لم تكن الفضائيات السودانية استثناء فقد تسابقت كل التلفزيونات العربية ومعدي البرامج في حلبة تنافس حميم لتقديم جرعات غنائية ومسلسلات وكثير من الفقرات الترفيهية والخفيفة على صيغة الكاميرا الخفيفة وغيرها، ولا شك أن مثل هذه المنوعات حازت متابعين ويجد فيها الكثيرون استجمامة بعد رهق الصيام واتكاءة بين الفروض والواجبات الرمضانية فما بال وجائحة كورونا التي فرضت حظرا على الجميع وكبلت حراكهم ولا خيار غير البقاء بالمنازل ومتابعة خارطة البرامج وتأدية واجباتهم الوظيفية والتعليمية.. الخ. تجولت بين عدة محطات وحرصت لأكثر من مرة ان أتابع البرنامج المستجد " سنة أولى أسطنبول " ولم أجد بين متونه أي رمزية لمسماه هل المقصود ان جوقة المشاركين أول مرة تطأ أقدامهم اسطنبول ام أنهم سيسلطون الضوء علي تلك البقاع المدهشة في حين لم يتطرقوا أصلا للأمكنة التي تحلقوا بها، ففي كل مرة كنت اعتقد أنني أشاهد جرعة لفتح الشهية لمتابعة برنامج شيق ومبتكر لأصل لقناعة انه شتات أشياء لا رأس لها ولا قاعدة رغم الحشد الكبير من النجوم وتنوع إمكانياتهم والقدرات المهنية العالية لمنتجه د. عبدالمنعم المهل فكنت كمن " شاهد ما شافش حاجة " فلا هم أضحكونا ولا ملكونا كبسولة معلوماتية او عمل جماعي يضيف لرصيدهم وليؤسس لأسطنبول أخرى فيما عدا فقرة ترويجية إعلانية كان يمكن بثها لوحدها دون بهارات هدى عربي وداليا الياس. وعودة " لأغاني وأغاني " وبرغم الجدل والعنترية التي بدرت من المؤرخ القامة السر قدور تزامنا وإنهاء خدمات مدير قناة النيل الأزرق إلا ان هذه النسخة جاءت مكررة لسابقاتها وسابقاتها مكررة منها وكان يمكن للقناة استدعاء حلقات ارشيفية عشوائية ويا دار ما دخلك شر شباب يطلقون عليهم فنانين أو فلنقل مبدعين لا يحسنون أبجديات الجلوس أمام المشاهدين وعدسات الكاميرا تجول بين أحذيتهم التي أحسنوا اختيارها وغاب عنهم لملمة أفخاذهم المتنافرة وهم متوهطون بباطن الكراسي كتنابلة السلطان وكأن بهم تخمة أفقدتهم انتصاب ظهورهم ، وللحقيقة سرقتني محطات أخر فاذا بي أقف إجلالا وتقديرا وإعجابا حد الطرب بفضائية MBC مصر نعم كوكبة من المبدعين الفنانين الحقيقيين بالإشارة تارة وبحروف قليلة وبكلمات موجزة وبمشاعر دافقة وبترانيم انسانية تدخل القلوب وتحرك كل الشجون والأحزان واللوعة والفرح الباذخ يدفقها كوكبة النجوم العمالقة لأجل أطفال يتمددون على الأسرة البيضاء يحاربون السرطان وأوجاع القلوب ويقفون سدا منيعا بابتساماتهم الطاهرة وشموخهم ضد الانكسار أمام المرض ولدعم المشافي وفاقدي السند المالي فما أجمل العطاء الإنساني لبناء الأوطان ولن أحدثكم عن الطبخة الفنية الرائعة ، كم هو محزن ان الرجل الموسوعة الفنان السر قدور لا تسعفه الكلمات ولا تطرف له عين ليطعم بها قهقهاته وبمناشدة خفيفة الظل لمكافحة جائحة كورونا 19 وللدعم المادي للمشافي وأمكنة العزل التي تشكو قلة حيلتها ولغرس بذور الإيجابية بين مفاصل الجيش الأبيض الذي يعمل في ظروف ضاغطة وإمكانيات شحيحة ومرضى يتوجعون تتقطع أنفاسهم وتضيع حبائل أصواتهم لان هذا الفايروس غزاها وقدور يقهقه ويقهقه حد الفرح وكأنه بكوكب الواق واق كان يمكن استدعاء الحلقات المسجلة سابقا وتطعيمها بما يتواءم والظروف الآنية ليقفز أغاني وأغاني ونجوم اسطنبول لمصاف الانحناءة والاصطفاف في منظومة انسانية ترفيهية إبداعية تتداولها الأجيال من صفحات التاريخ حين انجلاء هذا الظرف تماما كما هم يترنمون بما سطره كرومة والفلاتية. وسؤال عفوي لجوقة أسطنبول ألم يكن ميسرا تمديد أياديكم بزهرة بنفسج أو أقحوانة او باقة ياسمين لمرضى أوجعهم المرض لتشدوا من أزرهم وتحضوا رئاتهم المنسدة لتعود للشهيق والزفير ولاستنشاق مزيد من الأوكسجين … شفاهم الله وعافاهم. اعلامية وناشطة اجتماعية مقيمة بقطر [email protected]