صدر هذا الكتاب «الأنساق الثقافية في مسرح سعد الله ونوس» عن المجلس الاعلى للثقافة «القاهرة» للباحثة السورية د. رشا ناصر العلي.. ومن حق سعد الله ونوس علينا في السودان ان نعرض هذا الكتاب - فالخرطوم التي اشاد بها الكاتب المسرحي سعد الله ونوس هي أول مدينة عربية تقدم مسرحية (حفلة سمر من أجل حزيران» عام 1958 قبل أية عاصمة عربية أخرى - قبل القاهرةودمشق وبغداد وبيروت.. ولأن حركتها المسرحية احتفت بتقديم أعماله «حفلة سمر/ مغامرة رأس المملوك جابر/ رحلة حنظلة» وغيرها.. فهو من هذه الزاوية قريب من المناخات التي تأسر المسرحي والمتلقي السودان. ود. رشا ناصر العلي من حمص في سوريا - حاصلة على الماجستير والدكتوراة من كلية الآداب جامعة عين شمس.. ولها عدة بحوث نقدية وثقافية بالمجلات المتخصصة. في مقدمة الكتاب عرضت الباحثة السيرة الذاتية لسعد الله المولود في قرية حصن البحر- طرطوس بسوريا عام 1941م. وفي عام 1959م حصل على الثانوية العامة، وسافر إلى القاهرة في منحة دراسية، وحصل في عام 1963م على ليسانس الصحافة من جامعة القاهرة.. وعمل مشرفاً على قسم النقد في مجلة المعرفة السورية التي أصدرت عدداً خاصاً عن المسرح كتب فيه سعد الله ونوس دراسته عن مسرح اللا معقول عند توفيق الحكيم. وفي 1966م سافر في إجازة دراسية ليدرس الأدب المسرحي في معهد تابع للسوربون. في عام 1969 نظم مع عدد من الفنانين مهرجان دمشق المسرحي الأول، وأُسندت إليه رئاسة تحرير مجلة أسامة للأطفال، ثم أُسندت إليه مديرية المسارح والموسيقى، وبقي فيها أربعة شهور، ثم عاد إلى رئاسة تحرير مجلة (أسامة) وبقي فيها حتى عام 1975م. وفي عام 1971م عمل مع عمر أميرالاي في التجربة السينمائية «الحياة في قرية سورية». وقد قسمت الباحثة الكتاب الي ثلاثة فصول احتوت علي عدد من المباحث وتناولت في الفصل الاول تقنيات توظيف التراث في مسرح ونوس وترجع الباحثة الاهتمام بتوظيف التراث الي مارون التعاش ومسرحية (ابو الحسن المفضل) المأخوذة عن حكايات ألف ليلة وليلة واهتمت الكاتبة بتوضيح مفهوم الترتث واهتم ونوس بالتراث الاتسطوري وهذا الانشغال بنقل المتلقي الي عالم الاسطورة علي مستويين :نقل المتلقي الي عالم الاسطورة بالتركيز علي الشكل وبتاء الشخوص تقله الي عالم الواقع بالتركيز علي المضمون وفي مسرحية (الرسول المجهول في مأتم اتيغونا) فنراه ينقل المتلقي الي جو الاسطورة علي ثلاثة مستويات: 1 نقله الي عالم المسرح اليوناني بتقنياته ( جوقة واناشيد ) 2 نقله الي عالم الاسطور ة ( أنيقونا) 3نقله بعد ذلك الي عالم الواقع وهنا نلاحظ تطوراً في تناول الاسطورة الاغريغية من توظيف للشكل والمضمون وعن التنافس في مسرح سعد الله ونوس قالت د/ رشا العلي : يعتمد التناص في مسرح ونوس اساساً علي الاقتباس الذي يلجأ اليه المبدع لاحداث انزياحات في نصه الابداعي وافساح المجال لشئ من النصوص الدينية التي تخرج عن سياقها الاصلي وتسهم في تشكبل البنية الحاضرة للسياق الجديد وتسع دائرة الاقتباس في مسرحه حتي تكاد تسيطر عليه بشكل كامل سواء أكان هذا الاقتباس جزئياً او كلياً وفي الفصل الثاني تناولت تقنيات المسرح الملحمي البريختي وقد اختار ونوس شكل المسرح الملحمي لرؤيته الجدلية للحياة وطريقتة الفنية في معالجة القضاية الاجتماعية بالاضافة الي سعيه الدائب والمستمر الي اعطاء المسرح وظيفة فعالة في حياة المجتمع كما أن هذا الشكل الملحمي يقترب في كثير من خصائصه من تلك الظواهر المسرحية التي عرفها العرب من مثل : خيال الظل والحكواتي الخ وقد وضع ونوس الحكواتي في اطاره المكاني المعتاد وهو المعني ليفسح مجالاً حراً وواسعاً لتعليقات رواد المعني ومناقشتهم ويعطي ونوس الحق الشرعي في قيادة احداث المسرحية كما يريد ويتضح ذلك عندما يطلب رواد المعني من الحكواتي أن يروي لهم قصة الظاهر بيبرس لكنه رفض وأصر علي سرد حكاياته بالترتيب الذي وجدت عليه في الكتاب الذي بين يديه وهنا ينبغي الاشارة الي أن طريقة الحكواتي في سرد الاحداث واعتماده علي السجع قد أسهم في خلق نوع من التشوق والاهتمام ويبدو أن اهتمام سعد الله ونوس التراث وقراءته قد وجه ذوقه الاسلوبي الي بنية أثيرة معروفة هي بنية السجع وبرغم وعيه أن السجع ليس لغة العصر فانه أراد أن يضفي عليه نوعاً من الشعرية بالحرص علي اليقاع الصوتي في السجع.