ظلت ظاهرة بيع سلع غذائية أوشكت أن تنتهي مدة صلاحيتها بالأسواق عصية على الحل رغم حزمة الجهود التي تقودها الجهات الرسمية والتطوعية م( الهيئة القومية للمواصفات والمقاييس) والجمعية السودانية لحماية المستهلك إلا أن تجار الجملة يمارسون عرض بضائع شارفت صلاحيتها على الإنتهاء بأسعار أقل مما هي عليه بالأسواق وبتخفيض ربما يصل إلى أكثر من 50% من سعرها الحقيقي خشية مجيء وعد إنتهاء صلاحيتها وهي بالمخازن فعلى الأقل يحاول تقليل خسارته والملاحظ أن معظم السلع الغذائية المعروضة بالأسواق بتلك المواصافات مستوردة وعزا بعض المختصين في الشأن الاقتصادي الظاهرة إلى أنها امتداد لتحايل دولي على بيع السلع الموشكة على الإنتهاء بأسعار اقل فيما نبه آخرون إلى ضرورة رفع وعي المستهلكين وتشديد الرقابة على الإنتاج الغذائي بالداخل مع تفعيل الدور الرائد للهيئة العامة للمواصفات والمقاييس . وكشفت جولة للصحافة بميدان جاكسون عن انتشار سلع غذائية قارب موعد انتهاء صلاحيتها ينادي بها عدد من البائعين المتجولين على قارعة الطريق حيث تباع علبة التانج الأمريكي بواقع خمسة جنيهات فيما يباع في البقالات بواقع 12 جنيه وكيس التانج الأمريكي نفسه زنة 750 جرام بثلاثة جنيهات فيما يباع بالبقالات بخمسة جنيهات وعلبة التونا الكبيرة بواقع 1.5 جنيه فيما تباع بالأسواق بأربعة جنيهات وكرتونة بسكويت كريمة التي تباع بواقع 30 جنيه بينما سعرها في البقالات 75 جنيه وكيس الشعيرية الإيطالية بثلاثة جنيهات وعبوة زيت الزيتون الصغيرة بخمسة جنيهات وغير ذلك من المواد الغذائية التي لم يفصل بين عرضها في الأسواق ونهاية مدة صلاحيتها سوى عدة أيام تتراوح بين الاسبوع والأسبوعين. وعندما سألت أحد البائعين عن مصدر تلك السلع أوضح أنهم يأتون بها من سوق أمدرمان حيث تتكدس بها مخازن تجار الجملة الذين يتبين لهم دنو موعد نهاية صلاحيتها يخرجونها بأقل من 50% من سعرها الحقيقي تفاديا للمزيد من الخسارة إن تمسكوا باسعارها القديمة حتى أن بعضهم يأتي بالسريحة ويمنحهم كميات منها بالمجان على أن يعودوا بالسعر المتفق عليه بعد البيع ومن جانبه قال المواطن الطيب حاج الحسن الذي وجدته بالقرب من أحد الباعة يستفسر عن مدة صلاحيتها ولم يتوان في إقتناء بعض السلع وعندما سألته لماذا يقدم على شراء سلع شارفت على إتنهاء مدة صلاحيتها أجابني أنها لم تنته بعد ولو أراد شراءها من البقالات لما استطاع فما ينفقه على احتياجاته منها الآن لا يعادل نصف سعرها بالبقالات وعزا ذلكم التنازل إلى الحالة الاقتصادية للمواطنين. وفي دوائر المختصين في الشأن الاقتصادي أرجع البروفيسور عصام بوب الظاهرة إلى مشاكل الاستيراد وارتباطه بالعملة الصعبة التي اصبحت عائقا للمستوردين لا سيما في المختصين في مجال السلع الغذائية حيث يستقدمونها لإكمال الحاجة الاقتصادية لها بالداخل غير أنها كما هو معلوم لها مدد صلاحية محددة وتكون عرضة للتفتيش والمراجعة ومعاينة الصلاحية بواسطة هيئة المواصفات والمؤسسات الصحية غير أنه هناك استثناءات يمكن إجراؤها في حالة وجود عجز او ضعف في إعادة تمويل الاستيراد وملء رفوف المتاجر مع العلم أن هناك بعض السلع مواد غذائية تكون أكثر عرضة للتلف والفساد وإذا ما تم غض الطرف عن طرق ولوجها للبلاد دون التأكد من ملاءمتها وطول فترة صلاحيتها فقد تتسبب في امراض كثيرة على رأسها التسمم الغذائي ليبقى التحدي الأكبر إذن في تحديد صلاحيتها والتي يجب أن تكون في حدود (3-4) سنوات من تأريخ الإنتاج وفي هذه النقطة يكون التحايل إذ أن التاجر يشتري سلعة تبقى على تأريخ إنتهاء صلاحيتها فترة سنة أو أقل بسعر أقل من اسعار السلعة المماثلة لها ذات الصلاحية الأطول وهذا هو السر وراء تلك الظاهرة وتفشيها في أسواقنا إذ أنه لا يوجد في قانون الجمارك فيما يبدو ما يمنع ويحد من تلك الظاهرة وبالتالي تصل المواطن السلع بأسعار أقل ويقبل على شرائها في نهم جراء رخص ثمنها بحكم ضعف مقدرته المادية والإنفاقية الأمر الذي يؤدي لرواج تلك السلع على ما تتضمنه زتضمره من مخاطر جمة على صحة المواطن المسكين لأجل هذا لابد من قيادة حملات توعية واسعة النطاق لتبصير المواطنين بحقوقهم وما يحاك ضدهم جراء جشع بعض المنتفعين والجشعين الباحثين عن الثراء وسط أكوام الفساد .