أيام معدودة وتنطلق مسيرة العروة الصيفية بمشروع الجزيرة، إلا أن هناك شكاوى مزارعي مشروع الجزيرة من ضعف الإدارة والمتابعة من قبل إدارة الغيط بالمشروع، فغابت ملامح التحضير للموسم الجديد بحسب افادات المزارعين الذين تسلل إلى دواخلهم الياس والإحباط، الأمر الذي قاد إلى أن تعم الفوضى أرجاء المشروع، فاختفت ملامح التنظيم والترتيب الزراعي والإداري الذي كان من أبرز سماته ومميزاته. وتوقع المزارعون في بادئ الأمر أن يكون الحال مختلفاً في الموسم الجديد بناءً على النداءات والشعارات والبرامج التي رفعتها الإدارة التنفيذية لمشروع النهضة الزراعية لتأهيل مشروع الجزيرة، غير أن معظم المزارعين ومن واقع الحملة التعريفية ببرامج النهضة الزراعية، أكدوا رفضهم التام لبرامج النهضة الزراعية بسبب ارتفاع تكلفة التمويل التي حددتها النهضة، فلا يشهد الناظر إلى المشروع أدنى إرهاصات للتحضير المبكر للأراضي أو الاستعداد لأن يكون الموسم الجديد مختلفا عن سابقه، بالرغم من الشعارات الكثيرة التي ترفعها إدارة المشروع نظريا فيكذبها ويفضحها الواقع وفقا لما جاء على لسان بعض المزارعين. ووصف رئيس رابطة مستخدمي المياه بترعة الحصاحيصا بحري التابعة لقسم ود حبوبة الزين بخيت، دخول إدارة النهضة ممولا ومشرفا على العمليات الزراعية بالخروج عن الأهداف التي من أجلها استقطع مال النهضة الزراعية من خزينة الدولة، ويرى أنه من المفترض أن يكون برنامج النهضة راعيا ومؤسسا للبنيات التحية وليس داخلا في العملية الزراعية ممولا أو مستثمرا يرجو الربح في نهاية المطاف. ووصف الزين بداية الموسم الجديد بالمتعثرة، واضاف أن ما يضعفها أكثر الاختلاف الذي نشب بين إدارة الري والمشروع حول تبعية الري بالمشروع أخيراً، وزاد أن الاختلاف ألقى بظلاله على أرض الواقع، فليست هناك تحضيرات جادة توحي بأن هناك جديداً أو شيئاً مختلفاً عن الموسم أو المواسم السابقة، فالترع خالية من المياه لدرجة أن القريب منها إلى القرى اتخذه الصبية مرتعا للعب، إضافة إلى أن البنك الزراعي رفض تمويل المتعسرين من المزارعين. وقال الزين إن التحدي الأكبر الذي يواجه إدارة المشروع الآن هو بداية الموسم في توقيته المحدد. وأكد أن الكل محبط مما يجري بالمشروع من إهمال وغياب تام لإدارته عما يجري بالغيط، وتنبأ بفشل العروة الصيفية فشلا ذريعا إذا ما سارت الأمور بالوتيرة الحالية، وتأسف لعدم دراية القيادات العليا للاتحاد بما يجري في المشروع. وغير بعيد عن حديث الزين يقول المزارع بمكتب الكتير «32» معاذ يوسف، إن التحضيرات للموسم الجديد تسير ببطء، بل تكاد تكون معدومة أو غير ملموسة في مناطق كثيرة، وإن إدارة المشروع تشكل غيابا تاما عما يجري في المشروع، وإن روابط مستخدمي المياه غير مؤهلة للعب الدور المناط بها، بجانب ضعف التحضيرات في مجال الري وقنواته الرئيسية والفرعية. ووصف المزراع بترعة ود آدم بمكتب حمد النيل التابع للقسم الأوسط الطيب العوض التحضير للعروة الصيفية بالمنعدم بالغيط على مستوى قنوات الري «الترع وأبو عشرينات والمصارف»، علاوة على أن الكسور والمواسير بالترع لم يحدث فيها إصلاح، وقال إنهم يسمعون عن استعدادات للموسم الجديد من قبل إدارة المشروع، غير أنهم لم يروها على أرض الواقع. وقال إن الوقت يداهم المزارعين وإدارة المشروع الغائبة عن أرض الواقع على حد سواء. واضاف إن لم تتخذ الإدارة خطوات متسارعة لإنقاذ العروة الصيفية، فإن عاقبة تأخيرها وتلكؤها ستكون الفشل الذريع لا محالة. وفي مكتب الأمير ود البصير التابع لقسم وادي شعير يقول طلحة ابراهيم إن هناك بعض التحضيرات والاستعدادات المتناثرة بالمكتب التي يقوم بها المزارعون على نفقتهم الخاصة، إلا أنها مازالت في طور البدايات. وقال إن الإنتاجية في الموسم السابق كانت دون الطموح ولم ترتق إلى ما يصبو إليه المزارعون من نجاح وإنتاجية عالية، إلا إن واقع الحال بالمشروع الآن يوحي بأن الموسم الجديد لن يكون أفضل من سابقه، فالتحضير يسبر ببطء، ولا أحد يعلم شيئاً عن مدخلات الإنتاج ومدى توفرها، ويتبع ذلك غياب الإدارة وضعفها في متابعة ما يجري بالغيط. وتوقع طلحة ألا تنطلق الزراعة في الموسم الحالي بنهاية مايو الجاري بزراعة الفول السوداني والخضروات «الطماطم» في ظل عدم تحضير وتجهيز أبو عشرينات حتى الآن. وفي مكتب الكتير يقول المزارع بترعة مكوار عبد الإله عمر العبيد، إنه لا توجد أية استعدادات للموسم الجديد، وإن الحال الراهن بالمشروع يوحي بأنه لا جديد عما كان عليه الحال في الموسم السابق، بالرغم من العرض الذي تقدم به مشروع النهضة الزراعية لتمويل ورعاية المحاصيل بالمشروع، بيد أن معظم المزارعين رفضوا العرض الذي تقدمت به النهضة الزراعية جراء ارتفاع التكلفة التي حددوها لفدان الذرة بحوالي 460 جنيها، والتي أنقصتها أخيرا إلى 370 جنيها للفدان. واعتبر عبد الإله بداية الزراعة في مواعيدها أمرا شبه مستحيل، من واقع انعدام المياه في قنوات الري الرئيسية وقلة تحضير الفرعية منها «أبو عشرينات»، وقال إن أي تأخير في الزراعة سيكون له مردود سالب في الإنتاج والإنتاجية، ودعا إدارة المشروع لسد الفراغ الإداري الكبير الذي أصبح سمة واضحة في المشروع. وعن روابط مستخدمي المياه يقول عبد الإله إنها غير مؤهلة لأداء دورها، وإنها بحاجة لمزيدٍ من التأهيل والتدريب والخبرة حتى تتمكن من القيام بمهامهما على الوجه الأكمل. وفي دوائر المختصين يقول أحد المسؤولين بالغيط سابقا، فضل حجب اسمه، إن ما يجري بالمشروع الآن لا يعطي مؤشرا لأي تحسن في الاحوال، ويرى أنه ما لم يعد النظر بصورة عاجلة لقانون المشروع لسنة 2005م فلن يستعيد المشروع سيرته الأولى من الحيوية والمساهمة في الاقتصاد الوطني. واضاف قائلاً إن هذا الأمر لن يتم إلا إذا توفرت إرادة سياسية قوية لها القدرة على اتخاذ القرارات بحسم. وقال إن المشروع لا يحتاج إلى بنى تحتية جديدة، بل يحتاج إلى إدارة قوية يكون بمقدورها الوقوف بقوة في وجه التدهور به.