظ المخطوطات القديمة واعادة صيانتها وترميمها من جديد ويهتم بها خاصة في اوربا وامريكا وذلك بإنشاء معامل متخصصة لحفظ المستندات القيمة ، وان إيطاليا اهتمت بالمجال منذ قديم الزمان وبها الان كليات ومدارس متخصصة تخرج خبراء في الترميم ويدرس الطلاب دبلوم ثلاث سنوات ثم سنتين للتخصص وبكالريوس خمس سنوات ثم سنتين في التخصص في الحفظ والترميم. وكشف ماو عن وجود مخطوطات عربية إسلامية نادرة جدا في إيطاليا، وقال ان اول كتاب مطبوع باللغة العربية تمت طباعته في إيطاليا في العام 1514 وان اول مصحف تمت طباعته في إيطاليا في مدينة البندقية عام 1517 ، وان اول كتاب عربي تمت طباعته في دولة عربية كان قاموس عربي إيطالي تمت طباعته في مصر. وقال ماو انه زار مكتبة الاسكندرية الشهيرة والمغرب وتركيا ووجد ان اثيوبيا بها مخطوطات عربية كثيرة . 3100 مخطوطة تنتظر الترميم والصيانة اكدت د.عفاف محمد الحسن الاستاذ المساعد بقسم المكتبات والمعلومات بجامعة الخرطوم ومنسق الورشة التدريبية ، اهمية صيانة وترميم المخطوطات، وقالت ان الورشة الإيطالية السودانية جاءت بتنسيق من أمين مكتبة الجامعة البروفسير أحمد حسن الفحل ودعم من رئيس اللجنة العليا لتطوير مكتبة الجامعة البروفسير يوسف فضل ورعاية مدير جامعة الخرطوم البروفسير صديق حياتي، وقالت عفاف ان مكتبة الجامعة تتفرد بانها الوحيدة في السودان التي تمتلك قسما للمخطوطات في شتي ضروب المعرفة وان بها 3100 مخطوطة اصابها بعض التلف منها مخطوطات خاصة بالبروفسير الراحل التجاني الماحي. وقالت ان الورشة هدفت الي تعريف الدارسين وعددهم 29 متدربا ببدايات تصنيع الاحبار والاوراق والاختلاف بينها وكيفية تجليد وتغليف المخطوطات الإسلامية ومؤثرات التلف والطرق العلمية الحديثة للترميم . واكدت حرص الجامعة على اشاعة المعرفة ونشر الوعي بين الطلاب للحفاظ على الاثار، وقالت ان الورشة يشارك فيها منتسبو مكتبة جامعة الخرطوم واقسام المكتبات والمعلومات والتجليد بجامعة الخرطوم والنيلين وقسم التاريخ والاثار بالخرطوم ومكتبة جامعة ام درمان الإسلامية والمكتبة الوطنية السودانية والتوثيق بجامعة الاحفاد ومعهد الدراسات الافريقية ودار الوثائق القومية .