الهلال يرفض السقوط.. والنصر يخدش كبرياء البطل    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الجيش ينفذ عمليات إنزال جوي للإمدادات العسكرية بالفاشر    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    تستفيد منها 50 دولة.. أبرز 5 معلومات عن الفيزا الخليجية الموحدة وموعد تطبيقها    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    حادث مروري بمنطقة الشواك يؤدي الي انقلاب عربة قائد كتيبة البراء المصباح أبوزيد    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالفيديو.. تاجر خشب سوداني يرمي أموال "طائلة" من النقطة على الفنانة مرورة الدولية وهو "متربع" على "كرسي" جوار المسرح وساخرون: (دا الكلام الجاب لينا الحرب والضرب وبيوت تنخرب)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    السودان.."عثمان عطا" يكشف خطوات لقواته تّجاه 3 مواقع    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    عصار تكرم عصام الدحيش بمهرجان كبير عصر الغد    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرسان الكبابيش.. من ( أبو سبيب إلى المر )
نشر في الصحافة يوم 26 - 09 - 2013

: أنجبت قبيلة الكبابيش كثيرا من الرجال والنساء وقد برع هؤلاء الأبناء والبنات في مجالات كثيرة ومتعددة سواء في الشجاعة والإقدام أو الكرم وقد مثل الفارس في القبيلة في وقت من الأوقات وزمن من الأزمان أهمية قصوي لا تقل عن الأهمية التي مثلها الشاعر لدي قبيلته عند العرب في الجزيرة العربية في فترة ما قبل الإسلام . وسواء إتفقنا مع أهمية الفارس بالنسبة لقبيلته في بوادي السودان أو لم نتفق كمثقفين نفكر بمنطق العصر الحديث إلا أن كثيرا من الفرسان قد دخلوا تاريخ مجتمعاتهم من أوسع أبوابه وتجاوزوه ليكونوا رقما في تاريخ السودان وقد فرض هؤلاء الفرسان إحترامهم وتقديرهم عند قبائلهم وامتد حبهم لمن تحالف مع القبيلة وتعاون معها من القبائل في زمن سيادة القبيلة وعنفوانها ومرجعيتها . وهناك من خاصم هؤلاء الفرسان وحاربهم بناءً علي موقف مجموعته من مجموعة الفارس ورغم ذلك يكن له الإحترام والتقدير لشجاعته وإقدامه وهذا يدل علي أصالة المعدن الذي تنطوي عليه كثير من قبائلنا التي مارست الدور القبلي حتي نشوء دولة السودان الحديثة وما أعقب ذلك من تفاعلات وحراك إجتماعي وقد عبر الخصوم عن إعجابهم بخصمهم ومجدوه لذاته شعرا كان أم نثرا والفضل كما يقول المثل ما شهدت به الأعداء وخير نموذج لهذا هما الفارسان من قبيلة الكبابيش أبو سبيب ومحمد علي التوم الشهير بالمر وقد عاش الفارسان في أوقات مختلفه والفاصل بينهما حوالي ثلاثة قرون من الزمان حيث عاش ابو سبيب في نهايات السلطنة الزرقاء بينما عاش الشيخ محمد علي التوم الشهير بالمر في القرن العشرين وتوفي عليه رحمة الله في نهايات الثمانينيات منه.
وأبو سبيب هو عوض السيد محمد نور ينتمي إلي مجموعة النوراب من الكبابيش والتي عرفت بمجموعة ( الباعج ) وهو الوسم العام الذي تضعه هذه المجموعة علي إبلها . والباعج هو كيان يضم إلي جانب النوراب الربيقات والحواراب والكبيشاب ولا فضل لفرع من الكبابيش علي آخر حيث ساهم الجميع في تحقيق أهداف القبيلة وخاصة تبريد الدار ولكن الكيان النورابي كما يقول الكاتب د عبد الله علي إبراهيم هو الذي وقف يناوئ المهدية بقيادة صالح فضل الله المتوفي عام 1887م ولا تفضل الجماعات النورابية التاريخية من غير أولاد فضل الله سابقا وأولاد علي التوم حاليا فروع الكبابيش الأخري في شئ حيث ظل هؤلاء ينفردون بالسلطة ويدفع الكبابيش وكثر فروع النوراب ضريبة الطلبة . وحسب الروايات فإن أبو سبيب هو من باكورة فرسان النوراب الذين عرفوا اخيرا بفرسان كنجرت وهي لفظة كما يقول الباحث عبد الله علي إبراهيم في كتابه الذي حمل ذات الاسم ( فرسان كنجرت .. ديوان نوراب الكبابيش وعقالاتهم في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ) أن اللفظة مأخوذه من عاداتهم في الحرب والمتمثلة في الهروب للوهلة الأولي من وجه خصمهم ثم مجابهته والتصدي له لدي صيحة كنجرت . ومن جسد أبي سبيب الشهيد بدأ نسج الأساطير فلم يكن السلاح يخترق جسم أبي سبيب رقم ما خاض من معارك ضد أعداء قبيلته في ذلك الزمن ولم يكن ذلك عائدا إلي عامل خارجي كالكجور أو الحجبات ولكنها لطبيعة في الفارس والذي لجأ قاتله إلي وسيله أخري لكي يقضي عليه وهي أن أخرج القاتل خاتمه الفضي وعجنه وسدده بالبندقية وعندما سقط أبو سبيب صريعا لم تستطع خيل الأعداء الإقتراب من جسده وهو هامد فما بالك وهو علي قيد الحياة . وقد عبر الأعداء عن ذلك بالقول ميت حي يابنك .... يعني أنت حي تطرد الخيل ميت تطرد الخيل وقد شق القتلة صدر أبو سبيب ليعلموا سره فوجدوه عصبة ساكت علي حد قول الرواة وهو إنسان لم يعرف الخوف قط فعن أمه ( درمة ) أن حنكه لم يقف عن الرضاعة والصاقعة لها دوي وقدة تغالط إخوة أبو سبيب (أولاد عوض السيد ) وهم صالح وتنيبور والزين أيهم أشطر وأفرس ولدي هذا الغلاط قالت درمه : أبو سبيب من ولد ما سميت علي ( قلت باسم الله ) إتو البرضع فيكم ماسك الشطر كان الكركاعة ( الصاقة ) طقت حنكو بقيف واللاوقف واللافك الشطر واللاكدي واللارعرش أبو سبيب كان برضع ما بقيف من خلق ما رعرش سميت عليه . وشق مقتل أبو سبيب علي كل قبيلته وعلي رأسهم زعيم القبيلة وقتها الشيخ الساني ود فضل الله وهو إبن عمه وهو من قاد عملية الثأر بنفسه بعد مرور حول علي مقتل الفارس وظل كل تلك المدة يتحين فرصة الإنتقام من قاتل الفارس أبو سبيب ويدعي بيشاوي حيث جاء في قول الشاعر :
بيشاوي ( القاتل ) أخو أم سلامه
كتل أبو سبيب كرامه
لا دين لا غرامه
وهذا القول فيه إستنكار لعدم الأخذ بثأر الفارس أبو سبيب . وكان الشيخ الساني طيلة العام يقاوم ضغوطا رهيبة تدعوه للإنتقام من قتلة الرجل المكني أبو صالح والمعروف بجبل ألبل ولكنه صبر حتي حانت الفرصة للثأر للفارس والقائدالميداني لقبيلته والذي واجه مؤامرة كبري للتخلص منه بإيجار بيشاوي القاتل تحت تحالف قبلي أوقع به في جهة ما غرب النيل في منطقة المجر أو الموقع المعروف بأبي سبيب غرب أم درمان وكان التخلص من الفارس أبو سبيب لشهرته وشجاعته التي حيرت الأصدقاء قبل الأعداء والخصوم وكان دفاعه المستمر عن ثروة أهله وإبلهم هو من أسباب التآمر علي حياته . وعرف عن الطامعين أنهم لا يقدمون علي التفكير في الثروة من ألبل إلا بعد سؤالهم ما إن كان أبو سبيب قريب أم بعيد من ألبل وقيل أن سيدا في قومه وقبيلته كان يمسك بنعم الكبابيش ولا يتركها إلا لقاء شيئ منها وقد جاء السيد ذات مرة وأمسك بأحد الكبابيش كقبيض والقبيض هو المحبوس لكي يدله علي نعم القبيله وسأل السيد الرهينة ما إن كانت ألبل قريبة أم بعيده فرد عليه الرجل أو الرهينة شعرا :
يا أرباب لا تكتر المنشاد
بت الماصع أب لباد
هسع وقت تتوكها تلقاها حنضلة عقاد
أبو رأسا سبيبي معاهن ماد
أبو سيفا بوابر الزول أبو عداد
أبو شتوا لي الضلوع قداد
أبو قلبا صفاتا دملجو الحداد
تور بقر الجواميس الوسطن هاد
أنجع يا جلي وسع من البلاد
وفي واقع الأمر فإن الرهينة كان يمدح أبو سبيب بهذه الصفات بدءا من قوله أبو راسا سبيبي وأبو سيفا وأبو شتوا والشتو هو الرمح وقلبه صفاة يعني حجر أتقن الحداد صنعه والتور الهاد هو الذي يقوم بالتعشير وسط القطيع وبعد أن سمع السيد الطامع هذا القول من الرجل الأسير لديه سأله قائلا يا جني أبو سبيب مع ألبل ؟فرد الأسير كمان أبو سبيب بفارق ألبل ؟قال السيد أبو سبيب مع ألبل ما بديني إياهن يا كتلني . ومن أمثلة إعجاب القبائل الأخري بشجاعة أبو سبيب وفروسيته ما قاله عنه معاك أبو معاطي الشنبلي وقد سمع معاك ما قاله الفوارس من إخوة أبي سبيب وفرسان كنجرت بأنهم شجعان كشجاعة الرجل وإقدامه فقال لهم معاك
مزاباتكم لي الصميدة شر
كير خير الحبس خلفو ووقف في الحر
وقال عنه :
أرباب يا أبو سبيب أرباب
وفرسك ليلة الدعكاب
لقوح التيتل التكبس علي المتلاب
كان مو أولاد درمه قمرنا غاب
الفرسان البسو مشبك الكلاب
وهذا يدل علي أن أولاد درمه جميعهم فرسان ولكنهم دون منزلة ابو سبيب ومكانته فهو أولا أرباب وفي ليلة الدعكاب والقتال يفعل فرسه كما يفعل التيتل ( بقر الخلا )أبو متلابا صغير وقد إشتهرت اللقحة من بقر الخلا بأنها تطرد الصائدين من صغيرها ولا تسمح لهم بالإقتراب منه وقال أبو معاطي أيضا :
يا ناقة أبو سبيب جازيه
أرويلو جوادو وبعد العتوم عشيه
والفارس البحادي في العجاج برميه
وكان أبو سبب قد فتح الباب لقبيلته لكي تتقدم وتلج الصدامات كغيرها من القبائل في ذلك الوقت ولكن ما يميزها أن لديها فارسا مثل أبو سبيب وإخوانه من فرسان كنجرت وكانت المجموعات القبلية السودانية جميعها في حركة النزوح والتحرك في ظل دولة المسبعات والفونج ووقع خلال هذه الفتره عقال الحنيك الذي إنتظره الكبابيش لكي ينتشروا غربا إلي جبرة الشيخ وكجمر والصافية كما أكد ذلك الخبر المؤرخون بروس والتونسي وعبد الله علي إبراهيم وأدي جهد أبو سبيب الخارق لتمكين الكبابيش من الإحتفاظ بثروتهم الحيوانية والنزوح بها إلي موقعهم الحالي في شمال كردفان والذي بدأت فيه حياة الفارس الثاني للقبيلة
محمد علي التوم المر:
ولد الشيخ محمد علي التوم الشهير بالمر في عام 1909م وعرف ذلك التاريخ عند قبيلة النوراب بشعبة كجمر الوسطانية وهو وكيل نظارة الكبابيش والوصي علي الناظر حسن التوم لسنوات 1945م إلي 1952م وقبل هذا التاريخ كان المر إلي جوار والده الشيخ علي التوم وأخيه الأكبر التوم علي التوم جد الناظر الحالي للكبابيش التوم حسن التوم ولم يكن الشيخ محمد علي التوم معنيا بالحكم لولا وفاة ناظر القبيلة ولصغر سن الناظر حسن صار عمه المر وصيا عليه وهذا أيضا شأن قبلي وظاهرة جديرة بالدراسة في ظل التهافت والتشظي القبلي والضعف المريع في الإدارة الأهلية الذي نشاهده اليوم في قبائلنا السودانية . ومضي الحاكم الوصي قويا مهاب الجانب وقد ملأ المر مثل جده أبو سبيب الدنيا وشغل الناس وعرف عنه إعتناءه بكل شيء فهو لا يختار من الرجال إلا القوي الأمين ليكون بجانبه ولا يميل للقضاء التقليدي لفض النزاعات بين أفراد قبيلته في محكمته ولكنه يسعي لإصلاح ذات البين وإذا أوقع حكما فإن حكمه قاسيا وناجزا وإذا دعا مطلوبا للعدالة عنده يأتيه مسرعا ترعد فرائصه من الخوف لكونه سوف يمثل أمام المر خاصة إذا كان من العابثين أو المسيئين للقبيلة أو المتلاعبين بالبيئة حيث كانت البيئة عند المر من أولي الأولويات ولا يسمح أبدا بقطع شجرة أو زراعة عشوائية أو حرق غابات من أجل الفحم أو غيره، وله نظام صارم حيث لا يسمح لأصحاب البهائم بالبقاء في أماكن الدمر في الخريف ولا يسمح بحفر الآبار في الفلوات ومرعي البهائم لأن فيه جورا علي المرعي وكان يميل لتربية الكلاب وهي أي كلاب المر معروفة من فصيلة النمور كما يقولون وكان كلبه عكام ضخم الجثة قوي البنية وكأن المتنبئ قد عناه بقوله :
كأنه مضبر من جرول موثق علي رماح زبل
ذي ذنب أجرد غير أعزل يخط في الأرض حساب الجمل
كأنه من جسمه بمعزل لو كان يبلي السوط تحريك بلي
وقد إشتهر الشيخ محمد علي التوم بألغابه الكثيرة فهو يكني بأبي يعقوب دون أن يكون له ولد بهذا الاسم ثم المر وأبو معزين وقال عنه الحاج صالح الحاج محمد الفكي صالح :
أبو يعقوب جليس الديمة عرضانات
ود كحلة القنت وأمات جن عاصمات
ويقول عنه أيضا :
أبو معزين ضراع دود الخلا القنات
يات من صاولك طيعتو لي الخطرات
البكري الهاج رشاش ورك علي اللقحات
أبو عينا شرارة النمر أبو عاجات
تمساح أتبره الفايت العشاريات
قراش للفقر بمسح مع الموجات
وأم عزين هي بنته البكر حياها الغمام و يكاد يكون إسم أم عزين من الأسماء حكرا علي الكبابيش والنوراب علي وجه التحديد وكانت عمتي الوحيدة أم عزين تلقب باللنقتيرة لكونها عاشت عيشة الأميرات عند الإنجليز .وقد نسج الناس حول الفارس المر الأساطير كما نسجوها حول أبو سبيب وهذا هو شأن كل الفرسان تقريبا، فقيل إن المر له نظرة لخصمه يتملكه الرعب ويتمني لو أن الأرض خسفت به بدلا من أن ينظر إيه المر بعينه الحمرة وشرارة دائما وإذا حل المر بمكان من الأمكنة ملأ المكان هيبة وقالت إحدي شاعرات القبيلة :
العقدة الحابس ماها
الليلة المر طلاها
أم سيدا ما جازاها
مع البواح نشاها
ولا يستطيع أحد من النظار الآخرين أن يصل إلي المكان الذي يحل فيه المر بقبيلته وقال راوي القصيدة وهو من الرازقية النوراب إنه دخل علي المر واستأذنه لكي يلقي عليه قصيدته في مدحه وهي من ستين بيتا من الشعر فأذن له وكان المر يجلس علي سرير من جلد البقر( القد) وكان كلما إستمع لمدحه في القصيدة تقطع العنقريب من تحته حتي قضي عليه في آخر الأمر . وعرف عن الشيخ المر كرمه وسخاءه في بذل المال وقد كتب الصحفي محمد المر قور حامد وهو من أبناء قبيلة المسيرية وقد سماه والده علي الشيخ المر وهو صديقه قال المر الصحفي إن والده عليه رحمة الله قام بزيارة لصديقه الشيخ المر في الستينيات من القرن العشرين في مقره بحمرة الشيخ وقد اهداه المر هدايا ثمينة من بينها عربة أحضرها معه للمجلد وأهداها لأحد أبناء عمومته بمناسبة فوزه في البرلمان عن دائرة المجلد في ذلك الزمان وكانت للمر عطايا كثيرة من الذهب الخالص وألبل خاصة لرجال الطرق الصوفية الذين كانوا يزورون المنطقةإنطلاقا من العاصمة والجزيرة وغيرها وكما قال عنه الشاعر :
عندك رأي سمح عندك معاهو أفكار
عندك فوت كتير فايت علي النظار
ود الفنجري اللام القريب والجار
وقد هاب كبار الموظفين والنظار الريئس نميري عندما سألهم في إحدي زياراته للمنطقة عما يمكنه فعله لمواطني سودري وشمال كردفان ولكن المر قال للرئيس نميري يا رئيس هذا العام عام جدب وجفاف وقبائلنا معثرة ونطلب منك أن تعفي لنا ضريبة القطعان لهذا العام لكون السنة مجدبة وقد كان أن إتخذ الرئيس قرارا بإعفاء الرعاة في المنطقة من ضريبة القطعان لمدة عام بكامله إستجابة لرغبة الشيخ المر وإكراما له . وعندما رحل الشيخ المر عن الدنيا في العام 1980م نعاه الناعون وبكاه الناس بدمع سخين وكان موته مصيبة وقعت علي بنات عمه وقبيلته حتي أن المنطقة بكاملها صارت مأتما الكل يبكي بمجرد سماعه النبأ، وهي أشبه بالمصيبة التي قيل إنها وقعت علي نساء الشكرية وهن يبكين أحد فرسان القبيلة ويدعي راس الهام بقولهن :
تب الحركة الجات من قدام
الكتلت راس الهام
يا راس الهام وا هانتي
السكن البوم في دانتي
أما عزاية المر التي لم تدخل الضل إلي يومنا هذا فقد قالت :
خبر إيش آ النمر أب قوف
خبر إيش آ كي الشرشوف
كان صبحنا بطردونا
وكان غربنا بضربونا
ولم تعد حياة أي من الفارسين ( أبو سبيب والمر ) حياة عادية لما تحتوي عليه من إثارة ومواقف ومشاهد تجعل أي قناة تلفزونية شاطرة تتصدي لإنتاج فيلم حول أحدهما أو كلاهما لا يقل عن فيلم تاجوج والمحلق الذي وقعت قصته في منطقة كسلا وكانت تاجوج هي عشيقة ود المحلق وأبو سبيب أيضا له عشيقة من قبيلة الشنابلة تدعي أم واطي، وقد كان أبو سبيب يوما ما في نصرتها بعد أن أعاد الثروة التي نهبها الأعداء من ديار الحبيبة. لم لا وكتاب فرسان كنجرت لعبد الله علي إبراهيم نفسه يصلح ليكون مسلسلا علي شاكلة المسلسلات البدوية التي ينتجها السوريون عن البادية السورية ويقدمونها للمشاهد العربي مثل غضب الصحراء وغيره، ولا تقل قصة فرسان كنجرت عنها من حيث الصراع ولا الرعب ولا المعاناة التي واجهها الكبابيش وهم يفقدون فرسانهم في ملاحم بطوليه راح ضحيتها شهداء هم علية القوم وسادتهم بدءا بأبي سبيب وهلال ود بخيت وعجور ود شطيطة ثم الشيخ التوم فضل الله سالم والشيخ صالح الشهير بجلطة والذي كان بطلا لكتاب سجين المهدي ...
أهل الخيول الجن وين سد بهانا
فوق أم علوقا كيل كايس الفتانه
بقطع سبع عيقات فوق أم عنانه
وقرع تقيلة جات ما فات بكانه
وقبل طواقي الغرب ( شتت كنانه )
زنطير وكير خلفات وجب زمانه
قمرا مضوي وغاب فرقك شوانا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.