درج الناس فى السودان على تسمية الطفل الذى تظهر عليه علامات اختلاف واضحة عن اقرانه بالطفل المجنون ،الشافع الشقى ،الجنا الشيطان ،الولد قليل الادب،دون ان يعلموا ان هذا الطفل يعاني من (اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ) ،(افتا) الذى يمنعه من السيطرة على سلوكة اللارادى فيجنح نحو الجرى والقفز والثرثرة ومقاطعة الاخرين، ويكون عادة مصاحبا بضعف فى التركيز مع التشتت الذهنى الذى يؤثر على الطفل سلوكيا ونفسيا واجتماعيا واكاديميا حيث يتم علاجه بالعقاب البدنى المبرح والمتكرر فى البيوت والمدارس «ليكم اللحم ولينا العضم «.! وحسب الاستاذة هديات محى الدين قاسم رئيسة منظمة دعم المرضى المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه السودانية فإن الاضطراب ينشأ من خلل فى بنية ووظائف الدماغ ويؤثر على السلوك والافكار والعواطف، ويظهر غالبا فى سن 4 الى 7 سنوات وتتزايد الاعراض خلال مرحلة الطفولة والمراهقة وتستمر 30 الى 60% منها الى ما بعد مرحلة بلوغ سن الرشد، وحذرت هديات من اهمال تشخيص وعلاج هذا الاضطراب وقالت ان نسبة الاصابة به فى السودان فى زيادة وتتفاوت نسبة الاصابة فى العالم بين 02% الى 5% من اطفال المدارس الابتدائية. الاضطراب تظهر اعراضة مبكرا فبعد ان يتعلم الطفل المشى يبدأ فى تسلق الكراسى والنوافذ وفى مرحلة الروضة يرفض الاستماع لمعلماته ويلجأ للعنف ولا ينتظر دوره فى اللعب، وفى الابتدائية يهمل واجباته التى تحتاج لجهد ذهنى ويكون كثير اللعب والنسيان والسهو، وفى الثانوية ومرحلة المرهقة تقل اعرض اضطراب الحركة لكن تزيد اعرض التشتت فيظهر القلق والاحباط والاكتئاب نتيجة الانتقاد المتكرر فى البيت والمدرسة، ويلجأ المصاب الى احلام اليقظة اما بعد بلوغ سن الزواج فعادة ما تفشل علاقات المصاب الغرامية ويواجه مشكلات زوجية تنتهى بالطلاق فيلجأ الى تناول الكحول والمخدرات وحسب دراسة امريكية حديثة فإن 50% من حوادث السيارات كان سببها هذا الاضراب لكن على الرغم من خطورته فقد كانت للمصابين به اسهامات فى مجالات نادرة حيث برز منهم موزارت وتشرشل وانشاتاين الذى تم طرده من المدرسة عدة مرات! الاستاذة هديات التى التقيناها بمقر منظمتها بحى الشهيد طه الماحى بجبرة جنوبالخرطوم دعت عبر منبر الصحافة كل جهات الاختصاص الى العمل يدا بيد الى نشر الوعى بين فئات المجتمع وتنظيم ورش عمل ومؤتمرات توعوية للتعريف بهذ الاضطراب الخطير، واوصت بضرورة تشجيع دعم عيادات متخصصة للاطباء وخريجى التمريض لتيسير عمليتى التشخيص والعلاج وتقديم خدمات استشارية وتقويمية مفيدة والعمل على تدريب المعلمين واولياء امور التلاميذ وتزويدهم بالمعلومات والمهارات الضرورية من اجل تهيئة مناخ مدرسى مناسب للمصابين مع ضرورة تكوين شبكة قوية ترعى الاطفال والكبار بالتعاون مع الدول التى سبقتنا فى هذا المجال، خاصة ان الاضطراب يمكن التعامل معه والسيطرة عليه بالعلاج الدوائى والنفسى .