*أخيرا فطن « الاعلام » وخاصة المريخى وبدأ الحديث عن ظاهرة الشغب وعنف الملاعب الخطيرة وذلك بعد الأحداث التى صاحبت مباراة المريخ والأمل والتى جرت أحداثها فى عطبرة، ويبدو أن هذه الأحداث الضارة ربما تكون نافعة ويكفى أنها لفتت الانتباه وأضاءت الاشارة الحمراء ورفعت من درجة اهتمام الاتحاد وجعلت الصحافة تلقى الضوء عليها وهى التى تفوق فى خطورتها «مرض السرطان » فهى ظاهرة مميتة لها ما بعدها من تبعات و أثار ممتدة وثأرات ستكون مستمرة وأخطر ما فيها أنها ستؤدى الى تدمير السلوك العام للمجتمع كله وليس الرياضى فحسب وتقتل المنشط وتأتى « بالفاقة » وأول المكتوين بنيرانها هم أهلها وعشاقها والذين هم الأغلبية ، وبالطبع فعندما تقع الكارثة فليس هناك براءة لأحد خاصة المعنيين بالأمر مباشرة وغيرهم من المتأثرين والذين يكونون ويمثلون المرتكزات الأساسية لللعبة « اللاعب - الادارى - المشجع - الاعلام الرياضى - المدرب - الحكم » فكل هؤلاء سيروحون « شمار فى مرقة » وسينزون ويذهبون الى عالم المجهول والظلام من منطلق أن كرة القدم تمثل لهم حياة كاملة و « أكل عيش » ومهنة يسترزقون منها ومجال يرفهون فيه ويستريحون فيه من ضنك الحياة وصعوبة « المعيشة » . *وبرغم حساسية الوضع الا أن هناك من يستصغرون هذه الظاهرة ذات الأثار والأبعاد الخطيرة جدا بل هناك من لازالوا يشجعونها ويقودون حملات التحريض وزراعة الفتنة وأخرون وهم مسئولون «يستصغرونها ويستخفون بها » ويبدو أنهم لم يعيدوا قراءة تفاصيل المشهد القادم برغم أن هناك مثالا حيا أمامهم وهو التجربة المصرية وماذا حدث فيها وماهو الوضع الكروى الحالى هناك حيث تم تفريغ اللعبة من أهم عناصرها وهو الجمهور وباتت الملاعب خالية وخاوية وتبع ذلك الأثار الاقتصادية التى خلفتها احداث الشغب ومدى الاحتقان والمرارات التى سكنت القلوب ويحسب للاخوة المصريين أنهم كانوا أكثر عزيمة وهم يرتضون بالواقع ويصرون على استمرار النشاط برغم أن قيمته تضاءلت كثيرا وبالطبع فالوضع عندنا يشابه الواقع المصرى ولكن هم يتفوقون علينا بأنهم يملكون « سناما يلجأون اليه » أما نحن فان حدث الشغب وأغلقت أبواب الاستادات أمام الجمهور فان الأثر الاقتصادى سيكون كبيرا وستكون المحصلة توقف النشاط خاصة وأن كل الأندية تعتمد بصورة كلية على عائد الشباك ، غير ذلك فماهيمنا مختلفة فهنا عندنا ثقافة الثأر موجودة ومن ثوابت الحياة ويمكن أن تطفح عند الزوم. *أسباب عديدة يمكن أن تقود للشغب والعنف فى الملاعب منها ضعف القانون الذى يعاقب المخطئ وهشاشة الذين يطبقونه حيث يضعون اعتبارات وهمية ويجاملون على حساب الصحيح والحقيقة ومستقبل اللعبة وهناك المفاهيم الخاطئة للعبة وأغراضها وجهل الكثيرين اضافة لأخطاء الحكام والأدوار الخطيرة التى يقوم بها الاعلام ونشره للفتنة ودعمه وتسويقه لها من منطلق العصبية العمياء والقاتلة وهناك أسباب نفسية ومنها الاحساس بالدونية ومحاولة اللحاق بالأخرين بأى شكل وأى طريقة، كما أن السلوك العدائى الفطرى لدى البعض أيضا من الأسباب، وان كانت هذه أسباب تقود الى عنف الملاعب فهناك مضادات وحلول سريعة يمكن أن تحسم هذه الظاهرة، وأولى هذه المعالجات هى العمل على منع الجريمة من الوقوع على اعتبار أن مهمة الأمن الأساسية هى محاربة الكوارث ووضع الاحتياطات اللازمة وذلك باتباع ثقافة ومبادئ الوقاية والتى هى خير من العلاج - وبداية لابد من وجود قانون رادع ينفذ بكل صرامة ودقة وعدالة يتضمن ابعاد أى فريق يمكن أن يكون هاجسا للمجتمع كله ، فمثلا أنه وفى حالة حدوث شغب من جمهور فريق معين تفرض عقوبات قاسية منها اعتبار الفريق المشاغب مهزوما وتخصم منه نقاط اضافية ويحرم من اللعب فى استاده أو أن تقام مبارياته من دون جمهور مع وضع غرامة مالية قاسية عليه - وان تعقدت الأوضاع وباتت الكارثة قريبة فليس هناك حل أو مخرج الا قفل الاستادات أمام الجمهور من واقع أنه هو الذى يسبب الشغب وفى هذا الاجراء الاحترازى حماية لهذا الجمهور من التأثر بالكارثة - ثالثا فان معظم ظواهر الشغب التى اندلعت فى ملاعبنا مؤخرا كان التحكيم سببا فيها وهذا يتطلب من الاتحاد ولجنة الحكام أن تراجع الوضع وأن يجتهدوا فى الاصلاح وابعاد الحكام أصحاب المستويات الضعيفة والكفاءة المحدودة والذين يعانون من أمراض « الجبن والانتماء والخوف » حيث لا يستطيعون اصدار القرار القوى والصحيح لاعتبارات وتقديرات يراها الواحد منهم ضرورية حفاظا على سلامته، ومعهم أصحاب الانتماءات والذين باتوا غير موثوق فيهم - أما العنصر الرئيسى وأحد المصانع التى تنتج الفتنة وتشجع على الشغب وتنادى بالعنف فهى تلك الأقلام المتفلتة والمتشنجة التى تمارس التعصب جهرا ومعها التى لها أجندة خاصة لا علاقة لها بالرياضة، وهذا ما يظهر من خلال حملات التعبئة الضارة والاراء المنفلتة والسالبة التى تنادى بالقطيعة واشعال نيرات الشغب وهؤلاء يمارسون الارهاب ويعتقد الواحد منهم أن بامكانه تخويف الناس من منطلق أنه يحمل قلما وأمامه مساحة خالية ومحمى من الجمهور أو يمكن أن يقود حملات تحريض أو يشعل ثورة يمكن أن تقتلع النظام فهذا الاعتقاد الوهمى هو سبب البلاوى ولابد من وضع حد لهذه الفئة التى ظلت تستبيح الجسد الرياضى وتمارس فيه كل ألوان وأشكال وفنون الانفلات، والسبب أنه لا توجد جهة تحاسب أو تراقب أو حتى تقول بغم - بكسر الباء والغين. *الشغب كارثة خطيرة وليعلم هواته والذين يسببونه وينادون به أنه ان حدث مكروه فلن يكون هناك نشاط وستغلق الملاعب وكافة المنافذ التى لها علاقة بالرياضة وكرة القدم على وجه الخصوص ومن ضمن هذه المنافذ الاستادات والاتحاد وايضا الصحف وقبل أن تقع الفأس على الرأس فعلى الذين نعنيهم مراجعة الحسابات واعادة قراءة المشهد والا فانها « ستقع » - أي الكارثة.