(سوق السمك).. معلم من معالم مدينة أم درمان، يقع على جانب النيل في الموردة، ويشهد حيوية وحراكاً منذ أول الصباح حتى آخر المساء.. زرنا سوق الموردة، وقضينا فيه ساعاتٍ بين الصيادين والبائعين والمشترين. من خلال جولتنا لسوق السمك بالموردة تحدث الينا نائب رئيس اتحاد تجار وصيادي الاسماك البدري شوقي عبادي وهو يعتبر من الصادين القدامى وسألناه عن بداية رحلة الصيد فافادنا قائلاً: إن رحلة الصيد تبدأ من الساعة الحادية عشر صباحاً وتستمر الى المساء(المغرب) ثم يقوم الصياد بعد ذلك بتنظيف الاسماك وتبريدها وعرضها في السوق من الساعة الرابعة صباحاً بعد ذلك يقوم الصياد بشراء مواد تموينية تتمثل في السكر والشاى والعيش وغيرها من المواد التموينية لرحلة اخرى داخل البحر، وهناك بعض الصادين يأخذون فترة طويلة داخل البحر تستمر احياناً الى خمسة عشر يوماً وبعد توزيع ما حصدوه من الاسماك يذهبون الى بيوتهم لاخذ قسط من الراحة (فترة نقاهة) ثم العودة الى البحر مرة أخرى. ٭ أكثر أنواع الشباك المستخدمة؟ - هناك بعض الشباك تسمى بالعصب نعمل بها في فترة النهار فقط كذلك شباك الخيط ونعمل بها من الساعة السادسة مساء الى الرابعة صباحاً ونقوم بجلب الاسماك في نفس اليوم فهى لا تحتاج الى تبريد ولا تخزين. هناك نوع آخر من الشباك ويسمى بالجرارة وهو اجود أنواع الشباك لتقنيتها الحديثة حيث تعمل على جهاز كمبيوتر متطور يقوم بالكشف عن أماكن تجمع الاسماك وكميتها وأنواعها وأحجامها التي تظهر على سطح الشاشة ويعمل بها حوالي (01-21) وهى تجلب جميع أنواع الاسماك وتكشف كذلك عن الصخور في قاع البحر ويعطينا هذا الجهاز إشارات صوتية عند إمتلاء الشبكة وقد اجرينا عليها بعض التجارب في هذا النيل وكانت من التجارب الناجحة ولكن اذا لم يكن الصياد قديماً في المهنة لا يستطيع تفريز نوعية الاسماك الموجودة على الشاشة وإنما احجامها فقط. ونحن نتمنى ان تتوفر لدينا مثل هذه الاجهزة للنهوض بمهنة الصيد على مستوى السودان وتسمى الجرارة في البحر الاحمر (بالجرافة) وأكثر ما يميزها أنها ثقيلة وتحتاج الى عمق يصل الى عشرين متر وخمسة عشر مساحة وممكن تنجح هذه الشبكة بصورة كبيرة في النيل الابيض وبحيرة النوبة وهى تعمل من الصباح الى المساء (المغرب). شباك الخيوط أنواع والعصب كذلك وهى تتميز بفتحات متباينة العصب من 41 سنت الى سنت واحد ولخيوط من 04 سنت الى سنت واحد وهى متخصصة لصيد الاسماك ذات الاحجام الكبيرة مثل البقر التي يصل وزنها الى 41 كيلو والى عشرة كيلو. أما الشباك ذات الفتحات (6-4-3-2-1) تستخدم لصيد البلطي بدرجاته الثلاثة والفسيخ والصير. ٭ ما هى أكثر المواسم التي ينعش فيها الصيد؟ - من أكثر المواسم التي يزدهر فيها الصيد شهر ثلاثة وخمسة ونهاية شهر ستة حيث يكون البحر في زيادة وتأتي فترة (الغباشه) وهى ارتفاع الطمي حتى يصبح لون البحر احمر وهذه المياه تأتي من النيل الازرق ويبتدي الموسم في شريط مقسوم بين النيل الابيض والازرق ويلتقي في المقرن. وفترة الموسم هذه تأخذ شهرا واحدا لأن الاسماك في هذه الفترة تكون في حالة توالد والتي تسمى بالدميرة ذلك لأن الاسماك تتوالد مرة واحدة في السنة ماعدا سمك البلطي فهو يتولد مرتين في السنة لذلك نجده أكثر الانواع المتوفرة في شهر خمسة وستة تكون الاسماك حاملة البيض وتأتي مهاجرة من الشمالية حيث يصبح النيل الابيض مخزن للتوالد، ومن هذه القرقور، السكوت البلي، والساويا وأحياناً تهاجر اى سنار وتأتي مرة أخرى الى النيل الابيض. وفي شهر تسعة يكون البحر في حالة نسميها (زلقة) وهى رجوع البحر الى حالته الطبيعية أكثر الاسماك المتوفرة البلطي وبعضها فريد ونادر لا يظهر إلا في شهر ستة وتسعة. ٭ ماذا عن الأسعار؟ - الاسعار متوقفة على حسب السوق القلة والكثرة العرض والطلب والوفرة تتبعها الرخصة ومن فترة الشتاء تكون الاسماك قليلة. ومن عوامل ارتفاع الاسعار سعر السمك في السوق بالاضافة الى الترحيل والتبريد. هذا غير متطلبات الصياد من مأكل ومشرب (زاد البحر) وممكن ان يبيع الصياد الى التجار والى المواطنين ولكن الشراء من الصيادين اقله سعراً من التجار. سعر البلطي في حالة الشح يصل الكيلو الى عشرة جنيه مائل الى الانخفاض، وسعر القرقور سبعة جنيه الى ثلاثة جنيه، أما العجل فهو من الاسماك الغالية سعر الكيلو يتراوح ما بين 81 الى 21 وأقل ما يكون 01 ، الى12 من الاسماك القليلة وهى من 7 الى 5 جنيه، أما سعر كيلو الكبروس من 51-01 جنيه، سعر كيلو البياض 7 جنيه وعندما يقل عن الكيلو ينخفض سعره وذلك حسب الموسم والنوع والطلب. ٭ هل هناك إجراءات كشف طبي للصياد؟ - الصيادين لا تجري عليهم كشوفات طبية وأنا كصياد ارى ان تقوم الجهات المختصة بإجراء الكشف الطبي. وتمليك الصيادين البطاقات العلاجية ونحن كاتحادات مهمشة بهذا الامر ونتمنى ان تتوفر له الفرصة وهى أقل حقوق للصياد. ٭ كيف تتم عملية تنظيم البيع داخل السوق؟ - نوعاً ما هناك نظام يسود حركة البيع داخل السوق وتوجد حرية كاملة بين البائع والشاري ولكن نسبة للاخطاء الفنية داخل السوق تواجهنا بعض العقبات متمثلة في ضيق السوق المسبب في الازدحام حيث يضطر بعض الباعة الى فرش الاسماك على الارض ويتم بيعها ومعظم هؤلاء الباعة يمتلكون دكاكين ومساطب وهى تحتاج الى الصيانة والتأهل هذا السوق يعتبر من الاسواق الاستهلاكية وليس التجارية والآن اصبح سوقا تجارياً تتوافد اليه العربات بكثرة وهناك موقف خلفي يحتاج الى ردمية لتخفي الضغط على الشارع كذلك نحتاج الى تصريف للمياه حيث توجد لدينا بئر من المفترض ان تكون هذه البئر مغوصة وهى غير مغوصة مما يتسبب في حجز المياه وعدم تصريفها بطريقة سليمة. ٭ هل هناك مشاكل تواجه الصياد خلال رحلته؟ - نعم ومن أكثرها العواصف والتيارات والامطار لذلك نحن نحتاج الى طرق صيد حديثة وآمنة في زمن مركب الخشب كانت الخطورة أكثر والآن نحن نمتلك مركب حديد مع ذلك نعمل بطريقة تقليدية وهى تحتاج الى ماكينات وتبلغ قيمة مركب الحديد الف وسبعمائة جنيه غير بقية ادواتها مثل المقاديف والشراع والعناقريب وخشب الموسكي (فرش لشباك) والصرائم والصريمة هى (الجبادة). والمتعب أكثر ان النقل تقليدي ونحتاج الى حافظات حديثة للتبريد واحياناً يفتقر الصيادون للسيولة المالية لذلك يضطر الى الدخولفى ديون مع التجار ونحن نحتاج الى دعم من الاتحادات ووزارة الثروة الحيوانية والسمكية. ٭ حدثنا عن سر المهنة؟ - سر مهنة الصيد يكمن في توفير معدات الصيد انا صياد اباً عن جد والبحر آمن جداً (آمن البيوت) واذا توفرت الامكانيات تصبح مهنة الصيد من الاعمال الشيقة والممتعة. أما محدثنا علاء الدين ميرغني عابدين- الامين العام لاتحاد تجار وصيادي الاسماك الذي قال:- نحن متعاقدين بصفة رسمية مع آليات النظافة لحمل الاوساخ وبقايا الاسماك من السوق باتفاق بين الاتحاد وآلياته وقيمتها الف ونصف جنيه شهرياً بالاضافة الى استخراج الكروت الصحية ورخصة العمل وذلك بالتنسيق مع المحلية ووزارة الصحة. ٭ هل هناك رقابة داخل السوق؟ - نعم لدينا رقابة ومكتب صحة تابع للمحلية يقوم بمتابعة فرش الاسماك، ولبس الصياد والكروت الصحية والنظافة داخل الدكاكين والمساطب والسوق عموماً. ونشيد بالضابطة آمنة الضو عيسى وهناك تجاوب وتنسيق بين المحلية والاتحاد ولدينا مقترحات جديدة سوف ترى النور في هذه الايام.