مدرب تشيلسي الأسبق يقترب من العودة للبريميرليج    ترامب: لست عنصرياً.. ولدي الكثير من "الأصدقاء السود"    مسجد الصخرات .. على صعيد عرفات عنده نزلت " اليوم أكملت لكم دينكم"    «السوشيودراما» و«رفَعت عيني للسَّمَا»    مواصلة لبرامجها للإهتمام بالصغار والإكاديميات..بحضور وزير الشباب والرياضة سنار افتتاح اكاديميتي ود هاشم سنار والزهرة مايرنو    علي يعقوب غائبا عن المسرح    علي يعقوب قائد التمرد بولاية وسط دارفور    الخارجية السودانية: نستغرب أن يصمت مجلس الأمن الدولي عن إدانة الدول التي تأكد أنها السبب الرئيسي لاستمرار الحرب    حلمًا يدفع منة شلبي للتصدق على روح نور الشريف.. ما القصة؟    في مدينة دنقلا اعتقلت الأجهزة الأمنية وكيل جامعة القران الكريم هناك!    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر الأسافير وتستعرض جمالها الملفت على أنغام أغنية (طريق حبك) ومتابعون: (اللهم الثبات)    بالصورة.. مقتل أبرز قادة الدعم السريع في دارفور على يد القوات المشتركة خلال معارك اليوم بالفاشر    بالأرقام والتفاصيل.. بعد ارتفاع سعر الجنيه المصري مقابل السوداني تعرف على سعر "خروف" الأضحية السوداني في مصر وإقبال كبير من المواطنين السودانيين بالقاهرة على شرائه    بالفيديو.. تعرف على أسعار الأضحية في مدينة بورتسودان ومتابعون: (أسعار في حدود المعقول مقارنة بالأرقام الفلكية التي نسمع عنها على السوشيال ميديا)    برئاسة كابو بعثة المريخ إلى تنزانيا مساء الغد    رئيس وأعضاء مجلس السيادة يهنئون المنتخب القومي لكرة القدم    مدير شرطة إقليم النيل الأزرق يدشن مشروع خراف الأضاحي لمنسوبي مستشفي الشرطة بالدمازين    المريخ يوالي التدريبات وابراهومة يصحح الأخطاء    شركة كهرباء السودان القابضة: اعطال لتعرض محطة مارنجان التحويلية لحريق    بالصورة.. المريخ يواصل تدعيم صفوفه بالصفقات الأجنبية ويتعاقد مع الظهير الأيسر العاجي    صالون لتدليك البقر في إندونيسيا قبل تقديمها أضحية في العيد    غوغل تختبر ميزات جديدة لمكافحة سرقة الهواتف    بعرض خيالي .. الاتحاد يسعى للظفر بخدمات " محمد صلاح "    "أشعر ببعض الخوف".. ميسي يكشف آخر فريق سيلعب لصالحه قبل اعتزاله    امرأة تطلب 100 ألف درهم تعويضاً عن رسالة «واتس أب»    القصور بعد الثكنات.. هل يستطيع انقلابيو الساحل الأفريقي الاحتفاظ بالسلطة؟    "فخور به".. أول تعليق لبايدن بعد إدانة نجله رسميا ..!    الهروب من الموت إلى الموت    ترامب معلقاً على إدانة هانتر: سينتهي عهد بايدن المحتال    شرطة مرور كسلا تنفذ برنامجا توعوية بدار اليتيم    4 عيوب بالأضحية لا تجيز ذبحها    قصة عصابة سودانية بالقاهرة تقودها فتاة ونجل طبيب شرعي شهير تنصب كمين لشاب سوداني بحي المهندسين.. اعتدوا عليه تحت تهديد السلاح ونهبوا أمواله والشرطة المصرية تلقي القبض عليهم    نداء مهم لجميع مرضى الكلى في السودان .. سارع بالتسجيل    شاهد بالفيديو.. الراقصة آية أفرو تهاجم شباب سودانيون تحرشوا بها أثناء تقديمها برنامج على الهواء بالسعودية وتطالب مصور البرنامج بتوجيه الكاميرا نحوهم: (صورهم كلهم ديل خرفان الترند)    الإمارات.. الإجراءات والضوابط المتعلقة بالحالات التي يسمح فيها بالإجهاض    إسرائيل: «تجسد الوهم»    الإعدام شنقاً حتى الموت لشرطى بإدارة الأمن والمعلومات    اللعب مع الكبار آخر قفزات الجنرال في الظلام    نصائح مهمة لنوم أفضل    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    من هو الأعمى؟!    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراجعة المشروع السياسي للحركات الاسلامية (1)
نشر في الصحافة يوم 02 - 08 - 2013

حوار: الطاهر حسن التوم: هل للحركات الاسلامية وللاسلاميين انفسهم مستقبل في ظل صعودهم الحالي ما بعد الربيع العربي اما ان امتحان التجربة والواقع سيشكل عقبة أمام هذا المشروع؟ وما هي ابرز التحديات التي تواجه مشروع الحركات الاسلامية وكيف يمكن لها ان تتجاوز هذه التحديات؟ ما هي ابرز النماذح التي نقف امامها ويمكن ان تستلهم منها الحركات الاسلامية ما بعد الربيع العربي النموذج لقيادة الدولة في العالم العربي.
ولوضع اجابات اسفل الاسئلة الانفة استضاف برنامج (قيد النظر) بقناة النيل الازرق د. أمين حسن عمر السياسي والمفكر الاسلامي المعروف، والاستاذ الصحفي عثمان ميرغني، ود. حمد حاوي استاذ العلوم السياسية بجامعة بحري.. ترى ماذا قالوا؟!
* البعض يعتقد أن صعود الحركات الإسلامية لم يكن صعودا ذاتياً، بمعنى عدم توفُّر مقومات النجاح للحركات الإسلامية وما من سبب لذلك الصعود سوى فشل المشاريع الأخرى في المنطقة العربية.. فهل ترى ذلك مقنعا؟
د. أمين حسن عمر:
هنالك احتمالات كثيرة مفتوحة. على اي حال لست ممن يفسر الواقع بعامل واحد، وغالباً الظاهرة لها عوامل عديدة ادت لها ربما واحد منها فشل المشروعات القائمة، ولكن لا تستطيع ان تقول ان فشل المشروعات لوحده سبب الا لكانت تيارات وجماعات كثيرة دخلت للمشهد، فلماذا دخل هؤلاء على وجه الخصوص؟ ولماذا جاءوا من كل حدبٍ وصوب؟ لماذا جاءوا في تركيا ومصر المغرب وفي كل مكان؟ واضح ان التفسير ملتبس باهواء النفس واحيانا بروح الخصومة وليست روح موضوعية.
التيار الاسلامي هو تعبير عن تيار اجتماعي موجود وليس هنالك تيار اسلامي واحد الآن، وهنالك تيارات اسلامية بعضها ناشط الحياة الثقافية والاجتماعية وبعضها ناشط في الحياة السياسية، ولذلك ليس كافيا ان تقول ان سبب الصعود هو فشل المشروعات الأخرى، وتجدني لا احب حتى كلمة فشل هذه فهي لا تستخدم بطريقة دقيقية.
* خيبة؟
فشل دائما يعني عجز جهة عن المتابعة، أكثر من كونه نتاج عمل. صحيح ان المنطقة شهدت وما زالت تشهد خيبات أمل كبيرة لأن أفق التطلعات الآن أصبح واسعا أمام الناس، والناس ينظرون لخيارات كثيرة متعددة، وأهل العلوم الاجتماعية يتحدثون عن مفهوم «السيولة الاجتماعية»، وهي إن كنت لا تعرف عن خيارات وبدائل فستكون راكداً، وبمجرد أن ترى خيارات وبدائل بالسفر أو بالتعليم أو بأن ترى وتنظر؛ تعلم أن الحال الذي أنت عليه ليس الحالة الوحيدة القدرية، وإنما هناك خيارات ولذلك تنشأ دائما دافعية جديدة نحو التغيير الاجتماعي، أو السيولة الاجتماعية. والمنطقة تشهد هذه السيولة الاجتماعية من خلال اطلاعها على تجارب العالم واختلاطها فالعالم أصبح متقارباً.
* هل الإسلاميون يحملوا بذور...
(مقاطعة): كل المشروعات تحمل هذه التطلُّعات، كل المشروعات السياسية، لأنها كلها مشروعات تريد التحوُّل والبناء على رؤية معينة مبنية على فهم لمقاصد معينة، ولكن من بعد ذلك تتفاوت ومن ثم مطابقة الممارسات لمقتضيات هذه الرؤية، وتجارب البيئة والمحيط مع هذا كله، هنالك عوامل متعددة.
* هو سبب أحادي في نظر د.أمين عند القول بأن فشل هذه المشروعات في المنطقة هو الدافع الكبير لصعود الإسلاميين بهذه الكثافة. ولكن قد يقال بأن ذلك سبب رئيس ومركزي إذ جربت المنطقة الديكتاتورية والعلمانية والقومية وكل هذه المشروعات غير الإسلامية فشلت، لذا دعونا نرى ما في صندوق الإسلاميين. وهكذا يرى البعض أن ذلك اختباراً للإسلاميين من الشعوب لمعرفة ما إذا كانت الأطروحات النظرية خاصتهم تمتلك مصداقية وقوة والاستمرار أم لا؟
عثمان ميرغني:
أعتقد أن هنالك خلطاً كبيراً جدا في تحديد معنى كلمة فشل كما ذكر الدكتور، وأيضاً عندما جاء الربيع العربي بالحركات الإسلامية والإسلاميين إلى الواجهة فهل كان ذلك يعني أن الشعوب اختارت ديباجة الإسلاميين؟ بمعنى هل قارنت بين المشاريع الموجودة ثم اختارت مسمى إسلامي لتمنحه السلطة؟ إذا كان الأمر كذلك أو لم يكن فما هي المرجعية ?أصلاً- التي تستند إليها الجماهير في حركتها؟ بمعنى عماذا تبحث؟ تبحث عن التنمية (العمران، التقدم، والرفاهية)؟ إذن كان النموذج موجوداً في العراق، العراق في ظل حكم صدام وصل أقصى درجات التنمية، وبلغ الأمر لأن تتطلع بغداد لإرسال صاروخ إلى الفضاء، وكان يتطلّع لضرب إسرائيل عبر الأسلحة البلاستيكية طويلة المدى، هل كانت الشعوب العربية تبحث وهي تتحدث الآن عن صعود الاسلاميين عن نموذج تنمية معين ام تبحث عن مشروع اخلاقي؟ اذا كانت تبحث عن مشروع اخلاقي -وفي تقديري ذلك هو الصحيح- اذن بالتحديد لم تكن تقصد الإسلاميين في المعنى المرتبط سياسيا باللافتة «لافتة الإسلاميين» بقدر ما كانت تبحث عن شعارات قدمها الاسلاميون خلال العمل الاجتماعي الذي قاموا به على مستوى القاعدة خلال فترة طويلة لانه لم تتح لهم في كل الدول التي اتيح لهم القيادة فيها، لم يتح لهم العمل السياسي البارز الذي يمكن ان يحمل رؤاهم بصورة واضحة للجمهور، بقدر ما اتيح لهم العمل الاجتماعي وفي مصر بالتحديد نحن راينا كيف كان ينشط الإخوان المسلمون على مستوى القاعدة بصورة مذهلة، على مستوى البنية التحتية في المجتمع والمدارس والجماعات وغيرها.
* لم يكن مسموحا لهم بغير هذا؟
نعم. كانوا يقدمون رؤية جديدة، ورأيتهم حين كنا طلابا في مصر بكلية الهندسة، كانوا الأوائل في كل شيء، ومتميزين، المعيدون دائما منهم، والفتيات دوماً محجبات، وحتى في المحاضرات هم دوماً في الصفوف الأولى، قدموا نموذجا اخلاقيا، نموذج قدوة اخلاقية في كل شيء، والكتب غالية الثمن التي كانت تباع ب(50) جنيها مصريا كنا نحصل عليها من الجماعات الإسلامية بجنيهين فقط، إذا كانوا يعيدون طباعتها وتقدم بذلك المبلغ الزهيد. قدموا نموذج قدوة اخلاقية، وهنا كان مربط الفرس الذي يجب ان يركز عليه الناس في صعود الاسلاميين، بمعنى ان مشروعهم مشروع معنوي اخلاقي في المقام الاول في موازة مشروع مادي ركزت عليه المشاريع الاخرى، ولم تقنع الشعوب العربية لان الشعوب العربية تتطلع الى نموذج غربي اخلاقي. الشعب الليبي مثلا لم يكن يعاني من ضائقة اقتصادية، ولكن بالتاكيد كان ينظر الى مشروع اخلاقي غير متوفر داخل بلاده، ينظر لامريكا والغرب بإعجاب وينظر الى الطريقة التي يتعامل بها الغرب اخلاقيا والحريات التي يتمتع بها ولا يجدها عنده، وحين اختار الاسلاميين في دول الربيع العربي اختار هذا النموذج الاخلاقي وللأسف من هنا كانت النكبة.
* هل تعتبر ما قاله الأستاذ عثمان ميرغني يصلح أن يضاف إلى السبب الأول، وبالتالي نكسر الأحادية التي تحدث عنها د.أمين حسن عمر؟
د. حمد حاوي:
يمكن أن أضيف سبباً ثالثاً، التيار الإسلامي أو الإسلاميين ?إن جازت التسمية- هذا المشروع شهد صعودا وهبوطا في مراحل كثيرة جداً، المرحلة السابقة لمرحلة الربيع العربي لم تكن مرحلة صعود بالنسبة للخطاب الإسلامي والتيارات الإسلامية، وإنما كان مرحلة تدهور وانحطاط وتضييق وملاحقة، خصوصا بعد احداث 11 سبتمبر 2001م، حيث كان اغلب الحركات الاسلامية وتنظيمات العمل الاسلامي بصورة عامة ملاحقة، وهذا ادى الى بروز تيارات اخرى نسميها التيارات التكفيرية، الجهادية، السلفية، بالتالي هذه ليست مرحلة صعود للخطاب الإسلامي المستنير.
الربيع العربي -إذا جازت التسمية- لم يكن مشروعا إسلامياً، الربيع العربي مشروع شعبي ومشروع شبابي بالدرجة الأولى، والإسلاميون التحقوا به أحياناً، وشاركوا فيه. يجوز إطلاق مثل هذه التعبيرات المخففة ولكنه لم يكن مشروعا اسلاميا فهم وجدوا أنه من الأفضل ألا ينعزلوا عن ذلك وساروا فيه، بعد احداث التغيير في المجتمعات الموجودة في الوطن العربي. جاءت المرحلة الانتقالية، وحتى الإسلاميين انفسهم ما كانوا يدرون كيفية التعامل مع هذه المرحلة بالتحديد، وجاءهم تشجيع بأن يلتحقوا بالربيع وأن يترشحوا وفعلاً دخلوا لهذا السباق.
اعتقد ان التيارات الحاكمة لم تكن هي التيارات العلمانية، وانما التيارات العلمانية كانت داعمة لها، كانت تيارات استبدادية ديكتاتورية ورأسمالية متحالفة مع أسر وطبقات فاسدة في الدول العربية التي حدث فيها تغيير، بالتالي التيار العلماني كان ?حتى- يتفادى تقدم الإسلاميين كان يدعم هذه الحكومات للحفاظ على مساحة الحريات الاجتماعية والحريات الثقافية الموجودة، بالتالي لحقتهم تهمة أنهم جزء من الأنظمة القائمة.
* وهو بالضرورة لم يكن من المشاريع التي كانت مطروحة وعندها حظ في الامتداد؟
هو كان داعما لها، وليس المشروع الاساسي، وهذا ألحق به اذى بحيث انه لم يكن مطروحا كبديل. الشئ الثاني ان التيارات الاسلامية نفسها وما ترفعه من شعارات وما تقدمه «الاسلام هو الحل» و»البديل الاسلامي» و»القيم والاخلاقيات» «صورة الصدر الاسلامي الأول» كانت تجد تجاوبا وقبولا من القطاعات الشعبية العامة، وهي من الأسباب التي جعلت الإسلاميين يجدون انفسهم في الحكم، حتى انهم انفسهم قد يكونوا فوجئوا بذلك وكثير من التيارات الأخرى «العلمانية، وغير المتحزبة أي الاجتماعية العادية «فوجئت هي الاخرى، وجزء كبير من الناس اكتشفوا بأنهم تورطوا، ورطة صعود الاسلاميين الى سدة الحكم.
بعدها جاءت مسألة كيفية التعامل مع ذلك الوضع، وجاء التحدي الكبير الذي ادخلت فيه التيارات الإسلامية نفسها في هذا الموقع وهي كانت في مرحلة هبوط فكري وهي تقدم على تحدٍّ كبير متصل باستلام السلطة لاحداث تغيير وهناك مطالب، مطالب الشعوب في الربيع العربي كانت حريات ومساواة وديمقراطية وشفافية ادماج اعتراف بالاخر وكل هذه البنود كانت حولها اشكالات وتحتها خطوط حمراء في فكر الحركات الاسلامية المحدودة بحسب المرحلة.
* هل كل هذه الاطروحات تحتها خطوط حمراء وهل شكل صعود الاسلاميين ازمة للاسلاميين انفسهم كما يقول د. حمد؟
د. أمين حسن عمر:
أتعجب من إنكار الواقع، وأن يقال مثلا إن الإسلاميين ما كانوا جزءاً من الربيع العربي، من صنع الربيع العربي؟ الربيع العربي في شكله أصلاً لماذا ارتبط بالجمعة «جمعة، جمعة، جمعة» لماذا ارتبط بالشعارات وبالصلوات؟ ومن هم الإسلاميون أنفسهم؟ الا اذا كانت هذه العبارة غامضة. وحين نتحدث الاسلاميين، وعن التيار الذي انتخب واختار وسيختار الاسلاميين مرة اخرى ليسوا بالضرورة أنهم المجموعة المنظمة فقط، وانما التيار كله، التيار الذي له اشواق لتغيير حياته بصبغة اسلامية، وانكار هذا التيار والقول ان الناس الموجودين في التحرير ليسوا باسلاميين وكأن الإسلاميين جاءوا بنظرة انتهازية ان الامور «ماشة» في ذلك الاتجاه، ومن له اصلاً مصلحة في التغيير اذا كانوا هم اكثر الناس اضطهاداً، لماذا هذه المغالطة. كنت اكثر الناس اضطهادا وحرمانا وتقبع في السجون فلماذا لا تثور؟ ولماذا يثور الاخرين المرفهين؟
استغرب من حمد الذي يقول إنه العلمانية كانت مساندة للعسكرية الحاكمة والفساد الحاكم والطبقات الحاكمة، هل كانت هذه الطبقات اسلامية؟ أم كانت لا لون لها ولا طعم ولا رائحة؟ ام كان لديها رؤية للحكم. صحيح قد لا تكون مطابقة مع مقتضى الاطروحة الفكرية، ولكن لا يمكن ان تقول لي مثلا ان صدام حسين لا يعبر عن الفكرة القومية والاسد لا يعبر عن الفكرة القومية وعبد الناصر والسادات لا يعبران عن الناصرية والاشتراكية، هذه مغالطة ومكابرة لن تجدي، ففي النهاية الشعوب ستحاكم هذه التيارات باطروحاتها الفكرية التي قدمتها وستقصيها وستركلها.
القول ?ايضاً- ان الاسلاميين كان لديهم مشكلات في هذه الامور، هذا قول متحامل، وليس له دليل، واعلم انها تجربة جديدة للإسلاميين في الحكم، وكل من ياتي الى الحكم في اول مرة سياتي بكرا والثوار سياتوا بكرا وهذه حالة طبيعية وقراءاتهم للواقع ولمزالق الواقع وتحدياته كلها قد يكون فيها اشكالات، هذا طبيعي، لا ينطبق على الإنقاذ وانما ينطبق على كل من ياتي الى الحكم خاصة اذا جاء بروح ثورية مثالية، روح تتعجل النتائج والتوقعات، ولكن سيكتشف ان هنالك مشكلات حقيقية، حقائق في الاقليم ووقائع في الواقع غير مواتية، ووضع دولي غير مواتي، والان يتحدث الناس عن خطوط حمراء، ليتحدثوا عن نفاق الخطوط الحمراء الان، وما هي الحريات الاعلامية التي ظهرت الان بعد وصول الاسلاميين؟ ما هي الحريات التي اتسعت؟
* هل فاجأ الربيع العربي التيارات الاسلامية كما يقول د. حمد؟ وحالياً هل يمرون بورطة حقيقية وفأجاهم هذا الاختيار والقبول الشعبي؟
عثمان ميرغني:
بالطبع، هو فاجأ الجميع وليس الاسلاميين، ولا اتفق مع د. امين فيما ذكره. صحيح الحركات الاسلامية استفادت واستثمرت الربيع العربي واصحبت هي عظمه والمحرك الرئيس الذي حرك المظاهرات ولكن نعلم ان الامر في تونس كان محض صدفة، شاب اصطدم بالسلطة في موقع معين يتعلق بالرزق، فعبر عن غبنه من القهر السياسي الممارس عليه بإحراق نفسه والانتحار وكانت هذه الشرارة التي اشعلت الامر في تونس. في مصر الاخوان ما كانوا جزء من 25 يناير، إذ سبقها 6 أبريل في العام 2010م وفي 25 يناير ادرك الاخوان وجود حركة يمكن ان يستفاد منها وتستثمر ومن ثم تحركوا في اول جمعة في 28 يناير.
اذن بكل تاكيد ان الحركات الاسلامية استفادت من الشرارة التي اشعلت، ولكنها لم تكن صاحبة توقيت الزمان والمكان وهي فوجئت بهذا الزمان والمكان، لكن مع ذلك، فذلك لا ينقص من حقها انها اجتهدت وكانت تستعد لمرحلة الحكم منذ 1948م على ايام حسن البنا ولذلك اطلق عليها «الاسلام السياسي» لأن نظريتها تقوم على الحكم «الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقران» ونظرية الحكم كانت في الاصل موجودة لكن الخطا الذي لا يزال سببا للمعضلات والتحديات التي واجهت الاسلاميين انهم لم يستيطعوا استيعاب المكون الذي يمكن ان ينتج عنه حكم رشيد، بما يوافق الشعارات التي يطرحوها. هنالك كثير من المفارقة بين النظرية والتطبيق، هنالك فصل بين الدين والدولة، الحركات الاسلامية هي اكثر من يمارس فصل الدين والدولة فقط باختلاف طريقة الفصل، العلمانيون يفصلونها في المدخل والاسلاميين يفصلونها من المدخل الاخر.
* هل هم ?كما يقول د. حمد- في ورطة؟
ورطة كبيرة جداً، بل على العكس وربما يكون هذا صادما الان ولكن مرحلة الحركات الاسلامية انتهت، ويجب ابتداع شي جديد غير كلمة حركة اسلامية.
* أهذا صحيح د. حاوي؟
د. حمد حاوي:
هذه المدة البسيطة لا تكفي للحكم بصورة قاطعة وبمثل هذا الجزم، لكن المؤشرات البسيطة المتوفرة حتى الان تشير الى انهم لا يسيرون في اتجاه ايجابي.
* ما من صعود؟
نعم، وهنالك انتكاس، والربيع العربي حتى ان تجاوزنا من بدأه ومن صاحب الحق الاصلي فيه فالاسلاميون شاركوا فيه وهذا حق يحترم.
* شاركوا فيه ولم يقوموا باستثماره؟
هم اصلاء فيه وهناك آخرون ايضا اصلاء، الان هم حاولوا قدر الامكان انهم يستثمروا، وكلمة يستثمروا اخذها من الناحية السلبية حاولوا قدر الإمكان ان يجيروه تماما، ويحاولوا صناعة الدولة والسياسيات في اتجاه تماما مغاير لبرنامجهم وفهمهم، لم يأخذوا معهم تلك التيارات التي بدأت أو فجرت أو ساهمت معهم في احداث الربيع العربي.
* قلت ان دورة الاسلاميين انتهت فهلا أعطيتنا شواهد على ذلك؟
عثمان ميرغني:
لأوضح الامر، حين اقول انتهت بمعنى انتهت حقبة حالية لتبدأ فترة جديدة بمفاهيم جديدة، فيما مضى كانت مواجهة بين الاسلاميين واليساريين تطلبت وفرضت استخدام ...
* (مقاطعة): أأنتهت الحقبة أم انتهت الجماعة؟
انتهت الحقبة، يجب ان تتغير الآن وتبدأ بشكل جديد، انتهت كلمة إسلامية في التعبير عن الحركة، وكلمة اسلامية في استخدامها السياسي بمعنى اسلام سياسي، وحين اسمع كلمة اسلام سياسي استغرب فمن هو المرجع الذي قسم الإسلام لاقتصادي واجتماعي وسياسي؟.. ووضع ان هذا سياسي وهذا اقتصادي ومن المرجع الذي يستطيع ان يحدد هذا صنف من الاسلام اسمه سياسي وهذا صنف من الاسلام أجتماعي.
* انتهت الحقبة؟
انتهت الحقبة، ويجب ان تبدا حقبة جديدة لا يستخدم فيها المصطلح «كلمة اسلامي» بمعنى الان كلمة اسلام غير مختلف عليها والان حتى الحركات اليسارية لا تتصادم مع الاسلام. انتهى استخدام كلمة اسلام كديباجة تميزك عن غيرك ويجب ان يميزك عن غيرك الحرية والعدالة والرشد المساواة، التعبيرات التي تعبر عن الاسلام وليس كلمة اسلامي.
د. أمين حسن عمر:
تحدث عن الحركة الاسلامية وكأنها صندوق مقفول (وهذا حديث عجيب)، الحركة الاسلامية هي كائن اجتماعي وعضوي ومتغير ومتفاعل وله قدرة لتطوير نفسه وتطوير الأشياء من حوله وربما لا اختلف مع عثمان بان هناك ضرورة كبيرة جدا للتطور واذا ما ?ليس اسباب الفشل فانا لا اقر بالفشل- اعتقد ان الاسلام صاعد وسيصعد على رغم انف كل اعدائه داخليا وخارجيا، وكثير منهم سلم بأن الإسلام صاعد.
* الاسلام ام الحركات؟
اتحدث عن الوعي الاسلامي، ظاهرة الوعي الاسلامي والرغبة في تحقيق الهوية الاسلامية، وهذا تعبر عنه افكار واتجاهات كثيرة بعضها سياسي. الكلام عن اسلام سياسي عبارة عن صك صكه الاعلام العربي للاسف، فالغرب يتحدث عن الاصولية، والعرب شعروا ان كلمة اصولية كلمة جذابة فارادوا ان يقول نعم هذا اسلام ولا يستطيعوا ان ينكروا انه اسلام، الناس إن كان عندهم لحى ويصلون ويدفعون الزكاة ويفعلون اشياء (كويسة) لكن يخالوا ان هذا الاسلام ليس هو الاسلام، انما هو الجانب الذي يستغل السياسة لاغراض السياسة من الاسلام، وهو كانما ينتقي ما يناسبه من الاسلام ليتحقق منه، وهذه دعاية اعلامية من تيار معادي للتيار الاسلامي، نحن لا نؤمن بالحديث عن اسلام سياسي ولا نعتقد بامكانية فصل الدين وعن السياسة عن التطور الاجتماعي والاقتصادي في اي بلد من البلدان، اما ان الحركات الاسلامية بسبب صعودها تحتاج الى ان تتغير، وتحتاج الى ان تتلاحم مع القواعد الشعبية وان تتعلم من الشعب ومن حكمة الشعب اكبر من حكمتها وايمانه اعمق من ايمانها وقدرته على انجاز التحقيق اقدر من قدرته فشخصيا اوافق على هذا.
* هو يقول ان الديباجة نفسها انتهت؟
المحاكمة السياسية للجماعة، فهناك جهة قررت ازاحتهم (خلاص انتهوا) ويمكن ان تنجح هذه الإزاحة لبعض الوقت ويمكن ان تفشل فهذه تطورات سياسية.
* يقول الحقبة نفسها انتهت؟
ما الحقبة أهي ال(9) أشهر في مصر وحكومة مشتركة في تونس؟ هذه كلها أوضاع انتقالية وحتى فترة حكم الاخوان في مصر كانت شراكة، والدليل على وجود شركاء (ما على مزاجهم تماما) تقدم (11) وزيرا باستقالاتهم بمجرد ان «سخن الكوع شوية» فليس هذا صحيحاً، وهذه كلها اوضاع انتقالية.
اعتقد ان الأوضاع في المنطقة كلها قيد التشكل، والطمع في ان التيار الاسلامي سيخرج من الصورة ولن يؤثر، لا يقول به الا شخص اما متمني أو حانق، الاسلاميين سيظلون والغرب كله ينظر بموضوعية مهما كان محبا لظاهرة او يكرهها يدرك تماما ان الاسلاميين سيظلون الجزء المؤثر والاكثر تفاعلا وقدرة على صياغة الاحداث في هذه المنطقة لفترة مقدرة، صحيح يمكن بعد سنوات كافية ان تقنع التيار الاجتماعي الذي حملهم بأن آمالهم خابت فيهم وكذا، اما الذي خاب فيهم حاليا فتوقعات ورغبات ومخاوف اخرين هي التي ادت الى ما حدث الآن في مصر، وهم الان يطالبون بالعودة الى الصندوق ليقول الشعب رأيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.