ووفق تقارير إعلامية عقدت الحركة مؤتمرًا استثنائيًا في منطقة هيبان بجنوب كردفان في الفترة من 4-7 أكتوبر بمشاركة 475 من مناطق جبال النوبة قبل عقد المؤتمر العام، فيما أقر المشاركون بحق تقرير المصير لجبال النوبة. بالمقابل أكدت الحكومة مواقفها الثابتة تجاه التفاوض حول المنطقتين مشيرةً إلى أن مرجعية التفاوض هي اتفاقية نيفاشا التي لم تقرر حق تقرير المصير لمنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. ولا يعد حق تقرير المصير بالمطلب الحديث بل ظل مطلبًا متجددًا تسبب كثيرًا في تعليق مفاوضات السلام. ففي إبريل الماضي علق مجلس جبال النوبة المفاوضات وأقال الأمين العام ياسر عرمان بسبب رفضه لإدراج مطلب تقرير المصير خلال المفاوضات مع الحكومة. سقف التفاوض وفي الوقت الذي يرى فيه مراقبون القرار الذي خرج من المؤتمر الاستثنائي خطوة تكتيكية ومحاولة لرفع سقف التفاوض مع الحكومة في جولة المفاوضات القادمة، اعتبر عضو وفد الحكومة المفاوض حسين كرشوم أن المطالبة بحق تقرير المصير ليست بالأمر الجديد، ففي العام 2003م أراد عبد العزيز الحلو إدراج حق تقرير المصير مشيرًا إلى رفض إدراجه إذ اقتصر حق تقرير المصير وفق بروتوكول مشاكوس لجنوب السودان، وأضاف كرشوم في حديثه ل(السوداني) أمس أن تقرير المصير طوال جولات التفاوض التي شهدها منذ العام 2000 لم يتم إدراجه ضمن أجندة التفاوض معتبرًا في ذات الوقت أن المطلب لا يعدو كونه شعارًا من الشعارات السياسية ونوعًا من الاستقطاب إذ ينعقد المؤتمر في ظروف تنافسية مع مجموعة مالك عقار التي تتنافس مع مجموعة الحلو في قيادة الحركة مؤكدًا أن أجندة التفاوض محكومة بمرجعيات القرار الأممي 2046 حاصرًا التفاوض في قضايا محددة ليس من بينها حق تقرير المصير. من جانبه اعتبر المحلل السياسي الصادق الزعيم أن إجازة مؤتمر جبال النوبة في مؤتمرها لهذا الحق هو مسألة سياسية وأن الحركة عقدت مؤتمرًا إقليميًا وهو أمر طبيعي وليس سوى رؤية ومطالبة سياسية مقللًًا في ذات الوقت من المخاوف أن يؤول الأمر بالإقليم كما انتهى في جنوب السودان، وأضاف الصادق في حديثه ل(السوداني) أمس أنه حتى عند الذهاب للمفاوضات فسيقدمون رؤيتهم هذه كحل للأزمة في الإقليم لافتًًا في ذات الوقت إلى وجود موازين قوى في المفاوضات تظهر في حينها متوقعًا ظهور مسارات أخرى. في مقابل ذلك يرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عمار عوض ضرورة التمييز بين أمرين مهمين وهو أن توصية تقرير المصير صادرة من مؤتمر الحركة في جبال النوبة وليس من المؤتمر العام الاستثنائي وهما مؤتمران مختلفان في المستوى التنظيمي، ويضيف عوض:" "هنا تجدر الإشارة إلى أن مؤتمر الحركة الشعبية في إقليم النيل الأزرق لم يوصِ بتقرير المصير، وعليه فإن مطلب تقرير المصير لن يكون واقعًا إلا في حال تم اعتماده من المؤتمر العام الاستثنائي وهو المؤتمر الذي تأجل انعقاده للتباين الواضح في الرؤى إن كان داخل جنوب كردفان أو حتى في إطار النيل الأزرق". ويمضي عوض في حديثه ويقول إن هناك أقاويل عن أن المؤتمر العام الاستثنائي تم تأجيله إلى منتصف أكتوبر بدلًا عن مطلع الشهر الحالي، بعد أن تردد أن ثمة تذمر من بعض القيادات في جبال النوبة حول درجة التمثيل في المؤتمر العام. المجتمع الدولي تعليق المفاوضات ظل السمة الأبرز في جولات التفاوض بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال حول منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان قبل أن يعلن عن إعادة التفاوض ثم تعثرهُ مجددًا وكانت الحكومة قد رفضت إبان اتفاقية نيفاشا لحق تقرير المصير للمنطقتين وتمسكت بفكرة المشورة الشعبية التي تم الاختلاف لاحقًًا حول مسماها. على الرغم من تجدد المطلب والرؤى التي تنقسم إلى أنه محض شعارات سياسية أو تكتيكات تقتضيها المواقف يرى محللون أن شعار تقرير المصير لن يؤدي لحل قضية المنطقتين وأنه لا يهدف إلا لتفتيت وحدة السودان ولا يمكن في ذات الوقت تجاهل ما حدث ويحدث في جنوب السودان على الرغم من الآراء التي تمضي بالقول لتعتبر أن جبال النوبة ليست كجنوب السودان. من جانبه يرى كرشوم أن المزاج العام في جبال النوبة لا ينزع لحق تقرير المصير الذي قرر في مؤتمر استثنائي يتبناه المؤتمر العام، وحول وقف المجتمع الدولي من حق تقرير المصير يشير كرشوم إلى أن المجتمع الدولي شهد على خارطة الطريق وهي المرجعية الوحيدة للتفاوض ولن تستمع لمثل هذه الدعاوي. أما المحلل السياسي عمار عوض فيقول إن الأمر بشكل أساسي لا يرتبط بتأييد المجتمع الدولي بقدر تاييد المجتمع السوداني عامة وأبناء المنطقتين بصورة خاصة، ويضيف إذا كان تقرير المصير هو مطلب حاز على إجماع واقتناع السودانيين لن يكون بمقدور المجتمع الدولي رفضه لكن مربط الفرس في هل سيوافق السودانيون على الدخول في تجربة جديدة لتقرير المصير وفي أذهانهم تجربة جنوب السودان وما آلت إليه الأوضاع هناك مؤخراً. في الأثناء رفضت قيادات سياسية من جنوب كردفان مطالبات الشعبية بقيادة الحلو، وقالت القيادية بالحركة الشعبية (تيار السلام) تابيتا بطرس شوكاي إن هذا المطلب يحوي الكثير من التعقيدات لمسار السلام، مؤكدة في تصريحات صحفية رفضهم لأي مطالب تعرقل عملية السلام بالبلاد وزادت قائلة "إن مثل هذا الطرح أمر مرفوض جملةً وتفصيلًا داعية للاعتبار من الحرب الدائرة الآن في دولة جنوب السودان". ويعود عمار عوض ليقول إذا كان المقترح محاولة لرفع سقف التفاوض فإن الأمر يكون سلاحًا ذا حدين، لا سيما و أن الحلو في استقالته المشهورة كان يتحدث أن عرمان قلل من سقف التفاوض بطرح الحكم الذاتي ولكن تقرير المصير هو مثل الجني الموجود في بئر إذا لم تكن على قدره لصرفه لا تحاول أن تخرجه من قمقمه.