* لأول مرة منذ أن عرفته أسمع له قولاً منفعلاً (لماذا لا يحكم حميدتي السودان ؟!) قالها الدكتور التجاني السيسي أحد أكثر قياداتنا الوطنية والدولية حكمة واتزاناً في القول والفعل. * ولماذا لا يحكم حميدتى ؟! قالها الدكتور التجاني السيسي وهو يرسم علامات الاستغراب ويرسل زفرات الاستهجان في وجوه كل من تجاوز حدود المعقول والمقبول في رفضهم لتسنم القائد محمد حمدان دقلو مكاناً متقدماً في كابينة القيادة للدرجة التي تجعل الطريق أمامه ممهداً – ربما- لحكم البلاد. * المفارقة في أن ذات الذين يستكثرون على حميدتي اليوم نيابة المجلس العسكري ويرفضون وصوله لمقعد الرئاسة مستقبلاً هم ذات الذين احتفوا بدوره في الثورة وأطلقوا عليه من صفات البطولة والرجولة ما يستحق. * إن المؤلم في الأمر أن كثيراً من دواعي الرفض الحالي والمستقبلي لقيادة الفريق حميدتي منطلقاتها طبقية وجهوية وإثنية وفات على كثير من هؤلاء أن سمات القيادة لا تشترط الانتماء لطبقة أو جهة أو إثنية محددة بل تكاد تنحصر الصفات المطلوبة للقيادة في الشخصية. * السؤال المهم وفقاً للافتراض أعلاه هل يفتقر الفريق أول حميدتي لسمات القائد الذي يمكن أن يقود الناس ويحسن إدارة شؤونهم ؟! * للإجابة على السؤال عاليه دعونا نأخذ أهم محطة في تاريخ السودان وحياة الفريق أول حميدتي نموذجاً للحكم وأعني اللحظة الحاسمة في تاريخ الثورة السودانية. * إن أخشى ما كان يخشاه الجميع -نظاميين ومدنيين -أن تنحاز قوات الدعم السريع التي كانت تتبع للقائد الأعلى للقوات المسلحة وقتها المشير عمر البشير وتتصدى للثوار ومن يصطف إلى جانبهم من القوات ولكن قوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول حميدتي اختارت كما هومعروف الانحياز للثورة فجنبت البلاد والعباد الكثير. * إن انحياز الفريق أول حميدتي للثورة كشف عن شخصية القائد المدرك لمآلات الأمور ولقد نال ذلك الموقف استحسان الثوار وقيادات وطنية وسياسية على رأسها الإمام الصادق المهدي وخبراء في شؤون الثورات وتاريخ الأمم مثل الدكتور حسن مكي وغيرهما في الداخل والخارج. * لقد نجح الفريق أول حميدتي أيضاً في مهمة ليست بالسهلة عند تكليفه من قبل المجلس العسكري بملف السلام حين التقى القائد منى أركو مناوي وممثل للدكتور جبريل إبراهيم برعاية تشادية في العاصمة إنجمينا وحقق اختراقاً كبيراً في هذا الملف. * كنت قد سألت القيادي بحزب التحرير والعدالة القومي الأستاذ أحمد فضل عن مدى ملاءمة شخصية الفريق أول حميدتي لملف السلام باعتباره أكثر من حارب الحركات المسلحة والحق بها هزائم بالغة، وقال لي فضل وهو (متمرد)سابق إن الذين حاربوا بعضهم البعض هم الأقدر على الاتفاق. * القائد مناوي نفسه علق قائلاً على قيادة حميدتي (أنا أكثر من قاتلته وليست لدي مشكلة معه اليوم) وكان هذا التصريح قبل مقابلة مناوي لحميدتي بساعات في العاصمة إنجمينا. * إن لم يكن حميدتي أفضل ممن حكموا السودان سابقاً فلن يكون أسوأ منهم هذا من واقع الصفات الشخصية اللهم إلا أن كان عند البعض صفات أخرى مطلوبة للرئاسة لا تتوافر لحميدتي لأسباب قدرية !