بعد التحية رمضان كريم وعيد مبارك مقدماً. ثم أرجو نشر هذه الكلمة بعمودك «صدى» للترويح ولك موصول الشكر. قرأت بإحدى الصحف قصيدة عن الأبيض للشاعر الناصر قريب الله. لفت نظري فيها استخدامه لكلمات مألوفة في التراث والحياة في القافية، والمألوف أن تكون في القصيدة لا القافية، واليك القصيدة كما هي: (خلبت ناظري الابيض لما» «صورت من ملائكة الله إنسا» «نفر لا يزور قلبي هم.. في حماهم ولا ترى النفس نفسا» «ورعى الله في الحمى بدويات» «زحمن الطريق مشياً وجرسا» «هن في الحسن للطبيعة أشباه .. وإن فقنها شعوراً وحسا» «ما ألفن الحياة في ضجة المدن» «ولا ذقن للفساتين لبسا» «باديات النهود غير وشاح» «صان نهدا وخان آخر مسا» «مثل قوس الغمام يخترق» «الغيم.. ولا يوسع السحائب طمسا» «كل مياسة المعاطف تدنو» «بقوم يشابه الغصن ميسا» «توجت رأسها ضفائر سود» «تتلاقى لديه طردا وعكسا» و«كست لفظها الإمالة لينا» «لم يخالط إلا الشفاه اللعسا» «أنت من كردفان مهجر روح» «لم تغادر الا لتسكن قدسا» «اصطفت من جمالك الغض ليلى» «واصطفت من فؤادي الصب قيسا» شرح هذه القصيدة يطول، وما استدعت من افكار أطول، لو أوفيته حقه لملأ صفحات، لذا سأكتفي بالقليل من اشارات الى الشرح والى ما استدعت من افكار، مثال البيت «وكست لفظها الاحالة..» يعني العفاف المطلق، والبيت «أنت من كردفان...» يعني أن كردفان عالم مثل، والابيض كالقدس في الدنيا. والبيت الاخير استدعى الحب العذري في التراث، والبيت «ما زلفن الحياة...» استدعى قصيدة المتنبئ «وفي البداوة حسن غير مجلوب»، وأهم من هذا وذاك استدعت عاطفة الناصر في القصيدة المذهب الرومانتيكي القائم على الدعوة الى العودة الى الطبيعة والبادية ونبذ حياة المدن والصناعة. كل هذا يرجع الى الصدق في العاطفة والموهبة فلو كانت من شعر المناسبات كرثاء المجاملات لما كان شيء من ذلك. اقتضى الظرف ان اترك كل هذا لاذكر ما يجب ذكره مما استدعت اول ما استدعت قول استاذنا أحمد الشائب أستاذ النقد بكلية دار العلوم جامعة القاهرة قوله: إن دمشق في قصيدة شوقي «سلام من صبا بردى ارق».. أجمل منها في الواقع.. ليوضح أثر الفن في إبراز الجمال، من قوله هذا كان اقتباسي لعنوان هذه الكلمة. منهم أخذنا ومنهم نعطي ذكرهم الله بالخير ابداً. ومما يؤكد صحة قول أستاذنا الشائب في الفن أن المعيدي المضروب به المثل كان ضئيل الحجم إلا أن له من الاقوال والحكم ما سارت به الركبان كفرح ود تكتوك في السودان «وود رية ال / مابسوي النية» أعني ود بدر في ام ضبان «الضبان هو النحل لا ذباب المنازل القذر كما توهم الرئيس نميري فطمس التراث باسم أم ضواً بان، والحال أن ضبان عنترة بمعلقته أسبق. فلما شاهده النعمان بن المنذر ملك الحيرة لأول مرة بعد أن ذاع صيته قال: «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه» فقال المعيدي «أبيت اللعن، المرء بأصغريه قلبه ولسانه» فصار قول النعمان مثلاً وقول المعيدي من مأثورات الحكم. وفي المقابل بعد انتصار عبد الملك على مصعب بن الزبير بآخر موقعة بينهما بالعراق ومقتله أخذت القبائل تبايعه فلما جاء دور عدوان قدمت رجلاً جميلاً وخلفه معبد بن خالد وكان دميماً، قال عبد الملك ثلاثة أبيات عن عدوان. وطلب من الجميل أن يكمل.. قال: لا ادري، أكمل الدميم خلفه الأبيات. سأل الجميل: لمن؟ قال: لا أدري، قال الدميم: ل ذي الأصبع، سأل الجميل: لماذا سمى ذا الأصبع؟ قال: لا أدري، قال من خلفه لان حية عضته فقطعها، سأل الجميل ما اسمه؟ قال لا ادري، قال الدميم: حرثان بن الحارث. سأل الجميل من أيكم كان؟ قال: لا ادري ، قال معبد الدميم: من بني تاج في عدوان، ثم انشد 3 أبيات مما قيل في بني تاج. ثم سأل الجميل: كم عطاءك؟ قال سبعمائة، فقال لمعبد الدميم: في كم أنت؟ قال ثلاثمائة، فأقبل على كاتبه، وقال له: حط من عطاء هذا اربعمائة وزدها في عطاء هذا. بهذا المستوى بلغت الفتوحات الاسلامية في الدولة الاموية فرنسا غربا (الاندلس)، والهند والسند شرقاً، ثم كان التراجع لما اصبح المقياس «سماحة جمل الطين» ممثلة في في الولاء قبل الاداء أيام ناصر مقابل «احكموا علينا بأعمالنا» أيام عبود الآن بلغ التراجع قبول الخطأ بفقه السترة، أين ذهب رشد عبد الرحمن الرشيد سلطان دارفور أيام غزو نابليون لمصر 8971.9971م.؟ كلمة الرشيد ليست أبيه ولكن صفة لقب بها لرشده، السؤال الآن: أين ذهب هذا الرشد؟ ولماذا ذهب؟ أخص عبد الرحمن بالذكر لأذكِّر أبناء دارفور بتاريخهم ليتقوا الله في دارفور. والله من وراء القصد بروفيسور عبد الله عووضة حمور