دعا عدد من خبراء الاقتصاد، الحكومة لاتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة خطر تناقص إيرادات الخزينة العامة حال انفصال الجنوب بعد إجراء الاستفتاء مطلع العام القادم وطالبوا حكومة الشمال بتعظيم الموارد غير البترولية بالاهتمام بالقطاعات الزراعية والصناعية والخدمية وقللوا من أيلولة وزارة النفط إلى الحركة الشعبية في الفترة قبل الاستفتاء، وقالوا إنها لا تضيف للحركة الشعبية إلا بمقدار الإطلاع على حجم إنتاج النفط وعائداته لأنه حتى التصديقات الجديدة للتنقيب والاستكشاف تكون من صميم مفوضية البترول، وأشاروا إلى ان الوطني تعامل بذكاء مع توزيع الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة وأن عودة وزارة الخارجية له مكسب كبير لأنها ستشكل رأس الرمح في الفترة المقبلة لإقناع المجتمع الدولي بأبعاد ومرامي الوحدة. وقال البروفيسور عصام بوب إن الخطوة لتلافي آثار الانفصال إن حدث تكمن في الجانب السياسي اذ لا بد من تكوين حكومة تضم كافة التكنوقراط السودانيين وألا تقتصر على الوجوه السياسية السابقة حتى يكون هناك إجماع على سياسات مبنية على الإصلاح الاقتصادي المتجرد مع ضرورة التوافق والتراضي على برنامج وطني عنوانه الأمة السودانية لا المصالح الشخصية لإنهاء النزيف الاقتصادي الذي اعترى جسد كافة الأقاليم السودانية، كما أنه لابد من إعادة النظر في السياسات الاقتصادية لا سيما التي تخص مسألة الخصخصة التي فصلت المنهجية الاقتصادية عن المصالح الشخصية، وطالب بوب بإعادة ماء الحياة لمشروع الجزيرة كمشروع قومي وإعادة الفكر الاقتصادي السوداني إلى مساقه الصحيح وتصحيح المساق الافتراسي للدولة بعيدا عن كاهل المواطن البسيط وأن يكون الأمن الغذائي الهم الأول ضمن اللبنات التي لم تنزل إلى أرض الواقع حتى الآن وختم بوب بأنه ما لم يتم الإتفاق على النقاط أعلاه لا يمكن الاتفاق على سياسة اقتصادية موحدة. وغير بعيد عن آراء وإفادات بوب يقول المراجع السابق لحكومة السودان محمد علي محسي إن النفط حتى لو بقي موجودا بمقدار مساهمته الحالية في إيرادات الخزينة العامة يبقى سلعة ناضبة لا يمكن الاعتماد عليها لذا لابد من البحث عن مصادر بديلة واضاف أن السودان مهيأ اقتصاديا بما يملكه من موراد ومصادر مختلفة زراعية وصناعية وخدمية، وقال إن اعتماد النفط مصدرا رئيسا لموارد الخزينة العامة يحفه كثير من المخاطر وتعجب من ترك الحكومة للمصادر المتجددة ولهثها خلف النفط الناضب وقال لابد من الرجوع إلى الزراعة والنهوض بها بصورة مكثفة وتسخير كافة الموارد المائية لخدمتها مع استثمار عائداتها والمواد الناتجة منها في الصناعات التحويلية وعلى الحكومة ترك قصر النظر وجريها وراء العائد السريع من النفط. أما الدكتور محمد الناير يقول تجنبا لتداعيات الانفصال لابد من اتخاذ التحوطات اللازمة المتعلقة بالتحديد الدقيق لآبار النفط وترسيم تبعيتها للشمال أو الجنوب منذ وقت كاف حتى تتضح الرؤية لكل دولة حتى لا تشكل ايلولة آبار النفط لأي من الدولتين عقبة عند تقرير المصير، فتقود لعرقلته أو تأجيله لذا على كل دولة أن تخطط تخطيطا سليما بعد معرفة حجم إنتاجها المتوقع من النفط وحجم استهلاكها منه وحجم ما يفيض عن حاجتها ليشكل صادرا مع ضرورة تحديد حجم الموارد التي ترد إلى الخزينة العامة جراء تقديم خدمات تصدير النفط من الجنوب إلى منافذ تصديره على موانيء البحر الأحمر ببورتسودان مع ضرورة السعي الجاد لتنمية الموارد غير النفطية لزيادة حجم صادراتها وبالتالي زيادة حجم إسهامها في إيرادات الموازنة العامة، كما أنه لابد من توضيح مسألة الكهرباء التي لا يجد الجنوب مفرا من شرائها من الشمال ويواصل الناير بأن الشمال مطالب بتفعيل اعتماد أثيوبيا وتشاد وجنوب السودان وغيرها من الدول التي لا تملك منافذ على المجاري المائية بأن يكون ميناء بورتسودان منفذها للتصدير والاستيراد ليشكل إضافة حقيقية للموارد غير النفطية بالبلاد، وقال لابد من الإسراع في حفز الصمغ العربي والثروة الحيوانية والزراعة عموما لجذب عملات حرة مع ضرورة تشجيع صادر الإيثانول والمنتجات الأخرى من صناعة السكر إذا ما تم تحقيق الإكتفاء الذاتي وتنشيط صادر الأسمنت وقال إذا لم يتم فعل ذلك فعلى الجميع انتظار الطامة الكبرى جراء ارتفاع الدولار في مقابل الجنيه السوداني . وقال الناير إن الصادرات غير البترولية لا زالت تشكل صفرا كبيرا في موزانة حكومة الجنوب، وأن نسبة مساهمتها لا تتعدى 3% في الموزانة العامة بالجنوب وأضاف أن الجنوب سيكون غارقا حد الثمالة في المرض الهولندي، وتوقع ألا تستطيع دولة الجنوب القيام بواجباتها كدولة لا سيما إذا حدث انخفاض كبير في أسعار النفط الذي يمثل المورد الأول أو الأكبر بل ربما الأوحد لخزينة الجنوب خاصة أنه معرض للنضوب وأن العالم كله الآن يتجه لاستخدام واستغلال بدائله من موارد الطاقة الأمر الذي ينبيء بتناقص الطلب على النفط في المدى المتوسط والبعيد وقد يرجع سعر البرميل منه إلى 20 دولارا. وعن تبعية وزارة النفط إلى الحركة الشعبية اعتبرها الناير لعبة معلم من المؤتمر الوطني لجملة مسوغات في مقدمتها محدودية دورها وانحصارها في الإشراف على الجوانب الفنية لإنتاج النفط، وأن وزارة الطاقة ستكون هي الأشمل لتبعية كافة مصادر الطاقة الأخرى لها علاوة على أن المؤتمر الوطني بناء على التسوية مع الحركة الشعبية كسب وزارة الخارجية التي تعطل دورها بصورة كبيرة خاصة على المستوى العربي وقد لاحظ الجميع غياب وزير الخارجية عن كافة المحافل العربية والاكتفاء بإرسال موفد نيابة عنه مما كان له اثر سلبي على دورها في المحيط العربي. وقال الناير إن الخارجية تعتبر من أهم الوزارات في المرحلة القادمة وسيكون لها الدور الأعظم في تغليب خيار الوحدة بما تقوم به من جولات مكوكية في جميع أرجاء العالم للتبشير بالوحدة والتحذير من مغبة الانفصال لذا توقع الناير أن يتولاها كفؤ وختم بأن المكسب الوحيد للحركة من ايلولة وزارة النفط لها إطلاعها على حجم وعائدات النفط المنتج في ظل بقاء صلاحيات التصاديق الجديدة في يد مفوضية البترول إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.